كان السيد في انتظارنا في الوقت المحدد.. بدأ الشاب في الثياب الدينية مثل قديس.. حيث ارتدى الشاب جلباباً بلون غامض تعلوه عباءة بنية.. فوق الرأس تتكور عمامة صغيرة ملفوفة بعناية فائقة.. ما إن انتهينا من التسجيل والتصوير وإذا بالشيخ ينزع (عدة) الشغل.. قذف بالعمامة بعيداً وتخلص من الرداء الثقيل.. بعدها أشعل سيجارة من ذاك النوع المستورد.. عدد من الصبيان كانوا يعدون فناجين القهوة على جمر حار.. سألته عن هوية الصغار فرد أنه يكفلهم نيابة عن ذويهم الذين تبرعوا بهم في سبيل التماس البركة.. لكن الصغار بدلاً عن الذهاب إلى المدارس تم استخدامهم في الخدمة المنزلية الشاقة. قبل أيام لفت نظري إعلان في إحدى الصحف.. الإعلان باسم البنك الإسلامي السوداني يهنئ فيه الحكومة والشعب برفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية .. لكن الإعلان يحمل صورة مولانا الميرغني باعتباره راعياً للبنك.. أن يرعى السيد الطائفة الختمية فذاك أمر يخص المنتسبين إليها.. أن يكون مولانا رئيساً مدى الحياة لحزب سياسي فهذا تقدير متروك لمجلس الأحزاب والأعضاء المحترمين للحزب الاتحادي.. لكن ماذا يعني أن يكون لبنك تجاري راعٍ ديني.. سؤال يستحق سرعة الرد من البنك المركزي. قبل سنوات كتبنا احتجاجاً شديد اللهجة لأن أحد البنوك جعل رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس أمنائه.. قلنا وقتها لن يتجرأ أحد على محاسبة بنك يرأسه الرئيس.. ومن حسن الحظ أن ذاك الوضع المعوج تم تصحيحه لاحقاً.. وحينما تم اختيار دكتور صابر محمد حسن ليشغل منصباً مرموقاً بالبنك الأهلي المصري قلنا لا يصح أن يعين محافظ بنك السودان السابق في منصب قيادي لبنك في سوق المنافسة.. وكان قانون بنك السودان وأعرافه تسند مطلبنا العادل. من المهم أن تكون المصارف بعيدة عن اللعبة السياسية.. هل يستطيع مدير البنك الإسلامي أن يمنع أحد أبناء الراعي من الاقتراض من مصرف والده.. وهل إذا أخفق أحد منسوبي الأسرة الكبيرة في تسديد مديونية سيتم التعامل معه كعامة العملاء فتباع أصوله في سوق الله أكبر أو يقذف به في جحيم سجن الهدى لحين السداد.. من سوء الحظ أن كل الأجوبة لهذه الأسئلة المحرجة تقترب من كلمة (لا.. لا) .. هل سيسمح لشيخ الزبير أن يكون راعياً لبنك أم درمان الوطني.. وماذا عن البنوك التي لا تستند على ظهر سياسي.. إذا كان مولانا يحوز على غالبية الأسهم فمن حقه أن يكون رئيساً لمجلس إدارة البنك الإسلامي.. ينطبق عليه القانون العام المنظم لمسيرة المصارف السودانية. في تقديري مطلوب من البنك المركزي أن يصحح هذا الوضع المسيئ للمصارف السودانية.. على أقل تقدير في هذه الرعاية الكذوب استغلال لمشاعر البسطاء.. في السابق تخصص مصنع مصري في صناعة عطر عادي جداً.. لكن تم تسويقه باسم (السيد علي)، وكان العطر يحمل صورة الزعيم علي الميرغني عطر الله ثراه.. لم يتجرأ أحد أن يبذل رأيه في عطر يحمل صورة أحد الأولياء في قول كثير من الأتباع.. الآن البنك الإسلامي يتدثر بصورة السيد محمد عثمان الميرغني لتحسين صورته بشكل فيه كثير من الابتزاز. بصراحة.. يحتاج البنك المركزي لإحكام الرقابة على المصارف.. من يعتقد أن البنوك مؤسسات خاصة فهو مخطئ.. هذه مؤسسات عامة ما دامت حفيظة على أموال كثير من المودعين.. بل من المفترض أن تخضع لمراجعة المراجع العام باعتبار أن أي سوء إدارة سيلحق الضرر بقطاع واسع من المواطنين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة