:: وصلاً لما سبق بزاوية الأمس، وكان عن طلب بعض المستثمرين السعوديين بفك حظر تصدير الفحم النباتي ، ثم الإشادة برفض وزير الدولة بالزراعة والغابات للطلب - في اجتماع مجلس الأعمال السوداني السعودي المشترك - بالنص القائل (مافي طريقة).. ومثل هذا الطلب الغريب - والمرفوض - يجب أن يفتح باب السؤال حول ما تحتاج إليها البلاد و شعبها من الإستثمارات، ثم اليقظة بحيث لا يستغل البعض أزمة البلد الاقتصادية إستغلالاً خبيثاً باسم الاستثمار، ويكون الحصاد (خراب البلد)..!! :: والشاهد أن مراكز القوى الفاسدة التي أقنعت الحكومة بفك حظر تصدير إناث الأنعام، هي ذات مراكز القوى الفاسدة التي تطالب الحكومة بفك حظر تصدير الفحم النباتي، وكل هذا يحدث باسم الاستثمار .. والأغبياء الذين يطالبون بفك حظر تصدير الفحم لا يعلمون أن البلاد شهدت - خلال 2000 /2011 - تحول 12 مليون فدان من الأرض الخصبة إلى (فيافي جرداء)، وأن معدل التصحر قد تسارع - خلال تلك الفترة - لحد تقلص مساحة الغابات بحيث تصبح فقط (10%) من مساحة البلاد، حسب تقرير هيئة الغابات ..!! :: والمهم .. في الذاكرة نقاش ما بين السادة وزراء الكهرباء و الإستثمار أمام نائب رئيس الجمهورية قبل ثلاث سنوات تقريباً، وفي ثناياه تجلىت عيوب وثغرات الإستثمار في بلادنا..إتهم وزير الإستثمار والصناعة بالشمالية وزارة الكهرباء بإعاقة الإستثمار في البلاد، وقال بالنص الغاضب : ( لو منحنا المستثمر تصديقه خلال يومين فقط تبقى القضية في الكهرباء، وحال المستثمرين في الشمالية ينطبق عليهم المثل : زي إبل الرحيل شايل السقا وعطشانة)، أي الولاية التي تصدر الكهرباء لكل السودان عاجزة عن توفيرها لمستثمرييها..!! :: ولكن هذا الإتهام لم يرض وزير الكهرباء، إذ رد غاضباً : ( صرفنا على الكهرباء ثلاثين مليار دولار ، ويجب ألا نمنحها مجانا لكل المستثمرين، و يجب أن نرفض مد الكهرباء مجانا لمستثمرين لاتستفيد منهم البلاد، وكمثال منحنا الكهرباء - مجانا - لمستثمرين في مجال البرسيم، إستفدنا شنو نحن من البرسيم؟؟)، هكذا كان التبرير والدفاع المشروع ..ولم يفعل نائب الرئيس شيئاً أمام هذا السجال غير أن يوجه وزراء الإستثمار بعدم منح أي تصديق لأي مستثمر إلا بعد الرجوع إلى سلطات الكهرباء.. وللأسف، هذا التوجيه ليس حلاً لاحدى أزمات الإستثمار في بلادنا، وهي أزمة الخارطة الاستثمارية ..!! :: هناك شئ في كل دول الدنيا - ما عدا السودان طبعاً - اسمه (الخارطة الإستثمارية) .. فالسلطة المركزية المسؤولة عن الإستثمارات، وبكامل التنسيق مع سلطات الولايات والمحليات والكهرباء والمياه، هي التي تعد وتطبع وتوزع وتنشر (الخارطة الإستثمارية)..بعد إجراء الدراسات العميقة على التربة والمناخ وكل عوامل الطبيعة، بحيث هنا يصلح الزرع وهنا تصلح الصناعة وهنا تصلح السياحة، ثم بعد مدها بشبكات المياه والكهرباء والطرق .. أوهكذا الخارطة الإستثمارية، بحيث تكون الأرض جاهزة للإستثمارات التي تفتقدها البلاد وشعبها ..!! :: ولكن بالسودان، فالخارطة الإستثمارية هي (الفوضى)..كأن تصدق الحكومة للمستثمر بالارض بغرض الاستثمار (كما يشاء)، ثم يتفاجأ المستثمر بعدم توفر الكهرباء لأنه يزرع برسيماً وليس قمحاً، أو برفض وزير الدولة بالزراعة والغابات لطلباته لأنه يطلب تصدير الفحم وليس العدس..فالخارطة الإستثمارية المعتمدة - بالدراسات والبنيات التحتية والخدمات- هي التي تٌلزم المستثمرين بالإستثمارات التي حصادها (النهضة والتنمية)..أما تجفيف المراعي من المواشي بتصدير إناثاها أو تغطية المراعي بالرمال بعد قطع أشجارها وتصدير فحمها، فهذا ليس باستثمار، بل .. ( إستحمار)..!!
ولكن هذا الإتهام لم يرض وزير الكهرباء، إذ رد غاضباً : ( صرفنا على الكهرباء ثلاثين مليار دولار ، ويجب ألا نمنحها مجانا لكل المستثمرين، و يجب أن نرفض مد الكهرباء مجانا لمستثمرين لاتستفيد منهم البلاد، وكمثال منحنا الكهرباء - مجانا - لمستثمرين في مجال البرسيم، إستفدنا شنو نحن من البرسيم؟؟)، كلامو صح الوزير (على غير العادة ) البرسيم يزرع في اراضينا ويسقى من مياهنا ويصدر الى السعودية فماذا نستفيد نحن ؟ كمان عايزين يدوهم كهرباء بالمجان دا استثمار ولا استغلال ؟ تصدير الاناث كارثة بكل المقاييس :الان الخروف السواكني سعرو في السعودية يساوي تقريبا سعرو في السودان 500-650ريال واصبح يستولد ويربى في السعودية بالعلف السوداني والامهات السودانيات وبعد سنوات قليلة قد يتم الاستغناء تماما عن الوارد السوداني ويصبحوا في حوجة لاعلاف فقط يتم توفيرها من السودان عبر هؤلاء المستثمرين ونكون احنا في السودان اكلنا نيم !
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة