أعجب من كُتّاب كبار يعميهم الكيد السياسي عن رؤية ضوء شمس الحق المبين فيعمدوا إلى تحريض الطلاب على التمرد وإلى منح القتلة منهم صك براءة يدفعهم إلى التمادي في سفك الدماء وإحراق المنشآت الجامعية وتعطيل الدراسة في تجاهل مخز للقتلى من الشرطة الذين لا بواكي لهم بالرغم من أنهم مخولون بحفظ الأمن وكبح جماح المتطاولين على القانون. أقول لهؤلاء وأشباههم من أسرى (فش الغبينة) إنهم يلعبون بالنار التي لن تستثنيهم في ذلك اليوم الذي يرونه بعيداً وأراه قريباً جراء نزقهم وطيشهم وتجاهلهم لخطورة ما يفعلون على وطن مأزوم بالصراعات القبلية والجهوية والعرقية التي توشك أن تدمره تدميراً. لو كان ما ارتكبه أولئك المتمردون الذين يعتبرهم كُتّاب الغفلة طلاباً رغم أنهم لا يختلفون عن قادتهم الخارجين على سلطان الدولة في ميادين القتال ممن يحملون السلاح قتلاً وترويعاً وتدميراً تحت إمرة زعيمهم عبدالواحد (المرطب) في فنادق وحانات باريس وتل أبيب بينما أهله الذين رفع السلاح باسمهم دون تفويض منهم ، يعانون الأمرين تشريداً وبؤساً في معسكرات الذل والعار ..لو كان ما اقترفوه من خطيئة وهم يقتلون ويحرقون جامعة بخت الرضا يحدث لأول مرة لربما التمسنا لهم العذر، أما أن يكون ذلك ديدنهم وطبعهم في شتى جامعات السودان التي عانت من توحشهم وسلوكهم العدواني الذي ينفجر كل حين فإن ذلك مما يجعل أولئك الكُتّاب شركاء في الجرم في بلاد يختلط فيها الحق بالباطل والخير بالشر والحابل بالنابل جراء ضعف مريع في القانون الساكت حتى عن مرتكبي جرائم الخيانة العظمى وأخطر من ذلك جراء ضعف في التربية الوطنية والأخلاقية وهزال في استبشاع جريمة القتل التي قال فيها رب العزة سبحانه ما كان ينبغي أن يردع من يحمل قلبه ذرة من الإيمان فهل بعد هذه الآية المروعة من زاجر : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)؟! أحد كُتّاب الغفلة في سلوك يشبه قناعاته المحزنة كتب مستغرباً (كيف أن السلاح يدخل إلى أسوار الجامعات محملاً في سيارات تتبع إلى طلاب الحزب الحاكم - المؤتمر الوطني - ومع ذلك تفشل العدالة في توقيف المجرم أمام منصة القضاء)! لن أكذب ذلك الكاتب المغبون فأقول إن ذلك مستبعد من طلاب المؤتمر الوطني الذين لن ابرئهم البتة مما نسبه إليهم لكني أعجب من العدالة العرجاء التي تجعله يتجاوز الواقعة الآنية التي يسهر الخلق جراها ويختصموا وأعني ما حدث في جامعة بخت الرضا التي قتل متمردوها اثنين من الشرطة وأصابوا العشرات وقتلوا طالبة وأحرقوا كلية التربية وعدداً من المنشآت الأخرى ..كيف يسكت هذا الكاتب الأسير لمراراته الشخصية عن هذه الجريمة البشعة انسياقاً وراء أضغانه وعداواته الشخصية وكأن من قتلوا كلاب مسعورة أو كأن من يحرّضهم على مواصلة تمردهم اللعين (ناقصين) هياجاً ويريد أن يزيد من درجة غليانهم وتمردهم! أقول له ولغيره من (المناضلين) إننا عانينا من حكم المؤتمر الوطني كما عانوا وظُلِمنا كما ظلموا وما مصادرة (الانتباهة) منا ومعاناتنا من توقيف (الصيحة) عدة مرات إلا دليلاً على أننا مظلومون ومغبونون لكننا أكبر من أن نخضع لسلطان أنفسنا الأمارة بالسوء لنعلنها مزمجرة : (عليّ وعلى أعدائي) فالوطن أكبر من سخائمنا الصغيرة والله تعالى أكبر ووعده ووعيده أكبر من أن نتجاهله انحيازاً لانتماءات صغيرة لن تنجينا من النار يوم الحساب. ثم تساءل الكاتب الكبير : (كيف تنجح حركات مسلحة تعمل من خارج الحدود في إقناع كل هؤلاء الطلاب بالتعاطف أو الانتماء إلى الحركات)؟! أعلم يقيناً أنه يعلم الإجابة على سؤاله ،.ذلك أنه لو كان الناس ينحازون بالمنطق وبالبينات إلى الحق المبين لما بقي هناك ملحد أو كافر على وجه الأرض بل أن الرجل يعلم تأثير الانتماءات الشخصية والعرقية والجهوية بل والوطنية التي لطالما أشعلت الحروب بين الأفراد والجماعات والقبائل والشعوب والأوطان بل والتي عمت العالم أجمع. ما الذي جعل مناوي يخرج على عبدالواحد، وما الذي جعل الحلو يثور على عقار وعرمان، وما الذي جعل قرنق يملأ حركته الشعبية التي قال إنها قومية ببني جلدته من الجنوبيين بل من قبيلته، وما الذي أشعل الجنوب الآن بين سلفاكير ومشار أو بين الدينكا والنوير ؟ لم يخرج الكبار عن انتماءاتهم الصغيرة والضيقة ليعتنقوا الوطن أو ينحازوا إلى الدين فكيف بصغار يحرضهم كُتّاب الغفلة وتتكأكأ عليهم الأحزاب التائهة تملأ أنفسهم العطشى للثأر وكل ذلك في سبيل (فش الغبينة) التي لطالما حاضرنا حولها السيد الصادق المهدي رغم عجزه عن الفكاك من أسر ما يدعو إلى تجاوزه! أنا حزين ورب الكعبة أن بلادنا بعيدة عن الانخراط في دروب الحكم الراشد والاستواء على جودي الحكمة وأكاد أرى مصيراً اسود يحيط بها من كل جانب طالما أن قياداتها السياسية وقادة الرأي فيها لا يزالون أسرى للأنفس الشح التي تسوقهم نحو مصارعهم ومصارع وطنهم العزيز .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة