قبل أسابيع زارني دبلوماسي سوداني شغل منصب السفير في المملكة العربية السعودية..أثناء (الونسة ) جاء ذكر اسم الدكتور لام أكول.. لم يتردد السفير في الاتصال هاتفيًا بدكتور لام أكول.. كانت لغة الحوار تبدو ودودة جدًا وتتجاوز الرسميات كثيرًا.. بعد ذلك علمت أن لام أكول حتى بعد الانفصال ظل ضيفًا راتبًا على الخرطوم التي يملك فيها منزلًا.
أشارت الأنباء قبيل التوقيع الأخير على اتفاق سلام الجنوب أن دكتور لام أكول ومجموعة العشرة تحفظت على اتفاق الخرطوم.. الخلاف لم يتجاوز قضايا تفصيلية تتعلق بحدود الولايات.. لكن الفشل في إقناع رجل موضوعي بقامة لام أكول يشير إلى أن الخرطوم تعجلت التقاط الثمرة.. حتى مجموعة العشرة رغم اختلاف مشاربهم السياسية كان من السهل استيعابهم.. السجناء السابقون لا يملكون قوة عسكرية على الأرض مما يضعف قوة تأثيرهم على طاولة المفاوضات.
استعجال الخرطوم مرده الرغبة الملحة في استلام الحافز الدولي.. كانت تلك المرة الأولى أن يضع العالم ثقته في الحكومة السودانية ويمنحها ملفًا فشل فيه الكثيرون.. هذه الثقة يمكن أن تكون القسط الأول في رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وفق القائمة الأمريكية.. بالطبع النفط يمثل سببًا ثانيًا في الولادة القيصرية لسلام جنوب السودان.. حتى قبيل الوصول للاتفاق الأخير كانت الخرطوم ترسل خبراء وعسكرًا لحقول النفط الجنوبي.
الآن وبعد أن أنجزت الخرطوم أصعب اتفاق سيتم ترحيل كامل الملف لنيروبي.. ستقوم حكومة كنياتا بعملية وضع اللمسات الأخيرة.. لكن في النهاية سيحمل الاتفاق اسم نيروبي وربما ينافس الرئيس الكيني على جائزة نوبل إن نجح في تليين موقف لام وأصدقائه العشرة.. كان من الأفضل الصبر على التفاصيل المرهقة.. بل كان بالإمكان أن تكون نيروبي المحطة قبل الأخيرة في مارثون السلام.
في تقديري أن العجلة واستعجال النتائج في إنجاز ملف السلام الحنوبي يعكس غياب الرؤية الإستراتيجية.. الآن نحن نجحنا في مساعدة الإخوة في الجنوب على التصافي.. ماذا عن حربنا الأهلية والتي يعتبر جنوب السودان لاعبًا أساسيًا فيها؟.. ماذا عن مصالحنا التجارية والمائية؟.. لو أننا تعاملنا بحكمة وأفق سياسي لاصطدنا أكثر من عصفور بحجر واحد.
بصراحة..مازالت حكومتنا تدير يوميات الأزمة بعقلية تاجر القطاعي.. كل الجهود تمضي في اتجاه تبييض وجه الحكومة ولو باستخدام مستحضرات تجميل غير مطابقة للمواصفات.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبدالباقي الظافر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست