أرجو أن يدخل قاضي محكمة الطفل على طلاب السنة الأولى بأي من جامعات السودان ويخاطبهم بقوله: (أيها الأطفال) ويرى رد فعلهم!
هل دُهشتم قرائي الكرام لهذه المقدمة من مقالي؟ أرجوكم لا تدهشوا واصبروا عليَّ لأوضح لكُم.
إنها الحقيقة، ذلك أن طالب الجامعة يلتحق بها وعمره 17 عاماً، ودعونا نحسبها.. يدخل المدرسة في سن السادسة، ثم إن مرحلتي الأساس والثانوي تستغرقان (11) عاماً!
بالرغم من ذلك، فإن من يبلغ عمره سبعة عشر عاماً حتى لو كان طالباً أو طالبة جامعية يعامله قانون الطفل على أساس انه طفل، ولا يُقيم عليه الأحكام القضائية التي تسري على الراشدين حتى لو قتل مئة إنسان!
الغرابة تبدو أكبر بالنسبة للفتاة التي يُمكن أن تلد في سن الرابعة عشرة أو أقل من ذلك، ولكن القانون السوداني الذي اقتُبس من القوانين الأمريكية بعد أن أدرنا ظهرنا وتخلّينا عن شريعة الله تعالى ولأعرافنا الاجتماعية الراسخة وأذعنَّا وانبطحنا لقوانين أمريكا، يعتبر تلك الأم مجرد طفلة ولدت طفلاً!
هل تذكرون ذلك الفيديو المخزي الذي تم تداوُله في الأسافير بشكل كثيف قبل نحو عام، والذي ظهرت فيه فتاة (تجلس في حضن شاب وتتبادل معه القبل (وتتمردغ) في جسده بغنج ربما لا تفعله الحرائر مع أزواجهن؟ قبضت الشرطة على تلك الفتاة، وبعد التحقيق اتضح أنها لم تبلغ الثامنة عشرة من عمرها مما أحالها إلى محكمة الطفل التي تعتبر ذلك السلوك مجرد جنحة ربما لا تستحق أكثر من (قرصة في الأضان)!
وبعدين!!!
هل نتّبع سنن أمريكا ونمط حياتها في كل شأن من شؤون حياتنا حتى لو فرضت علينا تقنين زواج المثليين الذي تبيحه قوانينها المنحرفة؟!
ألم تسمعوا الجدل المحتدم حول (اتفاقية استئصال التمييز ضد المرأة) المسماة اختصارا بـ (سيداو) والتي تتصاعد الدعوة إلى التوقيع عليها بعد أكثر من عشرين عاماً من الصمود في مواجهتها؟!
المشكلة أننا نتراجع، ويتقدمون ولن أستبعد البتة أن نتبنّى كل قوانينهم الإباحية، فقد حملت آخر قائمة مطالب لنائب وزير الخارجية الأمريكي الذي زارنا قبل أشهر بعضاً من قذاراتهم اللاأخلاقية.
أكتب مقالي هذا بين يدي حوار رائع نُشر في صحيفة (التيار)، مع مدير حماية الأسرة والطفل بشرطة ولاية الخرطوم دكتور أبوبكر عبد الوهاب، فقد صدع الرجل بكلمة الحق فأعلنها مدوية: (تعريف الطفل في القانون اصبح معول هدم)!
مضى الرجل ليكشف (جريمة) الدولة التي صنّفت ابن السابعة عشرة طفلاً لتُشرعِن له أو تُيسّر له ممارسة الاغتصاب في حق زملاء الدراسة، فقال إن نسبة الأطفال الذين اعتدوا على أقرانهم بلغت (55.4%)، مضيفاً أن (القانون يتعامل مع من لم يبلغ (18) عاماً بأنه طفل)، مضيفاً (قد يكون بالغاً وليس طفلاً، والقانون في هذه الحالة أصبح معول هدم لأن ما تُوقِعه المحكمة على الطفل ليس عقوبة، وإنما يُسمى بتدابير إعادة تأهيل، وهنا لا يجد المتهم العقاب علماً بأنه بالغ ويفترض أن يكون مسؤولاً عن تصرفاته). وأقر مدير حماية الأسرة والطفل بأن هناك جدلاً قانونياً كبيراً حول المادة التفسيرية التي تُعرّف الطفل بأنه كل من هو دون 18 عامًا.
الخطير في الأمر أن هذه الشريحة العُمرية تعتبر الأخطر في مسيرة الطفل الحياتية، وقد كثرت جرائم المخدرات وغيرها في المدارس والجامعات في وقت تساهل فيه القانون مع الشباب في المرحلة الثانوية التي يبلغ فيها الاطفال الحلم.
أختم بالتعبير عن الحسرة أن ابن السابعة عشرة الذي تعتبره قوانيننا طفلاً، كان يقود جحافل المجاهدين ليفتح بها الهند وبلاد السند، وكان يقود جيوشاً تضم من بين جنودها أبابكر الصديق وعمر بن الخطاب، فيا حسرتاه.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة