قبل أيام كان والي الخرطوم يخاطب ورشة نظمها المجلس التشريعي ..الوالي بعد أن تحسس رأسه كناية على الاجتهاد أفتى بأن حل مشكلة المواصلات بشكل جذري من سابع المستحيلات..لم يكتف الفريق الركن مهندس عبدالرحيم محمد حسين بذلك، بل استخدم أسلوباً في غاية الاستفزاز حينما خاطب الحضور: (لو صلعتكم دي بقت زي صلعتي لن تحل المشكلة)..بالطبع المشكلة ليست في الصلع التي تحكمنا، بل ما تحت هذه الرؤوس.. كلما كانت هنالك مشكلة كان هنالك حل..واحدة من الحلول أن يتنحى الوالي حينما يشعر بالعجز . في النيل الأبيض كان الوالي عبدالحميد كاشا يخاطب مجلسه التشريعي بذات اللسان المتعجرف..في ولاية السيد كاشا قرابة الثلاث آلاف مريض بما يسمى تهويناً الإسهالات المائية ..مات من هؤلاء حتى الآن نحو خمسين مواطناً، وما زال الحصر متواصلاً..الوباء الكارثي حسب إحصاءات رسمية شمل ١٢٩ قرية من قرى النيل الأبيض الوادعة. الوالي كاشا أكد أن الذين ماتوا ليسوا كما يُنشر في وسائل التواصل الاجتماعي ..بل سخر من تلك الأرقام قائلاً: " إلا يكونوا ماتوا في قوز دنقو" وذلك في إشارة لواحدة من أشهر المعارك العسكرية التي جرت قبل فترة ليست بالقصيرة..كما أشار ذات الوالي إلى أن معظم الضحايا الذين لقوا حتفهم من الشيوخ ..في هذه إشارة فيها قدر من التمييز السالب، وإن لم يقصد الوالي ذلك.. حتى عبارته " الإصابة من الله وليست من الوالي " فيها هروب من تحمل المسؤولية الأدبية والأخلاقية، خاصة إذا جاءت مقرونة باعترافه أنه ليس بوسعه إعلان حالة الطوارئ، أو الإفادة بأن المرض الغامض هو وباء الكوليرا المعدي. في تقديري أن الدكتور عبدالحميد كاشا والي النيل الأبيض فقد الإحساس بمسؤولياته تجاه مواطن ولايته.. كنا قد حذرنا من قبل من تفشي الأمراض المعدية التي انتشرت في جنوب السودان بشهادة منظمات أممية، ومن بينها (الكوليرا)، ..وبما أن هنالك نزوحاً مستمراً من جنوب السودان بسبب الحرب الأهلية، كان من المفترض اتخاذ التحوطات اللازمة، حتى وإن أدى الأمر لإغلاق الحدود..سلامة المواطنين مقدمة على كل اعتبار سياسي..ومن يفشل في هذه المهمة ليس جديراً بقيادة الناس، وعليه أن يلزم بيت أمه وأبيه . أليس من الغريب في مثل هذه الظروف أن تكون ولاية النيل الأبيض أول ولاية تعلن تسريح حكومتها.. الوالي أرسل كل الوزراء والمعتمدين في إجازة مفتوحة، وكلف من دونهم في الهرم الإداري بتولي المسؤولية..هذه أوضاع لا تحتمل الفراغ الإداري..بل كان من المتوقع أن تُسْتَثْنَى ولاية النيل الأبيض من أيّ إجراءات تبطئ من التصدي للكارثة الصحية التي تعيشها بحر أبيض. بصراحة..لو كنت مكان الوالي كاشا لحرصت على نشر الحقائق على مواطني الولاية..ولو دعا الأمر لأعلنت الولاية منطقة كوارث..إصابة ثلاثة آلاف مواطن حدث يستحق التصدي له بمسؤولية، وإلا الاستقالة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة