منذ سنوات تحاول كريمة المقدم فاروق حمدنا لله أن تلاحق الرئيس السابق جعفر نميري بتهمة قتل والدها عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة في يوليو ١٩٧١.. منطق هذه السيدة أن والدها لم يكن على علم بالانقلاب باعتبار وجوده في لندن وقتذاك..فيما الدفع الثاني والأكثر أهمية كان في متن المحكمة العسكرية التي قضت بإعدام الرجل.. لم ينعقد اختصاص لهذه المحكمة باعتبار أن حمدنا لله كان قد تم إبعاده من الخدمة العسكرية عقب المفاصلة ما بين نميري والشيوعيين.. حتى أن المقدم هاشم العطا اتخذ قرارًا بإعادته للخدمة فقد جاء القرار من رجل لا تعترف له مايو بأنه مصدر الاختصاص الشرعي وعليه يصبح القرار باطلًا. دار حديث خلال الأيام الماضية أن اللواء متقاعد عبدالغفار الشريف سيحول إلى محكمة عسكرية عقب إعادته للخدمة..حتى هذه اللحظة لدي شك في صدقية هذه المعلومة وذلك باعتبار أن الإعادة للخدمة لا تأتي الا بعد موافقة الطرف موضع النظر .. والأهم من ذلك أن قيادة جهاز الأمن تحت إمرة الفريق قوش أثبتت التزامها بالقانون في قضايا أخرى أدناها رفع الحصانة عن النائب البرلماني فضل محمد خير. هنالك سبب آخر يجعل القيادة السياسية حذرة في هذا الأمر.. الإنقاذ قد تجاوزت بصعوبة الآثار السالبة للتقاضي أمام القضاء الاستثنائي.. مازالت المحاكمة المتعجلة للمشاركين في انقلاب رمضان ثقبًا أسود في ثوب العدالة.. بل من حسن الحظ أن المشاركين في انقلاب (ود إبراهيم ) استفادوا من الإحساس بتأنيب الضمير وصدر بحقهم عفو رئاسي..حتى الفريق قوش نفسه تم فصل قضيته وكنا نتابع محاكمته أمام القضاء المدني في محكمة القسم الأوسط بالخرطوم. الآن أمام الحكومة فرصة تاريخية لإثبات أن القضاء بخير .. وأن القانون الطبيعي يمكنه من إنفاذ العدالة..اللواء عبدالغفار الشريف يمكن إدانته في قضايا كثيرة تتعلق بصيانة حقوق الإنسان السوداني.. بل أن هنالك الآلاف من الضحايا الذين يمكن أن يقاضوه في المحاكم المدنية.. بعد نكسة يونيو ١٩٦٧ حمل الرئيس جمال عبدالناصر كل سوءات جهاز المخابرات للواء صلاح نصر..عبر هذه الخطوة يمكن للحكومة أن تتحلل من كثير من الأخطاء التي ارتكبها الأفراد باسم التمكين أو حتى من باب حظ النفس .. التقاضي أمام محكمة مدنية يؤكد أن الحكومة تمضي لقطع دابر كل أنواع الفساد بما فيها الفساد المؤسسي . في تقديري على الحكومة أن تفكر ألف مرة قبل الاتجاه للمحاكمات العسكرية.. ذلك الاتجاه سيجعل الحكومة في خانة الدفاع.. بل ربما تم تحليل الخطوة في اتجاه صراع الأجنحة والمجموعات .. من الأفضل الصبر على العدالة وتوطينها بدلًا من العودة لأساليب قد عفا عليها الزمن.. أكثر الملفات التي أعيت مناصري الحكومة كانت المتعلقة على قدرة القضاء السوداني على تحقيق العدالة..من هذه النوافذ دخلت البلاد الى ردهات مجلس الأمن الدولي..وبتنا كل عام حالة يتدارسها مجلس حقوق الإنسان. بصراحة.. ذات الضمير الذي جعلنا نقف مع الفريق صلاح قوش يوم اتهم زورًا بتدبير انقلاب يحتم علينا المطالبة بتقديم اللواء متقاعد الشريف لمحكمة مدنية ما دام يرتدي ملابس مدنية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة