ليلة جميلة وممتعة قضيناها يوم الإثنين الماضي مع حديث شيق من الأستاذين محجوب محمد صالح والبروف علي شمو عن ذكريات ومسامرات عن الإعلام والاستقلال بمنتدى الصحفيين بطيبة برس. أستاذ محجوب وبروف شمو أصدقاء أعزاء، لكن يجمع بينهما- أيضا- القدرة على الحديث في أي موضوع بدراية ومعرفة وجاذبية قلّ أن تتوفر لغيرهما. منبر طيبة برس يكاد أن يكون استضاف الاثنين عشرات المرات وفي قضايا وموضوعات مختلفة، وفي كل مرة نجد لديهما الجديد والمفيد، وما لم يقولاه بعد- متعهما الله بالصحة والعافية- وهذه الذاكرة الحديدية. اشترك الاثنان في الحديث عن الأجواء السابقة لإعلان الاستقلال، وتحدث بروف شمو عن الإذاعة ودورها الوطني، خاصة أنه كان مرافقا للزعيم الأزهري في جولاته الإقليمية التي قام بها، وحسمت لديه خيار الاستقلال، وأسهب أستاذ محجوب في الحديث عن الصحافة والأدوار الكبيرة التي قامت بها في التعبئة، وتهيئة الأجواء الوطنية للاستقلال. اتفق الاثنان خلال المنتدى على أهمية يوم 15 ديسمبر 1955 في تأريخ السودان الحديث، وفي ذكريات الاستقلال؛ فقد درج الناس على الاحتفال بالأول من يناير باعتباره اليوم الوطني لرفع العلم، وإعلان الاستقلال، ثم يوم 19 ديسمبر إعلان الاستفلال من داخل البرلمان، لكن لم يذكر الناس من قبل يوم 15 ديسمبر. في هذا اليوم تقدم العضو يعقوب بابكر ممثل دائرة السوكي بسؤال إلى رئيس الوزراء، ووزير الداخلية السيد إسماعيل الأزهري عن مدى صحة الخبر عن منح السودان قواعد عسكرية في البحر الأحمر للولايات المتحدة الأمريكية، وحسب الأستاذين فقد ردّ الزعيم أزهري بالنفي ببساطة؛ لأنه يرأس حكومة حكم ذاتي لا تملك صلاحيات العلاقات الخارجية، ثم أضاف أن مهمة حكومته هي السودنة، وإعداد الدستور، ثم إجراء الاستفتاء حول الاستقلال، وقد أنجزت السودنة، والدستور، وستقوم بإعلان الاستفلال من داخل البرلمان يوم 15 ديسمبر. كان هذا أول إعلان رسمي عن أمر جرى التكتم عليه، والعمل فيه لفترة طويلة، حتى تم التوصل بين الأطراف السياسية، خاصة الاتحاديين وحزب الأمة، على خطوة إعلان الاستقلال من داخل البرلمان المنتخب، وعدم الحاجة إلى إجراء الاستفتاء الذي نصت عليه اتفاقية الحكم الذاتي، وبكلمات الأستاذ محجوب فإن الخرطوم لم تنم ليلتها، وكانت جلسة البرلمان تلك مسائية، وشهدت أربعة أيام من الجدل، والترقب حتى حانت جلسة البرلمان يوم 19 ديسمبر. كانت هناك معلومات كثيرة، وإفادات مهمة قدمت خلال الجلسة حول العمل الذي جرى قبل إعلان الاستقلال، وكانت الذكريات تتداعى بسهولة وكأنها حدثت أمس. يملك الرجلان كنوزا من المعلومات والذكريات عن الحركة الوطنية، وتأريخ الصحافة، والإذاعة، وأجهزة الإعلام الأخرى، وعن الأحزاب، وتكويناتها، وخلافاتها. الندوات والمنتديات تتيح الفرصة لالتقاط بعض هذه المعلومات، لكن لا بد من عمل توثيقي، ومؤسسي لأستاذ محجوب، والبروف علي شمو، يأخذ هذه المعلومات، ويتيحها للأجيال القادمة في صور وقوالب مختلفة- حفظهما الله ومتعهما بالصحة والعافية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة