ذائقة الطعام وبروتينات الوزير بقلم د.أمل الكردفاني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-14-2024, 09:45 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-07-2018, 02:04 PM

أمل الكردفاني
<aأمل الكردفاني
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 2508

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ذائقة الطعام وبروتينات الوزير بقلم د.أمل الكردفاني

    02:04 PM September, 07 2018

    سودانيز اون لاين
    أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
    مكتبتى
    رابط مختصر






    قصة لطيفة حكاها لي صديق ؛ لا أعرف مدى صدقيتها لكنها في كل الأحول تستحق أن تكون بداية لهذا المقال او ما اسميه بالمقال مجازا ؛ القصة بدأت قبل عقود حينما وجد رب أسرة سودانية عملا بإحدى دول الخليج ، باعتباره شخصا مؤهلا على نحو جيد فقد تصاعد راتبه بسرعة ، أسرته الصغيرة تشكلت ملامح ثقافتها في الخليج . والحقيقة أنني لاحظت - وهذا خارج القصة بالطبع- أن من يولدون ويعيشون في الخليج تتأثر جيناتهم بشكل ما ؛ ملامحهم تقترب أكثر من ملامح الآسيويين ، ربما كان للتغذية دور لكن من منا لا يشعر بتميز شكل بنات الشهادة العربية حينما يأتين للدراسة في السودان ، لم تنتهي هذه الجملة الاعتراضية بعد ، فأضيف أن هذه الجينات تتأثر بعد عودتهن للسودان وتكتسب الفتاة ملامحنا المتقشفة بعد فترة وجيزة - نشأت الأسرة في دولة خليجية وتمتعت بمركز مالي محترم ، ولإكمال الثقافة الخليجية فقد استأجروا خادمة من شرق آسيا ، فتاة لطيفة جدا وتحفظ الجميل ، كانت تأتيهم من بلادها بالهدايا تعبيرا عن امتنانها بمعاملتهم اللطيفة ، وغالبا ما كانت هداياها موجهة لربة المنزل مشتملة على توابل شرق آسيا من شتى الأنواع والأشكال. يميل الآسيويون الى التوابل الحارقة ، ونحن أيضا نتشاركهم في ثقافة الطعام من هذه الناحية ، الخادمة اللطيفة تأخذ اجازتها السنوية فتغدق عليها ربة المنزل بالمال ، وهذه المرة لم تكتف ربة المنزل ببعض المال بل منحتها قرطا ذهبيا رائعا... ، غادرت الخادمة اللطيفة ، وكان على السيدة ان تعتاد خلال هذا الشهر على الطبخ بنفسها ، في الحقيقة ليس ذلك بالشيء الصعب ، فثلاجتهم كانت مكتظة بما لذ وطاب من اللحوم والمعجنات والاطعمة الجاهزة المجمدة وخلافه ، لكنها وعلى نحو ما قررت أن تعود للطبيخ السوداني الأصيل ، فجففت البامية وسحنتها ، وورقت الملوخية ، وجففت البصل وسحنته ، وبالتأكيد العصيدة كانت مطلبا عائليا لا مفر منه. إلا أن ما واجته في لحظة من اللحظات هو عدم توفر التوابل التي كانت تجلبها لهم الخادمة ، توابل شرق آسيا الرائعة التي تمنح الطعام تلك النكهة المميزة ، لكن القدر لا يتجاهل الطيبين ، فأثناء تنظيفها لغرفة الخادمة وجدت علبة بها توابل ، شمت رائحتها وقررت استخدام اليسير منها في ملاح هذا اليوم كتجربة، وكانت النتيجة مدهشة ، الويكة التي كانت بلا طعم بسبب البامية غير الاورجانك ، والتي تستورد من الخارج ، تحولت الى طبيخ شهي المذاق ، اكتشفت ربة المنزل النكهة العجيبة لهذه التوابل فاستخدمتها في كل انواع الطبيخ ، حتى انتهت من العلبة كلها . لم يتوقف تحسر الأسرة على انتهاء هذه التوابل السحرية ، حتى عادت اليهم الخادمة من اجازتها وهي تحمل معها ما لذ وطاب من توابل شرق آسيا العجيبة. وفي جو شتوي جميل ، دخلت الخادمة غرفتها ؛ لكن لم تمض دقائق حتى صرخت برعب... فهرولت الأسرة بأسرها الى الغرفة ليجدوا الخادمة في حالة فزع شديد وهي تصيح:
    -ماما... بابا .. بابا روح فين؟
    لم تفهم الأسرة ما تقوله الفتاة ؛ وحتى لا أطيل عليكم فملخص الأمر أن علبة التوابل كانت في الواقع رماد والد الخادمة المتوفي.
    يمكنكم تخيل ما حدث لهذه الأسرة بعد أن عرفوا ذلك .
    على أية حال ، فالأسرة استمتعت بطعم رماد الموتى وهذا هو مربط الفرس ، فالذائقة الاستطعامية ليست أكثر من ثقافة مكتسبة ، لقد شاهدت فيلما وثائقيا عن بعض القبائل في منغوليا على ما أتذكر كانوا يأكلون جثث موتاهم لنيل البركة ، فالميت كائن انتقل من العالم السفلي الى العالم الطاهر ليقترن بأرواح الأسلاف. وهناك قبائل -كما حكت لي صديقة- تضع جثث موتاها على سفوح الجبال ليأكلها الطير ومبررهم في ذلك أن الأرض الصخرية أقسى من أن يحفروا فيها قبرا. وزير الصحة الولائي (ولاية الخرطوم) ، قال في أحد لقاءاته التلفزيونية أن أكل الضفادع مفيد جدا ، فهذه الكائنات الظريفة مصدر هام للبروتين ، إلا أن تصريحه هذا قوبل باستهجان شعبي واسع ، حتى من الصينيين الذين عاشوا في السودان لفترة طويلة ، وانا شخصيا لم أجد أي مبرر لهذا الاستهجان ، فالضفادع ليست مقززة لأن بها عيبا ما ، وإنما لأن ثقافتنا كانت خلوا منها كطعام ، في الصين ودول آسيا المختلفة يأكلون كل شيء تقريبا ، يأكلون الضفادع والكلاب والحمير وحتى السحالي والصراصير والعقارب والديدان ، ليس لأنهم شعوب مقرفة ولا لأننا أكثر تحضرا منهم ، كل مافي الأمر أننا لم نولد في ثقافة تأكل هذه الأشياء ، وفي المقابل ، فإن كثيرا من الشعوب ترى في أكلتنا المفضلة الأم فتفت - وهي معدة الخروف بل ورئتيه ايضا والتي نأكلها نيئة - طعاما مقرفا ومقززا. ومن جانب آخر فهناك داخل السودان من يأكلون لحم التمساح وآخرون يأكلون الجراد ، وهذا ما قد لا يتقبله كثير ممن تربوا في العاصمة. فالذائقة هي اكتساب ، وليست معادلة منطقية ، فبسبب تعاليم الإسلام لا يستمتع المسلم بأكل الخنزير ، رغم أن لحم الخنزير كما قال من ذاقوه هو أشهى انواع اللحوم. فلماذا إذن غضب الناس من ضفادع الوزير؟ حقيقة لا أجد مبررا لذلك ، بل يمكنني أن أناصر السيد الوزير بقوة في ادخال أنواع اقتصادية ومغذية جديدة من الطعام لثقافتنا الغذائية. لا يمكن أبدا أن نهمل كميات الضفادع المهولة التي تملأ برك مياه الأمطار في الخريف ، وتضج في موسم تزاوجها هذا بالغناء الشجي ، فعندما أسير ليلا واستمع لأصواتها العالية اشعر بالرعب وانا احاول حساب أعدادها الغفيرة ، إنها مهولة العدد ، فماذا لو كان الشعب يأكلها ، فلنتخيل أننا نتغذى يوميا على كيلو من الضفادع المشوية ، بل وماذا لو أننا زودنا قوة الطاقة التي تمنحنا لها الضفادع النيئة عبر خلطها بالخلاط الكهربائي ممذوجة بنصف ليتر من اللبن وبيضتين طازجتين. ربما خلال سنوات قليلة ستنشأ أجيال بعظام ضخمة (الفقر) أي عظمة الرقبة ستتضخم ، لاعبو كرة القدم الذين هم الآن لا يستطيعون الجري بشكل متناسق بحيث يجاروا قوة الفرق الأفريقية ، سيحصلوا لا محالة على كأس العالم خلال سنوات قليلة. المسألة كلها تعتمد على تعديل ثقافتنا الغذائية. إلا أن ما فات على السيد الوزير ، وهذا ما أحب أن أنوهه له بشدة ، هو أننا حتى لو عدلنا من ثقافتنا الغذائية واستبدلنا الضفادع بالفول (مع غلاء الفول .. فكمشة فول واحدة أصبحت بعشرة جنيهات) ، حتى لو فعلنا ذلك فأسعار الضفادع لن تكون رخيصة. ما سيحدث سيكون السيناريو التالي: ستصدر الحكومة قانونا بمنع صيد الضفادع إلا بترخيص مسبق ، وسوف ترفض منح التصاديق للناس ، ثم يقوم بعض النافذين من أصحاب الشوكة بانشاء شركة صيد الضفادع ، لتحتكر الشركة صيد الضفادع ، وهكذا وفي ظل هذا الاحتكار سترفع الشركة من سعر كيلو الضفادع ، وبعد أن يكون الشعب قد اعتاد على أكل الضفادع فسوف تقوم الحكومة بانشاء مراكز بيع مخفض لبيع الضفادع ، كنوع من تخدير الشعب ومنعه من التظاهر مطالبا بحقه الدستوري في صيد الضفادع. ذلك لن يمنع الحكومة أيضا من الاسراع لتلافي خطر رفع دعوى دستورية ؛ فتقوم -وبحركة استباقية- بتعديل الدستور ، وبما أن البرلمانيين قد يتبرموا او يمتعضوا من تعديل الدستور فسيتم منح كل واحد منهم جوال ضفادع وخاصة في الأعياد الوطنية والدينية. وهكذا يرفع الجميع أياديهم موافقين على تعديل الدستور. لكن الخطر على الحكومة لن يزول ، فهناك أيضا أصوات ستنكر حل أكل لحم الضفادع وعدم شرعية هذا اللحم ، مما يستدعي أن تقوم الحكومة بإسكات هؤلاء ، ليس بالقوة والعنف طبعا ، ولكن بفتاوى من شيوخ ثقاة يحلون أكل لحم الضفادع ولكن ليس بشكل مطلق وانما الضفادع التي يتم اصطيادها وذبحها بشكل يتفق مع الشرع ، وبما أن الطريقة الشرعية لن يفهمها كل المواطنين فسيتعهد اصحاب الفتوى بمراقبة الشركات التي تعمل في هذا النشاط وستتشكل لجان شرعية لهذا الغرض وسيمنح كل عضو من اعضائها المحفزات المناسبة للاخلاص في العمل . وهكذا يستفيد الجميع ؛ تستفيد الشركات ، ويستفيد الشيوخ ، ويدفع الشعب ليأكل. هذه هي المشكلة التي تؤرقني بشدة كمهتم بالثقافة الغذائية ، والحقيقة أن ما أقوله ليس سخرية معاذ الله أن أكون من الجاهلين ؛ ولكن هناك سوابق حدثت بالفعل ؛ فقبل سنوات ، اكتشفت سيدة أن هناك دولا تشتري العقارب بأسعار خرافية ، حيث يتم استخدام سمها لأغراض طبية ، وبذكاء نعهده في النساء الناجحات ، لم تتوانى هذه المرأة عن تحويل كل شغفها نحو صيد العقارب وتصديرها ، وهذا ما حدث بالفعل ، ففي أول شحنة من صادراتها حصلت على آلاف الدولارات ؛ إلا أن هذا استفز الحكومة بشدة ، ففرضت حظرا على صيد العقارب في المنطقة التي يكثر بها هذا النوع من العقارب إلا بتصديق ؛ وبالتأكيد تم رفض منح هذه المرأة التصديق المطلوب. أعتقد -والله أعلم- أن هناك الآن شركات احتكرت تصدير العقارب ولكن بالتأكيد لا يتم الاعلان عن هذه السلعة ذات الميزة النسبية من صادرات الدولة ، وهذا شيء منطقي ، فمثلا يا سادة ، منذ أن انبثق أول سيلان للبترول وحتى هذه الساعة ؛ ظلت عقود استخراج النفط سرية ؛ وحتى الآن لا أحد من المواطنين يعلم أي شيء عن كمية ما تم استخراجه من النفط ولا بكم تم بيعه ، ولا نسبة حصة الحكومة منه ، وحتى عندما أبرمت اتفاقية السلام ، ومن ثم صار على الحكومة التزام بإشراك الجنوبيين في فهم عقود النفط ، لم يتم سوى اشراك شخص ووزير واحد ؛ ولم يتم منحه معلومات كافية عما يدور من حوله ؛ ولكن ؛ كانت الحكومة تعلن -وبفخر- أنها تمنح الحركة الشعبية كل شهر مليارات الدولارات ، هذا الأمر استمر لخمس سنوات لاحقة ، أي اثنى عشر شهرا في خمس سنوات في القيمة المليارية لكل شهر... وسيكون الرقم مهولا ، مع العلم أن اتفاقية السلام لم تمنح الحركة الشعبية سوى اثنين في المائة مما يتم استخراجه من البترول عامة ، وخمسين في المائة فقط مما يتم استخراجه في الجنوب على ما أذكر . ولذلك فلا مانع أبدا أن يكون سيناريو حظر صيد الضفادع سيناريو منطقي ، فالبترول والعقارب والضفادع ، وحتى مؤخرا ما يتعلق بتصدير الرمال البيضاء التي تسهم في صناعة الاجهزة الرقمية ، تعد ثروة قومية يجب أن يستفيد منها (الوطنيون) فقط ، أما العملاء وشذاذ الآفاق ، والطابور الخامس ، من بقية الشعب فعليهم أن يدفعوا الجزية فقط عن يد وهم صاغرون.
    لذلك لا أجد جدوى من نظرية وزير الصحة بتعديل ثقافتنا الغذائية ، على الرغم من وجاهة نظريته هذه ، وأعتقد أن سيناريو العقارب سيتكرر أيضا حتى لو تغير سلوكنا الغذائي وبدأنا في أكل رماد الجثث.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de