الجديد في الموضوع، أن الحكومة فقدت القدرة، حتى على تغيير الوجوه التي طالما كانت تمارس بها بعض الخُدع المسرحية، حتى الوجوه لم يعد من السهل تغييرها، لأن قبضتهم لا يمكن أن ترتخي في مواضع بعينها.. ليس بالضرورة أن يكون الوزير الذي تم الإعلان عنه، هو الرجل القوي في وزارة ما. هناك وزير وحيد لكل الوزارات! لا جديد، عدا أن الحركة تهيأت لعهد جديد، باستقطاب كل من يساعدها في البقاء، لاجديد،عدا احتمالين.. أن تكون الحركة قد تجذّرت بالفعل في شكل دولة عميقة، من المستحيل تجاوزها إلى يوم الدين، أو أن تكون قد ذهبت مع الريح وبقي منها نفّاخ النّار، الذي سينقض غزلها. لا جديد، لكن هناك إشارات لا بأس بها، أهم تلك الإشارات أن الحكومة تريد أن تُبقي المهدي على (الصامت)، لأنه أساساً أساساً لن يفرفِر وعبد الرحمن في القصر، ومبارك في الاستثمار، والميرغني في الحولية. لاجديد عدا تلك الإشارات التي تبدو في غاية الأهمية: العقد النضيد، سيبقى “مناتلاً”، ولن “يشِم” عافية الاستوزار، حتى يظهر جلياً ما إذا كانت الحركة قد حُلَّت أم لا. ثاني الإشارات أن جميع من تم اختيارهم، ليسوا من العناصر المُنظِّرة، أي بمعنى أن لا أحد منهم سيقوم بتركيب مكنة (المفكر البديل) كما يتسنى لغازي صلاح الدين، وكما يأمل أمين حسن عُمر. بالطبع، لم يكن متوقعاً أن يستحضر الفريق بكري أرواح المناضلين التاريخيين ليؤلف منهم حكومته، ولم يكن متوقعاً أن يختار لها رجال من شاكلة يوسف حسين أو على محمود حسنين، أما وقد كان خيار تثبيت الخواتِم في أصابعها، فهذا وأيمُ الله هو فقه الأشاعِرة بعينه! لذلك، نرجع ونقول، إن تلك الوجوه، هي نفسها التي طاب خاطرها، حين زحفت الحكومة على التنظيم وهددت كيانه وأقلقت منامه، بسياسة الإصلاح، ما يعني أن هؤلاء منوط بهم غزل ما نُسِج في أيام الماضي، أيام كانت عايرة وأدوها سوط..! هذه التشكيلة “ما بطّالة”، إذا كان أهم ما يميز الحركة الإسلامية السودانية أنها طفيلية، ولا تنشط في قطاع الإنتاج قط.. هذه التشكيلة ربما تضع العربة خلف الحِصان لاستقبال التجليات، إذا سلّمنا جدلاً أن الإصلاح لن يأتي بقرار، وإنما بـ “كسِر دا في جبر دا”. سيبك من الكلام بأن التشكيلة الجديدة تؤكد عزلة وهزال النظام وافتقاده للسند الجماهيري..خلّينا في الواقع..هذا قدرنا وهؤلاء حكّامنا..حكّامنا شريحة من طبقة رأسمالية متأسلمة، تُسمى الحركة الاسلامية.. لا يهم لون القطة اذا ما كانت تجيد التماهي، فالتحالفات الأخيرة أُحكِمت روابطها بالعُقال الخليجي، ما قد يؤدي إلى رفع الحصار، وإلى تحكُّم خارق في العلاقة بين الأمن والجيش، لتكون الخيوط كلها ممسوكة، فتتحول بلادنا إلى سوق للمنتجات الغربية ولـ “استثمار” مواردها الطبيعية. وسننتظر.. نحن ورانا أيه؟ لن يضيع أكثر مما ضاع.. ربما لن نسمع السيدة الكندية وهي تُفرِد أصبع السبابة في وجوهنا، لتقول لنا: “نحنُ للدين فِداء “! هذا – إن حدث – يعتبر، في حد ذاته إنجازاً..!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة