جائزة الطيب صالح للإبداع الأدبي إحتلت لها مكانا معلوما في التقويم السنوي للنشاط الثقافي في البلاد ، هذه الفعالية التي أطلقتها شركة زين للإتصلات منذ ثمانية أعوام تخليدا لذكرى الأديب السوداني الراحل الطيب صالح ، والتي إنطلقت فعالياتها الختامية لدورتها الثامنة يوم أمس 13 فبراير 2018 ، تستحق التحية والشكر ، ووجب أن نقف لها إجلالاً ، فهي تقوم بهذا العمل نيابة عن الشعب السوداني . ويسجل لهذه الشركة أنها أعطت العمل الثقافي والإبداعي الكثير لعلمها بأن العمل الثقافي والإبداعي لا بواكي له ، وأن اليد الممدوه له هذا قصيرة ، فالثقافة بضروبها المختلفة من فنون وإبداع هي نسمة الفرح التي تهب على الناس فتمسح عن وجوههم الأسى وتخفف عنهم قسوة الحياة ووطأة الإحن والمحن التي يكابدونها في كدحهم اليومي . شركة زين التي تقوم بعملها هذا في إطار المسئولية المجتمعية ، وهي بذلك تنوب عن الشعب السوداني الذي له أسهم في شركة زين ومشارك في هذه الفعالية السنوية لتخليد هذا الأديب الذي يستحق منا كسودانيين أن ننحني له عرفانا بما قدمه لنا ، فلو أن الشركة لم تقم بهذا العمل لأصابنا الخجل ، وكما نقول بالعامية ( ما نعرف نودي وشنا وين ) ستكون لنا منقصة لا تغتفر ، الطيب صالح في شخصه كان سودانيا أصيلا ، جسد كل المعاني التي تتميز بها الشخصية السودانية التي عرفت عنها ، التواضع ، الود ، السماحة ، البساطة ، فهو يملك من كنوز اللغة ما يملك ، عربيها وأفرنجيها ولكنه يتكلم بدون تقعر أو تعالي ، يملك الشهرة كلها ولكنه بسيط ومتواضع أكثر من أي شخص عادي مع من يعرفه ولا يعرفه ، لن أذهب كثيرا في مناقبه التي خبرها كل من عرفه ، فليس هنا مجاله ، وما ساقني إلي هذا الحديث هو ملاحظات عنّت لي وأنا أتابع النشاط المصاحب لهذه الإحتفالية و رأيت أن أشرك الآخرين ورعاة المناسبة فيها . برنامج الإحتفال يحتوي على العديد من الندوات التي يغلب عليها الطابع التخصصي والتي تناقش قضايا الإبداع الأدبي المختلفة وقضايا ثقافية نوعية ، وهذا جانب مهم لابد منه ، لكن هذه الفعاليات بدت وكأنها معزولة عن الجمهور العادي " الأهالي " ولم تأبه لهم كأن هذا الشخص المقامة له هذه الإحتفالية ليس فردا منهم يأكل الطعام ويمشي في الأسواق مثلهم ، مما أفقدها البعد الجماهيري ، وجعلها صفوية بإمتياز ، وقد يجادل البعض بأن مثل هذه الفعالية وجوائزها شأن يهم أهل الأدب ، لكن الأدب بدون جمهور هل يسوى شيء ؟ وهل هؤلاء الأدباء عندما يؤلفون رواياتهم وأشعارهم وقصصهم يؤلفونها لأنفسهم ؟ ؟ هذه الإحتفالية لم تستصحب معها في برامجها موضوعات تخاطب قضايا تناولها أديبنا في رواياته ، وشخصيات رواياته التي أحبها القراء العاديين لأنهم يرون أنفسم فيها ، وفي أحداث الروايات ، لأنها تجسد كثير من قيمهم وفلسفتهم في الحياة ، بعض هذه الشخصيات موجودة في كثير من مجتمعاتنا الريفية في السودان التي نتعلم منها الكثير رغم إعتقاد كثيرون عكس ذلك . وفيما يتصل بالمكان الذي تقام فيه الندوات ، فهو يعبر عن هذه الصفوية ، فهذه الفعاليات تقام في أماكن محددة ، ولا بأس أن تنعقد تلك الندوات التي يؤمها الصفوة والضيوف من الخارج في قاعة الصداقة وصالات الفنادق لضرورات ، لكن ماهو العيب في أن تكون أحد هذه الندوات في أم درمان ، وأخرى في الخرطوم بحري ، ولماذا لا تشتمل هذه الفعاليات على ندوات تتناول قضايا يفهمها بسطاء الناس تقام في أماكن في متناول " أرجلهم " مثل المجمع الثقافي في أم درمان وأماكن اخرى شبيهة في بحري والخرطوم . إن قيام هذه الفعاليات في أماكن مألوفة للجمهور يتم فيها تناول موضوعات تدور حول روايات الأديب الراحل نفسها قد تجد الإرتياح من الجمهور ، وتشعرالناس بأنهم موجودون ويشاركون في هذا الحدث وهذه الفعاليات ، وفي هذا وجه من وجوه التخليد لهذا الرجل الذي نكن له جميعنا مكانة في قلوبنا .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
د.الصادق محمد سلمان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست