مفهوم ومقبول أن يتحدث المسئول الذي يعين في منصب جديد وزيراً كان أو والياً في حدود تكليفه بالمنصب الذي يتولاه عن رؤيته لحل المشكلات والقضايا التي تشكل هما لمنصبه الجديد ، حيث تتجه الأنظار من عامة المواطنين الذين ينتظرون من الوزير الجديد ما ( يبل ريقهم ) خاصة أولئك الذين ترتبط وزاراتهم بقاضايا تمس حياة الناس ، وفي حالة الوالي ينتظر الناس في الولاية أن يحمل لهم الوالي الجديد الأمل لمعالجة مشكلات ولايتهم التي فشلت إدارات الولاة المنتهية ولايتهم في حلها ، لكن للأسف نجد بعض هؤلاء المسئولين لا يعرفون مهامهم فيتحدثون في شئون وزارات أخرى ويفتون في قضايا لا تخصهم ، فالمشاكل الآن ترعرعت وتناسلت وتضخمت لدرجة أن الواحد منهم لا يعرف من أين يبدأ وأين حدود إختصاصات منصبه الجديد ، فالوزراء يتركون ماعليهم ليتحدثوا في أمور خارج دائرة إختصاصهم والولاة لا يفرقون بين القضايا السيادية والقضايا العامة فمثلا في التغيير الوزاري الأخير نجد قلة من هؤلاء يتريثون ولا يسرفون في الحديث ويفضلون الإكتفاء بحديث عام ، بعكس آخرين الذين يبدأون مشوارهم بأحاديث في مشكلات وقضايا معقدة تحتاج أن تتوفر المعلومات حولها ، ويبذولون الوعود قبل أن يتعرفوا على الإمكانيات المتوفرة لهم ، مثل هذه الأحاديث عادة يستقبلها الناس على أنها كلام للإستهلاك ، بعضهم شطح وتناولوا قضايا ذات أبعاد أبعاد إقليمية أو دولية ، وكمثال على ذلك حديث السيد والي البحر الأحمر الهادي محمد علي الذي قال في أول حديث له أن حلايب ستعود إلي حضن الوطن قريبا ( الجريدة 25 مايو 2018 ) ويعلم الجميع أن قضية حلايب ظلت لأكثر من عقدين عقدة في العلاقات مع مصر وظل وزراء الخارجية الذين تعاقبوا على وزارة الخارجية بما فيهم وزير الخارجية الحالي الديرديري محمد أحمد الذي جاء تعينه مع الوالي في نفس التعديل الوزاري الأخير ، يتجنبون الحديث عن الموضوع لتعقيدات يعلمونها ، وعندما تحرك هذا الملف في السنوات الأخيرة قال المسئولون في الخارجية أن السودان قد يلجأ للأمم المتحدة لرفع شكوى طالبا التحكيم في القضية . من قرأوا حديث الوالي أو سمعوه ، أندهشوا لأن القضية رغم أنها تهم مواطنو البحر الأحمر ، إلا أنها قضية قومية تهم كل المواطنين في البلاد ، وأنها قضية ذات أبعاد إقليمية ودولية ، وأن هذا الملف تتولاه وزارة الخارجية التي تجنب وزيرها الجديد الحديث حوله ، فما الذي يجعل الوالي أن يقول وبالفم المليان أن حلايب ستعود قريبا لحضن الوطن ، هذه أمنية نتمناها جميعا ولكن السيد الوالي لم يوضح لنا " قريبا " هذه بحساب الأيام والشهور والسنين ، هل خلال أسابيع ، أم خلال ثلاثة أشهر أم سنه ؟ وما هي الجهة التي أمدته بالمعلومات حول العودة القريبة لحلايب المحتلة ؟ هل هو وزير الخارجية الذي لم يتطرق للموضوع في أحاديثة عند توليه المنصب ، أم جهة لا نعلمها ؟ أم تطوع من تلقاء نفسه ؟ ما هو أثر مثل هذا الحديث على المواطنين ؟ ماذا يضيره لو قال إن هذا الملف سيشهد في الفترة القادمة تحركا للوصول لحل لهذه المشكلة ، وحتى لو كانت هذه العبارة مقصود بها رسالة من جهة ما ففي كل الحالات فإن حديث السيد الوالي يدعو للتساؤل ، فما الذي يملكه في يده من معطيات تعيد حلايب قريبا إلي حضن الوطن ؟ هناك موضوعات كثيرة تحتمل المزايدات لكن مثل هذا الموضوع لا يحتمل الهزر أو ( الهظار ) كما نقول في العامية . إن أحد أسباب فشل الأداء الحكومي الذي تعاني منه الإنقاذ طيلة السنوات التي حكمت فيها كان تعدد جهات ودوائر إتخاذ القرار، وعدم الإلتزام بحدود الإختصاص ، والإختيار للمناصب إعتماداً على المحاصصات والترضيات والولاء بعيدا عن الكفاءة والخبرة والدراية والحكمة ، الوزير يترك شئون وزارته ويتحدث في قضايا من إختصاص وزارات أخرى ، ويتدخل فيما لا يعنية رغم أنه ليس الناطق الرسمي للحكومة ليعلن قرارات إتخذتها الحكومة ، فما الذي يجعلة يهتم بقضايا ليست من إختصاص وزارته ؟ ومن أمثلة ذلك حديث وزير مجلس الوزراء الجديد الذي أول ما إستهل به عهده أفتى في قضايا الإقتصاد ، حيث بشرنا بأن علاج الأزمة الإقتصادية يحتاج لزمن ، وأنه بغير رفع " الدعم " لن تُحل مشاكل الإقتصاد رفع الدعم الذي أصبح هو العصا السحرية لناس الحكومة ، أتركوا وزير المالية يقول هذا الكلام لكي نعرف أن الجراب فاضي . والي الشمالية الجديد يترك كل مشاكل ولايته الملحة ويعد الناس بأنهم موعودون بمشاهدة مباريات كأس العالم بالمجان ! هل مشكلة ناس الشمالية عدم مشاهدة مباريات كأس العالم ؟ وهكذا نجد بعض الولاة يتحدثون في شئون سيادية تخص وزارات إتحادية ، والولاة والمعتمدين يفتون في شئون لا تخصهم وهكذا . والسبب في ذلك أن معظم المسئولين يأتي إختيارهم إما لمحاصصات أو ترضيات ومعظم هؤلاء تنقصهم الخبرة ، فالشباب ممن أتوا بتلك الطرق تنقصهم الخبرة والدراية ، و الشيوخ تنقصهم الحكمة والنتيجة ذلك الفشل المستدام .
الموضة الجديدة عند توجه الولاة المعينين إلى ولاياتهم لأول مرة يتم إستقبالهم بقرقول شرف عسكرى كامل الدسم ومن الناحية البروتوكولية فأن قرقول الشرف تمثل قيمة سيادية لا يحق إلا لرئيس الجمهورية ورؤساء الدول الذين يزورون البلاد لكن مما يثير الإستغراب أن وزارة شؤون الرئاسة أو الجهات المعنية بهذا الموضوع لا تنبه الولايات بوقف هذه الممارسة وهكذا فقد تساوى والى الشمالية ياسر يوسف وقبله التجانى سيسى عندما ذهب كرئيس للسلطة الإقليمية في الفاشر بمستوى رئيس الجمهورية بروتوكوليا.
هذا هو عدم الخبرة والدراية الذي نتحدث عنه ، وإختلاط الحابل بالنابل ، بعض هؤلاء لم يعمل في أي وظيفة تكسبه خبرة إدارية ، من المنظمات الشبابية والطلابية والجهادية إلي المنصب ، وهكذا تدار الدائرة كانت ولاية أو وزارة بعقليات هذه المؤسسات .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
د.الصادق محمد سلمان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست