سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة هيثم الفضل بينما يستنكر ويستهتر بعض مشاهير وسائط النشر الإلكتروني قيام مذيعة قناة سودانية 24 المدعوة لوسي بنعي قطتها المدللة عبر صفحتها الرسمية بالفيس بوك ، وحصول مادتها الحزينة المبكية والمضحكة في نفس الوقت على آلاف الإعجابات ومئات التعليقات ما بين مواسية ومستنكرة في غضون ساعات قليلة ، تطالعنا الصحف عن أخبار وقفات إحتجاجية متفرقة يقوم بها بعض الشباب المستقلين سياسياً والناشطين إجتماعياً وطوعياً مطالبين فيها حكومة السجم والرماد بالإنصياع للأمر الواقع والإنحياز ولو(مؤقتاً) لهذا الشعب الذي غلبته الحيلة عبر الإعلان الرسمي والإعتراف بأن الكوليرا قد ضربت البلاد ، وما بين وفاة (كديسة) لوسي و من يهدرون الوقت والفكر والطاقة في مواساتها أو حتى التهكم عليها وبين ما يجري في بعض مستشفيات الولايات والعاصمة من أحداث تدمى لها القلوب وتُزرف فيها دموع الأعين لحالات من المصابين بالكوليرا أو ما عرف (بالإسهالات المائية) إسم الدلع الذي يحلو لوزيري الصحة الإتحادي والولائي إطلاقة على هذه الفضيحة الوطنية العظمى ، بعض هؤلاء جاءوا من أماكن قصية وليس لديهم مرافقين أو بالأحرى لا يُسمح لمرافقيهم بالتواجد داخل منطقة العزل أو الحظر الصحي ، يعانون الإهمال وقلة حيلة الأطباء وضعف الإمكانيات وإنعدام المحاليل الوريدية ، هذا فضلاً عن شُح الأسِرة بالقدر الذي جعل بعض المستشفيات كمستشفى أحمد مالك تقوم بتنويم مصابين في سرير واحد ، هذا بالإضافة لقلة عدد الحمامات وعدم جاهزيتها لإستقبال هذا العدد مما يفتح مجالاً واسعاً للتلوث البيئي داخل المؤسسات الصحية ويعرِّض الطاقم الطبي والمرافقين والمرضى المراجعين في قطاعات أخرى داخل المستشفى لعدوى تكاد تكون مؤكدة ، والحكومة تصر على موقفها وأن ما يحصد أرواح الشرفاء من الكادحين في هذه البلاد التي إختلط فيها الحابل بالنابل والحق بالباطل هو مجرد (إسهال مائي) وأقول لهم (فليكن) سمَّوه كما شئتم لكن لن تراوحوا مفهوماً واحداً لا ثاني له أن ما يحدث الآن ليس سوى وباء وكارثة صحية تستدعي الإعلان والإستعانة بمنظمات دولية ومحلية وكافة القطاعات الطوعية حتى نستطيع أن نحتوي الأزمة ، ثم أين حق الناس في أن يُنذروا بأن البلاد فيها وباء يقف على كافة الأبواب ؟ وكيف للناس أن يتثَّقفوا ويستنيروا حول الموضوع حتى يتجنبوا العدوى والإصابة من باب الوقاية خير من العلاج ، أدعوا حكومتنا الموقَّرة (للإقتداء) بمذيعتنا الجميلة التي شغلت عقول الشيب والشباب في ما يتعلَّق بإهتمامها ورأفتها بالحيوان وحبها المقدس لكديستها الراحلة ، يا من تقبعون في أبراجكم العالية ودنياكم المخملية في (كبسولة) السلطة والجاه والترف والمعزولة عن الوباءات والكوارث والآلام والجراحات ..رأفةً بإنسان هذه البلاد الذي تكاثرت عليه الخناجر ، غلاء فاحش وحكومة لا تلتفت ، وبيئة لا إنسانية تُفضي إلى الكوارث والموت الزؤام ووزارات الصحة والبيئة ومعهم المجلس الأعلى للبيئة والترقية الحضرية يحتفلون بلا خجل عبر المنتديات والقنوات والإذاعات باليوم العالمي للبيئة .. كان من المفترض في هذه المناسبة أن تقدموا جميعكم إستقالاتكم حياءاً وخجلاً مما يحدث في أمر الكوليرا بالسودان ، هذا إن لم يزل للحياء سوقاً في ساحات الفساد الذي عم السماء والأرض وأولي الأمر ينظرون .. والله (كديسة) لوسي وجدت حقها من الإحترام أكثر من مئات الشرفاء الذين قضوا نحبهم بداء الكوليرا والفقر والإهمال وقلة الحيلة والقهر والظلم في هذا الزمان الكسيح.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة