:: أهلاً بالأفاضل والكرام بالعزيزة (السوداني)، وتُسعدني العودة إلى (البيت القديم)، أو كما يصف عزيزنا الراحل المقيم محمد الحسن سالم حميد حال العائدين إلى ديارهم بعد غياب.. ثم وصلاً لما سبق، وكان الحديث عن قضية سماح مجلس الوزراء بتصدير إناث الأنعام، أفيدكم بأن وزارة الثروة الحيوانية كانت قد أعلنت في منتصف ديسمبر الفائت - لنواب البرلمان - عن المسماة بخطة زيادة إنتاج هذا القطاع بحيث يصل حجم الثروة خلال هذا العام إلى (108.187.000 رأس) من القطيع..!! :: وربما لتأكيد جدية الخطة، تم تقسيم ذاك الإنتاج المرتقب - في هذا العام - بحيث يكون عدد الأبقار (30.926.000 رأس)، والضأن (40.752.000 رأس)، والماعز (31.659.000 رأس)، والإبل (4.850.000 رأس).. وهناك أرقام أخرى للأسماك والدواجن وغيرها.. ولتأكيد دقة حجم الإنتاج المرتقب أضافوا للأرقام ما ترونها من (كسور وبواقي).. ويوم تقديم الخطة للبرلمان، أي قبل ستة أشهر، سألت: كيف توصلت وزارة الثروة الحيوانية لهذه الإحصائية الدقيقة.؟؟ :: فالشاهد أن آخر تعداد تم في قطاع الثروة الحيوانية كان في عهد حكومة الرئيس الراحل نميري.. وبعده، لم نسمع عن أي تعداد آخر في هذا القطاع الاقتصادي بحيث تبني عليه وزارة الثروة الحيوانية خطة ذات أرقام بهذه الدقة.. واليوم، وهم يصدرون إناث الأنعام، لن تستطيع أي جهة الإجابة على الأسئلة: كم حجم الثروة الحيوانية بعد انفصال الجنوب؟، وكم حجمها بعد اشتعال الحرب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق؟، وكم حجمها بعد نزوح أهل الأرياف بحثاً عن الخدمات؟، وكم حجمها بعد قوافل الهجرة - بعقودات تربية المواشي - إلى الخليج..؟؟ :: لا يوجد رقم بحيث يكون هو حجم القطيع المتكئ على (إحصاء ميداني).. وكل الأرقام المتداولة محض أرقام يتم رسمها في التقارير والصحف بمثل هذا الحلم الذي تم عرضه لنواب البرلمان والرأي العام قبل نصف عام.. وليس في الأمر عجب، فإن إطلاق الأرقام والإحصائيات - ذات الصلة بالإنسان والحيوان - في بلادنا يكاد يكون أسهل من إطلاق الألعاب النارية في المهرجانات.. والمؤسف أن البعض من صناع القرار يصدق هذه الأوهام المسماة بالأرقام ويبني عليها القرار، وهكذا تصبح أوهام الحاضر من الثوابت الوطنية التي تُبنى عليها أوهام المستقبل..!! :: وهذا ما يحدث في قضية الساعة ما لم ننبه صًناع القرار.. أي كما اعتمد البرلمان تلك الأرقام وصدقها وأجازها، قبل أن يسأل وزارة الثروة الحيوانية: كيف ومتى تم الإحصاء؟، فإن مجلس الوزراء أيضاً قد يقع في ذات الخطأ ويصدق التقارير التي طلبها من وزارة الثروة الحيوانية لتجاوز قضية تصدير إناث الأنعام، ما لم ينتبهوا.. نعم، فالمعلومة المؤكدة أن النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء يستمع - منذ أسابيع - لبعض الأطراف ذات الصلة بهذه (الكارثة الاقتصادية)، ثم يطالبها بالتقارير..!! :: ولكن من المؤسف أن بعض الأطراف التي يستمع إليها النائب الأول ورئيس الوزراء، هي ذات الأطراف التي وصفها مثلنا الشعبي بـ(حاميها حراميها).. وعلى سبيل المثال الأوضح، فإن وزارة الثروة الحيوانية ليست محايدة - في قضية تجفيف المراعي من المواعين المنتجة - بحيث تمد مجلس الوزراء بـ(تقرير محايد)، ولقد نجح الوزير مبروك سليم في طرح موقف الوزارة الداعم لقرار السماح بتصدير الإناث.. وهنا يتجلى تناقض الوزارة ما بين خطة لزيادة الإنتاج قبل نصف عام، ثم تشجيع تصدير الإناث بعد نصف عام.. وسلطة بهذا التناقض، فإن شهادتها في كل المجالس، بما فيها مجلس الوزراء، (مجروحة)..!! [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة