للذين إذا قُلنا لهم أن التغيير سُنة الحياة ، وتبديل النظام السياسي ووجوهه الماثلة مطلب وطني وأخلاقي ، قالوا قولتهم المُخزية والموجعة في ذات الوقت (وماهو البديل) ، نقولُ لهم إتقوا الله في شهادتكم التي تدلون بها في حق هذه الأمة التي شيَّد تاريخها رجالٌ ونساء شوامخ منذ أمدٍ بعيد ، بتميُّزٍ وتفوَّقٍ بزَّ كافة الشعوب والأمم ، وكانت لهم حضاراتهم الباسقة وثقافاتهم المُهيمنة ، ثم كانوا بعد كل ذلك محط إحترامٍ وإعجاب لكل التجمعات البشرية التي كانت تدور في فلكهم ، وأقول لهم كيف تختصرون العطاء الإنساني لهذا البلد الشامخ في ثُلة المنتمين إلى المؤتمر الوطني والمتمَّسحين في ثوبه وتعتبرون عطاءهم البائس في حق البلاد والعباد هو نهاية المطاف في إبداعات وقدرات هذا الشعب الذي ما زالت (حواءهُ ولَّادة) ، هل أضع لكم الأعذار وأبرِّرذلك بحالة الإحباط العام التي أصابت الناس من هول ما يحدث من تدمير في البِنية المادية والمعنوية لإنسان السودان المغلوب على أمره ؟ ، أما أُفسِّر ما تقولون بأنه (نجاحٌ باهر) لمُخططات النظام السائد الآن لتخويف القوى المعارضة من الغد المظلم ، وما يقولونه عن ما يمكن أن يُحيق بالبلاد والعباد من أهوال ومصائب إذا ما تزحزحوا عن الحكم وأطلقوا أياديهم عن رقاب الناس ، ويضربون في ذلك الأمثال بما يحدث حولنا من صعوبات وتعقيدات ومشكلات في بلدانٍ مجاورة يختلف منهجها في مبدأ التغيير السياسي عن واقعنا السوداني تاريخياً وموضوعياً إختلافاً يستحيل معه من حيث المبدأ إعمال مبدأ المقارنة ، فثورات الربيع العربي التي إشتعلت في تونس ومصر وليبيا ، كنا نحن قد سبقناها عبر تاريخنا المحارب إعلامياً من الداخل والخارج بثورتي أكتوبر وأبريل المجيدتين ولم تكن النتيجة أبداً هي الفوضى والإقتتال والدمار والتشرُّد ، ونحنُ من هذا المنبر ما زلنا نراهن على المنهج الديموقراطي بشكله ومضمونه المطلق وإعتباره الخيار الأوحد في وضع الحلول لكافة التحديات التي تواجهها البلاد (إذا ما أعطيناه كنظام فرصته الكاملة ليُحقِّق بإيجابيات وسلبيات الممارسة قواعداً متينة لبقائه وإستمراره وجني ثماره) ، بما في ذلك التنمية المُستدامة والتي لا تقوم أبداً إلا على أساس العدالة والتوافق حول دستور يضمن رضا الجميع حول مبدأي التدول السلمي للسلطة والإقتسام العادل للثروة ، عندما أُضيفت عائدات البترول الذي إستخرج في الجنوب قبيل الإنفصال إلى إجمالي الواردات العامة للبلاد وبدت بوادر الإنتعاش الإقتصادي بالرغم من أن حصصاً كبيرة من عوائده كانت تذهب سُدىً في متاهات الفساد الشخصي والتنظيمي داخل أروقة الدولة ، قلنا حينها أن تلك (الهوجة) أو الفُقاعة مجردة (تنمية مؤقتة) لأن كافة مقومِّات (إستدامتها) كانت غير متوفرة ، وفي مقدمتها إعلان سلام حقيقي وموثوق بدستور يضمن تنازلات الحكومة لصالح نظام ديموقراطي ، إضافةً إلى إعترافات حقيقية يوثِّقها الدستور تتعلَّق بالهوية الثقافية والعرقية لهذا الوطن الكبير المُتعدِّد الإثنيات والرؤى ، أقول أخيراً للذين يقولون (من البديل) أن البديل موجود في إرادة ما تبقى من هذا الشعب المتطلِّع للحرية والعطاء ، هم ملايين من المتميزين والمبدعين والمؤهلين والموصومين بالنزاهة والأمانة أقعدتهم آفة التمكين السياسي خارج حظيرة تخصصاتهم في الداخل أو يبذلون جهدهم لدولٍ أخرى في الخارج ، البُدلاء يا هؤلاء مُشرَّدون خارج حظيرة العطاء الوطني ، إفتحوا لهم الأبواب عبر (دعم التغيير) ، تجدونهم ماثلين لله وللوطن والأمة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة