ـ لندن يجيء هذا المقال بعد أن استمعنا إلى مسؤولين دولين لهم وجود فعلي في السودان وقد عرضوا الوضع الراهن في السودان بالصورة التي يرونها وهي أن السودان مستقر نسبياً مقارنة بالدول التي حوله، كما ذكر أحد هؤلاء المسؤولين بانه في خلال الثلاثة عشر عاماً الماضية فإن الأوضاع تحسنت فيه. وذكرت مسؤولة في الندوة بأن هناك تركيز على الثروة الزراعية في السودان ليكون سلة غذاء أفريقيا، كما ذكر مسؤول آخر بأن السودان مقبل على نهضة شاملة تشمل الزراعة الصناعة وقدوم شركات دولية كبرى واستثمارات أجنبية ضخمة، ولكن كل هذا رهين بتلبية السودان لمطلوبات المجتمع الدولي وفي الفترة المحددة. وهذه واحدة من أهم أولويات حكومة الوفاق الوطني التي عليها تطبيق هذه المطلوبات. أمّا بالنسبة للسياسة الداخلية فلا بد أن يشعر المواطن بأن هناك دستور منزّل وأن هناك عدالة قانونية واجتماعية تمشي بين الناس وأن سيادة القانون مطبقة، وفي مجال حقوق الإنسان يجب ألا يبقى في الحبس معتقل سياسي بدون محاكمة أو يطلق سراحه. وبالنسبة لحكومة الوفاق الوطني فيعتقد بعض المسؤولين أن مشكلات السودان قد انتهت بقيام حكومة الوفاق الوطني، إلا أننا للأسف الشديد لا نتفق وهذا المفهوم، إننا نرى أن المشكلات الحقيقية قد بدأت الآن وأنها قد إنتقلت من أجهزة الحكم إلى بناء الإنسان السوداني الجديد الذي يدرك كيف يتعامل مع حكومة الوفاق الوطني. وإنني في هذا المقال أوضح بما أرمي إليه: 1ـ حكومة الوفاق الوطني: يجب أن يدرك الأعضاء أن واجبهم الأول هو العمل كفريق عمل واحد وأن هناك سياسة عامة تربطهم ببعض وأن الأحزاب تدعمهم في تطبيق هذه السياسة. لا نريد سياسات حزبية وكل وزير يعمل بما يتراءى له. 2ـ رئيس الوزراء القومي ونوابه وفريقه مع مساعدي الرئيس يوضح هذه السياسة ومسؤولية كل وزير أو دستوري في الإلتزام بها. وأن هناك مراجعة لنشاط كل وزير من مصدرين أولاً رئاسة الوزارة ومن الحزب الذي ينتمي إليه. نريد للأحزاب أن تراقب ممثليها في مجلس الوزراء. 3ـ نريد وزراء من نوع جديد مثلاً وزير الصناعة ووزير التجارة كل منهما يتصل بالشركات العالمية الكبرى ويقترح كمثال فقط (إنشاء مصنع حديث للأدوية) يغطي حاجة السودان والدول الأفريقية ويمكن لدول الخليج أن تساهم في هذا المجال أو أمريكا إذا تحسّنت علاقتنا معها بعد استيفاء الشروط التي وضعتها لذلك. 4ـ نريد وزارات بها مكتبات تحوي أمهات الكتب والأبحاث الحديثة يرجع إليها منسوبو الوزارة بما في ذلك شخص الوزير، إننا نشعر بضحالة ما نسمع به من بعض المسؤولين، يجب أن نرى في أحاديثم وأفعالهم العلم والمعرفة. 5ـ المواطن: وهذا هو الهمّ الأكبر. إننا نريد مواطناً من نوع جديد وبسلوكيات وطنية جديدة. المواطن الذي ينتقد ما يصدر من الحكومة عليه أن ينظر أولاً لنفسه فهل قدم شيئاً للوطن بعد ذلك ينتقد، نريد من المواطن أن يستخدم المنظمة التي ينتمي إليها بعرض أفكاره وطموحاته وآماله ـ لا نريد نقداً اعتباطياً ـ لو جازت الكلمة ـ نريد نقداً يقوم على العلم والمعرفة في حدود الإمكانات. 6ـ الحكومة خادم الأمة لكن يجب على أفراد الأمة أن يكون تعاملهم مع الدولة بمسؤولية مثل عدم التعدي على الأراضي العامة، المحافظة على نظافة البلاد والامتناع عن مسببات الأمراض والإنحراف والجريمة مثل المخدرات ومساعدة الإتجار بالبشر إلخ وعدم دفع الضرائب وتجنب حوادث السيارات وسرقة المال العام. 7ـ ونريد من المواطن أن يدرك أن الموظف أمين على وظيفته وأنه يعمل بموجب العرف الإداري والقانوني وأن يبتعد عن الرشوة والمحسوبية والإضرار بالصالح العام. 8ـ نريد من المواطن أن يساهم بمقترحات في كافة أعمال الدولة والقطاع الخاص ، النقد الجارح لا يفيد ـ وأن يستخدم المنظمة التي ينتمي إليها في توجيه هذا النقد. 9ـ نريد من وزارة الثقافة والتعليم والمحليات أن تتبنى المشروعات التي تبني المواطن الجديد. ونريد من حكومة الوفاق القيام بالتزاماتها ونريد من المواطن القيام بالتزاماته. نريد مواطناً يساعد الحكومة في تحقيق آمالنا وطموحاتنا. ونأتي الآن إلى قيادات الخدمة المدنية: هؤلاء مسؤولون عن تنفيذ المشروعات والخدمات التي تتعهد بها الدولة، يجب أن يديروا ـ أي القيادات ـ إنهم يجب أن يديروا أعمال الدولة بمصداقية ومهنية وأمانة وأن يكونوا القدوة لموظفيهم يجتمعون بالموظفين من وقت لآخر للفت النظر (الإلتزام بأخلاقيات العمل التي تقرها حكومة الوفاق وأن يكونوا عوناً لوزرائهم ويحافظواا على أسرار الدولة). لقد حبانا الله بالصبر وبالنوايا الحسنة وخرجنا من الحوار بهذه الحكومة. إننا نريد من الموظف أن يكون عالماً بعمله وعارفاً بسلوكيات وظيفته ويتعامل مع الجمهور بعدالة ودون ترفع ومع القانون باحترافية عالية بعيداً عن الفساد المالي والفساد الإداري ـ وأخيراً نأمل أن يكون وزير المالية ومحافظ بنك السودان من أرقى وأكفأ من يطلبون المعونات المالية وذلك بتكثيف حضورهما للمؤتمرات والسمنارات الدولية ـ الزعيم نهرو في الهند جعل معتمد التنمية المتسول الدولي لا يبقى في الهند أكثر من يومين ثم يواصل السفر إلى الخارج يطلب المعونات وتقديم الخدمات أيها المواطن الكريم دافع الضرائب، أكتفي بهذا القدر وفي لقاء آخر بإذن الله .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة