حدثتكم عن تلك الليلة.. واللقاء الذي ضم مسئولين كبارا.. انتهت مهمتهم بتهدئة خاطر السيد أحمد هارون.. صحيح أنه كان جليا أن لا أحد منهم يتفق مع الدعوة لتسليم هارون أو إعادة التحقيق معه.. بل وكانوا يرفضون حتى استقالته من منصبه.. ولكن الصحيح أيضا أن تلك الجلسة لم تخرج بخارطة طريق واضحة لكسر ذلك الطوق الذي يحاول أن يضربه البعض حول هارون.. وازدحم المشهد بوقائع شتى.. تعددت وتعدد أبطالها.. ولا أدعي إحاطة بها.. وكرة الروليت تتدحرج من التسليم إلى إعادة التحقيق إلى الإقالة إلى الاستقالة.. إلخ.. غادرت أحمد وهو في غاية الكدر من كل ما حوله.. وقد عزمت أمرا.. فقد تشكلت لديّ قناعة بأن هذه الكرة المتدحرجة لن توقفها إلا قوة أكبر ممن يدفعونها..! وعشية اليوم الثاني قصدت مقر إقامة الرئيس.. وفي ذهني كل الاحتمالات، كان أقصى طموحي أن أحصل على تصريح من الرئيس.. يسمح بنشره.. حول موقف الدولة من قضية أحمد هارون.. فكرت أن أسأله ما إذا كانوا بصدد تسليمه.. ولكني تراجعت وسألت عن مدى صحة الحديث عن إعادة التحقيق.. أجابني بسؤال.. من قال ذلك؟.. قلت له وزارة العدل.. فانطلق الحديث من فمه كالرصاص.. وكنت قد ذهبت فقط.. كما يقول الإمام الصادق المهدي.. لأصطاد أرنبا.. لكن رد الرئيس الغاضب حينها كان: (هارون لن يستقيل ولن يقال ولن يخضع لتحقيق..) وأضاف وقد ازداد غضبا: (وزير العدل بنفسه قد سبق وأكد أن أحمد هارون قد تم التحقيق معه بموجب إجراءات وطنية أثبتت براءته فلماذا إعادة التحقيق ومن قرر ذلك..؟).. وأمام تلك الغضبة المضرية رميت بالكلمة الوحيدة التي فتح الله بها علي.. ناسك.. جاءني رده الذي لم أنشره يومها.. (أنا ما عندي ناس بيعملوا كدة وأي زول بيفكر بالطريقة دي مش غير مسئول يبقى ما سوداني أصلا.. وعندما عدت إلى أرشيفي وجدتني قد كتبت في نص الخبر نقلا عن الرئيس (لن نخضع لأية ضغوط من أي جهة.. في الداخل أو في الخارج..)! وهنا أنقل من الخبر الرئيسي في ذلك اليوم والذي تصدر صحيفة السوداني: (في أول تعليق للصحافة السودانية على بيان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، قال رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير إنه لا يعدو كونه ضربا من ضروب الابتزاز السياسي الرخيص، ومحاولة مفضوحة لتمرير بعض قرارات مجلس الأمن بعد أن عجزت الولايات المتحدة وحلفاؤها عن فرض تلك القرارات على السودان. رفض الرئيس فكرة استقالة أحمد هارون – المتهم الأشهر على لائحة أوكامبو – وقال برنة غضب واضحة (أحمد هارون لن يستقيل ولن يقال ولن يخضع للتحقيق مجدداً). وقال الرئيس، الذي تحدث إلى (السوداني) مساء أمس في أول تعليق مباشر لصحيفة سودانية، إن بيان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كان متوقعا ويظل حلقة واحدة من حلقات التآمر على السودان ولم يكن مفاجئا ولن يكون الحلقة الأخيرة في مسلسل الشر، كما أسماها، واستدرك بقوله: (ولكن بعزيمتنا وصمود الأمة وقوة الإرادة قادرون على كسر كل حلقات الشر). ومضى الرئيس إلى القول: (إننا لن نستجيب للابتزاز السياسي، ولن نسمح بقبول أية ضغوط من أي جهة كانت ولن نقبل بالتعامل في ظلها) وعليه أضاف الرئيس: (فإن أحمد هارون لن يستقيل ولن يقال ولن يخضع لأي تحقيق)..! أما ما لم تنشره السوداني يومها أيضا فهو قول الرئيس: (عنده إخوانه مستعدين يضحوا بيه لكن أنا لا).. خلت أن تعقب تلك الغضبة المضرية (كشة شاملة).. الشيء الذي لم يحدث.. ولكن.. وطوال أكثر من عقد من الزمان ظلت تلك الرموز تختفي.. واحدا تلو الآخر.. فيما يصعد نجم أحمد هارون.. والمفارقة أن العلاقات الخارجية لم تشهد انفراجا إلا بعد مغادرة تلك الرموز مسرح الفعل السياسي.. فهل فيكم من ينتظر عودة (الحرس القديم)؟! انتهى.
alyoumaltali
03-15-2018, 07:46 PM
عليش الريدة عليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد لطيف
عليش الريدة
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست