وجود احزاب ذات صلة بالجماهير و لها قدرة تنظيمية عالية مهم لاسقاط النظام متما نضجت الظروف الموضوعية لذلك و يكتسب وجودها اهمية اكبر فى غياب الاجسام الفئوية و النقابات التى تقود الاضراب السياسى و العصيان المدنى. كما ان تنظيم العصيان المدنى يتطلب معرفة بالواقع و صلة عميقة بالجماهير و يستدعى معرفة الجماهير وثقتها بالقيادات التى ستتصدى لتنظيم العصيان و المظاهرات. هذه الثقة لا تتولد بين يوم و ليلة فهى تطلب العمل الدوؤب و الاحتكاك بالجماهير من خلال انشطة اجتماعية و ثقافية و تصدى للقضايا المطلبية و هموم و احتياجات الجماهير اليومية فى الحى او مكان العمل. هذا لا يتاتى بوسائط التواصل الاجتماعى فهى وسائل للتحريض و تبادل المعلومات اكثر منها وسائل لتنظيم الجماهير لذا عندما خرجت الجماهير فى سبتمبر بناء على التحريض و المعلومات المتداولة لم تجد القيادات امامه فى الشارع كما خلقت انطباع كاذب عن التنسيق و التنظيم الموجود. خلال ثورات اكتوبر و ابريل لعب كوادر الحزب الشيوعى دور محورى مستفيدين من الانضباط و القدرات التنظيمية التى يوفرها التنطيم اللينيى للحزب الذى يقوم بشكل اساسى على فرع الحزب المرتبط بجماهير المنطقة و الذى لديه صلات بالجماهير ليست وليدة لحظة التفكير فى تسيير مظاهرات. ليس ذلك فقط لاسقاط الجماهير يجب ان تحمى الثورة بالسلاح فى غياب الانضباط و الالتزام بقواعد التامين و العمل السرى من الصعوبة بمكان تحديد مسار المظاهرات و التصدى لجواسيس النظام. الفيس بك ليس بديل لفرع الحزب و الاجتماعات الحاشدة و الحملات الاعلامية لن تكون بديل الانضبايط و النشاط الدائم للفرع الحزب. هذه المقدمة مهمة لاستهلال النقاش حول الصراع الدائر فى الحزب الشيوعى. الصراع فى ظاهره حول اسم الحزب و المرجعية الفكرية للحزب لكن دوافع هذا الصراع تتجاوز محاولات اصباغ الطابع فكرى عليه و تجريده. عموما ليس من اهداف هذا المقال مناقشة طبيعة هذا الصراع لكن سنركز على نتائج/مالات و محصلة هذا الصراع و الجهة المستفيدة منه بشكل اساسى، فالتاثير المباشر لهذا الصراع سينعكس على بنية الحزب الشيوعى كمنظمة الثورية و قدرتها على الفعل الثورى و تنظيم الجماهير للعمل على اسقاط النظام و اجبار قوى اليمين على عدم الاستجابة للضغوط الاجنبية. من اهم افرازات هذا الصراع هو البنية التنطيمىة و اليات العمل و مناهجه، سيتمخض هذا الصراع عن الشكليين الاتيين: • تنظيم مفتوح و حزب ليبرالى واسع تجتمع عضويته متما اقتضت الضرورة كما فى احزاب الامة و الديمقراطى الليبرالى و حزب المؤتمر تصيغ قياداتها خط الحزب وفق رؤها و خلفياتها الطبقية فى ظل غياب كامل لوجود منظم و نظام عمل داخلى و مجلات داخلية او يمكن يكون على نسق حركة المستقليين و المحايدين فى الجامعات او فى نسختها المستحدثة التغيير الان تنظيم يعتمد على الحشود و التحريض من خلال وسائط التواصل الاجتماعى و يوظف وسائل الاتصال الحديثة للتنسيق و تبادل المعلومات رغم المخاطر الامنية المرتبطة بذ لك مع وجود مكاتب متخصصة على نسق ما هو موجود فى الحزب الشيوعى. او تكون بنية و خط تنظيمى هجين على شاكلة حركة حق و مشتقاتها. • شكل الاخر يقوم على فرع الحزب باعتباره الاساس و يتركز السياسى الخاص به حول قضايا الجماهير فى منطقته رغم ان التقاليد و الممارسات التى كانت سائدة قد تضعضعت الا انه يمكن احياءها و العمل على تحديثها. فعالية هذه البنية تعتمد و بشكل اساسى على وضوح الخط السياسى و التنظيمى و التخطيط بعيد المدى مع وجود عناصر ملتزمة و مخلصة. فهى تساعد على التخطيط للفعل الثورى و تقلل من خطر الاختراق. اعلام النظام و اجهزته الامنية ليست بعيدة عن الصراع الدائر فى الحزب الشيوعى و لم تخفى سعيها للتاثير على الصراع الدائر و العمل على ترجيح كفة تيار على الاخر فقد ركز اعلام النظام و الصحافيين مرتبطيين به على: • ان ما يدور فى الحزب الشيوعى هو صراع فكرى و ان هذا الصراع امتداد للصراع الذى حدث فى المؤتمر الخامس لكن الواقع يقول غير ذلك فالتيارين او المجموعتين المتصارعيتين فى الخامس اصبحت لديهم اهداف مشتركة و هناك تنسيق لصيق بينهما رغم ان اساس و منطلقات الصراع المعلنة بين التيارين فى المؤتمر الخامس كانت فكرية و عرف الصراع بينهما فى وقته بأنه بين التيار المنفتح و الشاب و الحرس القديم الستالينى. هذا الهدف المشترك دفع المجموعتين للتنسيق فيما بينهما و اعداد استراتيجية و قائمة مشتركة لخوض انتخابات اللجنة المركزية فى المؤتمر السادس فبينما كان سليمان حامد و الشفيع خضر رموز المجموعتين خلال المؤتمر الخامس فقد حدد التيار/المجموعة المتحد هدفه و الشخصية المحورية التى سيتوارى خلفها و يعمل على جرها و حنفشتها لتلعب الدور الذى لعبه الشفيع. • بذر بذور الشك وسط الشيوعيين وفى اهم مسؤولية قياديةـ بدأت المساءلة بالحديث عن فلاش و اخفاء معلومات فى الجلسات الخاصة فى العام 2013 ليتم تدعيم هذا الاتهام بواسطة شيوعيين سابقين انضموا للتغير الان و تم اعتقالهم بعد انتفاضة سبتمبر حيث اكد اكثر من واحد منهم انه تم مواجهته بمعلومات حساسة و احيانا مكتوبة بخط اليد. بعد ذلك كانت هناك خطوة اكثر تحديدا و جراءة عن طريق بلاغ الى قيادة الحزب الشيوعى تم فيه تسمية المسؤول التنظيمى باعتباره عميل للامن ثم قام صلاح بندر و اخرين بنشر هذه المعلومات فى المواقع الالكترونية متزامنة مع نشر واسع للاشاعة بواسطة اعضاء فى الحزب مرتبطيين بالتيار المتحد بالاضافة الى بعض الشيوعيين الذين حردوا بعد المؤتمر الخامس. الواضح ان استهداف م.ت مرتبط بمحاولة سابقة لاحتواءه حتى يتم تمرير مخطط الانقلاب الابيض حيث يتم تفكيك هيئات الحزب و حلقاته السرية كما حدث لهئيات الحزب فى مديرية الخرطوم خلال الاعوام 2006-2010 و يتحول الحزب الى حزب ليبرالى مفتوح بدون تقاليد عمل ثورى دون ان يعرف الشيوعيين بذلك او يلموا بها. • هجوم مركز و استهداف اعضاء معين فى قيادة الحزب و لجنته المركزية مع تسريب نوعى لبعض وثائق و مدوالات ل.م. الملاحظ ان اعلام الجبهة الاسلامية اهتم و سلط الضوء على قرار ل.م بايقاف الشفيع و اخرين و تجاهل قرارات مماثلة مثل الانذار بالفصل لاسماء معروفة بارتباطها بالتيار المتحد (ما سمى مجموعة الشفيع و سليمان حامد اثناء الموتمر الخامس) الهم الاساسى للجهاز و من خلفه اجهزة الاستخبارات الاجنبية هو تفكيك الحزب و احلال محله حزب ليبرالى مفتوح محل الحزب الطليعى و على اسوأ الفروض ان ينتخب المؤتمر السادس لجنة مركزية ضعيفة و غير متجانسة تتيح له جمع المعلومات من خلال الثرثرة و تبث التذمر و الضجر وسط العضوية مع عدم الانضباط لذا سيوظف كل امكانياته لجعل ذلك ممكنا و ان فشل فى ذلك سيعمل على منع اكتمال فعاليات المؤتمر السادس و خلق فراغ دستورى بعد حل ل.م. الواقع الحالى ربما يخدم هذه الاستراتيجية فبينما قامت استراتيجية اللجنة المركزية على استخدام اللوائح لتحجيم التكتل و ضمان ان تاتى لجنة مركزية موحدة تعكس رؤية العضوية الفاعلة فى الحزب و ان لم يتم الالتزام بها فى اختيار المناديب للمؤتمر السادس فى ولاية الخرطوم. فأن التيار المتحد يراهن على ايصال اكبر عدد من العناصر الموالية او التى يمكن ان استمالتها الى عضوية اللجنة المركزية من خلال: • التخطيط و العمل على ادخال اكبر عدد من المناديب موالين للتيار المتحد حتى يضمن سيطرته على ل.م و من ثمة تمرير اجندته. • ترشيح اسماء لامعة و مشهورة لعضوية ل.م غض النظر عن اداءها و انضباطها و قدراتها الفكرية و التنظيمية، تكون قد برزت خلال الاعلام كنشيطيين، اكاديميين، قيادات جهوية و اقليمية. • الاستفادة من تشتيت الاصوات الناتج عن ترشيح اعداد كبيرة لعضوية اللجنة المركزية فقد تجاوزت الترشيحات لعضوية ل.م فى مديرية الخرطوم اكثر من 300 مرشح. وجود عدد كبير من المرشحين يتيح لمجموعة منظمة و متكتلة ان تستحوذ على اكبر عدد من مواقع ل.م. اذا كان ادنى عدد من الاصوات تحصل عليه الفائزين فى المؤتمر الخامس 100 صوت فمن المتوقع ان ينخفض هذا العدد الى 40 فى المؤتمر اذا بقى عدد المرشحين للجنة المركزية كما هو. لقد عانى الحزب الشيوعى و منذ المؤتمر الخامس من انقسام غير معلن حافظ العشرات من المنقسمين على وجودهم فى الحزب دون ان يكون لهم وجود فعلى داخل الحزب بينما نشطوا فى منظمات و اجسام موازية للحزب فى الوقت الذى عملوا فيه على تشويه صورة الحزب و الهجوم على قيادته. المنقسميين يسعوا على الاستيلاء على تراث الحزب الشيوعى و بناء حزب من الصعوبة بمكان تسميته اشتراكى ديمقراطى على انقاضه خلسةهذا التكتيك مهم و ضرورى حتى لا يكون مصير هؤلاء الانقساميين مصير من سبقوهم من الانقساميين (عوض عبد الرازق، الخاتم عدلان و غيره). خلاصة: الموتمر السادس اما ان يقود الى ل.م متماسكة تحافظ على ارث الحزب و تعمل على تثويره و توظيف امكانيات كادره فى اسقاط النظام او ل.م ضعيفة غير موحدة تبث روح الاحباط وسط عضويته او لجنة مركزية تعمل على خلسة على تحويل الحزب الشيوعى الى مؤسسة ليبرالية عاجزة عن الحفاظ على كينونتها و مرتع للانقسامات ناهيك عن اسقاط النظام.
• حقائق يلازم الحزب منذ نشأته : • فهو ذلك الحزب الذي ولد وهو يفتقد المكانة في قلوب السواد الأعظم . • وخاصة تلك الناحية الإلحادية التي وصمت بها الشيوعية في الداخل والخارج . • ومنذ اليوم الأول كان الحزب الشيوعي يشتكي من قلة القاعدة الجماهيرية . • ورغم قلة القاعدة فإن تلك القلة مثلت أنشط الفئات السياسية في السودان . • الاتجاه والفكرة الشيوعية لم تعجب الشعب السوداني إطلاقا في أية مرحلة من المراحل . • وقد تجلت تلك الحقيقة يوم انقلاب هاشم العطا ِ. • في ذلك اليوم بحت الأصوات الشيوعية وهي تنادي جماهير الشعب السوداني بالتجمع في الميادين لحماية الثورة الشيوعية . • ولكن تلك الأصوات لم تجد من يلبي من الشعب السوداني . • حدث ذلك رغم أن رئيس الدولة جعفر النميري كان ما زال حبيساَ في تلك اللحظات !! . • ومن قبل فإن محنة الحزب ( حيث قلة القاعدة الجماهيرية ) تجلت في كثير من المواقف . • وفي معركة انتخابية عندما فاز عبد الخالق محجوب على الزعيم الأزهري في دائرة من دوائر أم درمان ، هلل الشيوعيون بالنصر الكبير . • ولكن فإن المؤشرات أكدت بأن ذلك الفوز كان لنتيجة صراعات سياسية في داخل الحزب الوطني الاتحادي . • ففي تلك الدائرة صوت الناس لصالح عبد الخالق محجوب ليس حباَ في شخصية عبد الخالق وحزبه .. ولكن كيدا للزعيم الأزهري الذي بدأ في تهميش بعض أعضاء الحزب الاتحادي في تلك الدائرة . • الحزب الشيوعي السوداني تمكن للوصول إلى حكم البلاد عن طريق انقلاب جعفر النميري ثم تمكن من تطبيق النظريات الشيوعية والاشتراكية في البلاد . حيث تلك النظريات التي كانت معروضة على الشعب السوداني منذ استقلال البلاد . وما كانت لتجد الاستجابة الجماهيرية لو لا ذلك الانقلاب العسكري . • ولكن تلك التجربة الشيوعية مثلت قاصمة الظهر حيث كالعادة ظل الشعب السوداني حافي القدمين رغم الوعود الشيوعية بالجنان والرفاهية . • فكانت قرارات نزع الملكيات الخاصة وتأميم المؤسسات الأجنبية والوطنية . وتلك القرارات مثلت ضربات قاسية للاقتصاد السوداني الذي كان يشتكي من قبل ومن بعد .
07-12-2016, 05:58 AM
الهادي هباني
الهادي هباني
تاريخ التسجيل: 06-17-2008
مجموع المشاركات: 2807
كتابة الأستاذ حمد يتعين قراءتها بتمهل من ضمن القراءة : - تدخل فصائل من القوات المسلحة لدعم الشارع في أكتوبر 1964 و1985 - هل الانتفاضة وحدها هي الطريق ؟ - ما دور الحركات المسلحة ، وما هي أجندتها ؟
وأشياء أخرى * نكرر الشكر الجزيل للأستاذ حمد ، وكتابته دم مسفوح من بواطن التنظيم * *
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة