المكان: منزلنا المتواضع بمنطقة الخوير/ مسقط/ سلطنة عمان
الزمان: ما بين الثانية والنصف ظهراً والسابعة والنصف من مساء يوم السبت 23/سبتمبر/2017
مدخل إلى الحوار:
كان أول لقاء لي بمساعد مدرب الهلال الحالي، الأخ العزيز محمد الفاتح حجازي قبل 15 عاماً كاملة، حين كان يقيم وقتها بيننا هنا في سلطنة عمان التي حل بها قبلي بسنوات، قبل أن يقرر ود الفاتح العودة للوطن الذي ظل يقيم به منذ تلك الفترة وقد طال غيابه عنا، لذلك عندما علمت من الأخ حسين عبد الحفيظ بعودته للسلطنة في زيارة قصيرة حرصت على لقائه، حتى اتعرف على أحواله وأرى ما فعلته به الدنيا طوال هذه السنوات، فقد كانت الأيام التي قضاها معنا قبل هذه السنوات الطويلة جميلة ورائعة.. قدمت له دعوة لتناول وجبة الغداء معي في دارنا، فأستجاب في الحال وكان لقاؤنا الذي استمر لخمس ساعات بالتمام والكمال اجتررنا خلالها بعضاً من الذكريات الجميلة ، وسألته عن حاله وأحواله الخاصة، وعن الجهد الكبير الذي بذله من أجل تطوير نفسه كرياضي ومدرب، وعن الهلال وما يجب أن يكون عليه، كما تناقشنا في شئون رياضية شتى، فإلى الحصيلة الموجزة للحوار ( الونسة).
سألت محمد الفاتح أولاً عن سر عودته للهلال مجدداً، رغم خروجه منه في المرة السابقة بطريقة لم تكن مقنعة ولا مرضية للكثير من الأهلة، فكان رده: " عندما نُطلب للهلال نجد صعوبة كبيرة دائماً في الرفض، وحينها ننسى كل المرارات ولا نفكر سوى في تقديم ما نستطيع تقديمه لهذا العشق الأزرق".
وسألته عن الكيفية التي عاد بها بعد أن أقيل في مرة سابقة وجاء الرد: "كنت على تواصل مع رئيس النادي، أشرف الكاردينال وقبل العودة بأيام كان يسألني عن مكان تواجدي وعن أمور أخرى تتعلق بجوانب فنية تخص النادي، ثم بعد أيام من ذلك جاءني خبر إعادة تعييني كمساعد للمدرب خالد بخيت عبر اتصال هاتفي من الأخ عماد الطيب، أمين عام النادي".
وضمن هذا السياق سألته عن علاقته بمدرب الهلال الأسبق باتريك الذي سبق أن قدم لي خلال حوار معه إشادة كبيرة بمحمد الفاتح، فقال حجازي " علاقتي به كانت مميزة للغاية وكان يحترمني بصورة كبيرة لدرجة أنه خلال رحلاتنا للولايات بالحافلة كان يريد أن يأمر أحد مساعديه الأجانب بالانتقال لمقعد خلفي حتى أكون بجانبه في حلنا وترحالنا، لكنني طلبت منه أن يبقي الوضع على حاله وقلت له دعني أجلس خلفك فهذا مريح بالنسبة لي ويتيح لي الإجابة على أي استفسار قد يطرأ على ذهنك في أي لحظة بسهولة."
ثم سألت محمد الفاتح عن رئيس الهلال أشرف الكاردينال فقال " الكاردينال يحب الهلال حقيقة، وهذا أمر تأكدت منه تماماً، ولديه بعض المشاريع الطموحة وهذا بالمناسبة أحد أسباب عودتي للهلال بدون شرط أو قيد."
سألته عن المشاريع الطموحة التي دفعته للعودة فحدثني بصورة أخوية ( وليس بصفة صحفي يحاور مدرباً) عن تلك المشاريع وعرفت كل ما يدور برأسه حولها، لكنه أوضح لي أن الوقت لم يحن للكشف عن كل ذلك، لأن هناك اتفاقاً مع بعض الأطراف أن يتم التوافق على جملة من الأمور بعد عودته للوطن مطلع الأسبوع القادم، وحينها سيتم تبشير الأهلة بتلك المشاريع عبر قناة الهلال حتى يكون السبق لها.. واحتراماً لهذا الاتفاق احجم عن ذكر تفاصيل نقاشنا في هذه الجزئية، لكن أؤكد فقط للأهلة أن ما سمعته من رجل أثق في فهمه وقدراته يبشر بخير وفير، وكل العشم أن يمضي رئيس الهلال الكاردينال مع محمد الفاتح في هذه الجزئية للآخر ودون تردد أو تراجع مهما حصل.
سألت محُدثي عن علاقته بالمدرب خالد بخيت كمساعد له رغم أنه أقدم منه وأنه يحمل حسب علمي مؤهلات تفوق ما لدى خالد فكانت الإجابة: أنهما يحاولان العمل بانسجام من أجل دفع فريق الكرة للأمام، فهذا هو المهم، أما الأقدمية والمؤهلات فلا تشكل هاجساً بالنسبة له، كما أن المشروع الذي حدثتك عنه هو أكثر ما أفكر فيه، وليس هناك مشكلة في أن أكون مساعداً لخالد أو يكون خالد مساعداً لي، وكل العشم هو أن نتعاون معاً، بعيداً عن أي مؤثرات خارجية حتى نقدم خدمة تستحق ويذكرها لنا التاريخ.
ثم طلبت منه أن يحدثني قليلاًَ عن جهود تطوير الذات التي بذلها خلال السنوات الماضية فعرفت أنه عمل طوال السنوات الماضية بعدد من المنظمات في مجالات الهندسة والتواصل والترجمة، كما أتاح له عمله بمدينة الفاشر فرصة للالتحاق بجامعة الفاشر للحصول على بكالوريوس في اللغة الإنجليزية بفكرة أن يعينه في عمله في مجال التدريب.. وبين هذا وذاك حصل على جميع رخص الكاف للتدريب وصولاً للرخصة (أ)، كما التحق بدورات تنظمها رابطة الدوري الإنجليزي بالتعاون مع المجالس الثقافية البريطانية في مجال يُعرف بـ ( Community Coaching)، وحصل فيها على مؤهل ( مدرب مدربي مجتمعات) أي تدريب من يتولون مهمة الـ Community Coaching ( وللتوضيح يعني هذا المجال بإيجاد مدربين قادرين على فهم رسالة الرياضة في تنمية المجتمعات المحلية والسعي لتحفيز الشباب على استغلال مهاراتهم من أجل المساهمة الفاعلة في مجتمعاتهم وعدم التعامل مع الكرة على أنها مجرد لعبة تنتهي بالخروج من الملعب او بعدم توفيق اللاعب في الوصول للنجومية أو منتخبات بلاده، بل لابد أن يكون للاعب الكرة دوراً مجتمعياً، وحتى يتسنى له القيام بمثل هذا الدور على أكمل وجه يجب تطوير قدراته الذهنية وتوسيع مداركه عبر التعليم وتثقيف الذات) .. كما يسعى كابتن محمد الفاتح حالياً للحصول على رخصة محاضر بالكاف والاتحاد السوداني وذلك عبر دورات ينظمها الكاف.
سألته: ما مشكلة اللاعب صهيب الثعلب؟ فقال لي بإريحية تامة: "الثعلب ليس لديه أي مشكلة، وكل ما يحتاجه هو المزيد من التجارب" .. وهذا يقودني لدعوة الكابتنين خالد ومحمد الفاتح نفسه لمنح الفتى التجارب التي يحتاجها حتى يصقل موهبته ويشتد عوده باعتباره موهبة قابلة للتوهج، وقد كان هذا رأيي فيه دائماًُ، وأحمد الله على شهادة أحد مدربيه، الأمر الذي يؤكد على بعض مفاهيمنا الخاطئة التي تحتاج لتصحيح سريع، حيث أن أمثال الثعلب يُبعدون عن المشاركات رغم مواهبهم بحجة الحاجة للمزيد من الاحتكاك ويفوت على مدربينا دائماً أن الاحتكاك يأتي عبر المشاركات الجادة، وفي المباريات التنافسية ولا يمكن للاعب صغير أن يحصل على الاحتكاك المطلوب من دكة الاحتياطي، فالتمارين وحدها لا تكفي.
وقد فتح السؤال السابق شهيتي للحديث مع الكابتن حجازي حول صغار اللاعبين في الهلال ومدى حاجة الفريق لهم فقال بثقة لا تحدها حدود: " يوجد بفريقي شباب ورديف الهلال عدد مقدر من اللاعبين متى ما وجد الواحد منهم فرصته سيحتل موقعه كأساسي في الفريق الأول"... وهذا يجعلني أعيد مطالبتي لخالد ومحمد الفاتح بمنح الفرصة كاملة لهؤلاء الشباب الموهوبين، فالمفترض أن تكون الفرصة للأفضل دائماً وليس لمن يحظى بشعبية وسط الإعلام أو الجماهير، ومادام الهم الأساسي هو أن يظهر فريق الكرة في الهلال بأفضل صورة، فالواجب هو أن نحفز ونعين من يقدمون كرة القدم الجميلة غض النظر عن الأسماء، وفي ذلك فرصة للإدارة نفسها لتقديم نفسها بشكل جديد تعكس فيه اهتمامها بصناعة نجوم المستقبل، بدلاً من الجري – الذي لا طائل من ورائه- خلف نجوم تسجيلات ( مضروبين) يتكسب من ورائهم البعض، فيما يخسر الهلال ومجلسه، سيما الرئيس الذي يصرف، الكثير جداً، والواقع أنني شعرت بأن الكوتش حجازي مهموم جدا بمستقبل الهلال لذلك يولي عناية خاصة لصغار لاعبي الأزرق.
ثم جاء سؤالي في الختام لكوتش محمد الفاتح عن سبب زيارته السريعة للسلطنة فقال أنه حضر لتجديد إقامة قديمة بعد انتهائها، موضحاً أن مسئولي نادي الكامل بالمنطقة الشرقية بسلطنة عمان طلبوا منه أن يبقى معهم حتى يشرف على أكاديميتهم المخصصة لتدريب النشء، لكنه اعتذر لهم بسبب ارتباطه الحالي مع ناديه الهلال، بعد أن قدم لهم بعض الموجهات والخطط التي تعينهم في آداء مهمتهم.
وحين استغربت لوجود أكاديمية بهذا الحجم بمنطقة تبعد عن العاصمة مسقط، أجابني بأنها أكاديمية جيدة للغاية وأن أهل المنطقة يعملون على تطويرها حتى تشكل رافداً كروياً ومجتمعياً كبيراً وهم يعقدون عليها آمالاً عريضة... وهذا بدوره يقودنا لدعوة القائمين على أمر الكرة في بلدنا للاستفادة من خبراتنا الوطنية، بدلاً من تركها لغمة سائغة ليستفيد منها الآخرون، فما أحوجنا لتعليم النشء أساسيات الكرة بالصورة المثلى وتحفيزهم وتشجيعهم على القيام بأدوار مجتمعية هامة من خلال ممارسة هذه الرياضة الشعبية التي تحظى بمكانة كبيرة في بلدنا دون أن نتطور فيها مثل الآخرين.
مخرج آمن:
لم يكن القصد من هذا الحوار تحقيق سبق صحفي أو استدراج الكابتن محمد الفاتح للبوح بأشياء يمكن أن تقود لصناعة مانشيتات جاذبة، بقدر ما استهدفت مناقشة قضايا الهلال بطريقة تؤدي للفائدة التي ننشدها، ولهذا نشرت القليل جداً مما تحاونا حوله خلال جلستنا الطويلة، وأبقيت على الباقي طي الكتمان إلى أن يعلن عنه صاحبه في اللحظة التي يريد، والرسالة التي اوددت تقديمها من خلال من ذلك هي أن تضع صحافتنا دوماً المصلحة العامة فوق المصالح الشخصية الضيقة ، وأن نكف عن الجري وراء المانشيتات الجاذبة حتى لو أدى ذلك لتخريب الوشائج بين الناس أو تدمير مؤسساتنا،.. فما أعرفه تماماً هو أن بعض زملاء المهنة إن التقاك ولو في موقف حافلات مجرد لقاء عابر سيسعى بكل قوة لاستدراجك لقول كلمتين ضد فلان أو علان وإن قلت الكلمتين في لحظة غضب وليس بقصد النشر، ستجدها في صبيحة اليوم التالي في مانشيت أول أو ثانِ بالصحيفة وهذه سلوكيات يفترض أن تتوقف وإلا سنفقد ثقة الآخرين بنا تماماً، كما علينا أن نكف عن محاولات دعم آرائنا السلبية في إداري، مدرب أو لاعب بما يقوله الآخرون، فكيفي فقط أن نتخذ مواقفنا تجاه هؤلاء الأفراد من واقع القراءة والتحليل لما يفعلونه ويقولونه هم أنفسهم. وفي الختام أعبر عن شكري وتقديري للأخوين الكابتن حسين عبد الحفيظ والكوتش التاج محجوب، الأول على تزويدي برقم هاتف حجازي هنا والثاني على توصيله لمنزلنا، رغم عدم تمكنه من الجلوس معنا بسبب ارتباط مسبق
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
كمال الهدي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست