تقرير صحفي للكاتبة الكينيه السيدة كاجوجو موروري و المهتمه بالتنمية في أفريقيا.
تقرير منظمة الشفافية العالمية ضد الفساد.
تعتبر معدلات النمو الإقتصادي في أفريقيا من الأسرع في العالم ،وهذا يمكن ملاحظته بالنظر الي بعض العواصم الإفريقية مثل نيجريا و كينيا و جنوب أفريقيا وأنقولا… الخ حيث تجد معدلات عاليه في بناء ناطحات السحاب و تشييد الطرق و خطوط السكك الحديديه و المساكن الفاخرة و صالات التسوق و التكنلوجيا…الخ ولكن بالرغم من كل هذا هنالك فقر متأصل و إزدياد في الهوة بين الأغنياء و الفقراء. و السؤال البديهي هو لماذا ؟. في المنتدي الإقتصادي العالمي للعام 2014 في مدينة دافوس السويسرية رأي القادة الأفارقة بإن إعداد و تأهيل إفريقيا بالقدرة والدافع سوف يحفذ و يدفع التنمية مستقبلا بخلق وظائف وفرص التصنيع و التوسع في الاعمال التجارية . هنا تري الصحفية الكينيه – علي غرار ان التغير لاياتي بالتمني – يجب البحث عن مخارج شاملة لمجابهة كل إختناقات التنمية و لكي تستطيع إفريقيا معرفة المجالات التي تحتاج الي الإصلاحات وذلك للحاق بركب التقدم و الرفاهيه لشعوبها. - و هنا أود أضيف على تعليق الصحفية الكينية بأن لا تنمية بدون إستقرار سياسي ولا إستقرار سياسي بدون دستور متفق عليه ينشد الحرية و العدل و المساواة و لا ممارسة حقيقة للحرية و العدل و المساواة بدون سيادة القانون و الرقابة والمحاسبة وتداول للسلطة و كل هذا لا يمكن تحقيقه بدون إستقلالية ونزاهة السلطات الرئيسيه الثلاثة: التنفيذية و التشريعية و القضائية - تري الصحفية الكينيه أن علي القادة الأنتباه الي الآتي:
1. الحروب الأهليه و الإرهاب.
الحروب الأهليه و الإرهاب يؤثر في كل أنشطة المجتمع قاطبة و يشل حركة الإقتصاد بصورة عامة و المواصلات و القطاع التجاري و الأمن و الأمان الداخلي ..الخ بصورة خاصة . و من تبعات الحروب أزدياد حدة العطاله و الفقر و عدم الثقة بين المواطنيين. طبقا لمؤشر الإرهاب العالمي للعام 2015 فقد كان تكلفة الإرهاب في العام 52.9 بليون دولار في العام 2014 و 32 ألف فرد توفي نتيجة لإعمال إرهابية في نيجيريا و قد بلغ أجمالي القتلي منذ إندلاع الإرهاب قبل ستة أعوام في نيجيريا مائة ألف شخص. و قد أدي هذا التصعيد الإرهابي في نيجيريا الي إنخفاض النشاط التجاري في إقليم كانوا الي 80% في العام 2015.
2. الفساد المستمر
الفساد في أفريقيا أبطالها القادة في الحكومة و القطاع الخاص. و الفساد أنواعها و أشكالها عديدة و لكن نوع الفساد المقصود في هذا المقال هو الرشاوي . حسب إحصائية هيئة الشفافية العالميه فإن أغلب الحكومات الأفريقيه فشلت في إيفاء توقعات شعوبها بسبب الفساد. أغلبية الدول الأفريقية مدركة بخطورة الفساد و لديها آليات و برامج لمحاربتها ولكن هنالك ضعف في الإدارة السياسية و التشريعات في محاربة الفساد وبالتحديد كبار مسؤلي الدولة. و نذكر في هذا السياق ما صرحت به رئيسة ليبيريا ألين في مقابلة مع هيئة الإدارة الإذاعة البريطانية - بأنها قللت من قدر الفساد في بلدها عند وتوليها منصب رئيس الدولة و كان يجب عليها في ذلك الحين إعفاء كل مسؤلي الحكومة من مناصبهم ...وأضافت الي أن أفريقيا ليست فقيرة ولكن الفقر في إدارتها ... و أن أعمال الفساد - في بعض الأحيان - يستغل لإشعال الحروب و العمليات الإرهابية. التفاضل في شغل الوظائف يعتبر نوع من الفساد.
3. التعليم ونقص المعرفة.
هنالك قطاع – ليس بالقليل – في أفريقيا يعانون من قلة التعليم الأساسي و حتي و إن وجد فإن بعد مسافات هذه المدارس تدفع الأسر تفضيل خيار الحفاظ علي الأطفال في ديارهم لإستغلالهم لإيفاء إحتياجاتهم بدلا من إرسالهم لهذه المدارس البعيدة. قلة المهارات و المعرفة الصحيحة يعرقلان التقدم الإقتصادي و في هذا السياق صرح السيد أديجوموبي – رئيس قسم الإدارة العامة للهيئة الإقتصادية للإمم المتحدة والخاص بإفريقيا -" التعليم الذي يحتاجه افريقيا هو تعليم المهارات على أساس التكنلوجبا المنافسة عالميا. لكي تكون أفريقيا منافسة عالميا يجب الإستثمار في إعادة تأهيل التعليم و أنظمة البحوث العلمية. غالبية الشباب الأفريقي بدون عمل نتيجة للتعليم غير الكافي و المهارات و القدرات الفنية الناقصة .
4. الصحة و الفقر
هنالك علاقة متداخلة بين الفقر و الخدمات الصحية. أفريقيا فشلت في بناء بنية تحتية و إنظمة خدمات صحية وهذا أدى و يؤدي الي تحجيم النهضة و التقدم الإقتصادي . الفقر يؤدي الي التدهور الصحي للإنسان الأفريقي و في نفس الوقت الفقر هو ناتج عن التدهور الصحي للإنسان الإفريقي. حسب تقارير منظمة الصحة العالمية إن 2 مليون شخص في فقر مدقع بإقل من دلارين في اليوم. الأمراض تنتشر كالنار في الهشيم في المناطق الفقيرة نتيجة لغياب المرافق الصحيه الأساسيه ومثال ذلك الناموسيات ومرض نقص المناعة . مثل هذه الأمراض و غيرها تشل حركة ونشاط الأسر و التي تعاني من مثل هذه الأمراض و غيرها ، حيث تقلل من فرص رفع كاهل الفقر ورفع مستوى العيش للإسرة في المستقبل نتيجة للوقت المهدر في مكابدة المرض و الفقر.
5. المواقع الجغرافية المغلقة
هنالك دول لها مواقع جغرافية تجعلها محاطة بدول غير مستقرة ومناطق نزاعات و خير مثال لهذه الدول هي دولة يوغندا فهي محاطة بدولة جنوب السودان و جمهورية الكنغو الديمقراطية و اللتان تعانيان من الحروب الأهليه المستمرة. و هنالك دول تعتبر مغلقة جغرافيا مثل سويسرا و لكن يحيط بها دول بإقتصاديات مستقرة و قواعد تجارية مبتكرة. مهما كان شكل الموقع الجغرافي فيجب أن تكون هنالك أفكار إبتكارية لكيفية إستغلال الموارد المتاحة و المتوفرة لتنمية حياة الناس .
6. المساعدات الدولية
في الماضي القريب – وفي قمة الحكومة الدولية الرابعة في رين - كان القادة الافارقة يتجادولون بأن المساعدات الدولية حجمت مجهودات التنمية في افريقيا وصرح الرئيس الراوندي كاقيم بأن لا نعتمد علي المساعدات الدوليه ولكن بدلا من ذلك علينا بناء المؤسسات و الإقتصاد وأضاف الرئيس القول بأن نظرتنا المستقبليه يجب أن نتأكد من أننا قادرين الوقوف على اقدامنا ننمى بلادنا و نجذب الإستثمار – ليس هنالك سبب أن لا نستطيع تنمية التجارة بين الدول الإفريقيه كما هو حاصل في أمريكا و أوربا ..و صرح مزيدا ما معناه أن الإدارة الجيدة هو المهم و ليس الحجم. قامت منظمات غير حكوميه خيرية بتقديم مساعدات لإفريقيا في مجال الصحة و التعليم و الإدارة الحكومية و قطاعات أخرى من المجتمع الأفريقي و لكن في الجانب الآخر تم إتهام منظمات خيرية أخرى أجنبيه في إستغلال تعسفي لبعض الأهالي لتحقيق مقاصد ذاتية أو أغراض أخرى و مثال ذلك الأحياء الفقيرة في كينيا و التي لاتبتعد كثيرا عن العاصمة نيروبي وهذه الأحياء مليئة بالمنظمات الخيرية و التى لم تعمل الكثير لقاطني هذه الأحياء .
الدول الداعمة لإفريقيا بالمساعدات هي المستفيدة في المقام الأخير و ذلك لإن جملة الأموال المتفقدة لإفريقيا سنويا في حدود 134 بليون دولار في شكل قروض و إستثمارات و مساعدات و في الجانب الآخر فإن هنالك مبلغ في حدود 192 بليون دولار تخرج سنويا من أفريقيا في شكل أرباح الشركات الأجنبية و التهرب الضريبي وتكلفة معالجة آثار التغيرات المناخية و هذا يعني في المحصلة النهائية أن مبلغ 58 بليون دولار سنويا تخرج من أفريقيا و بمعني آخر أفريقيا هي التي تمول الدول الغربية المعنية عبر مؤسساتها التجارية و نفس الوقت أفريقيا هى الملامة لسوء إستغلال و عدم الإستفادة من المساعدات بواسطة المسؤليين ووسائط الفساد.
7. السياسات التجارية غير العادلة
أفريقيا تحتاج الي إتفاقيات تجارية مع دول الجوار والدول الأخرى على أساس المنفعة المشترك وتنشيط الإقتصاد الوطني.
هنالك إجماع بأن الفساد أصبح معرقل أساسي في التنمية في أفريقيا و هنالك عوامل معرقلة في عملية محاربة الفساد في إفريقيا و حددت منظمة الشفافية العالمية العوامل التالية:
1. يجب إنهاء حضانة الفساد.
هذا يتم عن طريق سن قوانيين فعالة لمعاقبة المفسديين و كسر طوق الحضانة و التي يتمتع بداخله المفسديين حرية ممارسة الفساد . هذه القوانيين يجب أن تكون واضحة وصارمة و مدعومة بأذرع لإنفاذ القوانيين و الإلتزام بها ونظام قضائي مستقل و هذا إضافة الي جمعيات مدنية لدعم كل الحراك الوطني في محاربة الفساد.
2. إصلاح الإدارة العامة والإدارات المالية
فعالية الإصلاح الإداري – بصورة عامة – يعتمد غلى تطبيق النظريات و المعايير العالمية المتفق عليها مع مراعاة مستوى التعليم و الثقافة و الأجهزة الحكومية الأخري و التدريب النظري العملي الفعال للعامليين كافة .
تصميم هيكل إداري فعال يقوم بإدارته أكفاء و بظام ضبط ورقابة فعالة و محاسبة دائمة لتصحيح مسار العمل الإداري . بعد هذا الإجراء يأتي نظام الموازنة العامة و هذا النظام يختص - بصورة عامة ومختصرة في تحديد مصادر الدخل سنويا للدولة و تحديد أوجه الصرف في كل أنشطة الدول لهذه المصادر. وإعداد الموازنة السنوية هو عمل يشارك فية كل المسؤليين و العامليين في الدولة و يتم في السنة التي تلي أعداد الموازنة مطابقة التقديرات مع المحصل و المنصرف حقيقة و تحليل ودراسة أسباب الفجوات بين التقديرات و الواقع وبالتكرار سنويا تستطيع الإدارات المختصة تحديد مكامن الخلل في التقديرات أو التحصيل أو الصرف وبالتالي يتم تضييق الخناق علي الفساد و الياته. ونظام الموازنة الفعالة يساعد مكاتب المراجعة الداخليه ومكاتب التدقيق الخارجي و مكتب المراجعة العام في أداء مهامها و كشف و تحديد مواقع الفساد.
3. تعزيز الشفافية و الحصول علي المعلومات
للحد من الفساد فالحكومات الناجحة في هذا المجال تنتهج سياسة الإنفتاح وحرية الصحافة و الشفافية و الحصول على المعلومات.
4. تمكين المواطنيين
الإستجابة – بواسطة الحكومة – في مشاركة المواطنيين الفعاليين لمساءلة الحكومة بطرق واعية ومدرك ومنظمة و فعاله و ذلك لتغذية الثقة المشتركة بين المواطنيين و الحكومة ، ومثال ذلك مبادرة الرصد الإجتماعي قد يؤدي في بعض الحالات الي كشف الفساد و يقلل من تسيب المال العام و قد يحسن من الأداء الخدمي للإدارات الحكومية.
5. إغلاق الثغرات في النظام المالي الدولي لإرجاع الثروات المنهوبة
المفسدين في الإدارات الحكوميه و القطاع الخاص يحولون أموالهم المسروقة الي مراكز مالية خارج بلادهم . مؤخرا وافق الإتحاد الأوربي في تنفيذ قانون مكافحة غسيل الأموال و التي يلزم الدول الأعضاء في الإتحاد الأوربي تسجيل أسماء المستفيدين من الشركات المسجلة داخل حدودها ، ولكن هذه القوانيين لا تلزم هذه الحكومات لنشر أسماء هذه الشركات للعامة. و قد قامت كل من النرويج و المملكة المتحدة و أوكرانيا بإعتماد التسجيل أضافة الي نشر أسماء هذه الشركات للعامة.
الخلاصة العافيه درجات و مثالية الواقع يأتي مع الوقت و الآن المهم أن نضع الأساس النظري ( القوانيين و الأنظمة) و بعدها نتعامل مع الواقع حسب درجة التهيأ ...و تهيأة الواقع يحتاج الوقت و الجهد و علينا تجنب إقلاع الأشياء من جذورها مرة واحدة. والله المستعان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة