قبل أشهر كان أحد شوارع وسط الخرطوم يشهد حادثًا مُلفتًا للأنظار..رجل أعمال سوداني قام بذبح ثور أقرن وذلك بمناسبة إقالة مدير إدارة الحج والعمرة الأستاذ المطيع محمد أحمد.. وذات الموظف المقال كان قد دخل في مشادة مع البرلمان وصلت مرحلة رفع الأصوات .. لكن ما الذي يجعل مدير إدارة في وزارة مهمشة يتم توزيعها عبر حصص الترضيات بهذا النفوذ وتلَك القوة.
قبل الإجابة على ذاك السؤال، حري بِنَا الانتقال إلى ما تحت قبة البرلمان .. في ديسمبر الماضي اتهم النائب عمر دياب هيئة الحج والعمرة بتقديم رشاوى لعدد من النواب حتى لا يعترضوا على مشروع إلغاء حج المؤسسات .. وحسب النائب أن النواب الشرفاء أبلغوا النائب العام بالحادثة.. بالفعل يوم التصويت كان نحو مائة وخمسة وثلاثين نائبًا يقفون ضد حج المؤسسات باعتباره تمييزًا بين المواطنين حتى في أداء الشعائر الدينية..الفكرة التي تدر ذهبًا لإدارة الحج والعمرة تكمن في خصم حصة وتخصيصها لمنسوبي المؤسسات مقابل رسوم إضافية.
قبل أيام فوجيء النواب الذين أسقطوا حج المؤسسات بإعلان يطلب منهم تسجيل أسمائهم وأقربائهم من الدرجة الأولى للتسجيل لذات حج المؤسسات الذي أبطله البرلمان.. الإعلان صادر من لجنة شؤون الأعضاء بالبرلمان.. حتى هذه اللحظة لم يتفضل رئيس البرلمان أو الناطق باسمه بتوضيح وجهة نظر البرلمان على هذا الاستفزاز الصادر مع سبق الإصرار والترصد.. إن حجّ الناس هذا العام عبر المؤسسات فعلى المجلس الوطني السلام.. حيث سترسخ صورة النواب الذين يتسابقون لحصد المغانم .. ليس على مستوى تسهيلات بيوت الدنيا وسيارات الشوارع، بل حتى في التقرب للمولى عز وجل.
منذ مدة طويلة تسعى الحكومة للخروج من تفاصيل رحلة الحج والعمرة .. مع كل خطوة للأمام تحدث خطوات للخلف.. خروج الحكومات من يوميات الحج معمول به في معظم دول العالم الإسلامي.. حتى المملكة العربية السعودية حاضنة الحرمين تسير في هذا الاتجاه..حصة السودان من الحجاج تقل عن الأربعين ألف مواطن،رغم ذلك هنالك جيوش جرارة من العاملين عليها.. الحوافز السنوية لا تستثنى حتى وزير الإرشاد إن كتب له أداء الفريضة..في نهاية المطاف كل تلك المصاريف تقع على كاهل الحاج السوداني عبر رسوم مسيئة.
في تقديري.. حان الوقت لأن تخرج الدولة من الوساطة بين العبد والرب.. بل من العيب أن تتربح مؤسسات الدولة من هذه العبادة.. في كل عام هنالك ملايين السياح الذين يعبرون قارات العالم دون أن يحتاجوا لوزارة سياحة تفوجهم.. إفساح المجال للقطاع الخاص يقوى بيئة المنافسة .. كما أنه في النهاية يصنع مؤسسات قوية تمكنها تجارب الحج والعمرة من استقطاب سياح للسودان الذي يحتاج لكل دولار أخضر.. ليس مطلوبًا من الدولة غير أن تضطلع بدور المنظم والرقيب وتنتظر الدعوات الصالحات.
بصراحة.. على قيادة البرلمان أن تسحب فورًا هذا الإعلان المستفز لهيبة المؤسسة التشريعية.. بل أن تُمارس فقه المحاسبة على الذين أرادوا أن يهزموا البرلمان في عقر داره.. من المهم ألا يتوقف الإصلاح على مجرد إيقاف التفرقة بين المواطنين بل يمضي الى سحب الدولة من أعمال الحج والعمرة عبر قوانين واضحة وتشريعات صارمة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة