:: يوم افتتاح مجمع الشيخ علي بن جبر آل ثاني الطبي بالخرطوم بحري، أثنى رئيس الجمهورية على جهد وزير الصحة بالخرطوم مأمون حميدة، وخاطبه أمام الحشد الجماهيري : (أقول لأخونا مامون حميدة إنت بلدوزر، وأنا جبتك عشان توصل الخدمة العلاجية للمواطنين في مواقعهم، وما تسمع أصوات الناس الآخرين)..وكثيراً ما يثني الرئيس على جهد حميدة ويدافع عن سياساته، وكذلك والي الخرطوم .. ولكن كل هذا الثناء لا يعني بان الوزير حميدة أكبر من مؤسسات الدولة أو فوق المساءلة والمحاسبة..!!
:: وقبل مطالبة السلطات العليا بمساءلة الوزير حميدة عما يفعله، نقرأ ما يلي بالنص : ( سخر وزير الصحة بولاية الخرطوم مامون حميدة من مطالب وزير الصحة الاتحادية بحر إدريس أبو قردة بعودة مستشفيات (الأيلولة) للصحة الإتحادية، وقطع في جلسة المجلس التشريعي لولاية الخرطوم بتبعية مستشفيات (الأيلولة) للصحة الولائية، وقال : الموضوع انتهى وكل المستشفيات آلت للولاية، والصحة الإتحادية بتشاغل ساي، وفي ذلك مضيعة للزمن).. !!
:: للأسف، هذا الحديث غير صحيح .. فالموضوع لم ينته، ولا الصحة الاتحادية (بتشاغل ساي) .. فالكل يعلم بان مراجعة قرار إيلولة المستشفيات المرجعية والتعليمية - بحيث تعود - كما كانت مركزية وتابعة لوزارة الصحة الاتحادية - ليست من مطالب الوزير الاتحادي بحر أبوقردة، أو كما يوهم حميدة الرأي العام ونواب مجلس الخرطوم .. بل هي من توصيات الحوار الوطني التي تواثقت عليها ( القوى السياسية)، ثم وجه مجلس الوزراء وزارة الصحة الاتحادية بتنفيذها قبل ( 7 أشهر)..!!
:: نعم، لقد توصل الحوار الوطني بأن قرار الآيلولة لم يكن منطقياً.. فالتعليم العالي (مركزي)، ومن الطبيعي أن تظل المشافي التابعة للجامعات (مركزية)، ليكون هناك تنسيق ومتابعة ما بين (الوزارتين المركزيتين)، الصحة والتعليم العالي ..وكذلك توصل الحوار الوطني بان قرار الآيلولة لم يكن منطقياً بتجريد الوزارة الإتحادية من سلطة إدارة المشافي المرجعية و المراكز القومية التي تستقبل المرضى من كل أرجاء البلاد، وليس فقط مرضى ولاية الخرطوم ..!!
:: ثم وزارات الصحة الإتحادية هي المسؤولة - بالإدارة والتمويل - عن هذه المرحلة العلاجية (المشافي المرجعية)، بيد أن السلطات الولائية والمحلية تكتفي بإدارة وتمويل مراحل العلاج الأولية والثانوية (المراكز الصحية والشفخانات)..وكان يجب الوقوف على تجارب الآخرين والإقتداء بها.. نعم كل دول العالم، بما فيها الدول الغربية التي تقدس الحكم اللامركزي، لم تترك حبال بعض المشافي المرجعية للولايات والمحافظات، أو كما فعلوا هنا ب (جرة قلم)..!!
:: ولم تسبق قرار الأيلولة دراسة تثبت قدرة الولايات على إدارة المشافي المرجعية .. و لم تكن هناك تجربة سابقة بحيث تكون نموذج مستشفي أو مشافي تدار ( ولائياً)، وتصلح تطبيقها على كل السودان.. وكذلك لم تسبق قرار الآيلولة خارطة صحية توزع المشافي المرجعية والثانوية والمراكز الصحية حسب الخارطة المعتمدة في منظمة الصحة العالمية، بحيث يتم التوزيع بعلمية ومهنية و(عدالة)، حسب التعداد السكاني لكل ولاية ولكل محلية .. !!
:: ولكن عندما آلت البنايات الفارغة - المسماة بالمشافي - للولايات، كانت كل الكفاءة والأجهزة مكدسة في الخرطوم.. وكان طبيعياً أن يتوافد مرضى الولايات إلى الخرطوم..مثل هذه التجارب تخضع للدراسات قبل تطبيقها، ولكن في بلادنا فأن ( المزاجات) هي (الدراسات).. وعليه، ما لم يكن الوزير حميدة أكبر من مؤسسات الدولة و أقوى من قوى الحوار الوطني، فعلى مجلس الوزراء تنفيذ توصية مراجعة قرار الآيلولة، بحيث تعود المشافي المرجعية والمراكز القومية إلى السلطة المركزية ..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة