· إحتج المتابعون السودانيون على المسلسل الكويتي "بلوك غشمرة" و الذي تبثه القناة الكويتية الأولى.. حيث يظهِر المسلسل السودانيين تنابلةً بلا أهداف في الحياة.. أيامهم تمضي على وتيرة واحدة لا يمِّلونها و لا يفكرون في تغييرها.. لأنهم لا يحسون بما هم فيه من كآبة..
· ربما أراد المسلسل أن يعكسً الراهن السوداني و ليس ماضي السودان.. حين ترك لنا المستعمر خدمة مدنية لو كنا عضضنا عليها بالنواجذ، لما ضللنا و تهنا في بقاع الأرض أبداً.. فقد كان المكان المناسب لا يجلس عليه سوى من يناسبه/ تناسبه.. لكن رويداً.. رويداً بدأت الخدمة المدنية خارج الخط..
· صناع القرار يحددون من يتولون ادارة موارد البلاد المادية والبشرية وفق العلاقات السياسية و القبلية، بل و العنصرية، بعيداً عن معايير الخبرة و الكفاءة..
· و قد أبدت القبلية، و معها العنصرية، وجهها شديد القبح مع مجيئ نظام ( الانقاذ) لدرجة التفرقة في التراتبية بين أعضاء النظام نفسه، ما دفع بعض المنتمين للنظام، مثل بولاد، يتمردون على النظام جراء احساسهم العميق بالتهميش العنصري/ القبلي المستفز.. كما تمرد د. خليل ابراهيم لنفس السبب.. و عبر خليل عن بغضه للعنصريين بقوله أنه يتمسك باللغة العربية فقط لأنها لغة القرآن، و إلا لنبذها..
· و أمثال بولاد و خليل كثيرون منهم من تمرد و منهم من لا يزال يحمل كثير غبنٍ بين جنبيه.. يظهره بفظاظة كلما حان الأوان.. و آخرون يحملون الغبن ضد القبلية حيث صار انتماء الأفراد لبعض القبائل ( المميزة) شهادة تغنيهم عن تقديم شهادات الدراسة و الخبرة و الكفاءة مجتمعة..
· و من خزانة ( المشروع الحضاري) لإدارة المؤسسات في سودان نظام ( الانقاذ) خرج منهج ( التمكين) كأسوأً ما يكون حكم أي بلد، بل كأفضل وسيلة يمكن اتاحتها لأعداء بلد ما كي يدمرونه تدميراً..
· و انتشر الغبن و هروب ذوي الخبرة و الكفاءات من البلد.. و جلس أذكى الخريجين تحت ظل أشجار النيم.. بينما الأبلد يديرون المؤسسات من غير إجادة..
· و انضم الانتهازيون إلى الحزب الحاكم الأوحد.. و كثير من المنضمين بقايا فاقدي المبادئ الباحثين عن السلطة و الثروة.. و تسنموا مواقع صنع القرار في المؤسسات ذات الربح و الريع السريع.. و رويداً.. رويداً صارت البنوك قطاعاً خاصاً لهم..
· إغتنوا بفحش! يساعدهم العاملون ( المُمَكَنُون) في المؤسسات في تحقيق مآربهم في الثروة و السلطة.. و في التضييق على كل طالب خدمة.. و لا ينالها إلا بتقديم مبلغ من المال للموظفين الممكنين الذين صاروا مافيا متصلة شبكتها ببعضها البعض لتسهيل مهام أخل ( التمكين)..
· الكل يرتشي.. و يتفاوت المبلغ المقدم للمرتشين من ملايين إلى مليارات الجنيهات.. حسب الخدمة المطلوبة..
· الأجر الضئيل جداً لا يتساوى مع الجهد، و الرشوة المقدمة لمحظيي التمكين تفوق جهودهم المبذولة بمراحل.. و بين هذا و ذاك يضيع المواطن المغلوب على أمره.. و يسود عدم الجدية طوال ساعات العمل.. و تنتشر جملة:- تعال بكرة!
· و يبحث خريجو الجامعات و الحرفيون الشباب عن العمل.. و لا عمل هنالك إلا للمنتمين للمؤتمر الوطني و تابعيه..
· و نتحسر كثيراً مع الشاعر/ صلاح أحمد ابراهيم: " النيل و خيرات الأرض هنالك.. و مع ذلك.. مع ذلك!"
· إن سوء إدارة موارد السودان المادية و البشرية، في زمن ( المؤتمر الوطني)، ضيَّق الخناق على ملايين الشباب في الداخل، فلجأ العديد منهم إلى الهجرة.. و اللحاق بفرد من القرائب في الخليج.. بينما سوق العمل في الخليج لم يعد يسع كل متطلع للعمل هناك.. فأصبح الشباب المهاجر عبئاً على مضيفيهم.. يزاحمونهم في السكن و المأكل و المشرب و الترحيل..
· و يستحي المهاجرون العطالى من العودة إلى السودان خائبين.. و لأنهم ليسوا كسالى، فإنهم ينتظرون في ( المضْيَفَة) في انتظار الفرج! و ليس هناك أي فرج!
· التقيت عاملين سودانيين في الخليج يعملون بجد و نكران ذات.. و في ذلك قلتُ:- " طائرٌ ضيَّع الوطنْ.. في السُرى، بل أضاعَه، في ذُرى شبقٍ الوطنْ.. وطنٌ يذبحُ الجيادْ، يفسحُ الدربَ للجرادْ.. كلَّما الفتى أجادْ.. كالَ فوقَه الرمادْ.. و تولاهُ بالمحنْ.. وطني، آهِ يا وطن!"
· و حقَّق السودانيون أمجادا لا تُنكر في الخليج، و وصفاً لتلك الأمجاد أنهيتُ القصيدة بقولي:- " ها هنا، كلُّ مجدِه، مجدُه محضُ إغترابْ.. إنما المجدُ في الوطن..!"
· و التقيت شباباً سودانيين في أمريكا.. يعملون ليلَ نهار.. و يحضِّرون لشهادات جامعية عليا... و آخرين يعملون دوامين - أي 16 ساعة في اليوم – دون كلل.. فحافز العمل هناك مجزٍ بما يدفع الشباب إلى طلب المزيد من العمل تطلعاً لزيادة الدخل لشراء سيارة و منزل و ربما الزواج و مساعدة ذويه في السودان.. و أيامهم منظمة الايقاع.. لا نشاز فيها.. و لكل ساعة قيمة لديهم..
· السودانيون ليسوا كسالى، داخل أو خارج السودان، إنهم يتطلعون للنجاح دون أن تتاح لهم فرص النجاح!
· كيف ينجح شباب متطلع كهذا في بلد إدارته تحت قبضة دكتاتور مهرج يقضي أيامه في السيرك و حوله بهلوانات يلعبون على الحبال.. و آخرون يتقافزون بالعامود من كرسيٍّ إلى آخر في فوضىً و تخريبٍ منَظَّم..؟!
· لا غرابة في أن تتدنى الصورة الذهنية للسودان عند ( أشقائه) العرب.. خاصة و أن دكتاتورنا نفسه مثار سخرية هناك لكثرة طلَّاته التي مسَّخت خلقَ الله السودانيين الأبرياء..
· و للكويتيين الحق في إظهارنا بصورة تنابلة بلا أهداف في الحياة.. طالما صبرنا على حكم الدكتاتور المهرج طوال ثلاثين عاماً.. و لم نتمكن من اسقاطه.. و لا ملامح جادة لإسقاطه تبدو في الأفق..
· و النيلُ و خيراتُ الأرضِ هنالِك.. و مع ذلك.. مع ذلك!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة