عزيزي الظافر . سلامات. قرأت ككل يوم عمودك(كيف وجدت الموت يا صديقي) اليوم.. مع أنه كان عمود رثاء لصديقك المرحوم.. لكن لفت نظري كلام عابر عن مشكلة المعاشيين مع بنك السودان وتوضيحك لها.. كنت إبان تلك المشكلة - التي لا زالت قائمة- مسؤولاً بالبنك المركزي.. وبعد ذلك خرجت منه مطروداً.. ورغم ذلك أقول لك إن ما لفت نظري في تلك المشكلة أنها واضحة وضوح الشمس وأن الحق فيها - على غير ما تتوقعون- مع بنك السودان.. أو على الأقل ليست بالتفاصيل التي يتم تداولها.. وقد تعجبت حينها من تقاعس البنك المركزي عن توضيح هذا الأمر ليعفي نفسه من نقمة الرأي العام عليه. لكني عرفت أن المحافظ وقتها - دكتور صابر- كان يرى أن لا يتم الرد عليهم إعلامياً لسبب لم أعرفه، غير أني أذكر جيداً أنه أبدى ندمه على ذلك القرار وتمنى لو كان تصدى للأمر إعلامياً. وقد كان لي شرف التوصية بالتصدي لهذه القضية إعلامياً لتغيير كثير من المفاهيم الخاطئة فيما يتعلق بتلك القضية ولكنهم لم يرغبوا قولي.. المهم.. هؤلاء المعاشيون - وأنا أتعاطف معهم لكونهم معاشيين مثلهم مثل بقية التعساء من معاشيي البلاد- لم يحرموا من معاشهم كما يشاع عند الحديث عن هذا الموضوع. كل معاشي منهم أخذ حقوقه المعاشية كاملة حسب اللوائح والقوانين.. إذن ما المشكلة.. المشكلة هي أنه في عهد ما من عهود هذه البلاد العجيبة حدث أن صدر قرار بمنح العاملين بالبنوك -وكان معظمها حكومياً- ميزات إضافية على المعاش وهي عدد من البدلات مثل منحة العيدين وبعض البدلات الأخرى لا أذكرها بالتفصيل.. هذا القرار شمل كل العاملين بالبنوك من المدير للخفير. وكانوا كلما حان وقت هذه البدلات يذهبون ليقبضوها وهم في المعاش لا صلة لهم بالبنك.. ثم كانت النتيجة الطبيعية لهذا القرار الأخرق أن تضخمت تكلفة هذه الامتيازات جراء الزيادة السنوية التي تطرأ على أعداد المحالين للمعاش..إلى أن صارت عبئاً ثقيلاً على البنك المركزي والبنوك الأخرى.. بالمناسبة لم يكن البنك المركزي وحده الطرف المنازع في هذه القضية، هناك بنوك أخرى مثل بنك الخرطوم والبنك الصناعي، وقد تفجرت هذه المشكلة بعد خصخصتها.. المهم، بعد تضخم المشكلة صدر قرار من مجلس الوزراء بإلغاء تلك اللائحة التي تمنح تلك الحقوق.. لكن المعاشيين وقفوا وقفة واحدة ورفعوا الدعاوى للقضاء وهو ما أسفر عن الحكم لهم.. وبالطبع تعذر التنفيذ لأن المبالغ المستحقة ضخمة جداً.. وعمد البنك المركزي إلى إجراء تسوية معهم بمنحهم مبالغ محددة مقابل تنازلهم عن تلك المستحقات فوافق البعض وقبضوا وعاند آخرون واستمروا في قضيتهم التي لم تحل حتى الآن. هذا ما أعرفه عن هذه القضية.. ولست متعاطفاً مع البنك ولكني أراه على حق. وأرى أنه كان بوسع هؤلاء المعاشيين الاتفاق على تسوية مجزية لإغلاق هذا الملف لكنهم طمعوا.. وبعضهم الآن انتقل إلى الدار الآخرة ولم يقبض.. لم أكتب هذه الكلمات للنشر ولكن لمعلوماتك الخاصة، وإن أردت أن تنتفع في كتابتك بما ورد فيها من معلومات فلا بأس.. تحياتي مسؤول سابق بالبنك المركزي. من المحرر نزولاً عند رغبة صاحب الرأي نحجب اسمه ولكن هذه وجهة نظر ربما تفتح ملف معاشي البنوك الحكومية
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة