تعليق شامل على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بقلم الدكتور محمود أبكر دقدق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 07:12 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-23-2018, 04:26 PM

محمود ابكر دقدق
<aمحمود ابكر دقدق
تاريخ التسجيل: 03-06-2016
مجموع المشاركات: 57

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تعليق شامل على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بقلم الدكتور محمود أبكر دقدق

    استشاري قانوني / وباحث
    [email protected]
    واتساب 00249900988020
    مقدمة
    تبرز بدرجة متعاظمة أهمية الكتابة حول موضوع الفساد نظرًا لدرجة اتساعه وشموليته، لاجل ذلك رأيت الكتابة في هذا المجال غير المطروق بدرجة كبيرة من قبل الكُتاب والباحثين، هادفاً بذلك أن أقدم خدمة للباحثين وطلاب العلم والعاملين في مجال مكافحة الفساد. فالكل يعلم أن الفساد بات اليوم يمس الاقتصاديات المتقدمة والنامية على حدٍّ سواء، ويترتب على الفساد ضررٌ بالغٌ بالمال العام مما ينعكس سلبًا على التنمية الاقتصادية والإجتماعية، ويؤدي إلى انخفاض مستوى الدخل وتفاوته بين الطبقات المختلفة، ويؤدي الفساد إلى ارتفاع معدلات البطالة وغياب العدالة الاجتماعية، علاوة على تركيز الثروة في أيدي فئة قليلة تُجيد استغلال الأنشطة التي لا تتسم بالشفافية. وقد توصلت الأمم والشعوب إلى ضرورة مكافحة الفساد؛ وذلك بتضافر جميع الجهود الرسمية وغير الرسمية لمنعه واجتثاثه، وقد شهدت السنوات القليلة الماضية اعترافًا متناميًا بمشكلة الفساد من قِبل الباحثين وصانعي السياسات على حدٍ سواء، وتأسست العديد من الهيئات الوطنية والدولية لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة، باعتبارها المصدر الرئيس لإخفاق جهود التنمية المستدامة، وتكريس الفاقة والفقر والحرمان، وإعاقة عجلة التنمية الاقتصادية والاستثمار، وضياع ثروات الشعوب، وإضعاف حكم القانون وتعطيله.
    وتُعدُّ ظاهرة الفساد الإداري والمالي بصفة خاصة ظاهرة عالمية شديدة الانتشار وذات أبعاد عميقة، آخذة في النمو في بيئة آسنة تنمو وتزداد ضراوة، حيث "يزدهر الفساد، مثل الجرائم الأخرى، في الظروف التي تتيح الفرص المناسبة لممارسة سلوك غير مشروع، ودوافع واسعة لاستغلال تلك الفرص، نتيجة ضعف الضوابط القانونية والادارية. والوقاية من الفساد تكون أكثر فعالية في البيئات التي تحدّ من تلك الفرص اَنفة الذكر إلى أدنى حد، وتشجّع على النزاهة، وتأخذ الشفافية في الاعتبار.
    تعريف الفساد
    يقول المولى ـــ عز وجل ـــ: " وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ"؛ أي ولا تطلب «الفساد في الأرض» بعمل المعاصي «إن الله لا يحب المفسدين» بمعنى أنه يعاقبهم. ويقول جل شأنه: "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ"، وتشير الآية هنا إلى ظهور الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس؛ مؤكدة عقاب الله تعالى للمفسدين في الأرض لعلهم يرجعون عن فسادهم، وهذا يفسر حقيقة أن الفساد قديم قدم التاريخ وهو أمر ظل ملازم للبشرية من الأزل.
    الفساد في معاجم اللغة هو من (فسد) ضد صَلُحَ (والفساد) لغة البطلان، فيُقال فسد الشيء؛ أي بطُلَ واضمحل، ويأتي التعبير على معانٍ عدة بحسب موقعه. التعريف العام لمفهوم الفساد عربيًّا بأنه اللهو واللعب أو أخذ المال ظلمًا من دون وجه حق، والفساد هو ضد الجد القائم على فعل الائتمان على ما هو تحت اليد، والقدرة على التصرف السليم. والفساد اصطلاحًا له معانٍ متعددة يصعب حصرها في هذا المقام، إلا أن المعنى الأقرب لأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد هو إنحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة أو استغلال النفوذ أو إساءة استخدام السلطة. والتعاريف التي قدمتها المؤسسات الدولية لمصطلح الفساد متباينة، وخاصة تلك التي أوردتها الهيئات التي تحمل صفة اقتصادية وسياسية كالبنك الدولي مثلًا؛ حيث يُعرِّف الفساد على أنه استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص الشخصي غير المشروع ليس له أي أساس قانوني.
    اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003
    لما كان الكل مُجمِع على مكافحة الفساد، فإن السؤالَ الذي يَطرح نفسه هو كيف يمكن القيام بذلك؟ وما هي أنجع السبل وأكثر الأدوات فاعلية لمكافحة الفساد ومنعه؟ وتأتي الإجابة بأن القانون هو أكثر الأدوات فاعلية، ونعني بالقانون هنا محتوى القانون الجامع المانع وتنفيذه بفعالية وشفافية، سواء كان هذا القانون على المستوى الدولي في شكل اتفاقيات دولية أو إقليمية، أم كان هذا على المستوى المحلي داخل كل دولة، وذلك عن طريق تفعيل هذا القانون وتطبيقة بحزم وشفافية وتفعيل المؤسسات المعنية وفق ذلك القانون. وإذا تحثنا عن صك دولي يعالج مسألة مكافحة الفساد، لابد أن نتحدث عن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة ، 2003 ، " الإتفاقية" على أنها الاتفاقية الملزمة قانونًا والأكثر صلة بأعمال التصدي للفساد ومنعه، وعلى أنها حجر الأساس العالمي لمكافحة الفساد في شتى أرجاء العالم؛ فضلًا عن أن نهج مكافحة الفساد الشامل والطابع الإلزامي لكثير من أحكامها أعطى دليلًا على تطور وأهمية هذه الاتفاقية.
    على الرغم من وجود اتفاقيات مكافحة فساد رئيسة أخرى مثل اتفاقية البلدان الأمريكية لمكافحة الفساد، واتفاقية منظمة التعاون والتنمية لمكافحة الرشوة، واتفاقية الاتحاد الأفريقي لمنع الفساد ومحاربته، والاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، لكنها تقتصر على إما مناطق معينة من العالم أو مظاهر معينة من الفساد، أمَّا اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد فإنها تتعامل مع أشكال الفساد التي لم يتم تغطيتها من قِبل العديد من الصكوك الدولية السابقة مثل الاتجار بالنفوذ وإساءة استعمال الوظيفة وأنواع مختلفة من الفساد في القطاع الخاص. ومن التطورات المُهمَّة التي لحقت بهذه الاتفاقية هو إدراج فصل خاص بالتعامل مع استعادة الأصول المسروقة، والذي يشكل مصدر قلق كبير بالنسبة للبلدان التي تسعى إلى استعادة أصول القادة السابقين وغيرهم.
    وتعتبر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد هي أول اتفاقية لمكافحة الفساد يمكن إعتبارها عالمية بحق، تضمنت منهجًا شاملاً لمشكلة الفساد وإمكانية إستعراض التنفيذ من قبل الدول الأعضاء، كأساس للوقاية من الفساد ومكافحته بشكل فعال. في فصولها الثمانية وموادها الواحد والسبعون مادة ، تُلزم اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الدول الأطراف بتنفيذ مجموعة واسعة ومفصلة من تدابير مكافحة الفساد التي تؤثر على قوانينها ومؤسساتها وممارساتها. اليومية، وتهدف هذه التدابير إلى تعزيز منع الفساد وكشفه والمعاقبه عليه، فضلاً عن التعاون الدولي بين الدول الأطراف حول هذه الأمور. وتعد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد متفردة من حيث المحتوى وفريدة من نوعها مقارنة بالاتفاقيات الأخرى ، ليس فقط في تغطيتها العالمية ولكن أيضا في الاتساع والشمول والتفاصيل الخاصة بأحكامها.
    تجدر الإشارة هنا الى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ، إلى جانب الصكوك الدولية الأخرى لمكافحة الفساد، تعتبر تجسيداً لتوافق دولي ظهر في أوائل التسعينات من القرن الماضي، حدد الفساد كعقبة ومشكلة في طريق التنمية والمساواة والازدهار، وأن معالجة كل ذلك يحتاج ويتطلب على وجه الخصوص حلولاً متفق عليها دولياً. بعد أن أزالت نهاية الحرب الباردة مبرر الأمن القومي للتسامح أو دعم الأنظمة الفاسدة في جميع أنحاء العالم. في الوقت نفسه، ظهرت إهتمامات جديدة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة منها إرساء الديمقراطية ودعم مبدأ سيادة القانون والمساءلة والشفافية، فضلاً عن اهتمام المؤسسات المالية والإنمائية الدولية الكبرى وغيرها بمشكلة الفساد التي كانت آخذة في التزايد، فضلاً عن حرمان الشركات متعددة الجنسيات المتمركزة في الولايات المتحدة من الأسواق العالمية بسبب قانون الممارسات الأجنبية الفاسدة الصادر عام 1977، والذي فرض عقوبات جنائية على الانخراط في الرشوة الأجنبية ، وأصبحت الحكومة الأمريكية راعياً راعياً للجهود الرامية إلى إيجاد حل من خلال إطار قانوني دولي للحد من الفساد بشكل عام وخاصة الرشوة عبر الحدود.
    خلفية تاريخية
    تم التفاوض على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد " الإتفاقية" في فترة تقل عن العامين في مكتب الأمم المتحدة في فيينا حيث بدأت المفاوضات، التي شملت 129 دولة، لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بشكل جدي في أوائل عام 2001 ، وتواصلت بشكل سريع للغاية بفضل التزام مجموعة كبيرة من البلدان، ويرجع ذلك جزئيا إلى العمل السابق على اتفاقيات مكافحة الفساد الأخرى، وخاصة العمل الجوهري في موضوع التعاون الدولي الذي تم بالفعل في المفاوضات الخاصة باتفاقية الأمم المتحدة بشأن الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية.
    استضافت حكومة الأرجنتين الاجتماع التحضيري غير الرسمي للجنة المخصصة للتفاوض بشأن اتفاقية مكافحة الفساد في بوينس أيرس في المُدَّة من 4 إلى 7 ديسمبر 2001، وتلك كانت نقطة حاسمة نحو ميلاد الإتفاقية. ثم لاحقاً صدر قرار الجمعية العامة للامم المتحدة 56/260 المؤرخ 31 يناير 2002 وفيه عبرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عن قلقها إزاء خطورة المشاكل الناشئة عن الفساد، التي تهدد استقرار المجتمعات وأمنها وتقوض القيم الديمقراطية والأخلاقية وتعرض التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للخطر. ومن ثَم قررت أن تقوم اللجنة المخصصة للتفاوض بشأن اتفاقية لمكافحة الفساد التي أُنشئت بالقرار 55/61 بالتفاوض بشأن اتفاقية واسعة النطاق وفعالة ويُشار إليها باسم «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد» رهنًا بقيام اللجنة المخصصة بتحديد عنوانها النهائي.
    اعتمدت الجمعية العامة الاتفاقية بالقرار 58/4 المؤرخ 31 أكتوبر 2003 وقررت تسمية يوم 9 ديسمبر يومًا دوليًا لمكافحة الفساد من أجل إذكاء الوعي بمشكلة الفساد وبدور الاتفاقية في مكافحته ومنعه. وقد عُقدت مراسم التوقيع على الاتفاقية في مؤتمر سياسي رفيع المستوى في ميريدا بالمكسيك في المدة من 9 إلى 11 ديسمبر 2003. ودخلت الاتفاقية حيز النفاذ في 14 ديسمبر 2005 وحتى 7 مايو 2014، وبلغ عدد أطرافها 171 دولة عضوًا في الأمم المتحدة؛ بالإضافة لجزر كوك وفلسطين والاتحاد الأوروبي.
    الجهود التي سبقت الاتفاقية
    وإن كانت الاتفاقية هي الأولى على نطاق الأمم المتحدة لمكافحة الفساد؛ فإنها وضعت في الاعتبار الجهود التي سبقت هذه الاتفاقية على المستوى الإقليمي، حيث بذلت العديد من المنظمات الإقليمية جهودًا مُقدَّرة بشأن مكافحة الفساد؛ حيث نجد اتفاقية البلدان الأمريكية لمكافحة الفساد، التي اعتمدتها منظمة الدول الأمريكية في 29 مارس 1996، واتفاقية مكافحة الفساد بين موظفي الجماعات الأوروبية أو موظفي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، التي اعتمدها مجلس الاتحاد الأوروبي في 26 مايو 1997، واتفاقية مكافحة رشوة الموظفين العموميين الأجانب في المعاملات التجارية الدولية، التي اعتمدتها منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي في 21 نوفمبر 1997، واتفاقية القانون الجنائي بشأن الفساد، التي اعتمدتها اللجنة الوزارية لمجلس أوروبا في 27 يناير ١٩٩٩، واتفاقية القانون المدني بشأن الفساد، التي اعتمدتها اللجنة الوزارية لمجلس أوروبا في 4 نوفمبر 1999، واتفاقية الاتحاد الأفريقي لمنع الفساد ومحاربته، التي اعتمدها رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي في 12 يوليو 2003.
    اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003 منظومة قانونية نوعية
    اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد UNITED NATIONS CONVENTION AGAINST CORRUPTION هي المنظومة القانونية الأولى على المستوى الدولي لمنع الفساد والقضاء عليه عن طريق وضع المسؤولية على عاتق جميع الدول عبر التعاون فيما بينها، مع دعم وتفعيل مشاركة الأفراد والجماعات خارج نطاق القطاع العام، كالمنظمات غير الحكومية. وتظلّ ظاهرة الفساد ظاهرة معقدة تُؤثر سلبًا على البلدان في النواحي كافة، عابرة بذلك الحدود الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وعليه فإن محاربة الفساد بصوره كافة، كالرشوة أو الاختلاس أو الابتزاز أو استغلال النفوذ أو المحاباة أو غيرها لا يزال يُمثّل أولوية للأمم المتحدة والدول الأعضاء في الاتفاقية؛ لأجل ذلك تبنت الدول الاتفاقية بعدد مقدر أملًا في أن تمهد الاتفاقية الطريق لمكافحة آفة العصر الحديث؛ ألا وهو الفساد، وتوحد جهود العالم لاستئصال شأفة الفساد المتجذر في أعماق الأمم والشعوب.
    دخول الاتفاقية حيز النفاذ
    تُعد الاتفاقية الأكثر شمولًا وقوة في مكافحة الفساد على مستوى العالم. وجاء ميلادها عندما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية مكافحة الفساد عام 2003، ودخلت حيز التنفيذ عام 2005 . من أغراض الاتفاقية تعزيز التدابير الرامية لمنع الفساد ومكافحته في القطاعين العام والخاص، وتفعيل التعاون الدولي بما في ذلك مجال استرداد الموجودات. وتُلزم الاتفاقية الدول الأطراف فيها بتنفيذ مجموعة واسعة ومفصلة من تدابير مكافحة الفساد عبر قوانين ومؤسسات وممارسات وطنية، وأيضا عبر التعاون الدولي بين الدول الأطراف.
    البناء الهيكلي والقانوني للاتفاقية
    تتكون اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003 من إحدى وسبعين مادة، مقسمة إلى ثمانية فصول، تُلزم الاتفاقية الدول الأطراف بتنفيذ مجموعة واسعة ومفصلة من تدابير مكافحة الفساد التي تؤثر على قوانينها ومؤسساتها وممارساتها. تهدف هذه التدابير إلى تعزيز منع الفساد وكشفه ومعاقبته ، فضلاً عن التعاون بين الدول الأطراف حول هذه الأمور. تعد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد فريدة من نوعها مقارنة بالاتفاقيات الأخرى ، ليس فقط في تغطيتها العالمية ولكن أيضاً في الاتساع والتفاصيل الخاصة بأحكامها. وينبغي الإشارة إلى أن بعض أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد إلزامية في حين أن بعضها الآخر اختياري أو متروك لتقدير الحكومات ما إذا كانوا سينفذونها أم لا، وتتطلب الكثير من الأحكام الإلزامية من الحكومات اتخاذ إجراءات وتقديم مجموعة من خيارات التنفيذ الممكنة للاختيار من بينها. تسبق مواد الاتفاقية ديباجة شاملة تشرح بإستفاضة مدى الحاجة الماسة لاعتماد هذه الاتفاقية، ومدى القلق الذي ينتاب المجتمع الدولي من خطورة تداعيات الفساد على التنمية المستدامة، وعلى المؤسسات الديمقراطية وقيم العدالة والأخلاق التي يجب أن تسود جميع المجتمعات دون أدنى تمييز، ولعله من المفيد حقًّا أن نتناول محتويات هذه الاتفاقية بشيء من التفصيل، على أن نبدأ بالديباجة التي تبين وتشرح الحكمة من وراء تبني هذه الاتفاقية واعتمادها.
    أولًا: الديباجة
    تتكون ديباجة الاتفاقية من خمس عشرة فقرة حسب صياغة النص الأصلي للاتفاقية؛ حيث تعكس كل فقرة مدى الحاجة الماسة وعزم الدول لإيجاد صيغة قانونية لمكافحة الفساد، وتجسدت هذه الحاجة المشوبة بالقلق في مستهل هذه الديباجة حيث جاء فيها: "إذ تقلقها خطورة ما يطرحه الفساد من مشاكل ومخاطر على استقرار المجتمعات وأمنها، مما يقوض مؤسسات الديمقراطية وقيمها والقيم الأخلاقية والعدالة، ويعرض التنمية المستدامة وسيادة القانون للخطر، وإذ تقلقها أيضا الصلات القائمة بين الفساد وسائر أشكال الجريمة، وخصوصا الجريمة المنظمة والجريمة الاقتصادية، بما فيها غسل الأموال، مع العلم أن غسل الأموال يُعدُّ بمثابة المحطة النهائية للأموال التي يتم الحصول عليها جرَّاء الأنشطة الإجرامية المرتبطة بالفساد، ثم تناولت الديباجة حجم الفساد مقارنة مع موارد الدول: "وإذ تقلقها كذلك حالات الفساد التي تتعلق بمقادير هائلة من الموجودات، يمكن أن تمثل نسبة كبيرة من موارد الدول، والتي تهدد الاستقرار السياسي والتنمية المستدامة لتلك الدول، واقتناعًا منها بأن الفساد لم يعد شأنًا محليًّا بل هو ظاهرة عبر وطنية تمس كل المجتمعات والاقتصاديات، مما يجعل التعاون الدولي على منعه ومكافحته أمرًا ضروري".
    إن القراءة المتأنية للجزء أعلاه من الديباجة تجعل المرء يدرك ــــ ليس فقط أهمية هذه الاتفاقية على حياة الشعوب كافة ـــ خطورة الفساد وتغلغله في جميع المجتمعات وتأثيره البالغ على جميع أوجه الحياة بتنوعها ومستوياتها، ويدرك المرء كذلك أن مكافحة الفساد مسؤولية جميع الدول الأطراف في الاتفاقية وحتى تلك التي خارج إطار الاتفاقية، وبعبارات أخرى إنها مسؤولية المجتمع الدولي بأسره؛ لأجل ذلك حملت الديباجة التأكيد على عزم الدول الأطراف؛ حيث جاء فيها: "وإذ عقدت العزم على أن تمنع وتكشف وتردع، على نحو أنجع، الإحالات الدولية للموجودات المكتسبة بصورة غير مشروعة، وأن تعزز التعاون الدولي في مجال استرداد الموجودات، وإذ تسلم بالمبادئ الأساسية لمراعاة الأصول القانونية في الإجراءات الجنائية وفي الإجراءات المدنية أو الإدارية للفصل في حقوق الملكية".
    ثانيًا: محتوى الاتفاقية وتقسيماتها
    تنقسم الاتفاقية إلى ثمانية فصول؛ لتغطي الأهداف التي تسعى إليها، وهي فصول متباينة من حيث الموضوعات التي تتناولها إلا أنها تكمل بعضها البعض لتشكل سلسلة من التدابير والالتزامات القانونية التي تقع على عاتق الدول الأعضاء في الاتفاقية، بيد أن هناك اربعة فصول تحظي بأهمية خاصة لكونة تخضع لعملية إستعراض دوري من قبل الدول الأعضاء وهذه الفصول هي: الفصل الثاني المتعلق بالتدابير الوقائية، والفصل الثالث المتعلق بالتجريم وإنفاذ القانون، والفصل الرابع المتعلق التعاون الدولي، والفصل الخامس المتعلق بإسترداد الموجودات. وسوف نتناول هذه الفصول الثمانية فصلا بعد آخر، مع بيان مقتضب لما تحويه من أحكام وفق ما يلي:
    ثالثًا: الأحكام العامة للاتفاقية
    يتناول الفصل الأول منها بيان الأحكام العامة، ويتكون الفصل من أربعِ مواد تشمل أغراض الاتفاقية والمتمثلة في دعم وترويج التدابير الكفيلة بمنع ومكافحة الفساد، وذلك عن طريق الدعم والتعاون الدولي والمساعدة التقنية بما فيها استرداد الموجودات، وتعزيز النزاهة والمساءلة والإدارة السليمة للشؤون العمومية، كما يتناول هذا الفصل تعريفًا للمصطلحات المستخدمة لأغراض الاتفاقية، والتأكيد على أحد أهم المبادئ التي تثير مخاوف الدول عند الانضمام لأي اتفاقية، ألا وهو مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ومبدأ السيادة وسلامة أراضي الدول، ومبدأ المساواة بين الدول.
    رابعًا: التدابير الوقائية، سياسات وممارسات مكافحة الفساد
    يتناول الفصل الثاني من الاتفاقية، والذي يتكون من عشر مواد شاملة التدابير الوقائية التي يتعين على الدولة العضو في الاتفاقية أن تقوم بها، وذلك بوضع وتنفيذ سياسات فعالة لمكافحة الفساد، وأن تعزز مشاركة المجتمع وتجسد مبادئ سيادة القانون، وأن تُحسن إدارة الشؤون والممتلكات العامة، وأن تضمن النزاهة والشفافية والمساءلة؛ فضلا عن مراجعة التشريعات والآليات والتدابير للتأكد من أنها ملائمة وكافية لمنع الفساد ومكافحته، وأن تتعاون الدول فيما بينها من ناحية، وفيما بينها وبين المنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة من ناحية أخرى؛ بهدف تعزيز وتطوير التدابير والآليات المشار إليها. وتشمل هذه التدابير العديد من الإجراءات نوجزها فيما يلي:
    أ- هيئة وطنية رقابية
    تتناول المادة السادسة من الاتفاقية الآلية الوطنية لمكافحة الفساد والتي أشارت إليها باسم (هيئة أو هيئات حكومية لمكافحة الفساد الوقائية)، وتهدف هذه الآلية الوطنية إلى تنفيذ سياسات الدولة المعنية لمنع الفساد ومكافحته، وفق التدابير الواردة بالمادة (5) من الإتفاقية بشأن سياسات وممارسات مكافحة الفساد الوقائية. ولاشك أن إنشاء الآلية الوطنية يبرهن على مدى جدية الدولة الطرف والتزامها بمكافحة الفساد. وتشترط المادة (٦) فقرة (٢) أن تقوم الدولة الطرف ـــ وفقا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني ـــ بمنح الهيئة أو الهيئات المستقلة المشار إليها ما يلزم من استقلالية؛ لتمكين تلك الهيئة أو الهيئات من القيام بمهامها ووظائفها بصورة فعالة وعلى أكمل وجه، على أن يشمل ذلك توفير الموارد المالية والبشرية اللازمة من الذين تتوافر لديهم المعرفة والأهلية والتدريب اللازمة للقيام بالمهام التي ترمي إليها الاتفاقية.
    جدير بالذكر أن الهيئة المذكورة في المادة (6) من الاتفاقية هي هيئة وقائية تختلف عن هيئة إنفاذ القانون الواردة بالمادة (36) والتي سنراها فيما بعد، "ويجوز أن تقرر الدول الأطراف أن تكلّف هيئة واحدة للقيام بوظائف الوقاية وإنفاذ القانون مجتمعة". للأهمية البالغة للمادة (٦) ـــ المشار إليها والتي تعول عليها الاتفاقية وتعتبرها مفتاحا لنجاح التدابير المتخذة على الصعيد الوطني ـــ اشترطت الفقرة (٢) من ذات المادة ضرورة إبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة باسم وعنوان السلطة أو السلطات التي يمكن أن تساعد الدول الأطراف الأخرى على وضع تدابير محددة وتنفيذها لمنع الفساد. وحتى لا يترك أمر الموظفين العموميين لهوى الدولة الطرف ومزاجها فقد اشترطت المادة (٧) من اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الفساد ومكافحته أن يقوم اختيار الموظفين العموميين على مبادئ الكفاءة والشفافية والمعايير الموضوعية، مثل الجدارة والإنصاف والأهلية، على أن يتم هذا الاختيار وفقا لمبادئ أساسية يضمنها القانون الداخلي؛ وبصفة خاصة لأولئك الذين يجري اختيارهم لتولي وظائف عمومية تعتبر عُرضة للفساد، مع ضمان تناوبهم على هذه المناصب الحساسة حتى لا يُترك الموظف لمدة طويلة في منصب واحد؛ مِمَّا يجعله عُرضة للممارسات الفاسدة، مع ضمان أجور مُجزية لهم، ومسألة الأجور المجزية هي نسبية تختلف من دولة لأخري. مع تشجيع المظف العمومي وتحفيزة على التدريب المتخصص والمناس. وهذا كله يقتضي تنظيم وإدارة المـوارد البـشرية في سـياق الخدمة المدنية مع تطبيق ومراعة المبادئ الأساسية للشفافية والكفاءة والنزاهة والمعـايير الموضـوعية في تعـيين المـوظفين العمـوميين القائمة على المنافسة الحرة وعلى مبادئ الجـدارة والإنـصاف والكفـاءة مع الاهتمام بالتدريب وبـرامج الـتعلّيم للمـوظفين العموميين.
    ب- مدونة قواعد سلوك الموظفين العموميين
    على الدولة الطرف إقرار مدونات قواعد سلوك للموظفين العموميين من أجل ضمان النزاهة والأمانة والمسؤولية بين الموظفين العموميين، وفي هذا الصدد يمكن للدولة أن تسترشد بقواعد سلوك الموظفين العموميين الواردة في قرار الجمعية العامة رقم ٥١/٥٩ المؤرخ في ١٢/١٢/١٩٩٦. وقد تناولت المادة (٨) من الاتفاقية مسألة قواعد السلوك بنوع من الإسهاب والتفصيل؛ حيث أوردت العديد من المعايير عند الاقتضاء، كإلزام الموظف العام بالإفصاح عن الأنشطة الخارجية التي يقوم بها؛ كالاستثمارات والأعمال والمنافع والهبات التي قد تفضي إلى تضارب المصالح مع مهام الوظيفة العامة. وتشير التجربة إلى أنه من المهم النص على واجب واضح مكتوب بشأن الإبلاغ يبين من الذي ينبغي إبلاغه داخليا أو خارجيًّا، وفي حالة الإبلاغ الداخلي يجوز تعيين بديل إذا كان أحد الرؤساء في العمل هو المشتبه فيه، واتخاذ تدابير لحماية المستقبل الوظيفي للأشخاص الذين يبلّغون عن ذلك بحسن نية، على النحو الذي سوف نراه في المادة (33) من هذه الاتفاقية.
    لكي لا تتضارب المصالح وكذلك الإحساس بذلك التضارب من قِبل الجمهور ـــ مِمَّا يهزُّ الثقة في نزاهة الموظفين المدنيين وسائر الموظفين الرسميين وفي أمانتهم، ومن أجل زيادة تعزيز الشفافية في الإدارة العمومية ـــ تُلزم المادة (8) الدول الأطراف بأن تسعى إلى وضع تدابير ونظم عند الاقتضاء ووفقا للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي، تُلزم الموظفين العموميين بأن يفصحوا للسلطات المعنية ـــ كحدٍّ أدنى ـــ عما يلي:
    1. أنشطتهم الخارجية؛
    2. العمل الوظيفي؛
    3. الاستثمارات؛
    4. الموجودات؛
    5. الهبات أو المنافع الكبيرة؛
    التي قد تفضي إلى تضارب المصالح مع مهامهم كموظفين عموميين، وفق ما جاء بالفقرة (5) من المادة (8) آنفة الذكر، وبذلك يكون الموظف في وضع شفاف ومعلوم لدى الكافة من حيث الأنشطة وطبيعة العمل وحجم الثروة؛ مما يسهل الرقابة عليه ويقفل الباب لأي إنحراف وظيفي أو فساد محتمل.
    ت- المشتريات العامة
    ولما كانت المشتريات العمومية هي بيت القصيد في معظم عمليات الفساد التي تسود العالم؛ فقد اشترطت المادة (٩) من الاتفاقية أن تقوم كل دولة طرف ـــ وفقا لنظامها الداخلي ـــ بإنشاء نظم مشتريات تقوم على الشفافية والتنافس وعلى معايير موضوعية عامة ومجردة، يسندها نظامُ مراجعة داخليٌّ فعَّالٌ. إلا أن هذه التدابير لا تكتمل حلقتها إلا إذا تبعها عمل قانوني فعّال يضمن إدارة الأموال العامة بما في ذلك الإفصاح عن الإيرادات، وأوجه صرفها وفق ميزانية معتمدة شفافة قابلة للمحاسبة، وقائمة دفاتر وسجلات وبيانات مالية صحيحة. على أن تُحاط هذه التدابير بأجهزة عدلية فاعلة ونزيهة وبصفة خاصة القضاء والنيابة العامة، ومن جانبنا نعتقد أن جميع سلطات التحقيق وجمع الأدلة بما في ذلك جهاز الشرطة يجب أن تكون مستقلة ونزيهة؛ حتى يتسنى لها القيام بالدور المنوط بها.
    ج- يقع على الدول الأطراف عبء أبلاغ الناس وفق المادة العاشرة من الإتفاقية والتي تهدف الى تمكين عامة الناس من الحصول على المعلومات ذات الصلة بالإدارة العمومية وعمليات إتخاذ القرارات التي تهم الناس، مع تبسيط الإجراءات الادارية من أجل وصول الناس الى السلطات المختصة التي تتخذ القرارات، ونشر معلومات بما في ذلك تقارير دورية عن محاطر الفساد. وتختلف الممارسة العملية من بلد لاَخر، لكن بصفة عامة ترمي هذه المادة الى تمكين عامة الناس من الحصول على المعلومات حول كيفية تنظيم ادارة الدولة واشتغالها وعمليات اتخاذ القرارفيها، وعلى سبيل المثال نشرتقارير عامة كتقارير المراجع العام عن الاداء المالى للدوله ونشرات وزارة الماليه حول ادارة المال العام ونشرات البنوك المركزية والاطلاع على معلومات الشركات الخاصة وخلاف ذلك من معلومات.
    د- نظراً لأهمية استقلالية القضاء والنيابة العامة في مكافحة الفساد وذلك لما لهذا الإستقلال من دور حاسم في مكافحة الفساد، فعلى الدول الأعضاء في الإتفاقية أن تتخذ، وفقاً للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني ودون مساس باستقلالية القضاء، تدابير لتدعيم النزاهة ودرء فرص الفساد بين أعضاء الجهاز القضائي وأعضاء النيابة العامة ويجوز أن تشمل تلك التدابير قواعد بشأن سلوك أعضاء الجهاز القضائي أو النيابة العامة.
    د- القطاع الخاص
    إذا كانت الدول ملتزمة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لإحكام السيطرة والرقابة على سلوك الموظف العمومي، فإن تحديًا آخر يبرز للوجود ألا وهو القطاع الخاص الذي يُمارس عمله بكامل الحرية، والذي يمكن أن يؤثر على القطاع العام ويوقع به في براثن الفساد. ومن أجل منع ذلك يُعالج هذا الفصل أيضا حالات الفساد التي تُرتكب على نطاق القطاع الخاص، والحكمة وراء ذلك واضحة جليَّة وبائنة لكل مراقب حيث إن فساد القطاع الخاص يُؤدي إلى إفساد القطاع العام وبالتالي الوظيفة العمومية. لأجل ذلك أولت الاتفاقية اهتماما مُتعاظمًا لمسألة غسل العائدات الإجرامية أيًّا كان مصدرها، ونتيجة لذلك فقد اشترطت المادة (١٢) من الاتفاقية على كل دولة طرف في الاتفاقية أن تتخذ التدابير اللازمة لمنع ضلوع القطاع الخاص في الفساد وتعزيز معايير مراجعة الحسابات في القطاع الخاص وتفرض عند الاقتضاء عقوبات مدنية أو إدارية أو جنائية تكون فعَّالة ومناسبة ورادعة في ذات الوقت. ولقد سارت الاتفاقية على ذات نهج معظم الاتفاقيات التي ترمي إلى إضفاء المزيد من الفاعلية على مستوى التنفيذ، والتي تُنادي دائمًا بإشراك المجتمع المدني كضمانة وقيمة مضافة لحُسن التنفيذ وفاعلية الرقابة. وفي هذا الصدد فقد تناولت المادة (١٣) من الاتفاقية مسألة مشاركة المجتمع المدني من جماعات وأفراد في أنشطة محاربة الفساد ومنعه.
    خامسًا: التجريم وإنفاذ القانون
    الفصل الثالث من الاتفاقية يتكون من ثمانٍ وعشرين مادة شاملة، وتأتي أهمية هذا الفصل لكونه أكبر فصول الإتفاقية ولتعلقه بالأفعال المجرمة وفق الاتفاقية والتي هي بيت القصيد في إنفاذ القانون ومنع الإفلات من العقاب، ووفق ذلك ينبغي على كل الدول الأطراف أن تعتمد "كل ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم تلك الأفعال.
    من المسائل الشاملة المتصلة بتنفيذ الفصل الثالث والتي نوقشت في الدورة الرابعة في مراكش، بالمغرب عام ٢٠١١، مسألة نطاق تغطية مصطلح الموظف العمومي. ومثال ذلك أنَّ النواب البرلمانيون في إحدى الدول الأطراف لا يعتبرون موظفين عموميين، مما يحد من تطبيق الأحكام المتعلقة بعدة جرائم فساد عليهم، بما يشمل جرائم الرشوة المتعلقة بالموظفين الوطنيين والأجانب وإساءة استغلال الوظائف. بيد أن التجريم في هذا الفصل مرتبط بغيره من الفصول فمثلاً تعريف الموظف العام اذا يكن منضبطاً في التشريعات الوطنية للدول الأطراف فقد تظهر إشكالات عملية تؤدي الى الإفلات من العقاب. في هذا السياق أوصت الدول الأطراف المستعِرضة بتمديد نطاق الجرائم ذات الصلة والنص على عقوبات مناسبة لمن يرتكبها من النواب البرلمانيين. وفي حالة تلك الدولة الطرف ذاﺗﻬا، لا يشمل تعريف الموظف العمومي صراحًة الأشخاص الذين يشغلون وظائف عمومية في منشأة عمومية . وفي ولاية قضائية أخرى، لا يتضمن تشريع مكافحة الفساد أيَّ تعريف صريح لمصطلح الموظف العمومي ، الذي لم يُعرَّف إلاَّ بطريقة غير مباشرة بالإشارة إلى مفاهيم أخرى . وفي حالة ثالثة، لا يشمل تعريف مصطلح "الموظف العمومي " الفئات الرئيسية للأشخاص المذكورين في الاتفاقية . وفيما يتعلق بجريمة إساءة استغلال الوظيفة بوجه خاص، لوحظ أنَّ المحاكمات كثيرا ما تنتهي بالبراءة في إحدى ا لولايات القضائية، وذلك لأنَّ العرف المرعي في محاكمها يعفي من المسؤولية طائفة واسعة من الأشخاص الذين لا ينطبق عليهم مصطلح الموظف، وقد تمت الإشارة إلى ضرورة اتباع ﻧﻬج جديد في القانون الجنائي عندما ترتكب عمدا.
    كما يتناول هذا الفصل إجراءات عدة لإنفاذ القانون، وقد أوردت الاتفاقية التدابير التشريعية لتجريم جملة من الأفعال منها على سبيل المثال لا الحصر؛ وَعْد الموظف العمومي بمزية غير مستحقة نظير القيام بعمل أو الامتناع عنه، أو التماس أو قبول الموظف العمومي لمزية غير مستحقة، وتعتبر الرشوة من أكثر الأفعال جُرمًا وأشدِّها خُطورة، ويستوى الأمر في حالة رشوة موظف عمومي يتبع للدولة الطرف، أو رشوة موظف عمومي أجنبي، أو موظف مؤسسة دولية عمومية طالما كان الهدف وراء منحه تلك المزية الحصول على منفعة أو مزية غير مستحقة، متعلقة بعمل ذلك الموظف المعني. وما ينطبق على التماس المزية أو قبولها من قِبل الموظف العمومي ينطبق على اختلاس الممتلكات أو تبديدها أو تسريبها بشكل أو بآخر. كما تُجرِّمُ الاتفاقية استغلال النفوذ الفعلي للوظيفة العامة، وتُلزم الدول باتخاذ ما يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم تعمد الموظف العمومي لإساءة واستغلال الوظيفة العامة. ومن خلال الممارسات الجيدة للدول الأعضاء بشأن تجريم جريمة الرشوة فقد تم تبادل المعلومات في هذا الشأن خلال مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في دورته الرابعة بالمغرب.
    كل الدول الأطراف إعتمدت تدابير لتجريم رشو الموظفين العموميين الوطنيين وارتشائهم على السواء. ويضاف إلى ذلك أنَّ بعض هذه الدول اتخذت خطوات صوب تجريم رشو الموظفين العموميين الأجانب وموظفي المؤسسات الدولية العم ومية وارتشائهم . ولكن لوحظ عدد من المسائل المشتركة بشأن معالجة تلك الجرائم . ففي عدة دول، لم تُعالج الحالات التي تنطوي على "وعد" بتقديم مزية غير مستحقة معالجة صريحة أو عولجت بشكل غير مباشر في إطار مفاهيم ذات صلة . وقد اعتمدت بعض الدول الأطراف، علاوًة على ذلك، مفهوم "العبرة بالفعل "، الذي يقصر موضوع الجريمة على عملية التبادل الفعلي،؛ ورغم هذا، فمن الممكن في إحدى تلك الحالات اعتبار عرض الرشوة شروعًا في ارتكاب جريمة وملاحقة مرتكبه قضائيا .
    وفي حالات أخرى يواجه مبدأ التجريم تحدي اَخراً، حيث لا تنص بعض القوانين الوطنية على معاقبة الشروع في غسل الأموال، وبالمثل لا تتضمن الجرائم الأصلية في ولاية قضائية أخرى جميع الجرائم المنصوص عليها في الاتفاقية، فلم تُجرَّم المشاركة في غسل الأموال ولا تغطي أحكام التآمر والمساعدة والشروع سوى ارتكاب جريمة غسل الأموال وليس جرائم الفساد الأخرى . وتوجد ثغرات في التنفيذ أيضا في دول أطراف أخرى ومنها ما يتصل في إحدى الحالات بقصر جريمة غسل الأموال على الأفعال الجنائية الأصلية بحيث لا تشمل أفعالا ذات صلة بجرائم الفساد
    • تدابير بشأن الثراء الفاحش والمفاجئ لدى الموظف العام
    لعل من السمات والمعالم البارزة لدى الموظفين العموميين ـــ الذين يحصلون على مزايا غير مشروعة مُقابل تقديمهم لأعمال غير مشروعة للغير ـــ ظهور الثراء الفاحش والمفاجئ على ثروة الموظف العمومي، ويظهر ذلك بجلاء في الزيادة الكبيرة في موجودات الموظف المعني بحيث لا يستطيع أن يقدّم أدلة كافية لمصادر ذلك الثراء الطارئ مقارنة بِدخلِه؛ مِمَّا يستلزم تدخل الدولة الطرف في الاتفاقية بتجريم مثل هذا العمل، واتخاذ ما قد يلزم حياله. حتى يتسنى للموظف العمومي المعني إثبات مصدر تلك العائدات ومشروعيتها، وبالعدم تكون عُرضة للتجميد أو المصادرة بسحب الأحوال، وذلك بعد استيفاء الإجراءات القانونية اللازمة.
    • تجريم التأثير على سير العدالة
    لمَّا كان العمل على منع غسل الأموال أو مكافحته لا يخلو من مخاطر؛ فقد وضعت الاتفاقية في الاعتبار مسألة المقاومة أو استخدام العنف من قبل أولئك الذين يقومون بالأعمال المخالفة للاتفاقية؛ باستخدام القوة البدنية أو التهديد أو الترهيب أو بغيرها من الأعمال الهادفة لإعاقة سير العدالة بشأن إجراءات تتعلق بارتكاب أفعال مُجرَّمة وفقا للاتفاقية، وقد نصت الاتفاقية في المادة (٢٥) منها على تجريم مثل تلك الأفعال، وإلزام الدول على اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة في هذا الصدد. ويبقى أن نشير أن في معظم الدول، جُرِّم فعل عرقلة سير العدالة وفق، الأفعال المقصود منها التدخل للمساس، ليس بصحة أقوال الشهود فحسب، بل كذلك بالأدلة غير الشفوية في الدعوى ذات الصلة.
    لا فرق في تطبيق المسؤولية الجنائية بين الشخص الاعتباري والشخص الطبيعي. وحتى لا يفلت أولئك الذين هم وراء الأفعال التي تجرمها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد فقد تناولت المادة (٢٧) من الاتفاقية مسألة المشاركة والشروع في ارتكاب فعل مجرم وفقًا للاتفاقية والمشاركة بأي صفة كطرف متواطئ أو مساعد أو مُحرِّض في فعل مُجرِّم وفقا لهذه الاتفاقية. وفيما يتعلق بالمسائل الإجرائية، كالمُلاحقة، وإجراءات التقاضي، والعقوبات، فقد تركت الاتفاقية الباب مفتوحًا للدول الأطراف ـــ لتتخذ وفق نظامها القانوني الداخلي ومبادئها الدستورية ـــ ما قد يلزم من إجراءات، وقد اكتفت الاتفاقية بوضع السياسات العامة والخطوط العريضة لكيفية تنظيم الصلاحيات القانونية من أجل تحقيق الفعالية القصوى لإنفاذ تلك التدابير.
    • تجميد العائدات الإجرامية أو مصادرتها
    تجميد العائدات الإجرامية هي المحصلة النهائية لسلسلة إجراءات قانونية تتخذها الدولة الطرف في الاتفاقية، لملاحقة النشاط الإجرامي المرتبط بالفساد ومنعه، ومن ثم وضع يد الدولة على العائدات الإجرامية. مع ضرورة الأخذ في الاعتبار جسامة الجرائم المعنية، مع عدم إغفال تجميد العائدات الإجرامية والحجز عليها وفق ما جاء بالمادة (31) من الاتفاقية، على أن تتخذ كل دولة طرف ـــ إلى أقصى مدىً مُمْكن ضمن نطـــاق نظامها القانوني الداخلي ـــ ما قد يلزم من تدابير للتمكين من مصادرة العائدات الإجرامية المتأتية من أفعال مجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية، أو ممتلكات تُعادل قيمتها قيمة تلك العائدات أو المعدات أو الأدوات الأخرى التي استُخدمت أو كانت معدّة للاستخدام في ارتكاب أفعال مجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية.
    • إجراءات المحاكمة وحماية الشهود والمبلغين والخبراء
    من المستقر عليه قانونًا أن إجراءات أي محاكمة يجب أن تتم وفق معايير المحاكمة العادلة التي أقرتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والتي أكدت عليها جميع دساتير الدول تقريبًا، وأن الإدانة لا تتم إلا بتوافر بيِّنة كافية تصل إلى مرحلة ما وراء الشك المعقول، وأن مثل هذه المحاكمة لا يتصور قيامها إلا بوجود أدلّة كافية ومقبولة قانونًا، وأن هذه الأدلة تحتاج إلى حماية إجرائية وإلا افتقدتها العدالة. وفي المقابل فلابد من اتخاذ ما يلزم من إجراءات لحماية الشهود، وهنا تأتي مسألة حماية الشهود لتأخذ أهمية متعاظمة، خاصة عندما يتعلق الأمر بجرائم ذات صلة بالمال، ولقد تناولت المادة (٣٢) من الاتفاقية مسألة حماية الشهود والخبراء، فيما تناولت المادة (٣٣) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، حماية المبلغين والذين هم في وضع أكثر خطورة من الشهود؛ ذلك أن المبلغ هو مصدر المعلومة الأولى حول الجريمة المدعى ارتكابها، وهذا يجعل المبلغ في وضع يحتاج فيه إلى الحماية القانونية أثناء إجراءات التقاضي وبعدها. وللقيام بمهمات حماية الشهود والمبلغين والتي قد تكون معقدة، أو تأخذ بُعدًا إقليميا أو دوليًّا، فإن الأمر يتطلب درجة من التعاون بين الدول الأطراف لإقرار تلك الحماية التي ترمي إليها الاتفاقية. ولتحقيق الغايات التي ترمي إليها الاتفاقية فقد تناولت المواد (٣٧-٣٨-٣٩) منها أوجه التعاون مع سلطات إنفاذ القانون من جهة، وتعاون هذه السلطات فيما بينها من جهة أخرى؛ فضلا عن التعاون بين القطاعين العام والخاص بهدف تضييق الخناق على الجُناة وحِرمانهم من عائدات الجريمة، واسترداد تلك العادات عبر الطرائق القانونية المرسومة لهذا الغرض.
    سادساً: التعاون الدولي
    الفصل الرابع من الاتفاقية يتناول التعاون الدولي ضمن ثماني مواد شاملة، وهي جوهر الفكرة التي أتت بها الاتفاقية؛ ألا وهو التعاون بين الدول الأطراف في المسائل الجنائية وغيرها التدابير المدنية والإدارية في سياق التعاون الدولي. وكان نطاق المعلومات المقدمة عن الدعاوى المدنية والإدارية و جمع الأدلة والبيانات؛ والحصول على السجلات المصرفية؛ والتدابير الاحترازية؛ والتعرُّف على الموجودات واقتفاء أثرها وتجميدها وضبطها ومصادرﺗﻬا، والإبلاغ عن القوانين الإجرائية؛ والاعتراف بالأحكام القضائية. على أن تنظر الدول الأطراف ـــ حيثما كان ذلك مناسبًا ومتسقًا مع نظامها القانوني الداخلي ـــ في مساعدة بعضها البعض، في التحقيقات والإجراءات الخاصة بالمسائل المدنية والإدارية ذات الصلة بالفساد، ولا يشترط توافر ازدواجية التجريم، كما تنظم الاتفاقية مسألة تسليم الأشخاص بسبب أيٍّ من الجرائم المشمولة بهذه الاتفاقية.
    وتعزيزاً لهذا الأمر قرَّر مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، في قراره رقم 4 الذي اعتمده في دورته الرابعة المعقودة في مراكش بالمغرب في الفترة من ٢٤ إلى ٢٨ أكتوبر ٢٠١١، عقد اجتماعات خبراء حكومية دولية مفتوحة المشاركة لتعزيز التعاون الدولي، من أجل إسداء المشورة والمساعدة له فيما يخص تسليم المجرمين والمساعدة القانونية المتبادلة. و أن يواصل دراسة مسألة تحديد وتحليل العقبات الموجودة أمام التعاون في إنفاذ القانون في مجال كشف جرائم الفساد ضمن إطار اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وأن يقدِّم توصيات بشأن كيفية تذليل تلك العقبات.
    ويمتد التعاون الدولي ليشمل نقل الأشخاص المحكوم عليهم وفق اتفاقات بين الدول الاطراف أو ترتيبات ثنائية أو متعددة الأطراف بشأن نقل الأشخاص الذين يحكم عليهم بعقوبة الحبس أو بأشكال أخرى من الحرمان من الحرية؛ لارتكاﺑﻬم أفعالًا مُجرّمة وفقا للاتفاقية، إلى إقليمها لكي يكمل أولئك الأشخاص مدة عقوبتهم هناك وفق ما ورد بالمادة 45 من الإتفاقية.
    أمَّا في مجال التعاون بين الدول الأعضاء في الاتفاقية بشأن إجراء التحريات فهي تشمل المسائل التالية:
    1. هوية الأشخاص المشتبه في ضلوعهم في تلك الجرائم وأماكن تواجدهم، وأنشطتهم، أو أماكن الأشخاص المعنيين الآخرين.
    2. حركة العائدات الإجرامية أو الممتلكات المتأتية من ارتكاب تلك الجرائم.
    3. حركة الممتلكات أو المعدات أو الأدوات الأخرى المستخدمة أو المراد استخدامها في ارتكاب تلك الجرائم.
    ومن أجل مكافحة الفساد مُكافحة فعَّالة، تتعاون الدول الأعضاء في إجراء تحقيقات مشتركة واتباع أساليب تحري خاصة كالترصد الإلكتروني وغيره من أشكال الترصد والعمليات السرية، وكذلك لقبول المحاكم ما يستمد من تلك الأساليب من أدلة. مع الوضع في الاعتبارات العملية والممارسات الجيِّدة والتحديات التي تواجه في مجال نقل الإجراءات الجنائية، بصفته شكلاً منفصلاً من أشكال التعاون الدولي في المسائل الجنائية؛ والممارسات الجيدة في المشاورات الثنائية بين السلطات المركزية، بما في ذلك الإعداد وتتبع القضايا والتدريب ومشاركة المعلومات عبر الوسائط في مجال الحصول على الأدلة الإلكترونية. وذلك من من خلال حفز الإصلاح على الصعيد الوطني وتشجيع زيادة تواتر التبادلات بين الدول الأطراف حول المساعدة القانونية المتبادلة في التحقيقات والملاحقات والإجراءات القضائية ذات الصلة، بما في ذلك استرداد الموجودات، ونقل الإجراءات الجنائية واساليب التحري الخاصة وغيرها من اساليب التعاون الجنائي .
    ولعله من المفيد أن نذكر بأنه قد أطلقت في ينا ير ٢٠٠٩ المبادرة العالمية الخاصة بجهات الاتصال التي يدعمها الإنتربول ومبادرة "ستار". والهدف منها هو دعم التحقيق في جرائم الفساد والجرائم لاقتصادية والملاحقة القضائية لمرتكبيها من خلال التعاون الدولي والمساعدة غير الرسمية التي تُقدَّم قبل تقديم الطلبات الرسمية للحصول على المساعدة القانونية المتبادلة وبعد تقديم تلك الطلبات لغرض كشف عائدات الفساد والجرائم الاقتصادية وتعقُّبها وتجميدها واستردادها في ﻧﻬاية المطاف. ويمكن لجهات الوصل أن تتبادل المعلومات والمعارف التقنية المتعلقة بالفساد.
    سابعًا: استرداد الموجودات المتحصلة عن العمليات الإجرامية
    الفصل الخامس من الاتفاقية يُعالج مسألة استرداد الموجودات كمبدأ أساسي فيها، وعملية استرداد الموجدات تعبر الأساس والأهدف النهائية وإحدى الأهداف التي ترمي اليه الإتفاقية إسترداد الموجودات تقوم على فكرة مد الدول بعضها البعض بأكبر قدر ممكن من العون والمساعدة بهدف منع وكشف وإحالة العائدات المتأتية من الجريمة وصولاً الى التطبيق الأمثل للاتفاقية. وذلك بأن تتخذ كل دولة طرف، التدابير القانونية لإلزام المؤسسات المالية الواقعة ضمن ولايتها القضائية بأن تتحقق من هوية المتعاملين معها، وبأن تتخذ خطوات معقولة لتحديد هوية المالكين المنتفعين للأموال المودعة في حسابات عالية القيمة، وبأن تجري فحصًا دقيقًا للحسابات التي يطلب فتحها أو يحتفظ بها من قبل، أو نيابة عن، أفراد مكّلفين أو سبق أن كُلِّفوا بأداء وظائف عمومية مُهمَّة أو أفراد أسرهم أو أشخاص وثيقي الصلة بهم. وبهدف منع عمليات إحالة العائدات المتأتية من أفعال مجرّمة وكشفها ـــ وفقا لهذه الاتفاقية ـــ تنفذ كل دولة طرف تدابير مناسبة وفعَّالة؛ لكي تمنع ـــ بمساعدة أجهزتها الرقابية والإشرافية ـــ إنشاء مصارف ليس لها حضور مادي ولا تنتسب إلى مجموعة مالية خاضعة للرقابة، وعلى الدولة الطرف ـــ التي تتلقى طلبًا من دولة طرف أخرى لها ولاية قضائية على فعل مجرّم؛ وفقا لهذه الاتفاقية من أجل مصادرة ما يوجد في إقليمها من عائدات إجرامية ـــ أن تقوم إلى أقصى مدى ممكن في إطار نظامها القانوني الداخلي بالاستجابة لذلك الطلب. وأهمية تدعيم قدرات المشرِّعين وموظفي إنفاذ القانون والقضاة وأعضاء النيابات العامة بشأن المسائل المتعلقة باسترداد الموجودات، مع الحاجة إلى توفير تدريب متخصص وأنشطة لبناء القدرات. للتعرف على عائدات الفساد وتعقُّبها وتجميدها ومصادرﺗﻬا، بما في ذلك صلاحية الاطلاع على المعلومات المالية وغيرها من المعلومات اللازمة لفعل ذلك. ولا تكتمل الحلقة المذكورة إلا بتقديم المساعدة القانونية المتبادلة بين الدول الأطراف، وإتخاذ التدابير التي تسمح للسلطات المخنصة بإنفاذ أوامر المصادرة التي تصدر من دولة طرف أخرى، والسماح بتجميد الارصدة أو حجزها وإرجاع الموجودات والتصرف فيها وصولاً للتعاون الخاص الذي يسمح بتقديم معلومات عن الافعال المجرمة وما يتأتى عنها من عائدات الى دولة طرف أخرى دون طلب مسبق منها.
    لعله من المفيد حقاً أن نورد في هذا المقام الناحية العملية والمتمثلة في عمل الفريق العامل الحكومي الدولي المفتوح العضوية المعني باسترداد الموجودات والذي يعنى بإسترداد الموجودات ، الذي يسمى "الفريق العامل المعني باسترداد الموجودات" ، هو هيئة فرعية لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. وهو المسؤول عن مساعدة مؤتمر الدول الأطراف وتقديم المشورة بشأن تنفيذ ولايته مع إسترداد موجودات الفساد. تتوافق هذه المهمة مع الفصل الخامس من الاتفاقية ، الذي يكرس استعادة وتعويض الموجودات كمبدأ أساسي في الاتفاقية. ويعقد الفريق العامل المعني باسترداد الموجودات اجتماعا بين الدورات في السنة ، وخلال هذه الفترة يكون المشاركون قادرين على تبادل المعلومات ووضع توصيات لتقديمها إلى المؤتمر. بهدف مساعدة المؤتمر علي إكتساب معارف تراكمية في مجال إسترداد الموجودات، وتشجيع التعاون بين المبادرات الثنائية والمتعددة الأطراف القائمة ذات الصلة ، والإسهام في تنفيذ أحكام الإتفاقية ذات الصلة، فضلاً عن تيسير تبادل المعلومات بين الدول بإستبانة الممارسات الجيدة وتعميم تلك الممارسات فيما بينها، بهدف بناء الثقة وتشجيع التعاون بين الدول الطالبة والدول المتلقية للطلبات، بتنظيم لقاءات تجمع بين السلطات المختصة ذات الصلة وهيئات مكافحة الفساد والممارسين العاملين في مجالي إسترداد الموجودات ومكافحة الفساد، وتيسير تبادل الأفكار بين الدول بشأن التعجيل بإرجاع الموجودات.
    ويهدف الفريق المعني باسترداد الموجودات الى مساعدة المؤتمر علي إستبانة إحتياجات الدول الأطراف ، بما فيها الإحتياجات الطويلة الأمد، في مجال بناء القدرات من أجل منع وكشف عمليات تحويل العائدات المتأتية من الفساد وماتدره من إيرادات أو فوائد، ومن أجل إسترداد الموجودات.
    وفي خطوة هامة أوصى الفريق العامل بتعزيز التعاون بين وحدات الاستخبارات المالية وسلطات مكافحة الفساد والسلطات المركزية المسؤولة عن المساعدة القانونية المتبادلة على الصعيدين الوطني والدولي. كما أوصى باستكشاف سبل زيادة التعاون مع شبكات ومؤسسات قائمة، مثل مجموعة إيغمونت لوحدات الاستخبارات المالية والرابطة الدولية لسلطات مكافحة الفساد.
    ثامنًا: المساعدات التقنية وتبادل المعلومات بين الدول الأعضاء
    يتناول الفصل السادس من الاتفاقية المساعدات التقنية وتبادل المعلومات بين الدول الأعضاء فيها؛ بهدف بناء القدرات والتخطيط لوضع سياسات تهدف لمكافحة الفساد، على أن تقوم كل دولة طرف ـــ بالقدر اللازم ـــ باستحداث أو تطوير أو تحسين برامج تدريب خاصة لموظفيها المسؤولين عن منع الفساد ومكافحته. ويمكن أن تتناول تلك البرامج التدريبية عِدَّة مجالات نوجزها فيما يلي:
    وضع تدابير فعّالة لمنع الفساد وكشفه والتحقيق فيه أو المعاقبة عليه؛ وبناء القدرات في مجال صياغة وتخطيط سياسة استراتيجية لمكافحة الفساد؛ وتدريب السلطات المختصة على إعداد طلبات بشأن المساعدة القانونية والتعامل مع المشتريات العمومية، والقطاع الخاص؛ فضلًا عن مراقبة حركة عائدات الأفعال الإجرامية وفقا لهذه الاتفاقية؛ مع استحداث آليات وأساليب قانونية وإدارية ملائمة وفعّالة لتيسير إرجاع عائدات الأفعال الإجرامية وفقا لهذه الاتفاقية؛ والطرائق المتبعة في حماية الضحايا والشهود الذين يتعاونون مع السلطات المختصة؛ فضلًا عن التدريب على تطبيق اللوائح الوطنية والدولية، وجمع المعلومات المتعلقة بالفساد وتبادلها وتحليلها.
    تاسعًا: مؤتمر الدول الأطراف
    ويتناول الفصل السابع من الاتفاقية مؤتمر الدول الأطراف، وهو بمثابة منبر عام للدول الأعضاء للتباحث حول أنجع السبل لتنفيذ الاتفاقية وتعزير التعاون فيما بينها، حيث نصت المادة (63) فقرة (1) على أن: "يُنشأ بمقتضى من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد مؤتمر للدول الأطراف في الاتفاقية من أجل تحسين قدرة الدول الأطراف وتعاونها على تحقيق الأهداف المبينة في هذه الاتفاقية ومن أجل تشجيع تنفيذها واستعراضها" على أن يتولى الأمين العام للأمم المتحدة عقد مؤتمر الدول الأعضاء الأول في موعد أقصاه سنة واحدة من تاريخ دخول الاتفاقية إلى حيز النفاذ. ويختص المؤتمر بتسيير الأنشطة التي تقوم بها الدول الأطراف، وتيسير تبادل المعلومات بين الدول الأطراف عن أنماط واتجاهات الفساد وعن الممارسات الناجحة في منعه ومكافحته وفي إرجاع العائدات الإجرامية.
    عاشرًا: الأحكام الختامية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد
    الأحكام الختامية في الفصل الثامن والأخير من الاتفاقية، تتناول أحكام تنفيذ الاتفاقية بحيث تتخذ كل دولة طرف ـــ وفقا للمبادئ الأساسية لنظامها الداخلي ـــ ما يلزم من تدابير، بما فيها التدابير التشريعية والإدارية؛ لضمان تنفيذ التزاماتها بمقتضى هذه الاتفاقية، وتسوية المنازعات، والتوقيع والتصديق والقبول والإقرار والانضمام. وبناءً على ذلك فُتح باب التوقيع على هذه الاتفاقية أمام جميع الدول من ٩ إلى ١١ ديسمبر ٢٠٠٣ في مدينة ميريدا بالمكسيك، ثم في مقر الأمم المتحدة بنيويورك حتى ٩ ديسمبر 2005. ويجوز تعديل الاتفاقية بعد انقضاء خمس سنوات على بدء نفاذ هذه الاتفاقية، ويجوز للدولة الطرف أن تقترح تعديلا لها وتحيله إلى الأمين العام للأمم المتحدة، الذي يقوم عندئذ بإبلاغ الدول الأطراف ومؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية بالتعديل المقترح؛ بغرض النظر في الاقتراح واتخاذ قرار بشأنه. كما يجوز لأي دولة طرف أن تنسحب من هذه الاتفاقية بتوجيه إشعار كتابي إلى الأمين العام للأمم المتحدة. ويصبح هذا الانسحاب نافذًا بعد سنة واحدة من تاريخ استلام الأمين العام ذلك الإشعار.
    المحصلة النهائية والدرس المستفاد من إقرار هذه الاتفاقية، هو التجاوب منقطع النظير من قبل الدول، وهو ما يُفسِّرُ النسبة العالية للدول المصادقة على الاتفاقية ذات الأهمية البالغة؛ لحفظ وصون المال العام والخاص على حدٍّ سواء.
    الآثار القانونيَّة والتطبيق العملي للاتفاقية
    أولًا: الآثار القانونية المترتبة على الدولة الطرف في الاتفاقية
    ما إن تصبح الدولة طرفًا في اتفاقية الأمم لمكافحة الفساد حتى يَترتب عليها التزامات قانونية على النحو الذي سبق أن أشرنا إليه، إن الانضمام للاتفاقية يترتب عليه التزامات على الدولة الطرف في الاتفاقية وعلى المجتمع الدولي على حدٍّ سواء، ويمثل التزام الدولة الدول الأطراف في أن تأخذ بسياسات عامة فعّالة تهدف إلى الوقاية من الفساد. وقد خصصت الاتفاقية فصلًا كاملًا لهذه المسألة، مع مجموعة متنوّعة من التدابير التي تخص كلا القطاعين العام والخاص. وتتمثل هذه التدابير في مواءمة كافة التشريعات ذات العلاقة مع متطلبات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، مثل العقوبات وقوانين الشراء العام والموازنات وقانون الخدمة المدنية وكافة القوانين الناظمة للجهات الخاضعة لقانون مُكافحة الفساد بما يضمن اشتماله على مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة.
    على الدولة الطرف إصدار التشريع أو التشريعات اللازمة، وسد الثغرات المتصلة بالتشريع الموجود مسبقًا ـــ في حالة وجوده ـــ والتي تستلزم معالجتها لتنفيذ اتفاقية مكافحة الفساد. وعلى وجه الخصوص الاهتمام بتجريم الفساد في إطار منظومة تشريعية وقضائية مستقلة، وينبغي على الجهات القانونية المساعدة في تكييف اتفاقية مُكافحة الفساد لملاءمة المعايير الدولية مع الاحتياجات الإقليمية أو الوطنية، وعلى البرلمانيين أن يؤدوا دورًا قياديا حاسمًا في كلٍّ من مراحل مصادقة وتنفيذ وتكييف ومتابعة ومراجعة الاتفاقية والقيام بدور رقابي مُهم في متابعة ومراجعة الجهود الوطنية المبذولة في مجال تنفيذ وتكييف اتفاقية مكافحة الفساد. وعلي الدولة الطرف المشاركة في آليات المراجعة الإقليمية أو الدولية متى تطلّب ذلك. وينبغي عليهم أن يعملوا جنبًا إلى جنب مع الوكالات الخبيرة لتصبح كل الجهود المبذولة مكمّلة لبعضها، وكذلك الاستفادة من مضمون هذه المعلومات المهمة المتاحة في قضايا مكافحة الفساد.
    ثانيًا: آثار الفساد على حقوق الإنسان
    الفساد هو انتهاك صريح لحقوق الإنسان، وإن متطلبات الشفافية والنزاهة تدعمها ديباجة ميثاق الأمم المتحدة حيث نجد "نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية، وأن نبين الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات"(). آليات حقوق الإنسان في الأمم المتحدة يتزايد وعيها على نحو مطرد بالتأثير السلبي للفساد على التمتع بحقوق الإنسان، وبالتالي بأهمية التدابير الفعالة لمكافحة الفساد. وقد تناول مجلس حقوق الإنسان ومقرروه الخاصون وآليته للاستعراض الدوري الشامل، وكذلك هيئات رصد معاهدات حقوق الإنسان ـــ لاسيما لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولجنة حقوق الطفل ـــ، قضايا الفساد وحقوق الإنسان في مناسبات عديدة.
    في عام 2003، عينت اللجنة الفرعية السابقة المعنية بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها مقررًا خاصًا مهمته إعداد دراسة شاملة عن الفساد وتأثيره على التمتع التام بحقوق الإنسان، وبصفة خاصة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وانتهت هذه الولاية في عام 2006 عندما استُعيض عن اللجنة الفرعية باللجنة الاستشارية. وفي عام 2004.()، وفي إطار متابعة هذا المؤتمر تقوم المفوضية، بالاشتراك مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بإعداد دليل للممارسين عن حقوق الإنسان ومكافحة الفساد. وكذلك "تبدو الرابطة بين الفساد وحقوق الإنسان أمرًا بديهيًّا عند الكثيرين، فحينما تكون القوانين قابلة للبيع، وللعدالة سعر، تتحدد معاملة الحكومة للمواطنين أكثر فأكثر على أساس قدرتهم على الدفع، لا على أسس جوهرية أخرى، مثل النزاهة والإنصاف واحترام سيادة القانون.
    قالت المفوضية السامية إن الأموال المختلسة من الخزائن العامة يمكن أن تنفق على الاحتياجات الإنمائية، وانتشال الناس من الفقر، وتعليم الأطفال، وتوفير الأدوية اللازمة للأسر، ووضع حد لآلاف الوفيات والإصابات التي تحدث كل يوم أثناء الحمل والولادة والتي يمكن تلافيها. ومضت المفوضة السامية للقول كذلك إن الفساد يحول دون وصول الضحايا إلى العدالة، ويزكي حدة انعدام المساواة، ويضعف الإدارة والمؤسسات، ويقلص الثقة العامة، ويغذي الإفلات من العقاب، ويقوض سيادة القانون، وَعَدَّدَ الدليل التشريعي ـــ لتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ـــ بعض آثار الفساد وكان من بينها:
    1. إن الفساد بتسريبه أموال الدولة على نحو غير قانوني يقتطع من الخدمات التي يعتمد عليها ذوو الموارد الضئيلة مثل الخدمات الصحية أو التعليم أو النقل العام أو خدمات الشرطة المحلية.
    2. إن الفساد يَترتب عليه آثار بعيدة المدى مثل الاستقطاب الاجتماعي وعدم احترام حقوق الإنسان والممارسات غير الديمقراطية.
    3. إن الشركات الأجنبية ورؤوس الأموال لن ترغب في الاستثمار في مجتمعات يوجد فيها فساد.


    آلية استعراض تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد
    رأيت أنه من الأهمية بمكان أن نورد الجانب العملي لممارسات الدول بشأن إنفاذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وهي الاَلية التي بدأت في العمل الجاد والفعال وهي تمثل اليوم الإشراقة التي تضمن حسن تطبيق الإتفاقية. هذه الوسيلة الهامة تعرف بأسم آلية استعراض تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003 وهي اَلية حكومية، وبدأت منذ عام 2010 بعد أن تم إعتمادها في العاصمة القطرية الدوحة عام 2009 ومدة آلية استعراض تنفيذ اتفاقية عشرة سنوات تقسم لدورتان تنقسم لخمسة سنوات لكل دورة، وهي عملية مستمرة وتدريجية وتطبق علي جميع الدول الأطراف وفق ما يلي:
    1) الفصلين الثالث (التجريم وإنفاذ القانون) والرابع (التعاون الدولي) ومدتها خمسة سنوات.
    2) الفصلين الثاني (التدابير الوقائية) والخامس (إسترداد الموجودات) ومدتها خمسة سنوات.
    3) ان يستعرض في كل سنة من السنوات الأربع الأولي من كل دورة استعراضية ربع عدد الدول الاطراف.
    عملاً بالفقرة 1 من المادة 4 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003 التي تنص علي أن تؤدي الدول الاطراف التزامها بمقتضي الاتفاقية علي نحو يتسق مع مبدأي المساواة في السيادة و السلامة الإقليمية للدول ، ومع مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخري، وبموجب صلاحيات مؤتمر الدول الأطراف الواردة في الفصل السابع من الإتفاقية فإن على مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد أن ينشئ الآلية لاستعراض تنفيذ الاتفاقية على أن تجري عملية الاستعراض بمنأي عن الأهواء السياسية و النزعة الانتقائية. تشجع الآلية علي قيام الدول الأطراف بتنفيذ الاتفاقية . وكذلك علي التعاون بين الدول الأطراف وأن تعمل على تحقيق ما يلي:-
    1. تتيح الآلية فرصاً لتبادل الآراء و الأفكار والممارسات الجيدة مما يسهم في تعزيز التعاون بين الدول الأطراف علي منع الفساد ومكافحته على أن تضع الآلية في الحسبان مستويات التنمية لدي الاطراف . وكذلك تنوع نظمها القضائية و القانونية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الاختلافات في التقاليد القانونية فيها.
    2. أن استعراض تنفيذ الاتفاقية تعتبرعملية مستمرة وتدريجية وتطبق علي جميع الدول الأطراف ، وتبعاً لذلك تسعي الآلية إلي الاخذ بنهج متدرج وشامل.
    3. ينبغي إتمام استعراض جميع الدول التي تكون اطرافاً في بداية دورة الاستعراض قبل بدء دورة استعراض جديدة. غير أنه يجوز في ظروف استثنائية أن يقرر المؤتمر استهلال دورة استعراض جديدة قبل إتمام جميع عمليات الاستعراض الخاصة بالدورة السابقة .
    4. لا تخضع أي دولة طرف للاستعراض مرتين خلال دورة استعراض واحدة وذلك دون المساس بحق الدولة الطرف في تقديم معلومات جديدة .
    5. يجب أن يكون عدد الدول الأطراف التي تشارك من كل مجموعة إقليمية في عملية الاستعراض في سنة معينة متناسبا مع حجم تلك المجموعة الاقليمية وعدد اعضائها من الدول الاطراف في الاتفاقية . ويجري اختيار الدول الاطراف المشاركة في عملية الاستعراض في سنة معينة من دورة الاستعراض بالقرعة في بداية كل دورة استعراض . ويجوز للدولة الطرف التي يقع عليها الاختيار للمشاركة في الاستعراض في سنة معينة أن ترجئ مشاركتها إلي السنة التالية من دورة الاستعراض إذا كان لديها مبررا معقولا لذلك .
    6. على كل دولة طرف تزويد الأمانة بالمعلومات التي يطلبها المؤتمر عن امتثالها وتنفيذها للاتفاقية ، باستخدام قائمة التقييم الذاتي المرجعية الشاملة كخطوة أولية لتحقيق هذا الغرض وتقدم الدول الأطراف ردوداً كاملة ومحدثة ودقيقة وفي حينها .
    7. يقع على الأمانة عبء تقديم المساعدة التي تطلب الدول الأطراف من أجل اعداد الردود علي اسئلة القائمة المرجعية .
    8. تعين كل دولة طرف جهة اتصال لتنسيق مشاركتها في عملية الاستعراض. وتسعي كل دولة طرف إلي تعيين شخص أو أشخاص لمهمة الاتصال ممن تتوفر لديهم الخبرة الفنية اللازمة بشأن الأحكام المستعرضة من الاتفاقية.
    9. لغات عمل الآلية هي اللغات الإسبانية و الانجليزية و الروسية و الصينية و العربية و الفرنسية ، ويجوز إجراء عملية الاستعراض القطري بأي لغة من لغات عمل الآلية .
    10. وتتولي الأمانة مسؤولية توفير ما يلزم من ترجمة تحريرية وشفوية إلي أي من لغات عمل الآلية حسبما يكون ضرورياً لأداء مهامها بالكفاءة اللازمة.
    وقد تبنى مؤتمر الدول الأطراف وفق الفقر 1 من المادة 63 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد من أجل تحقيق عدة أهداف منها تشجيع تنفيذ الاتفاقية و استعراضه اَخذين في الإعتبار الفقرة 7 من المادة 67 من الاتفاقية التي تقضي بأن ينشيء المؤتمر إذا ما رأي ضرورة لذلك أي آلية أو هيئة مناسبة تساعد في تنفيذ الاتفاقية تنفيذاً فعالاً. وإن الغرض من عملية الاستعراض هو مساعدة الدول الأطراف علي تنفيذ الاتفاقية. وتجدر الإشارة بأن عملية الاستعراض هي آلية عملية حكومية دولية بحتة تهدف تحقيق جملة أمور منها.
    أ) تعزيز أغراض الاتفاقية المبينة في المادة 1 منها.
    ب) تزويد المؤتمر بمعلومات عن التدابير التي تتخذها الدول الأطراف في تنفيذ الاتفاقية و الصعوبات التي تواجهها في القيام بذلك .
    ج) مساعدة الدول الأطراف علي تحديد الاحتياجات الخاصة من المساعدة التقنية وتسويقها وعلي تعزيز وتيسير تقديم المساعدة التقنية .
    د) تشجيع وتيسير التعاون الدولي علي منع الفساد ومكافحته . بما في ذلك في مجال استرداد الموجودات .
    هـ) تزويد المؤتمر بمعلومات عن جوانب نجاح الدول الأطراف في تنفيذ الاتفاقية و الاستعانة بها عن الممارسات الجيدة التي تتبعها و التحديات التي تواجهها في ذلك
    و) تشجيع وتيسير تبادل المعلومات والممارسات و الخبرات المكتسبة في تنفيذ الاتفاقية .
    مع الإشارة الى أنه وفي بداية هذه العملية، هناك عملاً مقدراً قام به الفريق العامل الحكومي الدولي المفتوح العضوية المعني باستعراض تنفيذ اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد في هذا الصدد فقد وهو ما دفع مؤتمر الدول الأطراف ليقرر الاتي:-
    o يطلب إلي فريق استعراض التنفيذ أن يجري تقييماً للإطار المرجعي و التحديات التي تصادف أثناء الاستعراضات القطرية في ختام كل دورة استعراضية . وان يقدم تقريراً إلي مؤتمر الدول الأطراف عن حصيلة هذه التقييمات .
    o على أن تستخدم قائمة تقييم نهائية لقائمة (التقييم ذاتي المرجعية الشاملة) في موعد لا يتجاوز شهرين من ختام الدورة الثالثة للمؤتمر.
    o وعلى الامانة أن تضع صيغة نهائية لقائمة التقييم ذاتي المرجعية الشاملة في موعد لا يتجاوز شهرين من ختام الدورة الثالثة للمؤتمر .
    o على الامانة ان تبادر في أقرب وقت ممكن علي توزيع قائمة التقييم الذاتي المرجعية الشاملة علي الدول الأطراف كي تبدأ عملية جمع المعلومات .
    o على الدول الأطراف أن تستكمل القائمة المرجعية ثم تعيدها إلي الامانة وفقاً للمهلة الزمنية المحددة في المبادئ التوجيهية المرسومة للخبراء الحكوميين و الامانة في إجراء الاستعراضات القطرية .
    o على أن يكلف فريق استعراض التنفيذ بمهمة متابعة ومواصلة العمل الذي سبق أن اضطلع به الفريق الحكومي الدولي المفتوح العضوية المعني بالمساعدة التقنية .
    o مع التشديد علي أن الآلية المذكورة ستحتاج الي ميزانية تكفل لها العمل علي نحو يتسم بالكفاءة و الاستمرار و النزاهة .
    o مع التوصية بأن تتولي الجمعية العامة تمويل احتياجات الامانة من الموظفين المطلوبة لتنفيذ الآلية وذلك من خلال إعادة تخصيص الموارد المتوفرة في الميزانية العادية الامم المتحدة لفترة السنتين 2012 – 2013 .
    o ويطلب إلي الامين العام أن يقترح علي فريق استعراض التنفيذ وسائل آخري لتمويل تنفيذ الآلية لينظر فيها الفريق ويتخذ قراراً بشأنها في اجتماعه الأول .
    المبادئ التوجيهية لآلية إستعراض التنفيذ وخصائصها:
    يتعين في الآلية ما يلي :
    أ) أن تتسم بالشفافية و الكفاءة وعدم التدخل و الشمول والنزاهة .
    ب) ألا تقضي إلي أي شكل من أشكال الترتيب التصنيفي .
    ج) أن تتيح فرصاً لتقاسم الممارسات الجيدة ومواجهة التحديات .
    د) أن تساعد الدول الأطراف علي تنفيذ الإتفاقية تنفيذاً فعالاً .
    هـ) أن تأخذ في الحسبان اتباع نهج في متوازن .
    و) أن تتجنب موقف الخصومة و المعاقبة وتشجع علي انضمام جميع دول العالم إلي الاتفاقية .
    ز) أن تستند في عملها إلي مبادئ توجيهية راسخة وواضحة بشأن تجميع المعلومات وإعدادها وتعميمها ، بما في ذلك معالجة مسألتي الحفاظ علي السرية وعرض النتائج علي المؤتمر ، وهو الهيئة المختصة باتخاذ أي إجراءات بشأن تلك النتائج .
    ح) أن تحدد في أبكر مرحلة ممكنة ما تواجهه الدول الأطراف من صعوبات في الوفاء بالتزاماتها بمقضي الاتفاقية وما تتبعه من ممارسات جيدة في جهودها الرامية إلي تنفيذ الاتفاقية .
    ط) أن تتسم بطابع تقني وتشجع علي التعاون البناء في جملة أمور منها التدابير الوقائية واسترداد الموجودات والتعاون الدولي .
    ي) أن تكون مكملة الاليات الاستعراض الدولية و الإقليمية القائمة ، لكي يتسني للمؤتمر أن يتعاون مع تلك الاليات ، عند الاقتضاء ، و يجتنب الازدواج في الجهود.
    إجراءات الاستعراض القطري
    1. يقوم باستعراض كل دولة طرف دولتان أخريان من الدول الأطراف وتشارك الدولة الطرف المستعرضة مشاركة فعالة في عملية الاستعراض.
    2. تكون أحدي الدولتين الطرفين المستعرضتين منتمية إلي المنطقة الجغرافية نفسها التي تنتمي إليها الدولة الطرف المستعرضة ويكون لديها. إن أمكن نظام قانوني مماثل لنظام الدولة الطرف المستعرضة . ويجري اختيار الدول الأطراف المستعرضة بالقرعة في بداية كل سنة من الدورة ، علي الا تقوم الدول الأطراف باستعراض متبادلة .
    3. ويجوز للدولة الطرف المستعرضة أن تطلب تكرار سحب القرعة مرتين علي الاكثر. ويجوز في ظروف استثنائية تكرار القرعة أكثر من مرتين .
    4. يجوز للدولة الطرف المستعرضة أن تؤجل اضطلاعها بدور الدولة الطرف المستعرضة في العام نفسه. ويطبق المبدأ ذاته علي الدول الأطراف المستعرضة مع مراعاة ما يقتضية اختلاف الحال . وبحلول نهاية دورة الاستعراض يجب أن تكون كل دولة طرف قد خضعت لاستعراض خاص بها وأجرت لغيرها استعراضاً واحداً علي الاقل وثلاثة استعراضات علي الأكثر .
    5. تعيين كل دولة طرف خبراء حكوميين يصل عددهم إلي 15 خبير لغرض القيام بعملية الاستعراض. وتعد الأمانة وتعمم قبل موعد سحب القرعة لاختيار الدول الأطراف المستعرضة . قائمة بأسماء أولئك الخبراء الحكوميين ، تتضمن معلومات عن خبراتهم المهنية ومناصبهم الحالية ، و المناصب ذات الصلة التي شغلوها أو الانشطة ذات الصلة التي اضطلعوا بها ومجالات خبرائهم اللازمة لدورة الاستعراض المعينة . تسعي الدول الأطراف إلي تقديم المعلومات اللازمة إلي الأمانة لتنظيم تلك القائمة وتحديثها باستمرار .
    6. تتولي الأمانة صياغة مجموعة من المبادئ التوجيهية للخبراء الحكوميين و الأمانة بشأن إجراء استعراضات التنفيذ القطرية وذلك بالتشاور مع الدول الأطراف ويقرر فريق استعراض التنفيذ هذه المبادئ التوجيهية.
    7. تجري الدولتان الطرفان المستعرضتان وفقا للمبادئ التوجيهية استعراضا مكتبيا للرد الوارد مع الدولة الطرف المستعرضة علي قائمة التقييم الذاتي المرجعية الشاملة. يتضمن هذا الاستعراض المكتبي تحليلا للرد . يركز علي التدابير المتخذة لتتنفيذ الاتفاقية وعلي جوانب النجاح و التحديات التي واجهت التنفيذ.
    8. يجوز وفقاً للمبادئ التوجيهية المبينة في الباب الثاني وطبقاً للمبادئ التوجيهية ، أن تطلب الدولتان الطرفان المستعرضتان. بدعم من الأمانة الي الدولة الطرف المستعرضة ان تقدم إيضاحات أو معلومات إضافية أو ان تعالج مسائل تكميلية ذات صلة بالاستعراض. ويمكن إجراء الحوار البناء المترتب علي ذلك بوسائل منها التواصل بالهاتف أو بالفيديو أو تبادل الرسائل الالكترونية ، حسبما يكون مناسباً.
    9. تتولي الأمانة إعاد الجدول الزمني و الشروط فيما يخص كل استعراض قطري وذلك بالتشاور مع الدولتين الطرفين المستعرِضتين و الدولة الطرف المستعرَضة كما تتولي معالجة جميع المسائل ذات الصلة بالاستعراض. وينبغي أن تصمم هذه الاستعراضات بحيث لا تستغرق ، مثاليا أكثر من ستة أشهر .
    10. يتمخض الاستعراض القطري عن إعداد تقرير استعراض قطري يستند إلي مخطط نموذجي تضعه الأمانة بالتشاور مع الدول الأطراف ويقره فريق استعراض التنفيذ.
    تجري عملية الاستعراض القطري علي النحو التالي :
    1) يستند الاستعراض المكتبي الي الردود علي اسئلة قائمة التقييم الذاتي المرجعية الشاملة وأي معلومات تكميلية تقدمها الدولة الطرف المستعرَضة.
    2) في سياق الحوار البناء بين الخبراء الحكوميين تقوم الدولة الطرف المستعرَضة بتيسير تبادل المعلومات ذات الصلة بتنفيذ الاتفاقية.
    3) إذا كانت الدولة الطرف المستعرَضة عضوا في منظمة دولية مختصة تشمل ولايتها قضايا مكافحة الفساد أو آلية إقليمية أو دولية لمكافحة الفساد ومنعه يجوز للدولتين الطرفين المستعرِضين أن تنظرا فيما اصدرته تلك المنظمة أو الآلية من المعلومات ذات الصلة بتنفيذ الاتفاقية.
    4) وتسعي الدولة الطرف المستعرَضة علي اعداد ردودها علي أسئلة قائمة التقييم الذاتي المرجعية الشاملة من خلال إجراء مشاورات واسعة النطاق علي الصعيد الوطني ومع كل المعنيين من أصحاب المصلحة ولا سيما القطاع الخاص والأفراد و الجماعات خارج القطاع العام.
    5) ينبغي أن يستكمل الاستعراض المكتبي إذا وافقت علي ذلك الدولة الطرف المستعرَضة ، بأي وسائل أخري من وسائل الحوار المباشر ، مثل القيام بزيارة قطرية أو عقد اجتماع مشترك في مكتب الامم المتحدة في فيينا. وفقاً للمبادئ التوجيهية. وتشجيع الدول الأطراف علي تيسير التعامل مع كل أصحاب المصلحة الوطنية أثناء الزيارات القطرية .
    وغني عن القول أن على الدول الأطراف المستعرِضة أن تحافظ وكذلك الأمانة علي سرية جميع المعلومات التي يتم الحصول عليها أثناء عملية الاستعراض القطري أو تستخدم فيها وعلى الأمانة العامة تنظيم دورات تدريب دورية للخبراء الذين يشاركون في عملية الاستعراض ، من أجل تعريفهم بالمبادئ التوجيهية وتعزيز قدرتهم علي المشاركة في عملية الاستعراض .
    نتائج عملية الاستعراض القطري .
    تعد الدولتان الطرفان المستعرِضان ، وفقاً للمبادئ التوجيهية و المخطط النموذجي ، تقرير استعراض قطري ، يشمل علي خلاصة وافية بالتعاون و التنسيق الوثيقين مع الدولة الطرف المستعرَضة وبمساعدة من الامانة . ويحدد التقرير التجارب الناجحة و الممارسات الجيدة والتحديات المطروحة ويقدم ملاحظات بشان تنفيذ الاتفاقية . كما يتضمن حسب الاقتضاء ، تحديد الاحتياجات من المساعدة التقنية اللازمة لتحسين تنفيذ الاتفاقية .
    ويوضع تقرير الاستعراض القطري وخلاصته الوافية في صيغة نهائية لدي الاتفاق عليه بين الدولتين الطرفين المستعرِضتين و الدولة الطرف المستعرَضة وتجمع الأمانة أعم وأنسب ما يرد في تقارير الاستعراض القطرية من معلومات عن التجارب الناجحة و الممارسات الجيدة و التحديات المطروحة ومن الملاحظات و الاحتياجات من المساعدة التقنية وتدرجها مصنفة بحسب المواضيع المحورية في تقرير مواضيعي عن التنفيذ وفي إضافات تكميلية إقليمية من أجل إحالتها كلها الي فريق استعراض التنفيذ . ومن تترجم الخلاصة الوافية لكل تقرير من تقارير الاستعراض القطرية التي وضعت في صيغتها النهائية الي لغات الامم المتحدة الرسمية الست وتتاح باعتبارها من وثائق فريق استعراض التنفيذ وذلك لغرض العلم بها فقط. وتظل تقارير الاستعراض القطري السرية مع تشجيع الدولة الطرف المستعرَضة علي ممارسة حقها السيادي في نشر تقريرها الاستعراضي أو القطري أو نشر جزء منه. وتسعي الدول الأطراف من أجل تحسين وتوطيد تعاونها والإستفادة من تجارب غيرها إلي إتاحة فرصة الاطلاع علي تقارير الاستعراض القطرية أمام أي دولة أخري بناء علي طلب تلك الدولة . وعلي الدولة الطرف الطالبة أن تحترم كل الاحترام سرية تلك التقارير.
    إجراءات المتابعة
    لأغراض متابعة الاستنتاجات و الملاحظات التي تنشا عن عملية الاستعراض تقدم كل ودولة طرف خلال فترة الاستعراض التالية في إطار ردودها علي قائمة التقييم الذاتي المرجعية الشاملة ، معلومات عن التقدم المحرز فيما يتعلق بالملاحظات الواردة في تقارير الاستعراض القطرية السابقة الخاصة بها . وعند الاقتضاء ، تقدم الدول الاطراف معلومات أيضاً عن مدي تلبية الاحتياجات من المساعدة التقنية التي طلبتها فيما يتعلق بتقرير الاستعراض القطري الخاص بها . ويتولي المؤتمر، من خلال فريق استعراض التنفيذ تقييم الاجراءات والمتطلبات وتكييفها حيثما اقتضي الأمر. وذلك من قبيل متابعة الاستنتاجات و الملاحظات التي تنشا عن عملية الاستعراض .
    فريق استعراض التنفيذ
    يكون فريق استعراض التنفيذ فريقاً حكومياً دولياً مفتوح العضوية مؤلفاً من دول اطراف ويعمل تحت سلطة المؤتمر ويرفع التقارير إليه. ويعمل للوقوف علي التحديات و الممارسات الجيدة و النظر في الاحتياجات من المساعدة التقنية وذلك بغية ضمان تنفيذ الاتفاقية علي نحو فعال وتستخدم التقارير المواضيعية عن التنفيذ كأساس للعمل التحليلي الذي يضطلع به فريق استعراض التنفيذ . ويقدم فريق استعراض التنفيذ تقريراً بناءً علي ما يجريه من مداولات و توصيات واستنتاجات الي المؤتمر للنظر فيها و الموافقة عليها.
    دور مؤتمر الدول الأطراف في عملية الاستعراض
    يتولي المؤتمر مسؤولية وضع السياسات العامة وتحديد الأولويات ذات الصلة بعملية الاستعراض وينظر المؤتمر في التوصيات والاستنتاجات المقدمة من فريق استعراض التنفيذ على أن يحدد المؤتمر مراحل عملية الاستعراض ودوراتها ، وكذلك نطاق الاستعراض وتسلسله المواضيعي وتفاصيله ، وتختتم مرحلة الاستعراض لدي إتمام استعراض حالة تنفيذ جميع مواد الاتفاقية في كل الدول الأطراف . وتقييم كل مرحلة علي دورات زمنية استعراضية ويحدد المؤتمر مدة كل دورة من دورات الاستعراض، ويقرر عدد الدول الأطراف التي تشارك في كل سنة من دورة الاستعراض، مع مراعاة عدد الدول الأطراف المقرر استعراضها ونطاق دورة الاستعراض . ويحق للمؤتمر أن يقر أي تعديلات تجري في المستقبل علي الإطار المرجعي للآلية . و يتولى المؤتمر عقب اكتمال كل دورة استعراض تقييم اداء الآلية وأطرها بناءً علي طلبها في سياق أداء مهام الآلية.
    دور الخبراء الحكوميين في عملية الاستعراض
    للخبراء الحكوميين دور حاسم في عملية الاستعراض إذ عن طريق تتم كل العملية وهم الكادر البشري الفاعل في هذا الخصوص، ولهم مهام عديدة نوجز أهمهما فيما يلي:
    1) دراسة الاتفاقية الإطار المرجعي للآلية بما في ذلك هذه المبادئ التوجيهية دراسة دقيقة .
    2) الاطلاع علي الدليل التشريعي لتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد فضلا عن السجلات الرسمية ( الأعمال التحضيرية ) للمفاوضات المتعلقة بالاتفاقية وخصوصاً الاجزاء المتعلقة بالمواد التي ستكون موضوع الدورة الاستعراضية ذات الصلة .
    3) استعراض الردود المقدمة من الدولة الطرف المستعرضة في قائمة التقييم الذاتي المرجعية الشاملة الخاصة بها و الوثائق المكملة والإلمام بالمسائل التي تعالجها الدولة الطرف المستعرضة.
    4) إبلاغ الأمانة عند الحاجة إلي معلومات ومواد إضافية وتسليط الضوء علي المسائل التي تستلزم المزيد من التوضيح .
    5) يشارك الخبراء الحكوميون في غضون شهر واحد من إبلاغ الدولة الطرف المستعرَضة رسميا ببدء إجراء الاستعراض القطري في عملية تواصل بالهاتف أو بالفيديو تنظمها الامانة بغرض التعريف الاولي بكل من الدولتين الطرفين المستعرِضتين و الدولة الطرف المستعرَضة وموظف الأمانة المنتدب للاستعراض القطري، وكذلك بغرض التوجيه العام بما في ذلك الجدول الزمني و المتطلبات المحددة للاستعراض .
    6) يقرر الخبراء الحكومين من الدولتين الطرفين المستعرِضين كيفية توزيع المهام والمسائل فيما بينهم آخذين في الاعتبار ميادين اختصاصهم.
    7) في حين يجب أن يقيم الخبراء الحكوميون خطوط اتصال مع الدولة الطرف المستعرضة يجب أن يبقي خبراء الأمانة علي علم بجميع هذه الاتصالات.
    8) علي الخبراء الحكوميين طيلة العملية أن ينظروا بالشكل المناسب في المعلومات و المواد التي توفرها الدولة الطرف المستعرضة بمختلف وسائط الاتصال كما هو مبين في الإطار المرجعي لآلية الاستعراض .
    9) يجب أن يضع الخبراء الحكوميون في اعتبارهم ، عندما يطلبون معلومات إضافية ويلتمسون التوضيح الطابع غير العدائي وغير الاقتحامي وغير العقابي للاستعراض و الهدف العام المتمثل في مساعدة الدولة الطرف المستعرضة علي التوصل علي التنفيذ الكامل للاتفاقية.
    10) في غضون شهر واحد من تلقي الرد المستوفي علي قائمة التقييم الذاتي المرجعية الشاملة وأية معلومات تكميلية تقدمها الدولة الطرف المستعرضة يجب ان يقدم الخبراء الحكوميون إلي الأمانة نتائج الاستعراض المكتبي . بما في ذلك طلبات الحصول علي ايضاحات أو معلومات إضافية او أسئلة تكميلية لكي تترجم الي لغات الاستعراض المحددة وتقدم إلي الدولة الطرف المستعرضة .
    11) علي الخبراء الحكوميين أن يتجنبوا ، خلال الاستعراض المكتبي تكرار النصوص التي سبق وردها في قائمة علي الوقائع وأن يشتمل علي تعليل قوي لاستنتاجات الاستعراض المكتبي . ومما يساعد علي الفهم في هذا الصدد استخدام لغة موضوعية محايدة . وعند استخدام المختصرات لاول مرة يجب بيان ما ترمز إليه هذه المختصرات بعبارات كاملة .
    12) بعد أن تتلقي الدولة الطرف المستعرضة نتائج الاستعراض المكتبي يجب أن تنظم الأمانة جلسة تواصل بالهاتف أو بالفيديو تجمع الخبراء الحكوميين و الدولتين الطرفين المستعرضتين الدولة الطرف المستعرضة . ويقوم الخبراء الحكوميون من الدولتين الطرفين المستعرضين أثناء هذه الجلسة بعرض الاجزاء التي تخصهم من الاستعراض المكتبي وشرح الاستنتاج . ويستمر الحوار الذي يعقب ذلك في حالة المثالية لمدة تصل إلي شهرين ، ويشتمل علي تقديم طلبات للحصول علي مزيد من المعلومات أو طرح أسئلة محدودة من جانب الخبراء الحكوميين تردد عليها الدولة الطرف المستعرضة وذلك باستخدام مختلف وسائل الحوار بما فيها جلسات التواصل بالهاتف او بالفيديو أو تبادل رسائل البريد الالكتروني او غير ذلك من وسائل الحوار المباشر.
    13) ينبغي أن يستكمل الاستعراض المكتبي إذا وافقت علي ذلك الدولة الطرف المستعرضة بأي وسائل أخري من وسائل الحوار المباشر ، مثل القيام بزيارة قطرية أو عقد اجتماع مشترك في مكتب الأمم المتحدة في فيينا . وتضطلع الدولة الطرف المستعرضة بتخطيط وتنظيم الزيادة القطرية أو الاجتماع المشترك في مكتب الأمم المتحدة في فيينا.
    14) خلال الزيارة القطرية أو الاجتماع المشترك في مكتب الامم المتحدة في فيينا يجب أن يتقيد الخبراء الحكوميون بالمبادئ و المعايير المبينة في التوجيهات العامة الواردة اعلاه.
    15) يتوقع من الخبراء الحكوميين أن يشاركوا علي نحو فعال وبناء في كل الاجتماعات ، بما في ذلك في الجلسات الداخلية لاستخلاص المعلومات في نهاية كل يوم عمل او في نهاية الزيارة القطرية أو الاجتماع المشترك ففي مكتب الامم المتحدة في فيينا.
    16) يتوقع من الخبراء الحكوميين الالتزام الاحترام و اللباقة في الاجتماعات وذلك بتقييدهم بالأطر الزمنية المحدودة في البرنامج وإتاحة الوقت لجميع الأعضاء للمشاركة. ويتوقع من الخبراء الحكوميين في الوقت نفسه أن يتحلوا بالمرونة ، لأن البرنامج قد يتغير أثناء الزيارة القطرية أو الاجتماع المشترك في مكتب الأمم المتحدة في فيينا.
    17) يجب أن يتوخى من طرح الاسئلة استكمال المعلومات التي وفرتها الدولة الطرف المستعرضة ، وأن تقتصر علي عملية الاستعراض . ومن ثم يجب أن يلتزم الخبراء جانب الحياد وان يمتنعوا عن ابداء آراء شخصية أثناء الاجتماعات.
    18) يتوقع من الخبراء الحكوميين أن يدونوا ملاحظاتهم أثناء الاجتماعات كلها ، بما يتيح لهم إمكانية الرجوع اليها لاعداد تقرير الاستعراض القطري النهائي . ويجب أن يتقاسموا آراءهم واستنتاجاتهم الأولية كتابيا فيما بينهم ومع الأمانة في غضون اسبوعين من انتهاء الزيارة القطرية أو الاجتماع المشترك في مكتب الامم المتحدة في فيينا.
    19) في المرحلة النهائية من عملية الاستعراض القطري ويفضل أن يكون ذلك في غضون خمسة أشهر من بداية الاستعراض يقوم الخبراء الحكوميون استنادا الي شكل المخطط النموذجي وبمساعدة من الأمانة بإعداد مشروع تقرير الاستعراض القطري وإرساله الي الدولة الطرف المستعرضة باللغة المتحدة للاستعراض . ويحدد التقرير التجارب الناجحة و الممارسات الجيدة و التحديات المواجهة ويقدم ملاحظات بشان تنفيذ الاتفاقية . ويجب أن يتضمن التقرير ، عند الاقتضاء ، تحديد الاحتياجات من المساعدة التقنية اللازمة لغرض تحسين تنفيذ الاتفاقية . وتدرج تعليمات الدولة الطرف المستعرضة في مشروع تقرير الاستعراض القطري.
    20) علي الخبراء الحكوميين أن يدرجوا ملاحظات بشان تنفيذ مواد الاتفاقية قيد الاستعراض في القانون الوطني ، وكذلك بشان تطبيقها في الممارسة العملية.
    21) علي الخبراء الحكوميين أيضاً أن يحددوا التجارب الناجحة و الممارسات الجيدة و التحديات المواجهة ويقدموا ملاحظات بشأن تنفيذ المواد قيد الاستعراض من الاتفاقية و المجالات التي قد تستدعي تقديم المساعدة التقنية.
    22) بناءً علي طلب الدولة المستعرضة وحسب الاقتضاء يجوز أن يطلب من الخبراء الحكوميين أن يقدموا الي الدولة الطرف المستعرضة توضيحات بشان كيفية التصدي للتحديات الحكوميين من أجل التوصل بتوافق الاراء الي تقرير نهائي . وتعد لاحقا خلاصة وافية ويتفق عليها.
    ويقع على الأمانة عبء تنظيم دورات تدريبية دورية للخبراء الحكوميين الذين يشاركون في عملية الاستعراض لكي يطلعوا علي المبادئ التوجيهية الحالية ويزبدوا قدرتهم علي المشاركة في عملية الاستعراض .
    وفي الختام نقول أنه وبالرغم من الشرح المطول أعلاه فإن العملية لا تعدو أن تكون سلسة متناغمة من الاجراءات تبدأ عندما تزود الدولة الطرف المستعرَضة الأمانة في غضون شهرين من إبلاغها رسميا ببدء إجراء الاستعراض القطري بالمعلومات المطلوبة بشان امتثالها وتنفيذها للأتفاقية . وذلك باستخدام قائمة التقييم الذاتي المرجعية الشاملة كخطوة أولية لهذا الغرض وتقدم الأمانة المساعدة في إعداد الردود إلي الدول الطراف التي تطلب تلك المساعدة . وتقوم الأمانة في غضون شهر واحد من تسلم الرد المستوفي علي القائمة المرجعية بترجمة هذا الرد وبتعميمه علي الخبراء الحكوميون في غضون شهر واحد من إبلاغ الدولة الطرف المستعرضة رسميا ببدء اجراء الاستعراض القطري في عملية تواصل بالهاتف أو بالفيديو تنظمها الأمانة بغرض التعريف الأولي بكل من الدولتين الطرفين المستعرضتين و الدولة الطرف المستعرضة موظف الأمانة المنتدب للاستعراض القطري . وكذلك بغرض التوجيه العام بما في ذلك استعراض الجدول الزمني و المتطلبات المحدودة للاستعراض. وهكذا تدور الحلقة وفق التفصيل السابق حيث تنتهي ثم ما تلبث أن تبدأ مع كل دورة جديدة.



    الخاتمة
    نود أن نختم تعليقنا حول هذه الاتفاقية بالقول إن مكافحة الفساد ومنعه ومحاصرته واجب أخلاقي وديني لا تَختلف حوله ديانة ولا تمانع عن فعل ذلك أمة؛ لِما للفساد من ضرر بليغ بجميع أوجه الحياة، ولِما فيه من تعد سافر على حقوق الغير، وتدمير للمجتمعات وبيع للضمائر والذمم وخيانة للأمانة. ونقول إن الفساد شر مستطير يأتي على الأخضر واليابس "إنَّ الأموال المهدرة من جرّاء الفساد المستشري في الدول النامية كل عام تبلغ أكثر من تريليون دولار أمريكي بحيث باتت تشكّل قرابة عشرة أضعاف إجمالي المبالغ التي تنفقها الحكومات على المساعدات الدولية".
    تشير التقديرات إلى أنّ تكاليف الفساد في أفريقيا وحدها بلغت 148 مليار دولار أمريكي بما يمثل 25 في المائة من إجمالي الناتج المحلي بالقارة السمراء. لا شك أنّ هذا المبلغ ضخم وربما يكفي لبناء المدارس وشق الطرقات وتشييد المستشفيات وتعليم الأطفال وإنقاذ أرواح البشر عبرالخدمات الصحية وتحسين سبل العيش الكريم، بل وربما يساعد بعض الأفراد في تأسيس مشروعات تسهم بدورها في تلبية احتياجات أسرهم.
    إن مكافحة الفساد شرط ضروري لسلامة وفعالية الأنشطة الاقتصادية، كما أنه شرط أساسي لترسيخ المنافسة العادلة وخلق بيئة مواتية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، لذلك فإنه يتعين على الدول النامية على وجه الخصوص بذل جهود إضافية لتوفير متطلبات مواجهة الفساد المتمثلة في وجود دولة القانون؛ لتوفير الخدمات بمزيد من الفعالية والمساواة والكفاءة والأمانة في استخدام الموارد العامة.
    وختامًا لابد أن نعترف بأنّ المجتمع الدولي قد اتخذ خطوات ملموسة، وحقّق الكثير في هذا المجال، وأن أهم ما حققه هو إقرار إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والإتفاقيات الإقليمية الأخرى، إلا أنّه مازال يتعين عليه القيام بالمزيد؛ لأن الفساد عدو شرس، وخطر ماحق، له وجوه متعددة، والحرب على الفساد يجب أن تبقى مفتوحة لا تتقيد بزمان ولا مكان.

    (عدل بواسطة بكرى ابوبكر on 08-23-2018, 10:06 PM)
























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de