أعجبتني مقولة أو تساؤل قرأته في مكان ما ، و ربما في إحدى نوافذ النشر الإلكتروني مفادها ( متى يفهم بعض الناس أن الأذكياء و المميزين من سياسيينا الذين جرّبوا حكم السودان على مدى تاريخه السياسي الحديث .. لا يستحقون أن يوصفوا بالنبوغ والتفوق و الذكاء ، لأن السياسي الذكي أو المتفوِّق أو النابغة ليس الذي يُفرغ مكنوناته الفكرية في تأليف الكتب و النظريات و الخطابات الهتافية ، بقدر ما يكون هو الأقدر على المساهمة الفعلية في خلق واقع زاهي و مُشرِّف لشعبه ووطنه ) .. هكذا ببساطة و من خلال تلك الكلمات الخالية من الفلسفة و التعقيد نستطيع أن نرى بوضوح ما ينقصنا نحن الشعب السوداني في مجال ترقية العمل السياسي و آدابه و أنماطه لتطويعه لأن يكون واقعاً فعلياً مُعاشاً يشعر به عامة الناس في تفاصيل حياتهم اليومية ، أما أن تظل السياسة فس مفهومنا العام محصورة في خندق الشعارات الفضفاضة و الكلمات المؤججة للمشاعر الوقتية و مشوبةً بالهتافية التي هي في الواقع بعض أضغاث أحلام أثبت التاريخ أن مآلها الفشل و الفاقة و التشرزم و ضيق الحال الإقتصادي و هوان مكانة البلد و الأمة ، و لأن السياسة أصبحت صناعة قرار و مخططات و توجهات و إلتزامات تجاه التنمية الوطنية الشاملة ، كان لابد إذا إعتمدنا مبدأ النظام الديموقراطي ، أن نؤمن أن مؤسسة الحزب السياسي هي البؤرة الأساسية التي تنتج الخطط و البرامج و الأوعية التنظيمية اللازمة لرفد البرامج بالمعاول الإدارية و الفنية و السياسية الكفيلة بتحقيقها في الواقع الميداني ، فضلاً عن كون المؤسسة الحزبية هي رافد تربوي و تدريبي ينبغي أن تخرج من بطونها كوادر قادرة على التفريق بين المخططات الإستراتيجية و بين المهرجانات الإحتفالية و الهتافية ، ولكن للأسف ما زالت عجلة الفهم المقلوب المنتجة للعقليات السياسية تعمل بنفس المفاهيم المغلوطة ، التي ترفع من مقام المواهب الشخصية للكادر السياسي و لا تأبه لتأهيله أو تدريبه على صناعة القرار السياسي الذي يُفضي إلى جعل الشعارات البرّاقة ملموسة واقعاً ملموساً و مُعاشاً في أرض الواقع ، يكفي الكادر السياسي بإسلوبنا السائد اليوم ليكون ناجحاً و لامعاً أو مؤهلاً لتقلد المناصب أو إدارة الملفات الإستراتيجية الحساسة أن يكون خطيباً لبقاً ، أو ذو مقدرات خاصة في فن التسلق و التأثير على الآخرين ، و حال حصوله على مقعد السلطة و صولجان القرار ، تتبدى للمتخصصين حوله من فنيين و إداريين في مواضيع شتى ، خلو قدراته و مؤهلاته و مواهبه من أيي موجهات تفرضها الحكمة و بعد النظر في ما يختص بتحويل الأفكار و الخطط إلى واقعٍ مُعاش ، نعم كل البلدان التي سبقتنا في مجال التنمية العمومية بكل تفاصيلها الإقتصادية و الفنية و السياسية صنع واقعها السياسيون و ليس غيرهم ، يجب أن يصنع السياسيون الحقيقيون ( إن وُجدوا ) .. مشاريع التنمية الإقتصادية على كافة إختصاصاتها ، هم المعنيون بسفلتة الشوارع و مجانية التعليم ، و أسعار الدواء ، و تكدس النفايات في الشوارع ، و هم المطالبون بإرساء قواعد مجانية العلاج و الدواء ، و هم المنوط بهم الحفاظ على وحدة الوطن و أمن المواطن و حراسة المؤسسات الوطنية للبلاد و الأمة ، هم مسئولون عن إعادة سودانير و مشروع الجزيرة سيرتهما الأولى و هم مسئولون عن الفقراء و الضعفاء و الذين يموتون في الريف و المدن جراء الفقر و الإهمال الصحي الرسمي ، هم مسئولون عن الأطفال و قضاياهم و الأمهات و مشكلاتهن و الآباء حين يصابون بالحيرة و العجز و إنعدام الحيلة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة