عبر متابعتنا الإجبارية للأجهزة الإعلامية الرسمية (المُعلنة) والمُستترة ، نجد أن ما يترى من أخبار وأحداث عادي وطبيعي و(مُلَّفق) شأنه شأن سائر سنوات الإنقاذ التي مضت ، فالقياديون والوزراء وكبار المسئولين ما زالوا على عادتهم وما عهدناهم عليه ، يستقبلون الزوار ويعقدون الإجتماعات ويخاطبون الإحتفالات والفعاليات ، ويصرِّحون بأن المشاريع التي تم أو سيتم تدشينها (سيكون لها الأثر البالغ في تطوير ونماء القطاع المعني ) ، وأنهم اليوم يقفون في هذا المقام ليعيدوا هذه المنطقة أو هذا المشروع (إلى سيرته الأولى) ، والسؤال الذي لا يبارح ذهني كلما سمعت هذه الجملة التي أصبحت (علكة) في ألسنة المسئولين هو (من الذي سلب أشياءنا سيرتها الأولى؟) ، حتى نعود لاهثين لنبذل الوعود لجمهور الكادحين والمغلوبين على أمرهم أن ما يتم إنتاجه من هرج ومرج وضحك على الذقون وكذلك ما يُصرف من أموال بلا طائل إنما هو (إستماته) لنعود إلى الوراء وننبُش الماضي (بحثاً عن سيرتنا الأولى) ، وفي ذات الوقت الذي يتم فيه إنتاج هذا المسلسل التضليلي للحكومة ليقول لعامة البسطاء أن الأمور ما زالت طبيعية وأن الحكومة تعمل وكل شيء على ما يرام ، تتوسَّد الأسر السودانية التي لا وجيع لها في الولايات الغربية وشرق السودان الثرى تحت أشعة الشمس الحارقة جراء فقدان مساكنهم جراء السيول والفيضانات والأمطار ، وفي ذات الوقت أيضاً تُنبيء الصفوف المتجدِّدة والمتنامية في محطات التزوُّد بالوقود بأن أزمة الجازولين ستستمر ، وسيكون ما يحدث الآن هو الوضع الطبيعي الذي سيستقر عليه أمر الحصول على الوقود في هذه البلاد ، و في ذات الوقت الذي يقف فيه المغلوبين على أمرهم من أصحاب الحق الأصيل في ثروات هذه البلاد ومواردها المنهوبة مندهشين بلا حيلة أمام تنامي الغلاء وإرتفاع الأسعار الذي أصبح على مدار الساعة ، والحكومة مشغولة بتسوية مصالحها مع طغمة الموالين والمُطبِّلين والمُستفيدين من حالة الفوضى الماثلة ولإستتباب أمر بقائها على سُدة الحكم والثروة (تغض الطرف) طمعاً في الجبايات والضرائب والأتاوات عن حماية المواطن البسيط بفرض سيطرتها على السوق وتحديد ومراقبة الأسعار ولو في نطاق السلع الأساسية والضرورية والدواء والإستشفاء الذي لم يعُد مُتاحاً إلا للصفوة وأصحاب السند السلطوي ، أخبارهم تترى عبر المؤسسات الإعلامية المُستلبة عادية وطبيعية ، يستقبِّلون ويفتتِّحون ، ويُصدِرون القرارات ويلقون الخطب في المهرجانات الإلهائية ويبتسمون للكاميرات ، ولا أحد منهم يتجرأ وينبس ببنت شفة حول ما يجري من (إغتيال) مُمنهج وتدريجي للفئة الأكثر فقراً في هذه البلاد ، من الذين عز عليهم حتى رغيف الخبز الذي لن تكون طوابيره المتناميه نهاية النهايات ، إلى أين أنتم ذاهبون بالبلاد والعباد ، على الأقل (ونَّسونا) مُجرَّد (ونسه) بما نُعاني وبيِّنوا إشارتكم أنكم تعلمون ولو الشيء اليسير عن ما يجري من (دهس) لكرامة وإنسانية البسطاء .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة