يجب أن ندرك ونحن نطالع عقلية الإستبداد أن نظام المؤتمر الوطني يجيد لعبة المرواغة باحتراف عالي في تعاملها مع المعارضة السودانية . فيا ترى ما هو الغرض من مبادرة مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني صلاح قوش في لقاء قيادات الحزب الشيوعي في اليومين الماضيين؟ هل هو تكتيك مخادع لإعطاء المواطن إنطباع بأن الحكومة مقبلة على بسط الحريات ومحاربة الفساد ، فتهبط همته ويتفاءل بالفرج ويتراخى عن الانتفاضة والثورة ضد الفاسدين ؟ . أم هو خوف من جهات خارجية طالبت بالحريات وإطلاق سراح المعتقلين وإحترام حقوق الإنسان ؟
أستهداف قوش كبار قادة الشيوعي للتحاور معهم وفي هذا التوقيت بالذات لم يأتي إعتباطا وإنما جاء كخطوة مقصودة وصلاح قوش يعلم أن الشارع مهيأ والوضع الداخلي مأزوم ومهدد بالإنفجار وأن للحزب الشيوعي قدرة تنظيمية لايستهان بها في تحريك الشارع وخاصة بعد مظاهرة يناير 2018 التي أصابت نظام الانقاذ بهلع وجنون قادت إلي إعتقالات واسعة وإدانات دولية تطالب بإطلاق سراح المعتقلين .
فصلاح قوش يتحدث ( بحسب بيان الأمن ) مع قادة الشيوعي بأن جهاز الأمن والمخابرات الوطني سائرا في اتجاه الحوار وتحسين البيئة السياسية الصالحة ، ولكن بمفهوم النظام الذي يقصد به حوار الوثبة الذي مات وشبع موت ولم تعترف به المعارضة التي اعتبرته حوارا احاديا بل طالبهم قوش بالانخراط في الحوار والتخلي عن فكرة اسقاط النظام .
طالبت قيادة الحزب الشيوعي في نفس اللقاء مدير الامن بالغاء القوانيين المقيدة للحريات وإشاعة الديمقراطية وتحسين احوال المعتقلين السياسيين فرد لهم قوش بأن لن تجري تعديلات على القوانيين وأشار لوجود الديمقراطية وتساءل عن أي ديمقراطية يريدها الشيوعيون .
الواضح من لقاء مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني مع قادة الشيوعي ما هو إلا استجابة لتلك الضغوط الخارجية لاطلاق سراح المعتقلين السياسيين وخاصة بعد مذكرة الديمقراطيين والجمهوريين المرفوعة للخارجية الإمريكية التي شددت على موضوع الحريات وأحترام حقوق الانسان ومحاربة المفسدين كشروط ضرورية للتطبيع مع الخرطوم .
هذه هي عقلية نظام الفساد والاستبداد فلا تتوقعوا بسط الحريات أو محاربة المفسدين وسيستمر النظام في ممارسة تكتيكاته المراوغة كالعادة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين إرضاءا للضغوط الخارجية وإستمرار القبضة الحديدية التي يفترض القيود على الحريات مع إطلاق وهمة الحوار مع المعارضين بغرض إمتصاص غضب الشارع . فهل أدركنا ؟ .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة