كان في حقيبة الرئيس البشير الكثير حينما ولج جوف الطائرة عائداً من قمة أديس.. لكن الرئيس اختار الهم الاقتصادي كعنوان لمؤانسته للصحفيين.. وتخرج عبارة عرضية لكنها تصبح (مانشيت) يصنع الخوف والهلع.. أحد عملاء البنوك سحب من حسابه نحو تسعين ملياراً من الجنيهات.. مجالس المدينة تبحث عن الرجل.. الخبراء يتساءلون عن ما وراء الخطوة.. المبلغ في حد ذاته لا يثير الخوف لكن حينما يستشهد به الرئيس تقفز آلاف الأسئلة الحائرة.
مصادر غير رسمية ولكنها مقربة من قلب الحكومة تشير إلى أن دولة شقيقة تستورد من الإبل وتصدر لنا الدراما تشرع في تزوير عملتنا الوطنية.. القصة الخرافية محاولة لرمي كرة اللهب في اتجاه بعيد.. وأرتال من الجنود يتوجهون للجبهة الشرقية.. ثم يأتي وزير الدولة بالمالية ليكمل الناقصة.. يحاول عبدالرحمن ضرار الدفاع عن السياسات المالية ويعني الأزمة للمجهول حينما يقول إن عجز الميزان التجاري في دول أخرى تشابه واقعنا لم يؤدِ إلى انفلات سعر الصرف.. ويقر أنهم اضطروا لطبع مليارات من الجنيهات.
بدلاً من أن يعقد رئيس الوزراء مؤتمراً صحفياً على الهواء يشرح الأزمة ويقدم الحلول لاذ الرجل بالصمت في موسم الأعاصير.. الرئيس اتجه للهمس في أذن القوات النظامية فيما الشعب فاغر فاه ينتظر المجهول.. في هذا المناخ يهرع الناس نحو البنوك لسحب أموالهم.. الصرافات تعجز عن القيام بالمهمة.. كاميرا قناة الجزيرة تنزل للشارع لتصور الخوف والصفوف التي تحاصر البنوك.
كان من الممكن التحسب لكل هذه السيناريوهات.. النظام المصرفي قائم على الثقة.. الفقراء يودعون أموالهم في المصارف لأنهم لا يستطيعون ولا يحبذون المغامرة.. الأغنياء يستثمرون في هذه الأموال.. القاعدة تفترض أن خُمس المودعين ربما يحتاجون أموالهم في ذات اللحظة.. أي اهتزاز في الثقة أو عدم اطمئنان للعملة الوطنية يجعل الناس تبحث عن مخازن جديدة للثروات.. الحلول الأمنية جعلت الدولار ملكاً على السوق.. هنا بدأت تتضح معالم الأزمة التي صنعت الحكومة بعض من جوانبها.
في تقديري وحتى هذه اللحظة تتقن الحكومة صناعة الخوف.. حينما يتحدث وزير التجارة أنهم وقعوا عقوداً لتصدير سلع بثمانية مليارات دولار في يناير فقط.. وحينما يحمل وزير الدولة بالمالية البشريات أن الرئيس سيستلف لنا بعض القوت من دول شقيقة.. كل ذلك يؤكد أننا فقدنا السيطرة على الأوضاع.. أو أن الحكومة تبالغ في الأرقام.. المحصلة النهائية أن الرؤى متضاربة.. إن وصلت صادراتنا في كل العام لذلك المبلغ لن تكون هنالك أزمة بل ربما فائض يقينا شر السؤال الذي لم يترك في وجهننا مزعة لحم.
بصراحة.. مطلوب من رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء لقاء مكاشفة.. من حق الشعب أن يعرف الحقيقة بدون مبالغة أو تقليل.. من حق الجمعية العمومية أن تملك كل المعلومات حتى تتخذ القرار الصائب.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة