الله وحده يعلم مقدار المشاعر التي غمرتني حين أمسكت مندوبة كوبا بالمايكرفون لتوبخ مندوب إسرائيل على طلبه من اجتماع منظمة اليونسكو بجنيف الوقوف دقيقة صمت في ذكرى (الهولوكوست) أو المحرقة التي يزعم اليهود أنهم تعرضوا لها على أيدي النازيين في ألمانيا. أرغى مندوب إسرائيل وأزبد وأرعد وأبرق وهو يتحدث عن ستة ملايين من اليهود قتلوا في تلك (المحرقة) واستغل المناسبة ليتحدث عن حق اليهود في القدس فما كان من مندوبة كوبا إلا أن تصدت له ولرئيس الجلسة مستنكرة أن يأتي الاقتراح بدقيقة الصمت من مندوب إسرائيل وليس من رئيس الاجتماع ثم قدمت اقتراحاً مضاداً دعت فيه المجتمعين بالوقوف دقيقة صمت في ذكرى من قتلوا من أبناء الشعب الفلسطيني على أيدي الصهاينة. اعتصرني ألم ممض حين تذكرت أن موقف المندوبة الكوبية كان الأولى به أحد ممثلي الدول العربية الذين لم يفتح الله على أي منهم بكلمة يتصدى بها لذلك اليهودي الجرىء الذي عرف أسرائيل ، بدون أن يطرف له جفن ، بالدولة اليهودية Jewish state بينما يتحرج بنو علمان من نخبنا المنهزمة من الإسلام كنظام توحيدي شامل ينتظم كل شعاب الحياة وينادون بل يرفعون ، بمنتهى قلة الحياء، شعار أن تكون الدولة على مسافة واحدة من جميع الأديان بالرغم من أن الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم كان رأساً للدولة وما بعث إلا لإعلاء الإسلام على سائر الأديان وبالرغم من أن الخليفة الراشد أبابكر الصديق قاتل من خرجوا على سلطان الدولة من مانعي الزكاة وبالرغم من أن الفاروق عمر وما أدراك ما الفاروق عمر فعل وفعل وفعل وكفى. تذكرت وأنا أشاهد ذلك الموقف النبيل لممثلة كوبا موقفاً لا يقل تأثيرا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مؤتمر دافوس الاقتصادي قبل سنوات حين ثار في وجه الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز الذي كان قد هاجم حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) واصفاً إياها بالإرهاب فما كان من أردوغان إلا أن زأر غضباً وألقى خطبة عصماء عن الإرهاب الإسرائيلي وعندما قاطعه رئيس المؤتمر انسحب في عزة وإباء من الجلسة وغادر إلى بلاده حيث استقبل في مطار انقرة استقبال الأبطال. تذكرت كذلك الموقف المخزي للأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى والذي كان يجلس بجوار أردوغان حينما نهض مغاضباً وانسحب من الاجتماع ..كيف تلجلج عمرو موسى كفأر مذعور مطأطئاً الرأس ولم يدر ما يفعل ثم جلس وواصل الاجتماع، ثم تمر الأيام ويقف ذات الفأر المذعور مناصراً السيسي الذي هوى بمصر إلى القاع وسخرها لخدمة المشروع الصهيوني الذي نشهد تجلياته الأليمة في هذه الأيام النحسات. تذكرت اردوغان مرة أخرى حين اعترض قبل أيام قليلة على كلام المستشارة الألمانية ميريكل عندما تحدثت عن الإرهاب الإسلامي فما كان من الرجل إلا أن واجهها بعزة المسلم ليقول لها إنه يرفض أن تلصق صفة الإرهاب بالإسلام وأنه يمثل شعباً مسلماً لا يرضى ما تفوهت به من إساءة للإسلام. كوبية ليست مسلمة تنتصر لفلسطين من مغتصبيها وتحيل مداخلة مندوب إسرائيل الذي أراد أن يجير الاجتماع لمصلحة شعبه ودولته إلى هزيمة ساحقة وإلى نصر مبين للقضية الفلسطينية بينما نشهد استخذاءً مهيناً وعجزاً عجيباً من عمرو موسى ممثل العرب في مؤتمر دافوس عن مساندة أردوغان وهو ينتصر لفلسطين وصمت مخز للعرب في اجتماع اليونسكو عن التصدي لمندوب إسرائيل وهو يحيل تلك المنظمة الإنسانية إلى مؤسسة سياسية لنصرة دولته وشعبه. تلك حال العرب الذين بلغوا من الذل والصغار ما لم يتكرر إلا في عصور الانحطاط التي أعقبتها الهزائم الساحقة الماحقة. للأسف الشديد بات استرضاء إسرائيل وسيد البيت الأبيض الجديد ترمب ، الذي لم يخف استخفافه بالعرب وعدائه للإسلام ، هو حلم من حمل أجدادهم الرسالة ذات يوم إلى العالمين وسقف أمانيهم فيا حسرتاه! صدقوني أن الأمة باتت اليوم مهيأة للاستبدال الذي تحدثت عنه آي القرآن وحذرت منه (إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). لقد حذر القرآن الكريم المؤمنين من الاستبدال وضرب لذلك الأمثال باستعراض قصص الأمم السابقة التي رمي بعضها في أرض التيه (سيناء) أربعين سنة بالرغم من أنه كان فيهم موسى كليم الله عندما اثاقلوا إلى الأرض ونكصوا عن الاستجابة لموسى وهو يدعوهم إلى الجهاد ودخول بيت المقدس. كثير من الانهيارات والهزائم الكبرى التي لحقت بالأمة على مر العصور كانت استبدالاً .. انهيار الدولة الأموية ثم العباسية ثم سقوط الأندلس ثم انهيار الخلافة العثمانية ثم سايكس بيكو .. كلها يشبه ما حدث لقوم موسى حينما اثاقلوا إلى الأرض وركنوا إلى الدنيا وبدلوا وانكسروا أمام عدوهم واستسلموا له (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ). ما أشبه الليلة بالبارحة وما أشبه ما حدث للدولة العباسية أمام المغول بقيادة هولاكو بما يحدث لنا اليوم أمام المغول الجدد بقيادة ترمب .. ما أشبه سايكس بيكو قبل قرن بسايكس بيكو التي تنسج خيوطها اليوم؟! والآن ماذا عسانا أن نفعل وما هو دورنا في التصدي للمؤامرة الجديدة التي توشك أن تلحق بالأمة كارثة جديدة أخشى أن تكون أفظع من كل سابقاتها خاصة بعد أن مهد الطريق للمؤامرة الكبرى؟!
كوبا بلد شيوعى ملتزم بكل مبادئ الشيوعية أخلاقيا, واستحسانك لموقف مندوبة كوبا يثبت تفوق الشيوعيون أخلاقيا على نفاق المتأسلمون , يبدو أنك دقست في هذه المفارقة.
07-13-2017, 08:12 AM
قلقو
قلقو
تاريخ التسجيل: 05-13-2003
مجموع المشاركات: 4742
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة