فى عمق أيام التمكين، فى بداية التسعينيات، بدأ تلميذ الشيخ، في تطبيق برنامج إعادة صياغة المجتمع السوداني، يعاونه في ذلك شخص آخر، مِن قَفا البَحَر، كان يناظر نظائره كل مساء إثنين، في حاجة اسمها (المنتدى الفقهي). في ليلة من ليالي السودان المشهودة، اتصلت به إحدى الكنداكات، وقالت له على الهواء: (واقعِين تقبِّضو وليداتنا من الشوارع، عشان يمشو يحاربو ليكم في الجنوب، وإنتو قاعدين تتمسّحو وتتفسحو، بي عرباتكم السمحة دي)؟ ردَّ عليها بتلك الطريقة...:ـ (لا شأن لك بعرباتنا ومنافحاتنا عن دولة الشريعة)... في تلك الأيام، كنتَ في الحِلّة، قاعد كَنَبْ، أحاحي الطّير، أتأمل الأرض اليباب، وأقرأ (إبن كثير)، علّني أفهم، كيف ولماذا جاء هؤلاء! قُلت أشيل طوريتي وأزرع، عشان أكسب لي قرشين، لكن الزراعة التي نعرفها، ما كانت تُغني عن الحق شيئاً.. فالمحصول (تِلتْ للطير، وتِلتْ للإسبير،....، والمُزارِع فاعِل خير)..! جلالات أخوات نسيبة، تبشِّرني بنهاية قرنق: الليلة يا قرن، أيامك انتهن!وإمام جامع بكبول، وصلته تنويهات، من جهات عليا، بأن العبد لله يُشكِّل خطراً داهِماً، على عقيدة السماء. لأجل ذلك كان يخصِّص خطبة الجمعة في هجائي.. كان يهدر بأحكام النطع في وجهي، ولا يكتفي بذلك، بل يؤيدها بدُعاء عينٍ غامِزة:ــ اللهم دمِّر المعارضين من العلمانيين، والشيوعيين، والمُلحِدين، ومن لفَّ لفَّهُم! وتألّبتْ عليَّ الكائِنات.. كُنتُ أخرُج من جامع الله والرسول، فيتحلّق أهلي حولي، كأنهم يشاهدون مخلوقاً هبط عليهم قسراً، مِن بين الأبطحين! رجال اللجنة الشعبية فى الحِلّة، يرفعون تقاريرهم لجهة أعلى، ويتحدثون لأهلها عن رِباط أهل الجنّة.. صادَفوا مجذوب ود أبو الحاج، وهو زول فى حالو.. طول اليوم (يزَازِي) مع كارو الحِمار، بين آثار دنقلا العجوز، أو يشيل الضّحَويّة فوق قيف البَحرَ يشرِّك للسَّمَك، أو يحتطب من جزيرة فقرون، أو يخُم قليبة التُّرَاب.. قالوا له: يا ميدوب، خلي الشّغَلة البتسوي فيها دي، تعال أمشي الجهاد. قال: هووي يا ناس الدقون، اللّخْبَتة لزوما شِنو؟ مافي جهاد في الدُّنيا البطّالة دي، أكتر من مكابسة المعايِش فى الخَلَا! ــ إنت مسلم، مفروض تشيل السلاح وتدافع عن عقيدتك، وتحمي البلد من الخراب.. ــ عليك أمان الله، البلد دي ما بتخرَبْ، أكتر من الخراب السّويتوهو إنتو..! ــ يعني ما داير تدافع عن القرآن؟ كان مجذوب على درجة من الوعي، تجعله يقول لهم، أن رب العِزّة، تكفّل بحفظ القرآن من الضياع.. قالوا: لا،لا.. ــ لا كيفِن؟ ــ تمشي تكاتل قرنق، إنت ما سمعت بيهو دخل الكرمك؟ ــ أكاتلو في شنو، شِن سوالي؟ أنا قَرَنْ دا، ما عندي غبينة معاهو.. لا قلع حقي ولا ضايقني في صَحَني، لا سمعت منّو شيتن شين.. دحين يا ناس أختوني، خلوني أشوف معيشة وليداتي.. ــ يعني ما سمعت إنو قرنق، قال دايِر يجي يشرب الجَّبَنة في المتمة؟ ــ ما خسّاني، إن شاء الله يجي يشربا مع أمام جامِع بكبول، أنا مالي ومالو؟ ..وللحديث بقيّة.. akhirlahza
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة