*كانت الحصة رياضيات بثانوية حلفا العامة.. *فهكذا كانت تُسمى المراحل الدراسية قبل انهيار التعليم في زماننا هذا.. *انهياره أكاديمياً وأخلاقياً أيضاً....مع تفشي ظاهرة (التحرش).. *ليس تحرش بعض الأساتذة بالطلبة وحسب.. *وإنما تحرش بعض الطلاب البالغين بالقاصرين كذلك...في حوش دراسي واحد.. *وذلك بعد دمج مرحلتي الابتدائي والمتوسط ...دمجاً (عبقرياً فذاً).. *وكان أستاذ هذه المادة التي أكرهها محمد حسن (سالومة).. *وسبب كراهيتي لها هو (البلادة) فيها قبل حدوث معجزة نهار ذاك اليوم.. *فقد اكتفى الأستاذ بطرح مسألة معقدة علينا...خارج المقرر.. *وقال إن الهدف من ذلك هو اختبار ذكائنا عبر تحرير عقولنا من قيود المنهج.. *وكان ذكاء الفصل (الجمعي) قد شهد تراجعاً (جماعياً) آنذاك.. *شهد تراجعاً على محك الواقع...رغم شعارات تفوُّقٍ تتطاير في السماء.. *وسأل قبل شروعنا في محاولة الإجابة: من منكم سينجح يا ترى؟.. *وضج الفصل بضحك صاخب حين صحت (أمكن أنا يا أستاذ).. *ولكن الضحك تحول إلى صمت مطبق عندما نجح (الأنا) وحده في حل المسألة.. *ورغم طول هذه المقدمة فإني أراها ضرورية لكلمتنا اليوم.. *فنحن نشهد الآن تراجعاً أخلاقياً على (الأرض)...رغم شعارات تتطاير في (السماء).. *نشهد فساداً حتى في هيئات (دينية)...دعك من الأخرى.. *وهو فساد بلغ حد أن يتحدث عنه المراجع...والبرلمان...والصحافة... والناس.. *ونشهد تكالباً على الدنيا من تلقاء من لا كلام لهم إلا عن الآخرة.. *نشهد مظاهر نعمة (مترفة) على علماء دين...وأئمة مساجد...ومقرئي قرءان.. *ونشهد غضاً للطرف عن كل مظاهر الفساد...ومفاتن الدنيا.. *أما غضهم للبصر عن مفاتن النساء فهذا شأن يخصهم...ولا يُضار منه الناس.. *ونشهد تعطيلاً للقوانين التي تطال (الثراء الحرام).. *نشهد تعطيلاً لها حين تقترب من (الشريف)...وتفعيلاً لها إزاء (الضعيف).. *ونشهد حلاً إثر حل لأجسام تُنشأ لرصد- ومحاربة - الفساد.. *ولا ندري الحكمة من تكوينها أصلاً بما أنها تستنزف مالاً...ولا تسترجع مالاً.. *ونشهد ما يشبه التخريب المتعمد لبعض مقومات اقتصادنا.. *لخطوطنا الجوية...والنهرية...والبحرية...والحديدية.......وخط (هيثرو).. *ولمصانعنا...ومزارعنا...ومشاريعنا...واستثماراتنا.. *ونشهد تدميراً يكاد يكون (ممنهجاً) لكثير من (مناهجنا) الدراسية.. *ولسمعتنا التعليمية...وبحوثنا الأكاديمية...وشهاداتنا العليا.. *كل هذا (يقع) على الأرض وشعاراتنا - باسم الدين- تحلق في السماء.. *وأختم بقصة آخر من يدخل الجنة؛ حبواً...وجثواً...و(عشماً).. *وأقول : لعله (أنا)...بما أن أدائي في اختبارات الدين يشابه أدائي في الرياضيات.. *ورغم ذلك لعلي أصرخ من بين الصارخين بشعارات الدين.. *أصرخ مثل صرختي تلك في الفصل إن سُئلنا : من منكم سينجح؟.. *أصرخ بكل العشم (أمكن أنا !!!).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة