الخوف من الجديد وإدمان الروتين وما تم الإعتياد عليه من عادات وأماكن وأدوات ، ثم التوجس من ما يخبئه المستقبل ، أوالخوف من النتائج السلبية المُحبطة لكل تغيير أو تعديل أو تحديث ، هوغالباً ما يدفعنا نحن أبناء هذه البلد التي أنهكها تعب (التأخر) عن ركب التغيير ومن ثمَ ركب الحضارة والنماء والإستقرار أن نتبنى دائماً في أعماقنا المثل السوداني المتداول (جناً تعرفو و لا جِناً جديد) ، وهذه المقولة هي أصدق تعبير عن ما يعتري النفس البشرية من خوف وتوجس تجاه الولوج في أيي تجربة جديدة ، وهو في ذات الوقت أحد الأسباب الرئيسية التي تنبني عليها إخفاقات الإنسان وبقاءه قابعاً في نفس المكان والحالة والزمانُ يسير بلا توقف والحياة تتتابع أحداثها بما قدَّره الخالق ، وأن تبقى الأشياء صلدة وجامدة بلا حراك داء قد يتجاوز الإنسان في محور حياته الخاصة ليصبح مادةً لإخفاقات الدول والمؤسسات والأنظمة ، من هذا المنظور ذهبت التجارب الإنسانية بعد تجارب مريرة ومصيرية وعقب تلاقح فكري وثقافي كانت أدواته المجاذر والحروب والهيمنة والإستعباد إلى الإتفاق النهائي على أن الإتجاه الديموقراطي في تداول السلطة وإفساح المجال للتعبير عن الأفكار والرؤى في شتى المجالات هو أنسب (السُبل) لإقرار فكر التغيير والتجديد والذي هو الإتجاه المعاكس لفكر الجمود والشمولية التي لا تقبل التعديل ولا الرأي الآخر، أنظروا إلى حالنا اليوم ونحن ما زلنا نرزح تحت وطئة (آلام) عانت منها الإنسانية قبل قرون مضت ، ما زلنا نحلم بأن يسري فينا بعض ما تم حسمه في أزمنة سحيقة تم فيها إرساء فكر التغيير السياسي عبر أداة الديموقراطية البحتة ، ما بال ساستنا ومفكرونا لا يقولون الحقيقة المطلقة بلا مجاملات ولا توريه طالما إدعت حكومة المؤتمر الوطني فتح باب الحوار مع الآخر بالرغم من العِلات الشكلية والضمنية التي طالت هذا الإدعاء ، الحقيقة المُطلقة التي أيّدتها نتائج التجارب الإنسانية في مجال الفكر والسياسة والحريات ، لا تدع مجالاً (للبدأ) في مشوار التوافق والإتفاق دون الوقوف بُرهةً في (نقطة الصفر) والتي هي بلا شك ساحة سياسية (خالية) من الإستعلاء السياسي ومُزوَّدة بنظم قانونية وسياسية مؤقتة أو إنتقالية تعمل على تهيئة الواقع السياسي للتنافس الديموقراطي الحُر حول السلطة وتسمح بإنبثاق آراء وإتجاهات (جديدة) ومُغايرة ، تُمثِّل ببساطة الأداة الحقيقية التي تسمح لآلة التغيير والتبديل أن تعمل من أجل مصلحة البلاد والعباد ، من حق الوطن والمواطن أن يعمل على تغيير قيادته السياسية وتوجهاتها وبرامجها (بجديدٍ) قد يُفلح وقد يُخفق ، وهو قيد التجربة لسنوات يحدَّدها الدستور ثم يستطيع الناس مرةً أخرى أن يُعملوا آلة (الأمل في المستقبل) والتي هي سلطة الشعب في التغيير والتجديد للحصول على الأجود والأمثل ، ثم من ناحية أخرى هي إفساحٌ للمجال أمام البلاد والأمة للإستفادة من الأفكار والرؤى الأخرى عبر إفشاء حريات التعبير والإقدام على المنافسة الشرعية والدستورية للحصول على الحكم وفق أهداف وإلتزامات البرامج الإنتخابية .. كل ما لا يتجدَّد ولا يتغيَّر هو متناقض مع نواميس الكون وما جرت عليه حالة الطبيعة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة