محاولة قراءة في أفكار كومندور عجوز يقود شعب النوبا إلى المجهول ! (1) بقلم أبو البشر أبكر حسب الن

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-20-2024, 05:17 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-10-2018, 05:54 AM

أبو البشر أبكر حسب النبي
<aأبو البشر أبكر حسب النبي
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 18

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
محاولة قراءة في أفكار كومندور عجوز يقود شعب النوبا إلى المجهول ! (1) بقلم أبو البشر أبكر حسب الن

    05:54 AM September, 09 2018

    سودانيز اون لاين
    أبو البشر أبكر حسب النبي-
    مكتبتى
    رابط مختصر


    يكاد يجمع علماء النفس بأن ذكاء الإنسان يشرع في التقهقر اعتباراً من السن 27 سنة ! ، فكلما تقدَّم الفرد في السِّن فتدفعه نزعة (التعويض) عن تناقص العُمر بالتعجيل في اللحاق(!) لتحقيق ( المشاريع ) المؤجلة قبل فوات الأوان ، ولكن عوز الحيلة الذكية يقوده دائماً إلى ابتكار وسائل أكثر بؤساً وأقل حنكة ، مثل العناد والاستبداد والانفراد بالرأي ، والتمسك بأفكارٍ متكلسة واتِّباع مناهج مستهلكة ، التي أبعد ما تكون عن مطلوبات العقلانية والتجديد والتفكير المُعمَّق ، ويظل (تائهاً) عن تحديد الجادة السالكة والوجهة الصائبة ، خاصة إذا احاط نفسه برهطٍ من الحواريين (الغُشم) وزُمرٍ من ( المُطَبِّلين ) الجهال الذين يزينون له حتى زلاته وكبواته.
    ظللت ارقبُ - منذ بعض الوقت - المسلك الذي ينتهجه السياسي والعسكري المخضرم عبد العزيز آدم الحلو في (جنوب كردفان) ، الذي نصّب نفسه نبيّاً أو وصيّاً على شعب (جبال النوبا) دون أي مسوِّغٍ من التاريخ أو مبرر من الثقافة ( سليل أبوين مهاجرين من دارفور)، لا تَجَنِيَ ولا افتئات في هذا القول إذ أقرَّ هو نفسه بشعور أبناء النوبا بهذه (الوصاية )الفوقية عليهم عندما قال " :استنادا على حقيقة اننى لا انتمى لاثنية النوبة(...) ثمة عدم اتفاق بين أبناء النوبة على تمثيلى لهم فى القيادة لهذا السبب " . كما أنه يعي تماماً السبب الذي يجعل الناس يعطون الاثنية هذه القيمة الإضافية إذ يقول : "أن مرحلة التطور الاجتماعى التى نمرُّ بها فى السودان يجعل للإثنية دوراً أساسياً فى القضايا التى تتعلق بالقيادة و القضايا المصيرية للشعوب المختلفة".
    ومع ذلك يصرّ على المُضِي قُدماً في قيادتهم إلى وِجهة غير معلومة ، بترديد ترانيم تليدة والتشبث بإيقونات صدئة من شاكلة المصطلح اللغز "السودان الجديد " ، وابتداع المزيد من الشعارات غير البرَّاقة بل و الصادمة أحياناً مثل " حق تقرير المصير" والتطرُّف إلى حد الشطط باعتماد نظرية الزحزحة الكُلِّية( للمركز العروبي الإسلامي ) كسبيل أوحد لإنصاف ساكنة الربوع ( المهمشة ).. ووسيلته الأجدى لبلوغ كل هذه المرامي وتحقيق كافة تلك المطامح هي فوهة البندقية، ولا صوت لديه يعلو صوت الرصاص !..إذ يقول" شعب النوبة يطالب بالحقوق و الحرية و أن الحقوق و الحريات عادة لا تمنح بالاستجداء و إنما تنتزع بالقوة " ؛ لأن " مؤسسة الجلابة الحاكمة فى الخرطوم لم تترك لهم سبيل آخر سوى وسيلة واحدة وهى الكفاح المسلح " ، ويقرع الذين يعطون الجنوح إلى السلم الأولوية بقوله: " أن من بيننا مَن يقول و يروِّج بأننا لن نستطيع أن نهزم النظام و نحقق السودان الجديد دفعة واحدة . لذلك علينا أن نوقِّع اى اتفاق و نذهب و نعمل لتحقيق التغيير من الداخل عبر العمل الجماهيرى و الاعلامى و النضال السلمى.. يجب عليكم تفويت الفرصة على هؤلاء، و أن لا تنخدعوا بهم".
    هكذا يُعبِّ (الكومندور) العجوز(65 عاماً) في بيداء هذه السكة الوعرة أو يجدف في هذا البحر المتلاطم الأمواج غير آبهٍ بمآل الأحوال ولا عابئٍ بطرؤ الحادثات ، بلا دليل أمين يهديه سواء السبيل ولا ربَّان حذق يقوده إلى برَّ الأمان. ينعته عبد اللطيف البوني بـ(صاحب الرومانسية الثورية)، ربما الأصح ( الثورية الرومانسية )!.وقد أمسكت الحيرة بتلابيب (شيخ ) المعارضين السودانيين السيد الصادق المهدي عندما قال:" لا أعرف ماذا يريد السيد عبد العزيز الحلو؟"وهو تساؤل قلّ من لا يشاطره.
    مهما يكن من أمرٍ ، فقد سبقه كثيرون في هذا الدرب ، ممن قدَّسوا فوهة البندقية وخسروا رهاناتهم وأورثوا قومهم البوار، فالتاريخ ملئ بالآحاد التائهين الذين قادوا أمم بحالها إلى الهلاك والفناء الجماعي . يقول مجدي الجزولي أنه ثمة " احتمال أن عبد العزيز جاء إلى سكة تقرير المصير تائهاً عن “السودان الجديد” لا باحثا عنه"!.
    في هذا المقال لا نعظ أحداً ، ولا نبخس من كسب أحد ، ولا نحط من قدر زيد أو عبيد، وإنما قصدنا ، في المبتدأ والمنتهى ، هو عرض أفكار الكومندور على بساط البحث ، وإخضاعها للتحليل والتفكيك، لتعيين مناط الخلل ونقاط الغموض التي اكتنفها هذا المسلك مع تحرِّي الدِقَّة وتقديم الدليل ، فهو النهج الذي قادنا إلى جعل المعطى الأساسي الذي ينهض عليه تحليلنا هو ذلك الخطاب الطويل العريض ، الذي قدَّمه عبد العزيز الحلو إلى أُطُر (ململمة) على عجل من هيكلية ( الحركة الشعبية ) قبل عام من الآن تقريباً ، و سُمِّيَ حينها بخطاب الاستقالة الذي ضمَّن فيه عصارة عقيدته وزبدة أفكاره ، وإن اتضح لاحقاً أنه كان محض خطوة تكتيكية لإعادة التمركز وتمكين ذاته لاعتلاء المقعد الأول و ترسيم مسار الفراق الأبدي مع رفاق الأمس .. إذن المُدخلات في هذا التحليل هي أقواله وأفعاله-( جُلّ الاقتباسات السابقة من ذات الخطاب مع الحد الأدنى من التصرف)-أما المُخرجات فهي اجتهاداتنا عند المعالجة ( محاولة قراءة ) والتي قد تصيب أو تخيب ، أو بمعنى آخر قد يتفق معنا البعض ويعترض عليها آخرون فذلكم ديدن أي أمر جدلي تتباين عليه الآراء دون أن يفسد ذلك التباين للودِّ قضية !.
    في البدء كان الالتباس في المصطلحات والاختلاط في المفاهيم .. في الحقيقة ، أن تقصِّي دلالات المفاهيم وتمحيصها أمر في غايةٍ من الأهمية؛ إن أردنا الوصول إلى تعميمات ذات صحة نسبية.. وإن كان البعض يستثقله لجهة سمته "الأكاديمي" ، إذ يعتقد أولئك أن الجنوح نحو التقصي ، مثل الذي نتولاه الآن ؛ إنما هو من باب (الترف الفكري ) الفائض والقائم على (الطرح النظري) الرتيب ، فمثلا عندما نشرتُ دراسة حول " الكتاب الأسود " كتب أحد المعلقين قائلاً " تبدو كمن ينتقد الماركسية "! ، فمراد المُعلِّق في هذا التعليق جلِّي ، إي أنه رام أن يرميني بالتخلف عن الركب لاعتنائي بفكرة قد خدمت لحظة تاريخية بعينها وانزوت ، حسب اعتقاده ، ولكن اليقين عندي لا الماركسية قد ماتت وشبعت موتاً بشكل أبدي ، كما تصوّره المعلق المذكور ، ولا ذيول أطروحات " الكتاب الأسود " قد زالت زوالاً كاملاً ، بدليل أن الجهود التي يبذلها الكاتب المعروف مجدي الجزولي ، وهو (محلل رائع ) ، تقوم على تحليل كل شيء ماركسياً ، ولو كان ذلك شقشقة عصفورة في حديقة منزله! . كما أن (حركة العدل والمساواة )في دارفور مازالت تضع (الكتاب الأسود) في موضع بارز ضمن وثائقها .. على كل حال ، فإن عماد هذا المقال هو التقصي المقتضب لتعيين (خطاب) الكومندور وانتثاله من عمق خطابه (!) أي كلامه ، وذلك بالحفر على الطبقات آركلوجيا الإيديولوجية التي دُثِّر بها الخطاب طبقاً عن طبق .
    أولاً :"جبال النوبا " أم "جنوب كردفان "؟
    كسودانيٍّ أصيل لم يسعفه القدر بأن ينأى بنفسه عن لغة أو لعنة " التكويش " ، وهي آفة سودانية متوطنة تنخر في عقول الجميع ، إذ يغيب في عموم مفردات الثقافة السودانية فن تدقيق دلالات المفاهيم وتعريف المصطلحات ، ففي معظم خطابات السودانيين نجد أن القاسم المشترك والسمة الغالبة هي السيولة والاختلاط وإلقاء القول على عواهنه . فمن الواضح أن الكومندور قد عان من عسر ضبط التصوُّر الذهني للإطار الجغرافي للمنطقة التي (يناضل ) من أجلها ، فكبلته عاهة التكويش عن جراءة اتخاذ القرار السليم بفك الارتباط بين المصطلحين ، فآثر الإبقاء على الخلل (بالازدواج ) ، لأنه لو اكتفى بـ(جبال النوبا) بدا له الماعون ضيقاً ومحدوداً ، ولو أجمل في " جنوب كردفان " تراءى له بأنه يقفز إلى فضاءات ليس لأهلها شأن بـ"السودان الجديد" ؛ بل ربما هم من ألد الأعداء لهذا المشروع ، أمام هذا الاضطراب الدلالي أضطر الركون إلى هذا القرن الاعتباطي بينهما بصيغة " إقليم جبال النوبة / جنوب كردفان" أو "إقليم جبال النوبة / ج كردفان" في مقدمات وديباجات الخطاب الطويل العريض ، وإن اكتفى في النص الداخلي بـ(جبال النوبة).
    فهذا التلاعب فيما بين " الجغرافيا" و"الديموغرافيا " قصد منه التواري خلف الغموض ولكنه مكشوف ، فجنوب كردفان منطقة مترامية الأطراف ، تنحشر في احشائها ( تاريخياً وجغرافياً ) معظم الأجزاء الجنوبية من الولاية المسماة الآن بـ(غرب كردفان) ، التي أُلغيت وأُحييت أكثر من مرة في خضم هذه اللعبة ، فضلا عن منطقة ( أبيي) التي تُمثِّل خط التماس مع دولة جنوب السودان ولم يُقرر مصيرها حتى الآن(يعود نشوء مشكلة أبيي أصلاً إلى غباء المفاوض الحكومي الذي رضي بعمل بروتوكول خاص بهذه المنطقة التي كانت جزءاً من شمال السودان منذ عام 1905م) .
    وفي إطار دينامية الاستعراب التاريخي لحزام السافنا في السودان ، فكان النمط المألوف في جنوب كردفان هو دفع النوبا نحو أعالي التلال وخلو السهول والوديان لجموع العشائر العربية المتدفقة مثل قبائل المسيرية والرزيقات و كنانة والكواهلة والشانلبة واولاد حميد وغيرهم من العربان فضلاً عن ذلك الحلف القبلى الضخم المسمى بـ(الحوازمة ) فهم اخلاط من العرب والنوبا والفولاني والبرنو وغيرهم من العناصر القادمة من السودان الأوسط (حوض تشاد ) حتى ملأت السهل والوادي من جميع الجهات ، وما تبقى استحوذ عليها أصحاب رؤوس الأموال فيما عرفت بمشاريع ( الزراعة الآلية) أو منحت امتيازاً لشركات استكشاف النفط .
    كما أن للمنطقة تاريخاً طويلاً من المشاهد الانقلابية ؛ مثل نشأة مملكة تقلي الإسلامية ، على أساس من نظرية ( الغريب الحكيم ) ، فهذه الكتلة الكبيرة التي يسمونها الآن بـ( العباسية) لا صلة لها بجبال النوبا إلا من وجهة نظر الاتصال الجغرافي ، فهي جزء من السودان النيلي( المركز العروبي الإسلامي ) منذ الدولة السنارية ، حتى أن المهدي ( أعني الفكي محمد أحمد الدنقلاوي ) في أول زعمه للمهدوية قد لجأ إليها ، وكان من غرائب الموافقات أن من أجرأ فقهاء السودان ممن افتوا بجواز قتل المهدي بوصفه مشعوذاً يثير العوام ودجالاً يهيج الدهماء ، هو الفكي (ميرغني ود تميم) قاضي قضاة مملكة تقلي ومستشار المك (آدم أم دبالو) وقد استدرجه المهدي إلى الأُبيِّض وشنقه !.
    وقد جاء في أحد المصادر أن "(...) النسيج الاجتماعي بالعباسية يتكوَّن من مختلف الإثنيات التي تصاهرت وتعايشت على نحو لا يمكن معه ربط المنطقة بأثنية أو قبيلة بعينها. ويقدَّر عدد السكان بحوالي 140 إلى 150 ألف نسمة، ويدين السكان بالإسلام بنسبة تكاد تكون مائة بالمائة".
    كما أن هناك الحواضر شبه (المتروبلوتانية) التي قطعت شوطاً في الاندراج في التيار المديني العام ، فوهن ارتباط أهلها بالجبال اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ، مثل كادقلي والدلنج وغيرهما .
    فبسبب حرب ( الثلاثين سنة ) التي اشعلها الكومندور لمكافحة الاستعراب ، تسارعت وتيرة الاستعراب واتسع نطاقه ! إذ ترك النوبا حتى السفوح ونزحوا إما إلى مدن ( المركز العروبي الإسلامي) أو تحركوا إلى الأعلى واعتصموا في (كراكير) القمم حيث يختبئ الكومندور اليوم ويطالب منها بحق تقرير المصير ، وهو مطلب لا يتردد صداه إلا في آذان ذلك الجيل الذي نشأ في ( الكراكير )ولا يعرف شيئا غير الحرب !. ففي لحظة من لحظات العبث والعدمية خاطبهم قائلاً :" التهنئة لكم كأجيال متميزة من شعب النوبة تمكنت من تحقيق جزء كبير من تطلعات الشعب"أه ، دون أن يُحدِّد ما هي (التطلعات) التي تحققت؟! وفي حين أنه لو عُدنا بالنوبا ثلاثين عاماً إلى الوراء لوجدنا أن حالهم كان أفضل بكثير مما هو عليه اليوم .
    والآن ، فقد أثبتت العشائر العربية (حقها) في (أبيي ) لدى الهيئات الدولية ، مما يحرم النوبا من أي اتصال جغرافي بدولة جنوب السودان من تلك الناحية ، وبـ(قضم) كتلة العباسية التي (انفصلت) للاسباب التي ذكرناها، فإن الصورة الذهنية لـ" جبال النوبا" (عرفت في عصر الاسترقاق بـ" جبال التروج ") لكل ذي ذهن وقّاد وبصيرة نافذة ، تماثل تماما الواقع القائم الآن ،أي المنطقة المحصورة جغرافياً في تلك التلال المعزولة والمحاطة بفيضان الاستعراب من كل الجهات ، فمن العسير تصور قيام دولة من بضع تلال متجاورات بطرح " حق تقرير المصير" أو حتى " الحكم الذاتي " ، اللهم إلا إذا كان المراد هو كياناً مثل "البانتوستان " في جنوب أفريقيا سابقاً أو محميات الهنود الحمر في أمريكا الشمالية ، و أن الغرض هو الحفاظ على عنصر النوبا من الانقراض بالذوبان الكلي بالاندماج والامتزاج في التيار العام ، ومن المفارقات أن الكومندور نفسه نتاج هذا الامتزاج !.

    ثانياً : " النوبا" أم " النوبة "؟
    إن وضوح الرسم اللغوي -أو التحديد الفيلولوجي إن شئت -لا يقل أهمية عن دِقَّة الدلالة المفهومية ، ولأغراض إزالة لبس الرسم بين (النوبة ) و( النوبا) قد درج الباحثون في الدراسات السودانية ، التاريخية منها والانثروبولوجية ، على إطلاق مصطلح ( النوبة ) على الجماعة الحامية التي تقطن أقصى شمال السودان و( النوبا ) على سكان التلال المعروفة في جنوب كردفان ، وهما جنسان لا وشيجة بينهما ، لا من حيث العرق أو اللسان ، رغم سعي بعض الفلكلوريين المتنطعين إلى انتخاب بعض المصادفات في تشابه المفردات المحكية منها والمدونة مثل كلمة "كوش" و"كنداكا" و" أركماني" لخلق علاقة معدومة، إن حكاية تشابه المفردات ، نمط مألوف في جميع لغات العالم ، إلى حد تشابه عبارات كاملة أحياناً ، فمثلا في اللغة الهندية- تشمل الأردو التي يتحدث بها أهل باكستان - إذا أراد أحدهم أن يقول لآخر أجلب لي ذاك الشيء بسرعة يقول: " جل دي كورو " وفي لغة الزغاوة يقولون: " جَل لي كارو" فلو أن متحذلقاً مثل (آركل) صادف هذا التشابه لصرخ قائلاً "ها قد وجدت "( الزغاوة قادمون من الهند ) !! ، آركل هذا كان موظفاً في الإدارة الاستعمارية في السودان ، تقمصته روح البحث دون أن يملك أدواته فقرر من تلقاء نفسه إجراء أبحاث على السليقة ، فكانت جل نتائجه إما تافهة أو مضحكة !. ليست هنالك أيَّة علاقة خاصة بين (النوبة) و(النوبا ) خارج (الإطار السوداني العام ) ومحاولة إيجاد العدم من خلال التشابه الصوتي في اللسانيات يعتبر جهداً ضائعاً .. فعليه و لإزالة اللبس يجب اعتماد مصطلح (" النوبا") لدلالة على سكان التلال المعروفة باسمهم والنسب إليها ( "النوباوي ").
    ثالثاً : " المركز العروبي الإسلامي "
    يقول (الرفيق العتيد ) في ديباجة خطابه الطويل العريض إن " الهدف النهائى يتمثل فى القضاء على التهميش بكل أشكاله و أنواعه السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية من قبل المركز العروبى الاسلامى الاقصائى".
    فمن الواضح تماما أنّ مَن تولى عبء صياغة هذا الخطاب هو طبيب الأسنان المعروف " أبكر آدم إسماعيل "( سليل عائلة مهاجرة من دارفور أيضاً ومن نفس قبيلة الكومندور ) ، القرينة الأولى لهذه الفرضية هي طفح الخطاب بمصطلحات مثل " التهميش " و "المركز العروبي الإسلامي " و" دولة الجلابة " التي هي من أهم أيقونات التنظير السياسي والإنتاج الأدبي لأبكر آدم إسماعيل، فكاتب هذه السطور من المعجبين جدا بإنتاجه الأدبي ، إلا أن أطروحته السياسية تعاني من التبسيط إلى حد كبير ، ربما مردُّ ذلك تكوينه العلمي كدارس علوم تطبيقية ، فلذلك تجده يكسي خطابه السياسي بأردية في غاية من الحدَّية ( لاحظ أن أغلب المتطرفين حتى في جماعات الدينية هم ممن درسوا علوم تطبيقية أو أشباه أميين ) . لا غضاضة في أن يتم توظيف هذه ( الحدية ) في ميدان الأدب والإنتاج الإبداعي ، بيد أن هبوط بها إلى حلبة السياسة ، لم يكن مجدياً أو منتجاً ، فقد انكشف ضمور إمكاناته في التحليل السياسي المعمق لأن هذه الأمور أكثر تعقيدا مما يتصوّره الاستاذ أبكر .
    أما القرينة الثانية ،فهي ما ذكره الكومندور نفسه عند قال في خطابه :" بعد فك الارتباط كان هناك منفستو كتبه د. الواثق كمير يدعو لتغيير اسم الحركة الشعبية لتحرير السودان إلى الحركة الشعبية للديمقراطية و المواطنة بالإضافة إلى تغيير الاهداف و الوسائل. ولم اتفق مع الأمين العام على ذلك ،لأنّ الحركة الشعبية و الجيش الشعبى عندهما تاريخ امتد لثلاثين سنة من النضال و ملايين الشهداء و الايتام و الارامل وعندها وثائق متطورة، فلا يمكن ان نقوم بإلغاء ذلك كله و توليد حركة جديدة . خاصة و ان المواطنة مسألة مرحلية مربوطة بمرحلة الدولة الوطنية ولم تكن موجودة من قبل و يمكن أن تزول مستقبلا او يتم إلغاؤها ، لكن مشروع تحرير الإنسان سيستمر و سيظل موجودا حتى لو تحول العالم كله إلى دولة واحدة" . يا سلام ! أي أنه نضال سرمدي على طريقة الطبيب الأرجنتيني (تشي جيفارا )!.
    ماذا فعل الكومندور بعد أن رفض مسودة (عالم الاجتماع) ؟ لجأ إلى (طبيب الأسنان) ، الذي يُطرب لحدِّيته، ليمده بمسودة جديدة إذ يقول " طلبت من د. أبكر آدم إسماعيل و مركز دراسات السودان الجديد بمراجعة مسودة د. الواثق و العمل لتقديم مسودة أخرى. و تم ذلك و قمنا بتكوين لجنة برئاسة ياسر جعفر للخروج بمسودة واحدة للمنفستو. و لم تظهر تلك المسودة المنتظرة حتى اليوم "، أي أنه وجد نفسه أمام خارين : إما الواقعية /العقلانية أو الحدية /التطرف ، فغلب هواه عقله واختار الأخير الذي لم يَرَ النور حتى الآن دون أن يذكر السبب .
    إن "المركز العروبي الإسلامي " هي( ثمرة ) أو (حصرم ) عند الحديين الذين لم يذروا الأمر جدلاً فكرياً قابلاً للأخذ والرد ، إنما حدية سياسية يطروحنه على صيغة سلب أم إيجاب أجب بلا أو نعم ؟! فهي حدية دغومائية لا تنفع معها الإجابة سلباً أو إيجاباً !.
    إلا أن الحقيقة البديهية تقول أن هذا المركز هو نتاج "انسياب حضاري كلي " الذي ظل يعتمل منذ قرون ، فمن العسير كنسها أو إماطتها أو حتى زحزحتها إلا بموجب معادل حضاري مضاد مساوٍ له في القوة والأدوات ، وليس بمجرد تمرد مسلح متسرع غير مجمع عليه ، أو تطرفات سياسية حدية لا تسمن ولا تغني من الجوع ، وهو ذات القول الذي ظللت اكرره لجماعتي ( أعني من حملوا السلاح في دارفور ) هل لديكم إمكانية (للتخريم) أو التجاوز أو العبور أو فراق هذا التيار العام ؟ ، فكان ردهم أما التغافل أو التخوين، حتى تواروا عن الانظار، ومن وقت قريب سألت أحد زعمائهم قائلاً أين أنتم ؟ فردَّ عليَّ مازحاً ( في استراحة المحارب ) !. وبالنتيجة ، الوضع في دارفور الآن غني عن البيان ، مسلحي العشائر العربية ( الدعم السريع / الجنجويد .. الخ) المدعومين من المركز العروبي الاسلامي - ويشمل هذا الدعم جميع صنوف الحكومات التي تعاقبت على الحكم في السودان- قد كسبوا الجولة ، وبسطوا سيطرتهم على كامل دارفور، وانتقلوا الآن إلى المرحلة الثانية ، مرحلة كسب القلوب والعقول ( العودة الطوعية )، إذ يقولون للأهالي تعالوا نحميكم من أولادكم العاقين / المتمردين لتفلحوا أرضكم وترعوا أغنامكم في أمن وسلام ،(كلام عقل)! ماذا يريد الأهالي غير الأمن والسلام، وهو واقع قائم لا يكذبه أحد إلا من باب العناد والمكابرة.
    فمن الحقائق البديهية أن كثيراً ما تكون الحرب عاملاً مساعدًا لسيرورة الإدماج ، كما أن الأطروحات الحدية لا تجد إلا القليل من الدعم والإسناد ومن شرائح يسيرة جداً في الكتلة التاريخية السودانية مثل ( اليسار السوداني ) الذي يقدم هذا الدعم في الغالب لمزايدات سياسية ومكايدات تكتيكية ضد غريمه الأذلي ( الإسلام السياسي )، ولكن عندما يحن وقت الفرز بين (الجد واللعب) تراهم في سلة واحدة ، لأن الأمر صار ( حضارة ) وليست (سياسة ).
    لقد استخدم الكموندور مصطلح " الجلابة " في خطابه بكثافة شديدة ربما لأغراض الحشد والتعبئة والترهيب حتى ، ولكن من سوء طالعه أن النوبا يعتبرون من أسرع العناصر السودانية استعداداً للذوبان في( المركز الحضاري الإسلامي) ، فمن جهة اللغة مثلاً ، نجد أن الفرد من النوبا يتقن اللغة العربية بسرعة فائقة مقارنة بأي عنصر آخر من ذوي اللغات الفرعية مثل الحلفاوي أو الزغاوي أو الهدندوي ، ربما مرد ذلك كثرة لغاتهم وبساطتها ، فقد حاولت الحركة الشعبية حل هذه المعضلة –أي كثرة اللغات – باعتماد اللغة الانجليزية كلغة رسمية ، وعندما تساءل كمال الجزولي لماذا والعربية هي واقعاً اللغة المشتركة بين النوبا؟ أتته سهام الاتهام تترى على منوال “يا عروبي يا جبان”.!( نقلاً عن مجدي الجزولي ).
    إن جيل من أبناء النوبا الذين نشئوا في (مايو) و(الحاج يوسف) و(الحارة 14 في أمبدة ) أو (الأُبيَّض) أو (الفولة) لا يمكن تمييزهم عن أقرانهم من أبناء (الجلابة ) الذين يجاورونهم في السكن إلا في بعض السحنات الخارجية ، التي سوف تزول خلال مدة زمنية لن تطول، ليصبح حالهم حال النوبا الذين قطنوا (ود النوباوي ) في أم درمان قبل قرن ونيف من الزمان وأصبحوا اليوم مضرب المثل في الذوبان وإنتاج (السوداني الأنموذج ) !.إن صيرورة طمس الهويات الفرعية وصبها في البوتقة الرئيسية تكاد تكون قدراً محتوماً .
    ليس للنوبا تلك الأدوات والآليات الحضارية التي يمكن إعمالها لتجاوز التيار العام ، فالبنادق التي تمت استعارتها من (منقستو هيلامريام ) غير كافية للدفاع عن حالة (الحرود) أو(التقوقع ) في ( الكراكير ) ، بل تجلب هذه الحالة الفناء البطيء للنوبا . فعليه أن الحل يكمن في التفاعل الإيجابي والانخراط في التيار العام وردع (فوبيا) الذوبان والانقراض وتخلف عن الركب أو الفرار إلى الأمام ، لا لسبب إلا أن بعض ( الآحاد) لديهم عدم القدرة على تقبُّل المآل المحتوم وتمثله، لأنه من الأفضل أن يأتي النوبا إلى هذا التيار بطوع ارادتهم وبروح المساهمة الإيجابية من أن يكتسحهم التيار رغما عنهم.
    رابعاً : "روح الجندية" لدى النوبا نعمة أم نقمة ؟
    يرى الكومندور أن من أكبر السجايا التي أنعم الله بها على شعب النوبا سجية "تقدير البندقية" إذ يقول : " شعب النوبة هو الشعب الوحيد فى العالم الذى يستخدم البندقية كمهر فى الزواج تقديرا لدورها و قيمتها فى استمرارية وجودهم " أجل " استمرار وجودهم "! ولكن الشجاعة الفطرية التي مصدرها غريزة البقاء غير كافية ،لا للإنسان ولا الحيوان ، للمحافظة على عنصره ، بدليل أن أشجع المحاربين الذين عرفهم التاريخ قد فنوا عن آخرهم ولم يذروا خلفاً ولا عُقباً . ولكن الكومندور ينفي هذا المعطى البديهي و يقمع الذين يرددونه بقوله :" لا تستمعوا للخاذلين والآخرين الذين يبخسون من مقاومتكم المسلحة لمشروع الإبادة أو يقللون من شأنها و محاولة اشعاركم بأن ما تقومون به من نضال مسلح غير مجدى ".والحقيقة ، لأي ذي بصيرة ، (غير مجدٍ ) ، لأن من أدلَّ آيات "الإبادة " استمرار الحرب ، لو توقفت الحرب تتوقف الإبادة ، ولكن "متى تتوقف الحرب يا بيير "؟!(حكاية فرنسية أثيرة وعميقة) .
    لو قرأت بياناً صادراً من الحركة الشعبية قطاع الشمال وقالت فيه بأنها قتلت خمسين جندياً من قوات الحكومية تأكد أن عشرة على الأقل من هؤلاء الضحايا هم من أبناء النوبا . فقد ظل النوبا ينخرطون في سلك الجندية منذ التركية الأولى (الجهادية السود)إلى يوم الناس هذا ،أي ليس الكومندور وحده المستفيد من هذه الروح ، إذ كان قوام مقاتلي الحركة الشعبية الأم من أبناء النوبا، فقد قدَّموا تضحيات جسام وتعرضوا لمآسي ونكبات تفطر الأكباد وتقطع نياط القلوب ، وقد شارك الكومندور في بعضها فمثلاً ورد في أحد المصادر أنه في بداية التمرد "أشرف الحلو على نقل سلاح الحركة الشعبية سيراً على الأقدام من أثيوبيا إلى جبال النوبا بواسطة أبناء النوبا الذين مات العديد منهم في الطريق لأن عملية النقل استغرقت ستة أشهر كاملة".
    ويبدو أنه قرر تطبيق النظرية عينها على دارفور عام 1991م عندما قاد حملة قوامها خليط من ابناء الدينكا والنوبا يحملون العتاد على رؤوسهم مع نائبه (قائد ثان ) المرحوم (داود يحى بولاد ) سيرا على الأقدام من منطقة (ديم الزبير) في غرب بحر الغزال حتى بلغوا (وادي صالح) في غرب دارفور حيث ابيدت الحملة ، ونجا الكومندور بأعجوبة من المصير الذي حاق بنائبه الذي نسبت الحملة إليه، ربما لكسبه التاريخي في أروقة ( الحركة الإسلامية) ، ونلحظ أن الكومندور لا يذكر أبداً في أحاديثه وخطاباته هذه الواقعة المأسوية ! بل يأتي بمقاربات انصرافية مثل قوله : " انه لولا قرار يوسف كوة و تنظيم الكمولو الصائب برفع السلاح فى عام 1984 اى فى الوقت المناسب لكان مصير النوبة مثل مصير الزرقة فى دارفور اليوم" . لا أحد من المراقبين يوافقه في هذه المقاربة أي أن المأساة في جبال النوبا أقل وطأة من الوضع في دار فور فكثير من المكاسب التي تم حشدها في خطابه كانت وهمية ، فليس هنالك أي ربح أو قيمة اضافية جناها أهل جبال النوبا من حرب (الثلاثين سنة ) ، فضلا عن استخدامه لمفردة ( الزرقة ) الموغلة في ( شعبيتها ) فانحط بخطابه إلى درك السوقية والغوغائية فهي جنس من المفردات التي قد تُطِرب العوام ولكن لا يجني السياسي الحصيف من وراءها شيئاً .
    فمن الواضح أنه حتى بعض حركات دارفور قد اكتشفت سر( روح الجندية) لدى أبناء النوبا فحاولت استثمارها حيث شاهدتُ فيديو (نشر بتاريخ 1 فبراير 2014 ) حول حفل تخريج مستجدين لحركة العدل والمساواة فكان أهم الملاحظات على النحو التالي :
    1- أن الأول في الرماية اسمه ( تية ) و الأول في الانضباط اسمه ( كوكو).
    2- البيئة الطبيعية المحيطة بالموقع المعسكر ( الأشجار والحشائش ) تبدو كأنها في ( جنوب كردفان أو دولة جنوب السودان )
    3- كان عدد المتخرجين قليل جداً، لا يتجاوز ثلاثين فردا
    4- كانت فعاليات الحفل محض ( فوضى كاملة )!
    5- أما الأغرب ما في هذا الحفل كان القسم الذي أدَّاه المستجدون و الذي جاء على صيغة"اقسم بالله وبكتابه المقدس "!
    6- عندما استعرضت تعليقات الذين شاهدوا الفيديو وجدتهم أجمعوا على شيء واحد هو ( حركة هذه حالها كيف "تحرر" البلاد وتحقق "العدل والمساواة" )! أي أن فعاليات الحفل كانت دليلاً على وهن القدرات الفنية والقتالية للحركة.
    ولا ريب أن المؤسسة العسكرية السودانية من أكثر المؤسسات التي ساهمت في عملية الدمج الإيجابي للجماعات السودانية ، بشرط الحراك الصحي بتغيير العوائد والتعديل المهني، أي عدم جعل الجندية نمطاً من أنماط كسب العيش المستقرة ، فمثلاً عندما انكسرت الشايقية في معركة (كورتي) انخرطوا في سلك الجندية فخدموا في التركية الأولى والثانية واستمروا في ذلك حتى بواكير الاستقلال ، حيث يقول أحد الناس أنه قبل خمسين سنة من الآن لو زرت أي مركز شرطة في جميع أنحاء السودان تجد أن "حضرة الصول " على خديه شلوخ الشايقية ! .. أما الآن فقد انصرفوا عن الجندية وتخلوا عن الشلوخ أيضاً ، وهي معطي ثقافي لا أحد يتحسر على ضياعه على الرغم من أنه في تلك الحقبة كان يعتبر رمزاً للجمال أما الآن فيعد انتهاكاً لحقوق الانسان !، وقد ترتب كل ذلك نتيجة للحراك الاجتماعي و التغيير الثقافي المتواصل.
    بعكس مما يفعله بعض أبناء النوبا الآن من السعي إلى المحافظة على( الوضع الراهن ) إلى الحد الدفاع المستميت عن (العُري) على أنها عنصر من عناصر الهوية الثقافية للنوبا وبشكل جدي عن طريق تقديم الحجج والبراهين لإثبات القيمة الوظيفية والثقافية بأن يكون الإنسان عارياً في القرن الحادي والعشرين ، إذ يقول أحدهم يجب "أن يكون الصبي عارياً حتى يتأكد أهل الفتاة من أن الأعضاء التناسلية لزوج ابنتهم في المستقبل تنمو نموا صحيحاً لا اعوجاج فيها ولا أمتاً ، وأنه من حق أهل العريس القادم التأكد من أن ثديّ الفتاة تنموان بشكل نافر أبداً ، لا ترهل ولا هبوط ، وإن حكاية مكافحة العري التي مارستها بعض المنظمات الاسلامية ما هو إلا نشاط إجرامي يندرج تحت بند تدمير ثقافات الشعوب الأصيلة " ، فهناك من غير اسمه من (محمد علي أحمد) إلى ( كافي تيه توتو) فهذه التطرفات ،وإن كانت جزءاً منها فردية ، تعد نوعاً من " الحدية الثقافية" التي تقع خارج نطاق المعقول.
    إن محاولة المحافظة على الأنماط الفلكلورية والمعتقدات المحلية عن طريق التشنجات الحدية لا طائل منها ،لأن نخل الانتخاب الطبيعي له القدرة على لفظ (الغريب) واستيعاب (المألوف) ضمن مفردات التيار الثقافي العام. كما أن تميز الفولكلوري ضمن الجماعة الوطنية معروف وقائم في نطاق المعقول ولا حاجة للتطرف . فعلى سبيل المثال ، نجد أن جماعة (النوبة) لم تفقد تميزها الفلكلوري واللساني ومع ذلك تعتبر من أكثر الطوائف السودانية نشاطاً في بناء هرم "المركز العروبي الإسلامي" . وقد يطل عليك الطبيب البيطري المعروف محمد جلال هاشم بسلاحه الحاد ( التهميش ) و يقول لك أذهب إلى دنقلا و إلى دلقو لترى بؤس القرى هنالك ! ، قل له : لا لن أذهب ! دعنى أرى قائمة الذين حكموا السودان خلال ستين عاماً الماضية ، سوف تجد كلهم نوبيون باستثناء المشير الحالي والجنرال الأول ، وقل له اطلعني على كشف برجال الأعمال منسوبين إلى مناطقهم سوف يفحم ويسكت ! .
    صفوة القول أنه ليست للبندقية أية قيمة حضارية ، إنما هي آلة ملعونة وأداة للقتل ( هنالك حملة عالمية موجهة للأطفال تحت شعار "لا للبنادق" ) وأنه ليست بالبندقية وحدها يحافظ الانسان على تميزه ، فعليه كان من أوجب واجبات الكومندور أن يُحرِّض النوبا على تعليم أبنائهم وولوج عالم التجارة والأعمال مثلاً ،عوض تحريضهم على القتال والتمسك بالسلاح وحبسهم في الجبال أميين معدمين . يقول أحد الناس أنه ما أن اجتمعت ست اسر نوباوية في مكان واحد إلا اقامت لها سوقاً للسلع الاستهلاكية ، فيمكن تطوير مثل هذه النزعة إلى آفاق أرحب وتجاوز انماط التفرقة والتحيز الاجتماعي باختراق قلاع وحصون ( المركز العروبي الإسلامي ) بالقوة الناعمة وليست بالبندقية .
    أطروحة النضال المدني يتبناها الآن أحد أقرب الناس إلى الكومندور حتى الأمس القريب ، وهو ياسر عرمان الذي يقول : “(...) مع إدراكنا لأهمية الكفاح المسلح والدور الذي لعبه ومازال يلعبه، والظروف الموضوعية التي قادت إليه لاسيما دوره الرئيسي في وضع قضيتنا في الأجندة السياسية الوطنية والإقليمية والدولية، لكن علينا أن ندرك أن القوة الحقيقية للحركة تكمن في العمل السياسي ومخزون النضال الجماهيري السلمي، وبما أن توازن القوى الحالي لا يمكّننا من تغيير المركز بالكفاح المسلح" وغالب أدبيات المعارضة في الآونة الأخيرة تصب في هذا الاتجاه فها هو السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي يقول بشأن وثيقة باريس التي وقعها مع الجبهة الثورية بإنها "اشتملت على أربع نقاط هي :التأكيد على الوحدة، ونبذ العنف واستخدام القوة، والرهان على العمل السياسي بجانب أن يكون المخرج قومياً."
    كل هذه حقائق بديهية لا مراء فيها ، إذ لا يمكن زحزحة ( المركز العروبي الإسلامي ) بتوظيف ميزة عشق النوبا لامتشاق السلاح ( القح ) ، حتى لو افترضنا جدلاً أن الحركة الشعبية وحلفائها حققوا انتصاراً واعتلوا سدة الحكم أشك في قدرتهم على إزالة (الدولة العميقة ) واستبدالها بأخرى مغايرة اسمها ( السودان الجديد) بتجميع هويات فرعية لا تناسق فيما بينها، لأن إزالة السلطة الظاهرية شيء وإزالة المركز التاريخي شيء آخر .
    خامساً : " السودان الجديد " من جديد !
    قبل عقدٍ ونيِّف من الآن ، كان مصطلح " السودان الجديد " على كل لسان ، دون أن يعي أغلب المولعين به دلالته الحقيقية ، أو لنقل أنهم لم يكلفوا انفسهم أي مقدار من العناء لتعيين المراد الحقيقي الذي بموجبه تم نحت وإطلاق هذا المصطلح في فضاء السياسة السودانية ، وعلى الرغم من أن معدل تداول المصطلح على ألسنة الساسة السودانيين قد انحسر وقل شيوع استخدامه لدى العامة بعد أن خبا بريقه وفقد وظيفته ، العملية على الأقل ، وذلك من تاريخ قيام "دولة جنوب السودان " إلا أن البعض لم يصم عن اجترار مفهوم " السودان الجديد " ، حيث لم يفق هذا (البعض) من سكرة الانبهار بهذا المصطلح بعدُ ، منهم الكومندور، وما برح يتشبث به ويسعى إلى توظيف نثار جاذبيته المتبقية في مشاريعه. ولكن ما هو "السودان الجديد" ؟ عند طرح مثل هذا السؤال سوف يجيبونك بحشد من أقوال جون قرنق مثل :" سودان علمانى ديمقراطى موحد على أسس العدالة و المساواة و الحرية " وهي مقولة نظرية في غاية من التجريد والمثالية ويمكن أن يقولها أي شخص .
    في ظني إن ما كان يقصده جون قرنق بـ(السودان الجديد) هو إحداث انقلاب حضاري أي بمعنى أن يجعل الانسياب الحضاري التاريخى ينقلب بتياره هبوطاً لا صعوداً ، بمعنى آخر أن ينساب مع جريان النيل من المرتفع إلى المنحدر وليست السباحة عكس التيار ! . ولكن ما هو (المكون الحضاري ) الذي يملكه قرنق لإحداث هذا الانقلاب ، في الحقيقة لا شيء غير البندقية ، وهي غير كافية لتعديل اتجاه التيار وقد نعته مجدي الجزولي بـ(المقابلة الصورية) في قوله : " ... مقابلة جون قرنق الصورية بين خياري الوحدة في إطار سودان علماني ديمقراطي متعدد القوميات والثقافات والانفصال عنه لتحقيق هذه المعاني في دولة مستقلة "
    يقدم أحد مناصري مشروع السودان الجديد تعريفاً جديداً هو الأغرب ، إذ يقول : " كان مقصد جون قرنق من السودان الجديد هو المعالجة الصحيحة لأمراض السودان في تذويب الفوارق بين المجتمعات الشمالية والمهمشة وإتاحة الفرصة للشعب السودان للانصهار في بوتقة الوطن الواحد بكافة مكوناته الاثنية والثقافية والدينية " أي كأنما أراد أن يقول لنا أن هدف جون قرنق هو دمج الجماعات الطرفية في (المركز العروبي الإسلامي )!.
    واعتقد أن قرنق كان يعي تماماً استحالة تحقيق (السودان الجديد) ويضمر الفراق بل أن أبسط المراقبين كان يرى هذه ( الاستحالة ) لو راقب حجم التعبئة التي تتم في ( المركز العروبي الإسلامي ) في كل واقعة يحتل فيها قوات الحركة الشعبية أية مدينة شمالية مهما كانت نوع الحكومة القائمة في الخرطوم ( الكُرمُك وقيسان ) مثلاً إذ يقول جون يونغ بهذا الصدد : " أن أيديولوجية ( السودان الجديد ) لجون قرنق تنهض على سودانٍ تهيمن عليه أغلبية نهرية ،(اعتقد أنه يقصد "أغلبية نيلوتية" ربما الخطأ من المترجم ) ولكن الحركة الشعبية لتحرير السودان قد اخفقت في إدراك كون المناطق المهمشة تحوي أناساً أكثر بكثير من مؤيديها "التافهين" في جبال النوبا أو" حفنة " القبائل الموجودة في جنوب النيل الأزرق " ( جون يونغ : السودان ، صراعات المصالح ورهانات المستقبل ، ترجمة أحمد أبوالليل ، ص 356).
    فمن الواضح أن كثير من (الشماليين) الذين كانوا يحيطون بقرنق قد (خدعوا ) ، فكل أحاديث الكومندور حول (اتفاق مشاكوش الإطاري) مثلا تقطر بالخيبة والخذلان ، وها هو مالك عقار يعبر عن هذه الخيبة في صيغة تبرئة الذمة في الدقيقة الأخيرة إذ يقول : " قبل ثلاثة شهور من الاستفتاء على انفصال الجنوب، تبلورت لدي مبادرة جوهرها السؤال: هل من فرصة أخيرة لحماية وحدة السودان؟ وإذا وجدت، فكيف نطورها إلى عملية سياسية منتجة تحقق ذلك؟. وأنه وجد ترحيبا بالمبادرة من قيادة الحركة الشعبية، وتشجيعاً من السيد علي عثمان وبعض قيادات المؤتمر الوطني".(نقلا عن مقال للأستاذ الشفيع الخضر في صحيفة الشرق الأوسط )
    وكان أبلغ مثال لمن تجرعوا كأس الخداع ، جماعتنا في دارفور ، إذ ساهم جون قرنق وبشكل رئيسي في إشعال حرب دارفور واستمرارها ، وذلك لدواعي تكتيكية من أجل قضيته ، فقد أحرز نجاحاً باهراً حيال ذلك ، ليس فقط الفوز بجائزة ( حق تقرير المصير)، الذي ما كان تقبل به حكومة الخرطوم لولا الضغط الدارفوري ،وإنما أيضاً استطاع تبديل (صورته الذهنية) لدى عموم أهل دارفور ، فمثلا في " الاستقبال الأسطوري" لقرنق كان غالب الحشد – من بعد الجنوبيين - هم ضحايا الحرب في دارفور ، الذين كانوا يبحثون عن مهدي الزمان للخلاص من المعاناة الحرفية ، فهي حالة انفعالية لحظية غير معمقة أو هي محض اقتناص فرصة للقيام بـ(مظاهرة )احتجاجية ، بدليل أن الحشد قد اختفى أو انحاز إلى (الجانب الآخر) يوم "الموت المأسوي " لقرنق وخروج الجنوبيين إلى الأحياء والطرقات واقترافهم أعمال القتل والحرق .
    لم يكن قرنق وحدوياً في يوم من الأيام ، كما لم يكن لديه أي بضاعة حضارية يسوقها في الشمال ، باستثناء المنفستو اليتيم الذي صِيغ علي الأُسس الماركسية في الوقت الذي كان الاسواق الشمالية مشبعة بمثل هذه الأفكار بوجود حزب ماركسي هو الأكبر في افريقيا والشرق الأوسط ، فكان حاله كحال من يجلب اللؤلؤ إلى أوال ! كان هدف قرنق الأول والأخير الاكتفاء بإحداث (فاصل حضاري ) أو (خط تقسيم حضاري ) أو خط (الطَبـَشير) كما يقول أحدهم الذي بالكاد يكافحون لتعيينه حتى اليوم ، ولو أن قرنق حياً في لحظة الاستفتاء لكانت نسبة التصويت لصالح الانفصال 100% وليست 98% !.
    سادساً "هشيم الهامش " !
    أذكر أنه في إحدى مراحل الدراسات العليا كان إحدى المواد المقررة لنا (مشاكل التنمية في دول العالم الثالث ) تقوم النظرية الأساسية فيها على العلاقة الجدلية بين ( المركز والأطراف ) فكان غالب منظريها من دول أمريكا اللاتينية من أمثال ( غوندر فرانك ) ففي تلك الدراسات الأكاديمية الجادة لم ترد مصطلح التهميش (Marginalization) أبداً وإنما المفهوم الأثير لدى أولئك المنظرين هو الأطراف (Peripheries ) حتى مقولة البروفيسور الراحل علي بن الأمين المزورعي ( كيني المولد ،عماني الجذور وأمريكي الجنسية ) بالهامشية المزدوجة التي يعاني منها السودان لدى العرب والأفارقة معاً فكانت تروى على سبيل المزاح .
    فجاء كل من الطبيب الأسنان أبكر آدم إسماعيل والطبيب البيطري محمد جلال هاشم فالقيا بهذا المصطلح في حومة السياسة السودانية فسرى كالنار في الهشيم ، وأضفى عليه البعض هالة من القداسة والتبجيل إلى حد أن خلع المرحوم خليل ابراهيم على نفسه لقب " زعيم المهمشين " فكانت مقاربته (صورية) للغاية ، كما أنني عثرت على أحدهم من المساهمين بالكتابة في فضاء الاسفيري قد لقَّب نفسه بـ ( صوت من الهامش )! ولا أدري كيف حكم على نفسه بالهامشية ويريد من الآخرين أن يصغوا له ؟ فلو سمى نفسه "صوت هامس "! كان الإيقاع أجمل والإيحاء أقوى . اعتقد أن الولع بمصطلح (التهميش ) وطرق عليه بهذه الكثافة لم يكن مجدياً بل قاد إلى المزيد من (التهميش )!.
    إن (التهميش ) مصطلح اجتماعي مؤطر ينعت به بعض الطبقات والفئات ( مثل نظام الكاست في الهند) حيث تكون هذه الطبقات متضررة بموجب أعراف اجتماعية غائرة في التاريخ – حتى بموجب إجراءات قانونية أحياناً – تعيقهم من المشاركة الكاملة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في المجتمع الذي يعيشون فيه، فمصطلح التهميش (مهمش )أصلاً في الدراسات الاجتماعية عموماً ولم يخلع أحد من العلماء الجادين مفهوم التهميش للدلالة على حالة (التخلف النسبي ) التي تعاني منها الأقاليم الطرفية في كثير من الدول العالم الثالث بسبب الاختلال التنموي وهو أمر مدعاة للاحتجاج من ساكنة تلك البقاع ومطالبتها النظم الحاكمة لانتشالهم من وهدة الفقر والفاقة إلى حد حمل السلاح هذا صحيح ولكن نحن لا نتحدث هنا ماذا كان ذلك صحيح أم خطأ ،وإنما نبحث ما إذا كان هذا المصطلح مناسب لتوصيف هذه الحالة أو ثمة جدوى لتجذيره وتعميقه بهذا القدر من الطرق وتقديسه ، إنها محاولة للإمساك به وجلبه إلى حلبة دينامية تطوير المفاهيم التي يسلكها الباحثون الجادون ، لاحظ تخلي الدراسات الدولية الجادة عن مفهوم ( الدولة الفاشلة) وتحوُّلها إلى ( الدولة الهشة )، والقصد دائما أن تكون الدلالة (دقيقة ) وليست ( جميلة) مثل الانتقال من ( الجيش الإلكتروني ) إلى ( الذباب الإلكتروني )!.
    يوجد في السودان (حراس بوابات ) في النسق الاجتماعي ولا ريب في ذلك ، يوجد في المنظومة المركزية كم هائل من ممارسات (استبعاد الاجتماعي ( ولا شك في ذلك ، ولكن يجب إعادة التذكير على أننا نعيش في ظل مجتمع متخلف تشيع فيه روح القبلية والإثنية وفي مرحلة متدنية جداً من التطور الاجتماعي ولكن ليس معنى ذلك أن هنالك ( جمعية سرية ) تدير الأمور في جنح الليل وتخطط للمحافظة على حالة (التهميش) حتى لو افترضنا وجود مثل هذه الجمعية فإن معظم الذين اجتهدوا في الكسب(مالاً أو علماً ) من أولاد الأطراف قد صاروا اعضاء فيها ! وهو الأمر الذي لا يعين من يقفز على السلطة من الأطراف على قلب المعادلة بشكل جذري.فهم يتحدثون عن( تفكيك النظام) ولكن هل ( المركز العروبي الاسلامي ) هو النظام ؟.
    سادساً : هل يطالب "كل النوبا " بـ" حق تقرير المصير"؟!
    لا أدري ما إذا كان مصطلح "حق تقرير المصير " الذي نحته الرئيس الأمريكي رقم الثامن والعشرين "توماس وودرو ولسون " في بواكير القرن العشرين يعني و يهم النوباوي المتوسط ،أكثر من أن يوفر له الأمن والاستقرار ليتفرغ إلى تربية أطفاله وفلاحة أرضه ، ولكن الكومندور ، الذي اتخذ مما أسماه بـ( مؤتمر كل النوبة) الذي عقد عام 2002 متكأً ومرجعية ، ينكر ويشجب أي رأي من هذا القبيل ولا يعترف بأي صوت يغرد خارج سرب تقرير المصير المستحدث مع الإصرار على حصر الزعامة التاريخية للنوبا في أربعة أشخاص هم : المرحوم يوسف كوة مكي والقس الراحل فليب غبوش (يذكرهما بالإيجاب ويثني على دورهما دائما) و دانيال كودي وتلفون كوكو ( يذكرهما بالسلب ويخونهما دائما) . ويستشف من إيحاءات خطاب الكومندور كأن النوبا يساريون بالفطرة أو مسيحيون في الأغلب و ذلك بجعله (الشريعة الإسلامية )بثمابة المشكلة المركزية للنوبا إذا" تمسك المركز بثوابته المتمثلة فى تحكيم قوانين الشريعة الإسلامية" فليس للنوبا خيار آخر سوى المطالبة بحق تقرير المصير ، وهو إيحاء كاذب ينفيه الواقع أليس للنوبا دور في( الاسلام السياسي ) السوداني مثلاً ، بغض النظر عن موقفنا منه، لماذا لم يشر إلى رموز هذا التيار من أبناء النوبا (بالسلب أو الإيجاب ) مثل المرحومين (موسى علي سليمان) و (مكي على بلايل) ( كلاهما قضى نحبه في حادث طائرة بفارق عقدين من الزمان في منطقة جبال النوبا وفي سبيل قضايا النوبا ) ؟. في أيام طلبنا في الجامعة كان هنالك عدداً كبيراً من أبناء النوبا ممن يتصدرون مواقع قيادية في حركة (الاتجاه الاسلامي) من أمثال ( مصطفى ابيض باشا ) و (أبو زيد عمر كودي) وغيرهما في حين لم نجد بروزا لهم في التنظيمات الأخرى بما في ذلك ذراع الحركة الشعبية في الجامعة ( الجبهة الوطنية الأفريقية ) وبنفس القدر أليس الجنرال (إبراهيم نايل إيدام) و البرفيسور (كبشور كوكو) والسياسي (محمد هارون كافي) هم أيضاً من أبناء النوبا ولهم اشياعهم ؟ لماذا نبخس للناس أشياءهم ؟.
    إن عبارة ( كل النوبا) يعد شعاراً (تكويشياً) تشي بالنزعة الديكتاتورية التي تسيطر على شخصية الكومندور والقائمة على نفي الآخرين وتضخيم الذات بعدم الإقرار على أنه مجرد منشق يقود فيصلاً يعتنق عقيدة ( حق تقرير المصير) في الوقت الذي توجد في الساحة كتل أخرى من الحركة الشعبية لا تؤمن بذلك فهي ليست يسيرة ها هو (مبارك أدول) يقول "حق تقرير المصير والانفصال وتأسيس دولة جديدة ليست هي الغاية ولا الجنة لأبناء النوبا" ! .
    فمن الواضح أن هذه النزعة الديكتاتورية هي التي قادت الكومندور إلى اتخذ إجراءات تعسفية ضد المعارضين المحتملين لحق تقرير المصير من غير أبناء النوبا فقام بطردهم من الحركة، كأنه يريد أن يجعل من الحركة الشعبية حركة نوباوية نقية لا شائبة فيها، فقد جاء في أحد التقارير " إن الحلو أمر نائب الرئيس السابق لولاية جنوب كردفان بطرد آدم كرشوم، الأستاذ بمعهد التدريب الأساسي والنقيب إبراهيم خاطر، وهما من أبناء المسيرية، والمحامي بدر الدين موسى، والذي قام بطرده ومنعه من أخذ ممتلكاته الخاصة بما فيها ملابسه وهاتفه الشخصي، والدكتور أحمد يعقوب الأستاذ بمعهد التدريب الأساسي المختص في المعامل والمختبرات الطبية"،وهي ممارسات تتناقض تماماً مع ما تلاه في خطابه الطويل العريض عندما قال " الكل يعرف ريادة جبال النوبة فى الممارسة الديموقراطية بفضل دور القائد المعلم يوسف كوة مكى الذى قام بارساء مبادئ و أسس متينة للنضال القائم على الديموقراطية و حرية الرأى و القيادة الجماعية، و بذلك سبقت جبال النوبة كل الأقاليم الأخرى فى الحركة الشعبية آنذاك للدرجة التى دفعت القائد المعلم د. جون قرنق فى المؤتمر القومى الأول عام 1994 لاقتباس تجربة حبال النوبة و تعميمها من مستوى الهيئات القيادية القومية للحركة و إلى كل الفروع و الأقاليم وقتها".
    في غياب مستودع حقيقي للأفكار المركزية متفق عليه يتم ملء الفراغ بالحديد والنار والخوف والتخويف وحلول " المريد" في روح "المعلم " فهذا واضح في تقصمه روح معلمه ( جون قرنق )وهذا التقمص لم يدع له مجالا للتفكير العقلاني وإنما القهر والقسوة، فكان جون قرنق دكتاتوراَ قاسياً قصم ظهور أبناء النوبا ، إذ يذكر جون يونغ بهذا الصدد أنه "في عام 1994 كتب ضباط من أبناء النوبا بقيادة عوض الكريم كوكو مذكرة إلى قرنق يحتجون على استقدام ضباط من أبناء الدينكا إلى المنطقة وكما أنهم اعترضوا على الاستهداف المنهجي للعناصر العربية في صفوفهم ... فقد قام قرنق بإجراء الترتيبات اللازمة لترحيل الضبط وعددهم 25 ضابطاً إلى جنوب السودان . لقد قضى بعض هؤلاء الضباط حتفهم في الطريق ومات بعضهم جراء تعذيبهم في المعتقلات أما باقون فقد قتلوا بوضعهم في أجولة مخيطة قد ملئت بأحجارٍ ثقالٍ ليتم إلقاؤهم في نهر النيل " ( جون يونج : المصدر السابق ، ص 318 )
    النوبا شعب مناضل فقد خرج من محن تاريخية كثيرة ، وذلك بقرن النضال بأسبابه وتوظيف العوامل المساعدة له ، حيث تعافي من جريمة الاسترقاق بمنعه ، ونجا من الكارثة المهدوية بزوال دولة الدراويش ، أما التعافي من آثار حرب الثلاثين سنة الحالية فيكمن في وقف هذه الحرب اللعينة ، لان الهجوع إلى( كراكير كاودا) ليس عاملاً مساعداً لتنفس الحرية والتحرر فقد سخر الكومندور من الذين رفعوا شعار "السلام و الطعام و المواطنة بلا تمييز" ولكنني اعتقد أنهم كانوا أكثر حكمة منه.
    سابعاً: أمثلة غير مماثلة!
    لقد سرد الكومندور كثيراً من الأمثلة في خطابه من الشعوب المجاورة التي ذاقت طعم الحرية والتحرر عن طريق فوهة البندقية حيث يقول :" حروب التحرير المعاصرة و التى نشبت أمام اعينكم فى دول الجوار بدءا من تجربة جنوب السودان ، اثيوبيا، إرتريا ، يوغندا، تشاد " وتجدون فيما يلي كيف أن معظم هذه الأمثلة تمثل (مقلوب) مراد التمثيل :
    أثيوبيا
    من لدن ( النجاشي ) إلى ( مليس زناوي ) لم يتغير شيء في سيرورة الحكم في أثيوبيا ، فالظاهرة التي تحكم تاريخ هذا البلد هي تبادل الحكم بين (البيت التجراوي) و(البيت الأمهري) فهما الطبقة الحاكمة في تاريخ الاثيوبي منذ أيام الأباطرة حتى تاريخ اليوم ، دون أن يكون هنالك أي دور للشعوب الأخرى مثل الأرومو ، فهم الأكثر عدداً ، والأوغادين والعفر وبني شنغول ..الخ ، كلهم لم (يتحرروا) بعد !. ولا يعتقدن أحد أن تطورا نوعيا قد حدث بوصول شخص اسمه (أحمد )إلى الكرسي الأول فمازلت الحكاية الأثيرة ( أذلَّ من مسلمي الحبشة ويهود اليمن ) منتجاً وواقعاً . كما أنه يناقض نفسه عندما يقول أنهم ما زالوا يحاربون بمخزون الأسلحة التي قدمها لهم ( منقستو هيلامريام ) ويجعل من سقوطه مثلاً يحتذى به!.
    يوغندا
    في هذا المثال كأنما أراد القول أن الجماعات (المهمشة) استجمعت قوتها وقهرت ( المركز المتسلط ) وحققت انتصاراً نهائياً وهي فرضية يجعل أي مبتدئ في الدراسات الأفريقية يبتسم ! لأن الذي حدث في يوغندا كان العكس تماماً ، إذا قام التيار الكاسح ( الحلف النيلوتي ) بإزالة ممثل الأقليات ( الحاج عيدي أمين ) من الحكم، وقام بتقزيم الجماعات الطرفية وأغلق دونها أبواب مراكز السلطة والثروة .كما أن امتداد هذا الحلف في الدولة التي تقع إلى الجنوب من يوغندا مباشرة (روندا ) قد ارتكب من الفظائع قل نظيرها في التاريخ الأفريقي إذ وصل الحلف النيلوتي ( التوتسي) هناك إلى الحكم عبر طريق مرصوف بملايين من جماجم الشعب الزنجي ( الهوتو) وذلك بدعم مباشر من شقه الذي يحكم يوغندا.
    ومن المفارقات أن المرحوم الحاج عيدي أمين كان سليل أسرة نوباوية ، كان جده ضابط صف في ( الفرقة الاستوائية ) التي كانت في إمرة مدير مديرية خط الاستواء ( أمين باشا ) وتقطعت به السبل في آراضي (مملكة البوغندا ) اثناء محاولة انقاذ المدير وفرقته عن طريق زنجبار عقب قيام الثورة المهدوية ، ومن الواضح أن عدد الذين تخلفوا عن مواصلة السير كان كبيراً حيث عفوا هناك وتكاثروا (بلغة ابن خلدون )وكونوا قبيلة النوبا في يوغندا ، إذن لماذا يفرح الكومندور بانفلات الحكم من أيدى النوبا وانتقاله إلى النيلوتيين ؟!.
    تشاد
    هنا بيت القصيد ، فالصورة فيها مقلوبة تماماً ، أي أن الذي حدث في تشاد كان مقلوب نظرية الكومندور ، بعد ست سنوات من (مغادرة ) المستعمر الفرنسي بعد تسليم السلطة للطبقة (الخلاسية) التي انتجها في غضون ستين عاماً من الاستعمار، وهي طبقة صغيرة جدا ، أي في عام (1966 ) جاء إلى السودان رجل اسمه (إبراهيم أباجا )، كان يعمل فنياً في إذاعة (فورتلامي) أنجامينا حالياً ، وطاف على التجمعات الطلاب التشاديين ممن كانوا يدرسون في السودان ودعاهم إلى اجتماع عاجل في مدينة (نيالا ) فكان على رأسهم المرحوم محمد الباقلاني إمام ( كان طالباً في جامعة أمدرمان الإسلامية ) وعبد الله آدم دناع الذي كان مقيما في السودان ومتزوجاً من ابنة المقدوم الشريف أحد أعيان مدينة كُتم في شمال دارفور، فكانت الأغلبية التي حضرت الاجتماع تنحدر من الممالك الاسلامية التاريخية مثل كانم والبرنو وباقرمي ووداي التي نشأت في منطقة ( السودان الأوسط) و التي تغطي كامل آراضي ( حوض تشاد )، وتمثل أحد أهم حلقات الاعتمال الحضاري في الحزام السوداني وخاطب أباجا المجتمعين وذكرهم بأيام أبائهم وأجدادهم عندما كان الحكم والصلوجان بأيديهم وبفداحة الجرم الذي اقترفه المستعمر بأن أحال الحكم لغير أهله و انبثقت عن ذلك الاجتماع جبهة التحرير الوطني التشادي ( فرولينا ) وبدأت عملياته القتالية عبر الحدود السودانية وكان أغلب الجنود من تلاميذ الخلاوي ( طالبان )! فكانت الفعالية القتالية لهذه الجماعات الحضرية وتأثيرها على القوات الحكومية التي تعينها وتحميها القوات الفرنسية ضئيلة ، حيث استخدمت طريقة ( أضرب وأهرب ) إلى حد أن حكومة فورتلامي كانت تصفهم بأنهم مجرد قطاع طرق ( باندي )! وقد قتل (أباجا ) نفسه في إحدى المعارك .
    ولحسن حظ الحركة وبفضل الجهود التي تولاها الطالب ( محمد علي طاهر) وهو من أبناء القرعان ( التوبو) ومن مؤسسي (فرولينا) – كان قد انهي دراسته في معهد البيضاء الديني في ليبيا والتحق بجامعة الأزهر -أمكن جذب العناصر الصحراوية ( التوبو والزغاوة ) إلى الحركة وبفضل الجهود التي قام بها (حجّرو محمد السنوسي) وهوعضو مؤسس للجبهة ومن قبيلة السلامات - وقد عمل ضابط صف في الجيش السوداني حيناً من حياته - أمكن جذب العشائر العربية إلى الجبهة بذلك تكاملت الإطار الحضاري للجبهة وتمت إزالة الطبقة الخلاسية في بحر ثمان سنوات فقط (1978 ) وبذلك أحدثوا انقلاباً أو انتصاراً نهائياً أو أعادوا الأمور إلى نصابها .تعتبر تشاد أحد اكبر (المراكز العروبية الاسلامية) في الحزام السوداني الأمر الذي جعل الاستاذ عبد الله حمد نالله يقول ( تشاد أكثر عروبة من السودان ) بل أكثر من ذلك غدت تشاد مركزاً لانطلاق حملات التعريب والأسلمة في أفريقيا ، أفرد خريطة أفريقيا أمامك وأنظر أين تقع مدينة( بانغي) عاصمة جهورية أفريقيا الوسطى حيث دارت المعارك بين ميلشيا ( سليكا ) التي تتدثر بثياب ( العروبة والإسلام ) و مدعومة من تشاد و ميليشا (انتي بلانكا) التي تحاول سد زحف ( العروبي الإسلامي) لتعرف أن المثال التشادي بعيد جداً عن نظريتك .
    أرتريا
    انعتق الارتريون من نير الاستعمار الأثيوبي وهو شيء بديهي كأي شعب خاضع للاستعمار ، هذا الجانب المشرق من التحرير تم تعتيمه بممارسات (اساسي افورقي) غير الرشيدة بشق الجماعة الوطنية على أسسس عرقية ودينية فالأوضاع في ارتريا ليست وردية أو مثالا يحتذى به إذ تسلط الأقلية التجراوية من سكان الجبل المسيحيين على الأغلبية المسلمة من أهل الساحل مثل عفر في عصب والدناقل في الزيلع ومصوع وأهل السهل مثل البني عامر وغيرهم الذي يشكلون بجملتهم المركز الحضاري لارتريا وهم الذين يطلق عليهم في أدبيات التاريخ الإسلامي اسم ( الجبرت ) فكان لهم رواقاً في الأزهر أما العلماء الذين يحملون لقب (الزيلعي) فلا يحصيهم العد . كما أن هيئة الأمم المتحدة ظلت تسجل ارتريا البلد الأسوأ في الحريات على نطاق العالم ولفترة تزيد عن عقد ووتذكر التقارير أن عدد الشباب الذين يفرون ( من التجنيد القسري القاسي ) يصل إلى ألف شخص يومياً هل هذا هو المثال الذي يريده الكومندور ؟.



























                  

09-10-2018, 08:19 AM

شطة خضراء


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولة قراءة في أفكار كومندور عجوز يقود (Re: أبو البشر أبكر حسب النبي)

    . ليست هنالك أيَّة علاقة خاصة بين (النوبة) و(النوبا ) خارج (الإطار السوداني العام ) ومحاولة إيجاد العدم من خلال التشابه الصوتي في اللسانيات يعتبر جهداً ضائعاً 

    يا زول إنت متأكد إنك بكامل أهليتك و قواك العقلية؟؟!،،،
    دعك مما يدعو إليه القائد الحلو و حدثنا عن حقيقة ما تدعو إليه أنت،،،
    هل أنت ترى أن هنالك سوء كيل و ظلم و إقصاء واضح في الحياة السودانية أم لا؟؟،،،
    لا تقول لي أني أعلم بوجود ذلك لكنني أختلف في وسيلة و طريقة تصحيح الأمر و غيره من تنظيرات المستعربين الذين يحاولون إظهار أنهم أذكياء و يمسكون العصى من النصف،،، فأنت تقدم دعوة مفتوحة للضحايا للإستسلام الغير مشروط لجلاديهم عبر محاولة التلميح إلى أنه لا أمل في الثورة على الوضع المائل بشدة و لا جدوى حتى من محاولة الإنفصال!!!،،، نعم هذا آخر ما توصلتم إليه فمثلما تم مسخكم و جرجرتكم إلى التيه ففقدتم بوصلاتكم و أصولكم و لغاتكم و ثقافاتكم و صرتم بلا لون أو رائحة و صرتم مثل اليتيم في مائدة اللئآم لا يعترف بكم المركز العروبي ذو الثقل في الخليج و الشام، تحلمون بأن يلقى إنسان الهامش نفس مصيركم المثير للشفقة،،، قال عرب ممزوجة بدم الزنوج الحارة قال،،، يعني فيكم عرق و ال فيهو عرق معناه شنووو بحسب مفهومكم؟؟،،، و صرتم عرب لونكم أخدر ههههههههه، و عندكم شلوخ و إن حاولتم التملص منها لإستيفاء شروط اللحاق بترلة الرقيق في قطر العروبة، و قريبا ستتخلون عن المشاط بإعتباره عادة أفريقية تماما مثل ما بدأ البعض منكم في التخلي عن عاميته و إنتحال لكنة الخلايجة!!،،، لعمري هذا هو الإستلاب بعينه و بؤس المآل،،، لماذا تخافون من الهامش صاحب الأرض و الجمهور و تريدون بكل ما أوتيتم من قوة و حقد جرجرة أهله إلى مستنقعكم الذي إرتضيتموه لأنفسكم و صرتم فيه مستصغرين و أذلاء؟، حالكم يشبه تماما حال المجرم الوالق في مستنقع الفساد و الإجرام و يريد جرجرة المزيد من الغافلين معه و توريطهم في مستنقعه الذي يعجز عن الفكاك منه،،، إذا كنتم تعرفون الحق و لا تخافون الهامش لماذا تضطرونه إلى اللجوء للسلاح لرفعه في وجه طغاتكم؟؟،،، لماذا لم تكونوا نزيهين من قولة تيييت و تعملوا بالعدل و المساواة، ما تقولوا لي المستعمر فعل و المستعمر ترك، لأن هناك أمثلة كثيرة خرج فيها المستعمر تاركا خلفه تناقضات و بؤر توتر و قنابل موقوتة لكن حكمة و وطنية و نزاهة الرعيل الأوائل في تلك الدول أعادت تصحيح قاعدة الإنطلاق لكي ينشأ البناء صحيحا و متعافي و هو ما عجزتم أنتم عنه بالجملة و التفصيل و تريدون الآن رد الأمر و تعليق الوزر على بندقية الهامش و دوي طلقاتها لتوقظكم من غيبوبتكم المطولة و تقطع لكم دوران شريط أحلامكم العذبة!!،،، و كمان عاوزهم يا الكاتب الهمام في النهاية أن تتبدل جلودهم و تتغير ألوانهم، رجاءا تأملوا ماذا يقول هذا الدعي في مقاله المستفذ هذا..
    إن جيل من أبناء النوبا الذين نشئوا في (مايو) و(الحاج يوسف) و(الحارة 14 في أمبدة ) أو (الأُبيَّض) أو (الفولة) لا يمكن تمييزهم عن أقرانهم من أبناء (الجلابة ) الذين يجاورونهم في السكن إلا في بعض السحنات الخارجية ، التي سوف تزول خلال مدة زمنية لن تطول، ليصبح حالهم حال النوبا الذين قطنوا (ود النوباوي ) في أم درمان قبل قرن ونيف من الزمان وأصبحوا اليوم مضرب المثل في الذوبان وإنتاج (السوداني الأنموذج ) !

    لكن هنا ينشأ سؤال مشروع و هو كيف سيحدث هذا الذوبان الذي تدعيه و تحلم به؟؟!!،،، هل عبر القبيلة أم الطبقية أم عبر ديل ناس عبيد ساي و نحنا أولاد عرب،،، أم عبر تزويج البنات العربيات الأصيلات إلى أولاد النوبة و الفور العبيد و الفقراء في كرتون كسلا و مكبات الحاج يوسف و ود البشير؟؟؟،،، أم ربما تقصد أن يتم إتباع برنامج التذويب الممنهج و تتبناه الدولة العربية ذات السحنة الخدراء و الشلوخ و يقوم البرنامج على تزويج أولاد العرب الأصليين القاطنين في بري و العمارات و بحري من بنات النوبة و الفور العبدات و الفقيرات و رفض كل عبد ذكر يتقدم لخطبة و زواج بت العرب الأصلية ذات الحسب و النسب و الجاه التي تسكن نواحي كافوري العصية أو حتى في أي حي آخر شعبي مغمور!!!،،، و لكن غالب الظن أن البرنامج التذويبي سيكون قائم على إستلاب لغات و ثقافات الهامش و إبدالها بالتعريب الممنهج دون حدوث تطور إقتصادي و أن لا يحصل أهل الهامش على أي إمتيازات مماثلة و متساوية لكم في الثروة أو السلطة فقط إبدال و إحلال و الحال هو الحال فينشأ لدينا طبقتين في المجتمع، طبقة أولاد و بنات العرب الأغنياء و أصحاب النفوذ و السلطة و السطوة، في مقابل أبناء العبيد المهمشين و الملفوظين من قبل المستعربين و قد إستعربوا مؤخرا هم أيضا و الفارق بين الفئتين هي السحنة،،، هذا هو نوع الذوبان الذي يريده الكاتب الموهوم و يعتقد أن الأمور تمضي هكذا بكل هذه السهولة و الإنسيابية العفوية،،، حيث يظل الحال الماثل منذ ٦٢ عام هو الحال،،، طبقة مستأثرة بالسلطة و الثروة و الجاه و متعالية تقف في مستنقع و تجر إليها فئة أخرى لإستلابها أوانطة كده و بالمجان و بلا ثمن!!!،،، إن حالك يا أيها الكاتب كمن يريد غطغطت و كمكمت جرح غائر و ملتهب و مليئ بالصديد و القيح قبل غسله و تنظيفه،،، ثم أنك نسيت أو تناسيت أن المجتمع السوداني هو في الحقيقة عبارة عن تجمع قبائل و الأخطر أن بعضها مستلب و تعاني من إضطراب في الهوية و هذا هو مربط الفرس الذي لن يجعل أحلامك العذبة تتحقق و لو ألقى كل الهامش سلاحه و جرد نفسه من كل حقوقه و ثقافته و كرامته و جاء طائعا مستسلما و مسلما عنقه للمركز المستلب و المضطرب و التائه،،، إن السودانيين كقبائل و جماعات و مجتمعات لم يوجدوا على أرض ما يسمى بالسودان اليوم أو أمس أو حتى قبل قرن أو قرنين، بل كانوا موجودين حتى قبل مئآت الآلاف من السنين و لم يحدث بينهم الذوبان الذي تفترضه و تبشر به هنا ناهيك عن محاولة فرضه الآن بالقوة و بالإقصاء و إشهار سلاح الإستعلاء و العمل على سلب و نهب اللغات و الثقافات و الجرجرة الجماعية و القسرية للدخول طوعا و بالمجان إلى مستنقع وهمي مرير لا فكاك منه يتمرق البعض في وحوله البغيضة الآن. قال البقاء للأصلح قال،،، خليك في نومك و لذة أحلامك و ح نشوف و إنت كمان ح تشوف.
                  

09-11-2018, 11:01 AM

Biraima M Adam
<aBiraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 27266

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولة قراءة في أفكار كومندور عجوز يقود (Re: شطة خضراء)


    شكراً يا أبو البشر، مقال رائع .. لكن طويل .. في المستقبل قسم المقال إلي عدة مقالات قصيرة .. مرقمة المقال (1) والمقال (2) .. وهكذا بسبب تسهيل الفهم والمتابعة.

    بريمة
                  

09-14-2018, 00:39 AM

شوقي ا برا هيم عـ ثمان


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولة قراءة في أفكار كومندور عجوز يقود (Re: Biraima M Adam)

    لا انصحك اخ أبكر بتقطيع مقالاتك ... اقتراح بريمة ليس جيدا
                  

09-11-2018, 01:13 PM

زكريا النور


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولة قراءة في أفكار كومندور عجوز يقود (Re: شطة خضراء)

    لك الشكر شطة خضراء لقد أفحمت حقا المدعو أبو البشر الذى يبدو أنه أحد الكلاب المروضة انقاذيا للنباح لوأد قضايا الهامش في حفرة من الأكاذيب الملفقة و الأوهام المطولة التي هي
    أبعد ما تكون عن الواقع المعاش في السودان.
                  

09-14-2018, 00:32 AM

شوقي ا برا هيم عـ ثمان


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولة قراءة في أفكار كومندور عجوز يقود (Re: أبو البشر أبكر حسب النبي)

    شكرررا مقال علمي رائع ... ولا يحزنك كلام شطة خضرة هذا شخص غير متعلم نكرة ومعقد نفسيا يعاني من مركب عقد النقص
                  

09-14-2018, 00:49 AM

شطة خضراء


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولة قراءة في أفكار كومندور عجوز يقود (Re: شوقي ا برا هيم عـ ثمان)

    شكرررا مقال علمي رائع ... ولا يحزنك كلام شطة خضرة هذا شخص غير متعلم نكرة ومعقد نفسيا يعاني من مركب عقد النقص


    اوكي إعتبرني إنسان غير متعلم و جاهل و معقد و مجنون ذاتو، و واصل في القفز عبر الحقائق الذي تجيدونه،،، سو واااات؟؟،،،

    هل ستبدل الواقع؟،،،
    هل ستطفئ نور الشمس؟،،،


    في الحياة هنالك دائما ثمن يتوجب دفعه، لا شئ بالمجان، كل شئ له ثمن،،،
                  

09-14-2018, 06:04 AM

لقد أخرست شطة !!


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولة قراءة في أفكار كومندور عجوز يقود (Re: شطة خضراء)

    شكرررا مقال علمي رائع ... ولا يحزنك كلام شطة خضرة هذا شخص غير متعلم نكرة ومعقد نفسيا يعاني من مركب عقد النقص

    الأخ العزيز / شوقي إبراهيم عثمان
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    لقد أعجب القراء قولك عن ( شطة خضراء ) بأنه شخص غير متعلم ونكرة ومعقد نفسياً ويعاني من مركب عقد النقص .

    وصدقت في كل أوصافك لذلك الشخص ،، فهو موبوء بكل تلك الصفات ,, والسبب الأساسي في ذلك هو أنه ذليل ومنبوذ بالفطرة في أعماق نفسه ،، وتلك المذلة قد ورثه عن الآباء والأجداد الذين عاشوا حياة العبودية والرق في مرحلة من مراحل البشرية ،، والإحساس بعقدة مركب النقص كامن في أعماق نفسه ،، فهو مريض نفسياً ،، وبالتالي يحلم بأشياء هو عاجز في نيلها ،، ونجده يجسد الإحساس بأصله وأساسه الذليل المنحط في محاولاته تلك البائسة حين يقول : هل سيتم إلغاء الفوارق بتزويج البنات العربيات الأصيلات إلى الآخرين من أصحاب الألوان ؟؟.. وكأن الدنيا لديه تتمثل في تلك الدائرة من أحلام مركب النقص ،، والكل يعرف أن هنالك المئات والمئات من بنات العرب الأصيلات متزوجات بالأصول الأفريقية ،، ولكن تلك التزويجات تتم بعد أن توافق شروط الكرامة والعزة والمقام والرجولة ،، ولا تتم كما يتمنى حثالة البشر من رواد الخمارات والمريسة ،، ولا يعقل أن يعطي إنسان عربي أصيل ابن أصيل ابنته الأصيلة لواحد مثل ( شطة خضراء ) ,, ذلك الإنسان الذليل الذي يعد من أدنى مقامات البشر فوق وجه الأرض ،، تربية الشوارع والمريسة ،، وعزة الله فإن قتل ورمي الفتاة العربية الأصيلة في البحر أفضل مليون مرة من تزويجها لواحد تافه ابن تافه مثل ( شطة خضراء ) .. وحتى قيام الساعة لن يحدث ذلك الأمر في السودان ولو جلس ( شطة خضراء ) وأمثاله ينبحون لألف سنة أخرى . فهو مغفل وابن مغفل حين يظن أن الأحرار أبناء الأحرار سوف يركعون لمشيئة أمثالهم في يوم من الأيام . والفتاة العربية الأصيلة ليست معروضة للمساومة لإرضاء الحثالة في هذا المجتمع .
                  

09-14-2018, 08:15 AM

شطة خضراء


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولة قراءة في أفكار كومندور عجوز يقود (Re: لقد أخرست شطة !!)

    ولكن تلك التزويجات تتم بعد أن توافق شروط الكرامة والعزة والمقام والرجولة ،، ولا تتم كما يتمنى حثالة البشر من رواد الخمارات والمريسة ،،

    أعصابك، أعصابك يا عرة،،،
    قلت لي فتيات عربيات أصيلات يا حبشي هههههههههههه
    طيب العرق ال فيك ده نودي وين؟؟؟
    إنت صدقت نفسك و للا شنو،،، فأنا عندما ذكرت كلمة عربيات أصيلات كنت أقصد التهكم و السخرية من بؤسك ليس إلا،،،
    يااااخ ( الجيقي ) تم قتله بدم بارد لأنه تطاول و صدق إنو عربي بجد و الحالة واحدة و أراد الزواج من القطرية الما خمج بت العرب الأصلية و لا فيها شق و لا طق و لا ( عرق )،،، و لكنه كان لازم يعرف إنو العين لا تعلو على الحاجب،،، و بعدين إنت يا عرة يا مسكين يا بتاع عرب ممزوجة بدم الزنوج الحارة إتخلص من العرق ال فيك و أمشي أقطع البحر الأحمر و أحصل على الإعتراف الكامل من مركز السادة العروبي و بعدين تعال إتفاصح،،، و أكاد أقسم بإنك ما حصل غادرت السودان ده كلو كلو عشان كده مصدق يا مسكين الوهمة الكبيرة بتاعت إنك عربي هههههههههه،،،

    شعب بائس و غلبان!

                  

09-14-2018, 02:39 PM

شطة خضراء الحثالة


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولة قراءة في أفكار كومندور عجوز يقود (Re: شطة خضراء)

    هههههههههه،،،

    هذا الإنسان شطة خضراء ( التافه البليد الطبلة ) أحسن تعبير يظن أنه تعبير يليق بالرجال هـــو تعبير ( هههههههههه،،، ) ،،مما يدل على أنه لا يملك كلام ذات قيمة مثل الرجال الآخرين في هذا السودان ،، الرجال أبناء الرجال ،، الأحرار أبناء الأحرار .،، وقد صدق وأجاد الأستاذ المبجل المحترم ( الطيب مصطفى ) عندما يعتبر ذلك الحمار ( شطة خضراء ) بمثابة البصاق ،، وهو فعلاً بمثابة التفاف كلمات يستخدم عبارة ( هههههههههه،،، ) فليواصل في تفاهة الشراميط تلك باستخدام عبارة ( ههههههههههههه ) كالعادة .
                  

09-14-2018, 03:42 PM

نزار


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولة قراءة في أفكار كومندور عجوز يقود (Re: شطة خضراء الحثالة)

    والله مافي غيرك حثالة وقليل ادب ومنحط
    وعنده عقد نقص الا بريمة الوافد التشادي الشين ابو شلوفة الفوق دا .شطة خضراء افحكم انت والدنيء كاتب المقال
                  

09-14-2018, 03:50 PM

نزار


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولة قراءة في أفكار كومندور عجوز يقود (Re: نزار)

    وكمان انت نفسك الطيب العجوز الحقير السوسة عجوبة الخربت سوبا تربية بيوت الظار
    بريمة الشين الوافد وقريمان التشادي محتال كندا دي سودانيز اولاين وليس تشاديز اون لاين
                  

09-14-2018, 04:38 PM

شطة خضراء


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولة قراءة في أفكار كومندور عجوز يقود (Re: شطة خضراء الحثالة)

    تفاهة الشراميط

    أعصابك يا ود الأحرار،،،
    هي دي بالله أخلاق الأحرار أولاد الأحرار الأصلاء زي دي ههههههههه
    طيب ال فيهم عرق بحسب فهمك يكونوا كيف ههههههههه؟؟؟
    محن و الله،،،
                  

09-14-2018, 05:16 PM

نيمو


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولة قراءة في أفكار كومندور عجوز يقود (Re: شطة خضراء)

    على فكرة صاحب الكلمة دي تفاهة الشراميط هو الطيب مصطفى نفسه ومعظم الاسماء التي ردت عليك اعتقد انها الطيب مصطفى متخفي ودي تربيتهم ودي الفاظهم الحقيقية الباقي مساحيق ساكت
                  

09-14-2018, 09:24 PM

شطة خضراء


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولة قراءة في أفكار كومندور عجوز يقود (Re: نيمو)

    على فكرة صاحب الكلمة دي تفاهة الشراميط هو الطيب مصطفى نفسه

    لا أستبعد الأمر أخي نيمو، فإن العرق دساس حقا!!
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de