:: بالقضارف حلقة موت أخرى.. وكالعهد بهم عقب كل مجزرة، وبعد دفن الضحايا ، يزعمون بأن الوضع (تحت السيطرة)، لحين اشتعال أخر، بالقضارف ذاتها أو بمنطقة أخرى من كل مناطق السودان الموعودة بهذا النوع من الاشتعال.. وعلى سبيل المثال، لا الحصر الذي يستعتصى على ذاكرة كل الأجيال، قبل أشهر، كان الإشتعال بين المعاليا و الرزيقات بدارفور.. ثم بين الجموعية والهواوير بعاصمة البلد ..ثم بين أهل قريتين متجاورتين في دنقلا كان الإشتعال بالمعاول المناجل لحد الموت والجرح ..!!
:: والقضارف، لا جديد في حيثيات ودوافع الاشتعال .. هي ذات الحيثيات والدوافع الراسخة في عقول كل قبائل السودان منذ الإستقلال .. نعم، أسباب إشتباك أهل الأرياف في بلادنا (واحدة)، فالإشتباك - لحد الموت والجرح - دائماً ما يكون في سبيل المراعي والحواشات، أي حول الأرض..والإختلاف فقط في وسائل الإشتباك القاتلة .. في غرب وجنوب السودان، يشتبكون بالنيران.. وفي الشرق والشمال و الوسط، يشتبكون بالمعاول والعصى، لحين توفر السلاح الناري .. !!
:: وكما تعلمون، فان لأراضي الدول حدود، ولكن أراضي قبائلنا بلا حدود..فالأرض - في بلادنا - لاتملكها الدولة، كما تنص دساتير دول العالم، بما فيها دستور السودان.. الارض - في بلادنا - للقبيلة فقط لاغير..وإمتلاك القبيلة للأرض هو أُس البلاء وأسباب المجازر ..والمراقب لكل المجازر الأهلية، ليست في السودان فقط، بل في الكرة الأرضية ، يجدها صراعاً حول الأرض و مواردها.. ومنعاً للمجازر، طورت الحكومات علاقة الإنسان بالأرض، ثم نظمت هذه العلاقة بالقوانين التي لاتظلم الشعوب و الأفراد..!!
:: ولكن في بلادنا، منذ الإستقلال - وإلى يوم مجازرالقضارف - لم يُكرمنا القدر بحكومة تطور علاقة الإنسان بالأرض وتنظمها بحيث تكون الأرض للدولة ومصالح شعبها (أولاُ)، ثم لكل لأفراد الشعب بالتخطيط السليم والتوزيع العادل.. دارفور التي بمساحة فرنسا لاتزل مقسمة إلى ( حواكير)، ولكل قبيلة (حاكورة)، وممنوع الإقتراب من هذه (الحواكير).. حتى سلطة الدولة التي ينص دستورها على أن الأرض للشعب - وليس لقبيلة - لا تستطيع الاقتراب من حواكير القبائل ..وكذلك حال أرض السودان بكردفان..!!
:: وبشرق السودان أيضاً، والقضارف نموذجاً..وبشمال السودان أيضاً..والمدهش أن لكل لبعض القبائل - في كل ولايات السودان - قناعة بأنها تستضيف قبائل أخرى على أرضها، أي كأن هذه القبائل المستضافة (أجنبية).. وما لم تتجاوز علاقة الإنسان بالأرض هذه العلاقة التقليدية ( المتخلفة)، فلن تهنأ البلاد بالسلام، و لن تهنأ القبائل بالوئام ..ولن نتتطورفي ظل ثقافة تمنح لكل قبيلة سلطة وضع يدها على (أرض بلا حدود)، ثم تعزلها عن أراضي القبائل الأخرى، وهي أيضا ( بلا حدود)..!!
:: ثم تعزل كل القبائل كل الأرض عن سلطة الدولة وحقها في التخطيط والتوزيع حسب خارطة (المصلحة العامة).. وعليه، ليست القضارف وحدها، بل كل ولايات السودان موعودة بالمزيد من المعارك..وهي معارك تستمد قوتها وأسلحتها من المسماة ب (ثقافة المجتمع)، بيد أن الأسم الحقيقي يجب أن يكون ( جهل مجتمع).. متى تمتلك الدولة الأرض، ثم تُحسن إدارتها بحيث لاتظلم أفراد شعبها ؟.. للأسف، لا إجابة تلوح في الأفق غير المزيد من الاشتعال، بالقضارف و .. غيرها.. !!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة