محضر مداولات اجتماع عمر البشير مع رئيس وفد المفاوضات للمنطقتين واللجنة الأمنية والعسكرية.. وانكشاف عقلية الجلابة الإسترقاقية 3-10
قلنا في المقالين الأول والثاني إن الهدف من التناول التفصيلي لمحضر مداولات اجتماع عمر البشير مع رئيس وفد المفاوضات للمنطقتين واللجنة الأمنية والعسكرية، هو لتعرية وفضح العقلية الرعوية البدوية الجلفاء الإستعماري التي تريد تملك الآخر حتى لا تضعه في مستوى رتبتها، بل في رتبة التابع لها، فتكون هي في موقع أرفع من ناحية العرق والمعتقد والثقافة واللغة والسياسة. فالمبدأ عند هذه العقلية المريضة يقوم على فكرة السيطرة والأخذ بفكرة التفوق في كل شيء. في هذه الجزئية سنكمل حديث السفاح عمر البشير في الاجتماع المعني لننتقل بعده لتناول حديث بقية أعضاء العصابة الذين كانوا حضورا. يواصل عمر البشير حديثه العنصري ويقول: * (ليس من حق الحلو وعمار امون طرح القضايا القومية التي تم نقاشها في لجان الحوار الوطني ولن نسمح بالحوار او التفاوض مجددا حولها وهذا راي غالبية الاحزاب السياسية السودانية وهم يمثلون اغلبيه اهل السودان، ولن يستطيع الحلو او حركات دارفور املاء علينا شروط، وان تفاوضنا مع مجموعة الحلو ليس حبهم فيهم انما نريد تفكيك الجيش الشعبي بطريقة سلمية، ونكسب سياسيا باننا انجزنا السلام، وان وجود الجيش الشعبي بالمنطقتين مازال يمثل تهديد مباشر للأمن القومي ويعطل مشاريع الاستثمار بجنوب كردفان، وان الحدود الدولية مع جنوب السودان يجب تكون تحت سيطرة القوات المسلحة لنحافظ علي مصالحنا داخل جنوب الجنوب). عزيزي القارئ.. بهذا الحديث الاستعلائي المقرف لا يسعنا سوى القول أننا نعيش مع كائنات سياسية مرئية تملك نزعة تحكمية تسعى للاستحواذ على كل السودان وتحويله لضيعة كبيرة تربتها لا تزرع إلآ البؤس بكل أنواعه لحصد ثمار بكل اصناف التحقير والمهانة والذل. إذ ما معنى أن يتحدث عمر البشير الذي جاء الى السلطة بانقلاب عسكري باسم القضايا القومية بينما لا يحق لعبد لعزيز الحلو وقادة الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال التحدث بها؟ أليس هذا الحديث هو تطبيق فعلي لسياسة الإقصاء والإلغاء والتهميش والاستبعاد وهي سياسة فاشلة أدت الى بروز جماعات وحركات حملت وتحمل السلاح حتى اليوم بحثا عن حقوقها المشروعة؟ أليس هذا الحديث هو تعبير حقيقي عن سلوك القطيع الذي يحتاج الى متزعم يتقدم ويفرض رؤيته وسلوكه على الآخرين، من خلال تميّزه او استشرافه لخطر محدق يمكن ان يصيب الجماعة باسرها للخصائص المشتركة الموجودة بين افرادها؟
ان الكيد السياسي وسياسة الاستعلاء والنظرة الفوقية لأمور في غاية الدقة والحساسية التي يمارسها حزب المؤتمر الوطني الحاكم لن تجدي نفعا وستبقي السودان بلدا مفتوحا لكل الصراعات وربما أدت إلى قيام دويلات لتحافظ كل منها على هويتها ووجودها المهدد. عمر البشير.. * (ان جناح الحلو لم يشارك في الحوار الوطني، ولكن لا بأس ان يطلعوا على ما دار فيه من توصيات وقرارات، امبيكي ابلغنا هناك موافقة اولية من وفد الحلو في زيارتهم الاولي له وبعد ذلك تراجع وفد الحلو عن موقفه مع امبيكي، وليست لديهم الرغبة في مجرد النظر فيما دار بالحوار الوطني الذي شاركت فيه القوى السياسية وهذا يثبت ان هنالك تعنت في غير محله وان وفد الحلو يفتقد الرؤية للتفاوض لاكمال السلام وهذا مؤشر لموقف عدائي تجاه الإسلاميين). قلت في المقالين السابقين ان الحوار الوطني الذي يتمسك به عمر البشير ويريد الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال بالاطلاع على مخرجاته، لم يكن حوارا حقيقيا، بل كان ونسات وقعدات وجلسات بين كائنات سياسية مفلسة، تم استنساخها على طريقة النعجة "دولي" لتعطي الشرعية لحوار البشير الإستهبالي، وعليه، فإن الحركة الشعبية غير معنية بهذه المخرجات لأنها تبحث بالضرورة عن حوار حقيقي وشريك يريد سلاما عادلا شاملا ودائما. أما قول البشير أن هناك تعنتا في غير محله وأن وفد الحلو يفتقد الرؤية للتفاوض لإكمال السلام، فهو كلام فارغ وهروب للأمام من واقع لا يتحمل هروبا، ذلك ان الحلو لا يطالب بأكثر من حقه وحقوق أهله الغلابة، فالمطالبة بالحقوق إذن لا تعد تعنتا. لستُ أدري ما المقصود بفقدان الرؤية للتفاوض، ذلك أن الذي يتمترس وراء ما يسميه بالثوابت والخطوط الحمراء هو من يفتقد للرؤية التفاوضية. أما الحركة الشعبية، فرؤيتها للمفاوضات السابقة والقادمة واضحة، وهي اقامة سودان جديد أو حق تقرير المصير إذا تعذر هيكلة الدولة السودانية وبناءها بناءاً جديدا تسع الجميع؟ عمر البشير.. * (لو رجعنا لوساطة سلفا كير لماذا نحن نتمسك بها، هناك اتفاق بينا، السلام في جنوب السودان مقابل السلام في السودان، وقلنا له كل المعارضة الجنوبية تعمل معاك سلام، مقابل ان تلزم قوات الجيش الشعبي بالمنطقتين بالتوقيع علي السلام، وتكون بداية التفاوض وقف اطلاق النار والترتيبات الامنية لتسريح القوات وتوحيد الحركة الشعبية اذا ارادوا تكوين حزب سياسي والتوقيع علي وثيقة الحوار الوطني لا مانع). العالم كله يعرف أن عمر البشير كان وراء الحرب الأهلية في دولة جنوب السودان بعد حصولها على استقلالها رسميا في يوليو 2011م. ولطالما استجاب البشير للضغوط الدولية واوقف دعمه للجماعات المسلحة التي كانت تقاتل حكومة (سلفاكير) في جوبا حتى وقعت سلاما في الخرطوم في شهر سبتمبر المنصرم، فإن توقيع هذا الاتفاق يجب ألا يكون مبررا للخرطوم لمطالبة جوبا بالضغط على الحركة الشعبية -شمال للتوقيع على السلام الذي يريده عمر البشير وليس سلاما مستداما يريده كل أهل السودان. الحركة الشعبية لتحرير السودان لم ترفع السلاح حبا فيه، بل فعل ذلك كأخر وسيلة لنيل حقوقها المشروعة في دولة يحكمها قطعان يدعون الانتماء لصحراء الربع الخالي، فلا توجد قوة أو جهة تستطيع الزام الجيش الشعبي بالمنطقتين بالتوقيع على سلام لا تريده. عمر البشير.. * (في ظل انقسام الحركة الشعبية واصرار مجموعة الحلو علي الانفراد بالسيطرة علي مستقبل التفاوض بالمنطقتين نتفاوض مع مجموعة الحلو لنكشف نواياهم ونعري مواقفهم، وان مجموعة عقار فموقفهم التفاوضي مرن واقرب للسلام). نوايا الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال التفاوضية منذ ان بدأت الحرب الثانية في عام 2011م، كانت واضحة للدان وقاص وهي البحث عن سلام حقيقي في السودان، وهذه النوايا لم تتغير، ولا ندري ما المقصود بكلام البشير عن كشف نواياهم وتعريتها؟ عمر البشير.. * موقف امريكا غير مشجع للتفاوض رغم العملناه في اتفاق جنوب السودان، امريكا اذا هم جادين ان يرغموا الحلو بالسلام وقبول المقترح الامريكي لوصول المساعدات للمنطقتين، ونحن قبلنا به، ورفض من قبل حركة الحلو، ونحن ساهمنا بحل مشكلة جنوب السودان وهذه واحدة من اهم المسارات التي وضعت، وحققنا نجاحا كبير جدا ووجد قبولا واشادة من كافة المجتمع الاقليمي والدولي بما فيهم أمريكا. عمر البشير لغبائه وسذاجته، يريد أن يكافئه المجتمع الدولي على اتفاق جنوب السودان بعد أن كان أحد الأطراف الممولين لهذه الحرب اللعينة التي قضت على اليابس والأخضر لخمس سنوات الماضية. إلآ أن الولايات المتحدة الأمريكية التي تعرف خداع وخبث النظام السوداني جيدا اشترطت عليه شروطا جديدة لرفع اسم بلاده من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وسيظل رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب مجرد حلم تراود الخرطوم طالما ظل عمر البشير رئيسا على السودان. أما قول البشير ان على أمريكا إرغام الحلو على السلام والقبول بالمقترح الأمريكي لوصول المساعدات للمنطقتين.. فهو قول مضحك، ذلك أن الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال، كانت قد قبلت بالمقترح الأمريكي بمسارين اساسين -خارجي وداخلي، لكن الخرطوم هي التي رفضت المقترح واصرت على ان تدخل المساعدات الإنسانية لمناطق سيطرة الحركة الشعبية بمسارات داخلية فقط بمزاعم السيادة الوطنية، فلا مجال هنا إذن لممارسة الكذب والتضليل الإعلامي. * لن نقبل باي كلام عن فترة انتقالية او بقاء الجيش الشعبي ليوم واحد او تقرير مصير او حكم ذاتي. نقول.. (هو البشير دا على كيفو ولا السودان حق ابوه عشان يقول لن نقبل باي كلام عن فترة انتقالية او بقاء الجيش الشعبي؟).. قديما قالوا.. الكلاب تنبح والجمل ماشي، فلينبح عمر البشير كما يريد، لكن الجيش الشعبي ولد ليبقى، أراد الجلابة بقاؤه أم لا، وأن تقرير المصير -حق لجميع الشعوب، وهي بمقتضى هذا الحق حرةٌ في أن تحدد مركزها السياسي وتحقق نموها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، مُسترشدة بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وخاصة المادة الأولى المُتمثلة بمقاصد الأمم المتحدة، و(المادة 55) اللتان تؤكدان على حق الشعوب في تقرير مصيرها وعلى ضرورة قيام علاقات سلمّية وودّية بين الأمم. كما تسترشد بأحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المؤرخان في 16/ كانون الأول/1966 واللذان أعدتهما لجنة حقوق الإنسان، فقد ذكر كلا العهدين حق تقرير المصير بنص موحد في مادتهِ الأولى بأنهُ:" لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها، وهي بمُقتضى هذا الحق حرةٌ في تقرير مركزها السياسي وحرةٌ في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي". * نتوقع من سلفاكير ان يتخذ دور إيجابي لاستعادة السلام في المنطقتين جنوب كردفان والنيل الازرق، والدفع بالعلاقات بين السودان وجنوب السودان، توجد بيننا كثير من القضايا العالقة، قضايا الحدود وقضايا المناطق الامنة والمنزوعة السلاح والقوات والمعابر وتطبيق اتفاقيات التعاون المشترك الموقعة في سبتمبر 2012م. طبعا رئيس دولة جنوب السودان السيد سلفاكير ميارديت دوره لاستعادة السلام في المنطقتين بحكم علاقته التأريخية مع الحركة الشعبية لتحرير السودان مرحب به، لكن أي دور يقوم به الرئيس كير تجاه المنطقتين أو السودان لن يتخطى هذه العلاقة، وعلى الجلابة أن يفهموا ذلك وألا ينفخوا في قِربة مقدودة. عمر البشير.. * الاولوية لتوحيد الحركة الشعبية وعدم اعطاء الحلو وعمار امون انجاز او انتصار سياسي يجب افشالهم واظهارهم بالضعف والهزيمة والتهور كأنهم طلبة اركان نقاش في حضرة اساتذة المؤتمر الوطني. عجبا ثم عجبا من سر إصرار البشير على إعادة (الزولين) -مالك عقار وياسر عرمان إلى صفوف الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال؟ هل لأن الزولان كانا قد كلفا من قبل المؤتمر الوطني بمهمة فرتقة الجيش الشعبي لكنهما فشلا ويأتي الإصرار على اعادتهما إليها لإعادة الكرة من جديد، عسى أن ينجحا هذه المرة؟ قرار إعادة عقار وعرمان إلى صفوف الحركة الشعبية، هو قرار كما قلت من قبل يعود لمجلس تحرير المنطقتين والهياكل الأخرى المنبثقة عن المؤتمر الإستثنائي في أكتوبر 2017م، ولكن لا بأس أن يحلم عمر البشير بعودة عقار وعرمان إلى صفوف الحركة الشعبية لأن الحلم مش بفلوس كما يقولون. عمر البشير.. * ليست لأبناء النوبة بالحركة الشعبية والجيش الشعبي حقوق سياسية او هوية يتم التفاوض حولها وانما مضمنة في وثيقة الحوار الوطني. الحقوق لا تعطى وإنما تنتزع (وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا)، وأبناء النوبة الذين ينكر السفاح السوداني عمر البشير حقوقهم، يعرفون هذه الحقيقة ولذلك حملوا السلاح لانتزاع هذه الحقوق المسلوبة المنهوبة المنكورة، وبينهم وعمر البشير -السلاح والبندقية والميدان. عمر البشير.. * حكم السودان اسلامي والتنازل عن الشريعة الاسلامية وهوية السودان اسلامية عربية افريقية والالتزام بميثاق جامعة الدول العربية. إنه الاستعلاء العنصري البغيض. يقال ان شعور جماعة انسانية ما باستعلائها وتميزها ازاء جماعة أخرى، وليكن شعب (النُوبة)، لا يكتمل ولا تظهر آثاره في الواقع إلآ عند ادراج هذا الشعور في الحقوق القانونية وفي السيطرة على الحكم والثروات الاقتصادية. هذا هو الواقع، وهذا ما ظهر من حديث البشير بالقول (إن حكم السودان اسلامي والتنازل عن الشريعة الاسلامية وهوية السودان اسلامية عربية افريقية والالتزام بميثاق جامعة الدول العربية). انهم لا يضعون أي قيمة لأي شيء غير إسلامي عربي في السودان، وهذه الحالة الإقصائية يستحيل معها تحقيق سلام عادل وشامل واستقرار في السودان دون إعادة هيكلته من جديد. عمر البشير.. * أي مسودة اتفاق اطاري او اجندة المفاوضات ان لا تمس الثوابت الوطنية وتوجهات الحركة الاسلامية والمؤتمر الوطني. إنه منطق القطيع وثقافة القطيع وغريزة القطيع. يحشدون للمفاوضات ثم يقولون دون خجل (أي مسودة اتفاق اطاري او اجندة المفاوضات ان لا تمس الثوابت الوطنية وتوجهات الحركة الاسلامية والمؤتمر الوطني). إنه منطق البؤساء والتعساء، وهكذا المنطق لا يبني سوداناً يسع الجميع. وبهذا المقال أكون قد انتهيت من حديث السفاح السوداني على أن اواصل في المقالات القادمة تناول حديث بقية الذين حضروا اجتماع اللجنة الأمنية والعسكرية..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبدالغني بريش فيوف
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست