حزنت أن يكرر مني أركو مناوي ذات الخطأ الذي اقترفه جبريل وهو يخوض معركة قوز دنقو التي فعلت به الأفاعيل وألحقت به أكبر هزيمة تتلقاها قوات حركته منذ دحرها في محاولة غزو أم درمان. أفتأ أسال قيادات التمرد : ماذا حققتم لدارفور ولمواطنيها وللسودان وشعبه بالله عليكم من خلال التمرد الذي اشعلتموه في دارفور؟ كم عدد من قتلوا وكم من البنيات الأساسية والمنشآت حطمت ودمرت في المناطق التي زعمتم أنكم رفعتم السلاح دفاعاً عنها بعد أن فوضتم أنفسكم ناطقين باسم دارفور بدون تفويض من شعبها المغلوب على أمره والذي قتل وشرد كثير منه جراء حربكم المجنونة؟ للأسف الشديد فإن جبريل لم يتعظ مما حدث لأخيه خليل كما لم يتعظ مناوي مما حدث لجبريل وقواته في قوز دنقو . كنا ونحن نتأمل خياراتنا الوطنية لا نغفل عن الأساس الأخلاقي الذي ينبغي أن نستند عليه واضعين في الاعتبار أن الله سائلنا عن نياتنا وأفعالنا ولم يغب عن بالنا في أي يوم من الأيام الحديث النبوي المخيف والمبشر في ذات الوقت : (لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً). لطالما تأملنا ونحن نتقلب في خضم مسيرتنا السياسية تاريخ الأمم والشعوب ولطالما تأثرنا بالحكمة التي نثرها بين الورى العلامة ابن تيمية :(سلطان ظلوم خير من فتنة تدوم) والتي لا أجد تفسيراً يجسدها واقعاً يمشي بين الناس أفضل مما حدث في العراق وسوريا اللتين ارتدتا عقوداً من الزمان إلى الوراء ولن تعودا كما كانتا مهما عظم شأنهما في مقبل الأيام ، هذا بافتراض أننا نعاني مما عانى منه العراق وسوريا تحت حكم طاغيتيهما. أقول لمناوي وجبريل : لقد ارتكبتما في حق وطنكما وشعبكما ما لن تقلل من بشاعته أي أفعال تالية وبالرغم من ذلك أود أن أسأل كلا الرجلين : أما كان الأفضل أن تركنا إلى السلم قبل معركتي قوز دنقو ووادي هور بدلاً من حالكما اليوم وأنتما تتقلبان في أوجاع الهزيمة المرة؟ بنفس القدر هل تضمنان ألّا تتجرعا من ذات الكأس المر الذي شربتما منه حتى الثمالة في أي معارك قادمة بل هل تضمنان الحياة وكيف تقابلان ربكما وماذا سيكتب عنكما التاريخ؟. لم أجد فرصة خلال اليومين الماضيين في جلسة البرلمان التي امتدت يومين لأخاطب رئيس الوزراء بكري حسن صالح وكنت قد أعددت كلمة مكتوبة حول عدة قضايا لن يسع المجال لطرحها الآن ولكني أقول باختصار شديد مخاطباً الأخ بكري : إنك تتفرد بلسان عف لم يسبق له أن تفوه بكلمة نابية ضد أي مواطن سوداني سواء كان متمرداً أو مسالماً طوال فترة حكمكم التي قاربت الثلاثة عقود وذلك مما يتيح لك أن تجد القبول لدى رافعي السلاح فهلا تأسيت بالمشير الزبير محمد صالح حين اقتحم العقبة ودخل الغابة بحثاً عن السلام وأتى برياك مشار ولام أكول ووقّع معهما اتفاقية الخرطوم للسلام عام 1997؟. لن تفقد شيئا أخي بكري مهما قدمت من تنازلات لحملة السلاح خاصة من متمردي دارفور الذين يبحثون عمّا يمنحهم مبرراً للجنوح للسلام ويرفع عنهم الحرج بعد الهزائم الماحقة سيما وقد تهيأ المشهد السياسي لانفتاح كبير تظله بشريات كبرى برفع العقوبات الأمريكية وبقفزة نوعية في العلاقات مع الخليج وأفريقيا والعالم تبشر بتحسن كبير في الاقتصاد وبالتالي في التطور والاستقرار . لقد سعدت أخي بكري أن أولى أولويات حكومتك التي قدمتها لنا في البرلمان كانت وقف الحرب فهلا أقدمت بنفسك - أكرر بنفسك - على خطوة لا يوجد مؤهل لها مثلك وقد تهيأت لها كل الظروف (وتدردقت الكرة وتقنطرت أمامك في خط ستة) والمرمى خال من الحارس لتهدف وتحرز (الهدف) الذي أعلنت أنه همك الأكبر ؟ من جانب آخر ، فليسمح لي جبريل ومناوي بعد خصام ومخاشنات تبادلنا فيها الكلمات الحادة عبر (قروبات) الواتساب والصحافة أن أخاطبهما بصفتي البرلمانية الجديدة : أن اقتحما (أخويّ الكريمين) العقبة ..عقبة تجاوز العزة بالنفس فوالله ستكسبان خيري الدنيا والآخرة فلا يزال هناك ثمة أمل أخشى أن تضيعاه كما أضعتما الفرص الكثيرة التي كانت متاحة لكما قبل ان تقدما على الخطوة الانتحارية التي ذقتما مرارتها في قوز دنقو ووادي هور . ستكون الديمقراطية التي سنقبل عليها في نهاية الفترة الانتقالية منقوصة وشبيهة بالديمقراطية السابقة للإنقاذ والتي عكر صفوها قرنق بتمرده اللعين فلا خير في سلام منقوص وديمقراطية منقوصة لم يقم الحوار أصلا من أجل تحقيقها إنما من أجل أن يكون شاملاً ينهي رفع السلاح إلى الأبد .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة