أن تجود بالمال على الآخرين لتزيل ضيق ألّمّ بهم قاصدا وجه الله ، أو إيفاءً لواجب ما ، فأنت تقوم بعمل خير ، والعمل الإنساني أيا كانت المنصة التي ينطلق منها ( أفراد – منظمات – جمعيات ) والدوافع من وراءه ، ( ديني – إجتماعي خيري ) فهو عمل يهدف إلى التخفيف من معاناة طائفة من بني البشر هم في حاجة للمساعدة ، فهناك الفقير والجائع والمريض والمحتاج والمدين والذين فقدوا عائلهم من الأرامل واليتامى وغيرهم من أصحاب الحاجات . عمل الخير والبر إشتملت عليه مبادئ الأديان السماوية وحضت عليه ، وحث الدين الإسلامي المؤمنين به من ذوي اليسر والمقدرة علي الإنفاق من أموالهم التي رزقهم بها الله لفئات حددها ، بداية من الوالدين والأقرباء ثم فئات أخرى من المجتمع ، و رّغب المؤمنين بمبادئه في إعانة المحتاجين تحت باب الصدقة ، وترك أمرها لتقدير الشخص ورغبته في مرضاة الله ، أما ما يؤخذ للدولة من هذه الأموال وهي الزكاة . أوجب الدين على كل صاحب مال وصل مقداراً معيناً دفع نسبة محددة منه سواءً كانت من الزروع والأنعام ، أو الذهب والفضة والأموال النقدية التي مر عليها العام ، والزكاة ، خصص جزء منها لمساعدة فئات محددة . الإنفاق من من المال برغبة الشخص صاحب المال يختلف عن الزكاة التي هي ركن من أركان الدين الإسلامي . أما المال الذي يجود به الشخص لآخر من الفقراء والمحتاجين فيسمى في الإسلام " صدقة " وقد أهتم بها الدين الإسلامي إهتماماً كبيراً ، ففي سورة البقرة وحدها عشر آيات ( الآيات 215 - 254 - 262 – 63 - 64 – 65 – 67 - 70 - 71 -72 2 ) تتحدث عن الإنفاق والتصدق وثوابهما ، ( يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وأبن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم 215 البقرة ) لكنه ربط حصول هذا الثواب بالحفاظ على كرامة الإنسان الذي تقدم له ، فإهدار كرامة المتصدق عليه يبطل الأجر . ( الذين ينفقون أموالهم ثم لا يتبعون ما أنفقوا مناً ولا أذي لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون / الآية 262 البقرة ) ( قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم . الآية 263 البقرة ) ( ياأيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمّن والأذى ..البقرة آية 264 ) .
مساعدة المحتاجين أفراداً وجماعات ومجتمعات كعمل إنساني تجاوز العطاء الفردي إلي عمل جماعي تقوم به الجمعيات والمنظمات الطوعية على المستوى المحلي والدولي ، لكن الملاحظ أن هذا العمل العظيم الذي يقوم به بعض الأفراد والجمعيات الخيرية والمنظمات الطوعية سواء كان منطلقه دينيا أو إجتماعيا تخلى عن أحد الموجهات الهامة التي تراعي طبيعة هذا العمل الحساسه خاصة فيما يتعلق بمساعدة المحتاجين من الأفراد والأسر وحفظ كرامتهم ، ، فإتخذت أنشطة هذه المنظومات طابعا دعائياً من خلال نشر إعلانات مصورة في الصحف تتحدث عن تقديم وجبات الطعام لطلبة بعض المدارس أو بعض الشرائح الإجتماعية ، أو فاقدي المأوى . وبعض الشركات في نطاق الخدمة المجتمعية توفد مندوباعنها لتقديم مساعدة لشخص أو لأسرة وتسجل ذلك في مقابلة مصورة تبث في برامج بعض القنوات التلفزيونية يشاهدها الناس ، وهو ما يقع في باب المنّ والأذى المنهي عنه . هناك بعض الأعمال التي تستهدف بعض المجتمعات أو الجماعات تقوم بها بعض المنظمات أوالمحسنين أوالجمعيات الخيرية كبناء مدرسة أو حفر بئر او بناء مسجد وما شابهها هذه لا بأس فيها لأنها أنشطة إجتماعية تدخل في باب التعريف بأنشطة مثل هذه المنظمات والجمعيات ، أما بالنسبة للمساعدات سواءً كانت صدقات أو مساعدات إجتماعية التي تقدم للأشخاص والأسر وبعض الشرائح المحتاجة ، إذا كانت هذه المساعدات من أفراد أو منظومات العمل الإجتماعي المستقلة أو المنتمية إلي جهات حكومية أو أهلية فالأحصاءات في التقارير السنوية لهذه المنظومات كافية للتعريف بما قامت به من نشاط ، ولا داعي الإعلان عنها. هؤلاء المتعففين يجب حفظ كرامتهم ، فما دمت أنت مقتنع بأنك تعمل هذا العمل لوجه الله سواء كنت شخص أو جمعية أو منظمة فلماذا تريد أن يعرف الناس الأشخاص الذين إستهدفتهم بهذا العمل ؟ أيهما أنفع لك : الثواب الذي تناله من ربك ، والزيادة في رزقك ، (لأن الصدقات تربي الأموال ) أم كلام الناس عنك ؟ ومدحهم الذي يمحو ثوابك ويسبب الأذى لهم ، إذن علينا أن نبتعد عن أجراء المقابلات الإذاعية والصحفية والتلفزيونية مع الذين نقدم لهم المساعدة أو التصدق عليهم لأن في ذلك أذى كبير لهم وهو إهدار كرامتهم .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة