*الزوجة لا تلاحظ تأثير السنوات على زوجها.. *وكذلك هو لا ينتبه لما أحدثته معاول الزمن من خراب في بنيانها الجسدي.. *والأمر ذاته ينطبق على كل الذين يتعايشون مع بعض.. *سواء في نطاق الأسرة...أو العمل...أو الحي...أو الأنشطة المشتركة.. *ومن هذه الأنشطة المجال السياسي...وخصوصاً الشمولي منه.. *فحسني مبارك- مثلاً- لم يظهر في الصور بعمره الحقيقي إلا عقب زوال نظامه.. *أما قبل ذلك فكل الصور الدعائية لشخصه كانت خادعة.. *فهي صور لرجل في الأربعين من عمره...أقل من ذلك أو أكثر بقليل.. *يعني بقي كما هو منذ لحظة استلامه السلطة (شاباً).. *وإلى لحظة خلعه منها (هرماً).... يزحف عمره نحو التسعين.. *ونميري ظلت صورته كما في الجنيه...لم يكبر عاماً واحداً لحين سقوط مايو.. *فكل صوره الدعائية في الشوارع لنميري يوم بيانه الأول.. *فالإنسان لا يرى الأعمار...والأشياء...والأحوال على حقيقتها...إلا عن بعد.. *ولا يرى صور الشموليين على حقيقتها إلا بعد تركهم الكراسي.. *والآن ؛ إن أردت رؤية أوضاع بلادنا على حقيقتها فغادرها إلى حين...ثم عد.. *أوضاعها السياسية...والاقتصادية...والاجتماعية...والإعلامية.. *أو حاول انتهاج سياسة (التقييم بالنظر) - رغم صعوبتها - وأنت مقيم فيها.. *أي حاول أن تنتزع نفسك من قلب الواقع...ثم انظر إليه.. *سوف تدهشك الكثرة في كل شيء......مع فقر المردود في كل شيء.. *كثرة في المغنين الصغار...والمردود ترديد لأغنيات الكبار.. *كثرة في أندية كرة القدم...والمردود صفر كبير على مستوى التنافس الخارجي.. *كثرة في الصحف...والمردود قلة توزيع.. وتأثير.. وانتشار.. *كثرة في الفضائيات والإذاعات...والمردود الطرفة تلك المنسوبة إلى البنغالي.. *فقد قال حين سُئل عن رأيه فيها (اتنين كلِّم...واهد غنِّي).. *بمعنى أن تلفزيوناتنا وإذاعاتنا ليس فيها سوى الكلام...والغناء.. *والآن بدلاً من (واهد غنِّي) صار يغني أكثر من خمسة في شاشة واحدة.. *ثم كثرة في مجال السياسة...والمردود؛ ولا شيء...ولا شيء.. *أكثر من ثمانين حزباً....والمردود لا جماهير...ولا برامج...ولا (وجود).. *برلمانيون لا حصر لهم ولا عد...والمردود تصفيق للحكومة.. *وزراء بعدد الرمل والحصى والتراب...والمردود مص دم الشعب في لا شيء.. *فارهات...ومخصصات...وسفريات......والحال في حاله.. *والبارحة كانت هنالك مقارنة ظريفة - وحزينة - في وسائط التواصل الاجتماعي.. *صورة جماعية لوزراء فرنسا...وأخرى لوزراء ولاية الخرطوم.. *فقط ولاية الخرطوم.....دعك من الولايات الأخرى... ووزراء المركز.. *والمقارنة العددية فضيحة بكل المقاييس...وكذلك الأدائية.. *ولكن حكومتنا لا ترى هذه الفضيحة بما أنها تعايشها...وتجاورها... و(تحايثها).. *هي مثل الزوجة التي لا ترى الزمن في زوجها...والعكس.. *فلكي نرى واقعنا علينا بنهج (التقييم بالنظر !!!).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة