:: يُحكى أن الخادم كان كسولاً وفاشلاً وكثير الأخطاء، وبارعاً في التزلف والنفاق و(كسير التلج)..ومع ذلك، ظل سيده متمسكاً به وراضياً عنه ولم يكن يعاقبه على الأخطاء رغم فداحتها، ليستمتع بالتزلف والنفاق و (كسير التلج).. أمره ذات صباح أن يًحضَر له شاي بدون سُكر، ولكن الخادم الفاشل أحضر شاي بطعم العسل، فزجره : ( انت غبي ؟، مش قلت ليك بدون سًكر، جايبو لي عسل؟)، فبدلاً عن الإعتذار، امتص غضب السيد هامساً : ( وحات الله بدون سًكر، بس انت لسانك طاعم)..!! :: تحويل الفشل والكسل والخطأ والفساد إلى تزلف ونفاق - مراد بهما إرضاء السلطات العليا - تجاوز مرحلة الظاهرة وصارت من طبيعة الأشياء في بلادنا.. وعلى سبيل المثال الراهن، منذ يوم رفع الحظر الاقتصادي الأمريكي و إلى يومنا هذا، تفيض صفحات الصحف بالمهنئين والمهنئات، وبالمتملقين والمتملقات و (كسارين التلج).. البنوك تهنئ الحكومة ووزير المالية بالقرار، الشركات التجارية تهنئ الحكومة و وزير التجارة بالقرار، الهيئات الحكومية تهنئ الحكومة و الوزراء بالقرار.. وهكذا.. تهانئ - كما أشعار شعراء مجالس بني أمية - غارقة في بحور التزلف والنفاق .. !! :: والأدهى إنحدار بعض قبائلنا وعشائرنا إلى مستوى تلك المصارف والشركات والهيئات (تملقاً وتزلفاً)، وذلك عبر تهانئ نظارها وشيوخها وهيئات الشورى.. لقد أخطأت الحكومة قبل عقود، فحاصر الأمريكان الشعب و البلد اقتصادياً (20 عاماً)، ثم تراجعت الحكومة عن الأخطاء وطبعت علاقاتها مع خصوم الأمس وتصالحت مع من حولها، ليرفع الأمريكان حصارهم عن الشعب والبلد، فأين الإنجاز هنا بحيث يتم إغراق وسائل الإعلام بسيول التهانئ و جبال (التلج).؟.. رفع الحظر الاقتصادي عن البلاد ليس انجازاً حكومياً، ولكن بغض الأنظار - و صرف العقول - عن أسباب الحظر صار هذا الرفع انجازاً يستدعى كل هذا الصخب ..!! :: كل ما في الأمر كانت هناك سياسة داخلية خاطئة تعزل الشعب والبلد عن محيطهما الاقليمي والعالمي، وتغيرت تلك السياسة بحيث يرفع الاقليم والعالم حصارهما عن الشعب والبلد، فاين الانجاز بحيث تهنئ البنوك والشركات والهيئات الحكومة التي تسببت في الحصار بكل هذه الغزارة - و القذارة - وكأن تصحيح السياسات الخاطئة إنجاز وإعجاز ؟.. للأسف هي ليست تهانئ صادقة، بل نوع من التزلف ولحس حذاء السلطة و ( وحات الله بدون سًكر، بس انت لسانك طاعم) .. وهذه الظاهرة لم تكن مألوفة في العمل العام، بل كانت البنوك والشركات والهيئات والقبائل في عهود السودان الزاهية (ذات هيبة )، وكذلك كانت مرافق الدولة - وخدمتها المدنية - عفيفة وبعيدة عن التزلف و النفاق و الخوض في وحل الهتافات السياسية ..!! ::ما الذي يحدث ؟.. لم يكن وكيل الوزارة يستغل مثل هذه الأحداث السياسية ليتزلف وزيره في الاعلام ، ولا كان المدير يستغل الأزمات السياسيىة لينافق الوزير المسؤول عن إدارته في الاعلام .. فالكفاءة وسلامة الآداء ثم الثقة في النفس هي العوامل التي كانت توفر الإحترام والتقدير بين الوزراء ومرؤوسيهم في القطاعين العام والخاص إلى زمن قريب..نعم، بالكفاءة والثقة النفس وسلامة الآداء والإنتاج كانت البنوك والهيئات والشركات تكسب احترام المجتمع و الحكومة، وليس بأغطية الفشل و العجز والفساد المسماة باعلانات التهانئ ..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة