يطيب لبعض المطبلين للحكومة أن يقولوا لك في كل سانحة تزمرت فيها من حالة البؤس والشقاء اليومي (أنت لا تعرف نعمة الأمن التي تعيشها) ثم يسترسلون ليذّكروك بما يحدث من إنفراط أمني في ليبيا وسوريا واليمن ، متناسين أن عقلك رغم الهموم والمشاغل قادرعلى إستنباط تجارب حيَّة تعيشها بلدان وشعوب أخرى وهي تنعم بالحالتين معاً (الأمن والإستقرارالمعيشي) ، ويذكَّرني هذا بهبوط حالة الطموح العام في أوساط النافذين في دولة المؤتمر الوطني ، فهم في الآونه الأخيرة لا يتورعون أينما ما سنحت الفرصة على التعبير عن فشلهم المهني والسياسي وإحباطهم ويأسهم المتنامي متكئين في ذلك على فضيلة الشفافية والوضوح فأصبحت هاتان العبارتان بمثابة كلمة حق أُريد بها باطل ، ثم في ذلك من الإستكبار والإستهتاربالمسئولية وبقيمة الإنسان السوداني وما يجيش في مخيلته (الواهمة) من أفكار متعلِّقة (بإلتزامات) هذه الحكومة تجاهه وتجاه مشكلاته الحياتية ، وللحقيقة فإن معلومة إنفراط أمرالمصلحة العامة في بلادنا قد أصبحت في متناول الجميع ، إذ لم يعُد يخفى على أحد مهما كان مستوى إستنارته ، ما أحدثته إنجرافات النافذين تجاه مصالحهم الحزبية والشخصية ، وما شاب الخدمة المدنية ومشاريع البلاد الوطنية من دمار بسبب الفساد المستشري ، وآفة التمكين السياسي وإنعدام مبدأ المحاسبة والجزاء خصوصاً في حق أولئك المقربين والموالين وبعض عرَّابي النظام السياسي ، وفي نهاية الأمر تبقى لقمة العيش البسيطة ومجابهة متطلبات الحياة اليومية العادية من مأكل وملبس وسكن وإستشفاء ودواء هي أهم ما يشغل بال المواطن الكادح ، والسؤال المطروح ألم يسمع عازفي سيموفونية (الأمن القومي) بنوع آخر من الأمن إسمة (الأمن الإجتماعي) أو(الأمن الغذائي) ، والذي يشمل يُسر ومعقولية حصول المواطن البسيط على معاشه وتعليم أبنائه ودوائه ؟ ، لماذ لا تتدخَّل دولة تحارب جيوشها في التخوم الدولية ويسكن نافذيها القصور ، وتتداول أخبار عرَّابيها وما يمتلكون من جاه الدنيا الزائل في دولٍ أجنبية وسائط الأخبار الرسمية وغير الرسمية ، لضبط الأسواق والقضاء على الجشع التجاري والتسلق نحو الثراء السريع على رقاب الضعفاء ، ماذا يضير حكومتنا الموقَّرة أن (تمُن) على الناس بالأمن الغذائي بنفس حماسها تجاه ما أسمته أمناً قومياً لا نراه نحن سوى أمناً يحمي النظام والملتفين حوله ، أيها القائمون على أمر البلاد والعباد ، ها نحن ندقُ ناقوس الخطر مرة أخرى ونقول لا تدعوا المواطن فريسةً للفقر والجوع والمرض ، لأن ذلك من منظور (أمني) أقصر الطرق لإنفراط الفوضى وزعزعة الأمن الإجتماعي ، أسواق المُستهلكات الضرورية أصبحت مجالاً خصباً للمضاربات والمبالغات بلا مبررات مقبولة ، والناس في حاجة ماسة إلى مراكز للأمن الإقتصادي تقوم بمقاربة مستويات حرية العرض والطلب بالقدر الذي يمكن إعتباره مهدِّداً ( للأمن الإجتماعي ) .. عودوا إلى رشدكم إيي إقتصاد حُر تتحدثون عنه في بلاد يشِل قدراتها المادية والفنية هطول المطر لمدة نصف ساعة في عاصمتها المزعومة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة