ماذا يريد الشعبي؟ هذا السؤال حسمه أبوبكر عبد الرازرق، بقوله، إن الجناح السلطوي داخل المؤتمر الشعبي انتصر للدنيا! طول بقاء الشعبي في المعارضة، أو قل خارج الحكم، جعل بعضهم يظن أنه قد تطهر من وزر المشاركة السابقة، باعتبار أنهم، أو جزء كبير منهم، غير متورط في الانتهاكات «بي إيدو».. استبان الشيخ خطل تلك الخطوة. أحس بعمق الأزمة، فسعى وراء الحوار. يريد تلامذته اليوم أن يتخففوا من أحمالهم الثقيلة على السودان والسودانيين، من خلال طق الحنك. خصوم الشيخ الترابي ومنافسو الرئيس البشير، كلهم أصبحوا بقدرة قادر، من روافض الشمولية، ومناهضي نظام الحزب الواحد! هناك حزبان، أحدهما انتقل مع الشيخ إلى الرحاب الأعلى. الأُصلاء في الحزب يرون أن المؤتمر الوطني نزع منهم حكومتهم.. هم يريدون استعادتها الآن، أوعلى الأقل التمرغ في ترابها. أن يتحدث الشعبيون عن الحريات.أن يكونوا دعاةً للحقوق المدنية، وعتاولة الذَّود عن الديمقراطية، فتلك والله أعجوبة الزمان! من أغلق باب الحريات العامة وفتح المعتقلات، سوى الشعبيين الذين يسوِّقون اليوم للعدالة ولحقوق الانسان! حين كانوا في السلطة مارسوا القتل والاغتصاب لتثبيت دعائم الشرع! دمروا السكة حديد، لضرب النفوذ الشيوعي داخل النقابات، مارسوا أبشع أشكال التنكيل في تاريخ السودان ولم يعتذروا بعد المفاصلة عن دورهم في ذلك. إغراق الشعبي للعامة في جدل الحريات والدستور، ماهو إلا كذبة كبرى، لأن هذا الأمر تم حسمه في ديباجة دستور 2005م. هذا مما لا يحتاج شطارة الشعبيين، لأن ذلك الدستور حسم الجدل المتعلق بالسلطة وصلاحيات الجهاز. النزاع يجب أن يكون في إلزامية نصوص الدستور للجميع، حكّاماً وغالِبين، أحزاباً وموالين، كيزان وأخوان مسلمين.. الغُلاط يجب أن يكون باتجاه منع استباحة الخاصة للقانون، وفي أن يكون جهاز الأجهزة للناس، كل الناس. الشعبي يستخدم هذا الجدل الفارغ لاسترداد ما سلبته منه الأيام. ماذا يعني لو تم تضمين كل ما يقول، في دستور تتعارض بنوده،ولا يلتزم به أحد؟ قضيتنا لم تزل هي: الزام قادتنا بسيادة حكم القانون. وخذ هذه،، فهي جزء من شيطان التفاصيل.. إن الشيطان نفسه يستحي ويتململ، عندما يحاول الشعبي أن يتذاكى على عساكر السلطة، فهذا يسمى في لغة الرياضة، بـ «تشتيت الكورة»، لأن الأولى بالهجوم الآن هو الجهاز، هو إبراهيم أحمد عمر، بدرية، والبرلمان....! هؤلاء الشعبيون ساقونا إلى حرب دينية مع أخوة الوطن الواحد. عرّسوا لأبناء السودان الحور العين وعطروهم بالمسك، ثم أنكرهم شيخهم، وفاحت الفطيسة..نظامهم العام يفرض كرباجه علي شرفاء الوطن. الشعبي هوعرابها، حاديها، ودليلها. منذ انشقاقهم عن الحزب الأم، كانت السلطة غايتهم، بأي وسيلة، ولو باغواء حزب الأمة..! استعملوا كل الحيل، كل البطش للتمكن والتمكين. انتقلوا من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية التي تقربهم إلى الناس، فأدى ذلك إلى التضحية بالكثيرين ممن نفذوا المرحلة الأولى.. وبسيطة.. سيتشاكسون ردحاً و»يتعاضضون»، إلا أنهم لا يكسرون عظامهم!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة