لقد كتبت هذا المقال منذ اكثر من عام بنفس العنوان اعلاه وتم نشره في هذه الصحيفة العملاقة ورايت اني في حاجة لإعادة نشره مرة اخرى بعد ان اجريت عليه بعض التعديلات لأهميته حيث جعلته من ثلاثة اجزاء مختصرة (1-3 ) المنطقة العربية كلها موعودة بفساد عظيم وانحلال اخلاقي وخيم وتدهور في القيم المجتمعية الرشيدة لأقصى حد وذلك بسبب الحروب الطاحنة التي تعمها ويقتلون انفسهم بايدهم ويذبحون ابنائهم ويستحيون نسائهم كارثة اجتماعية كبرى تجتاح العراق وسورية وليبيا واليمن والسودان وكذلك مصر وبدرجات متفاوتة يتناقص عدد الذكور بشكل يومي في تلك الدول وبالمقابل يرتفع عدد الاناث في كل المناطق الملتهبة بالحروب وفي خضم ذلك يواجه العنصر النسائي المذلة والمهانة وانتهاكات لكرامة المراة والطفل يندى لها الجبين ويستحي ابليس ان ينظر إليها على ايدي النافذين في تلك الدول بطرق منتظمة وبصفة خاصة على أدي المجموعات المتطرفة ما يسمى بالدولة الاسلامية وجبهة النصرة والمليشيات بكافة أنواعها والحركات المسلحة وغيرهم من تجار الدين وطلاب الشهوة في سبي وقتل النساء بتهمة جريمة الزنا ولقد شاهدنا فيديو عن امراة متهمة بالزنا وهي في قبضة مجموعة من المليشيات المتطرفة ولقد حكموا عليها بعقوبة الرجم فهي تتوسل لأبيها وتطلب منه السماح ولكنه يرفض ان يسامحها حتى وهي مقبلة إلى الموت راضية بقدرها المؤلم في هذا المشهد رفض الأب العفوا عن بنته ما هذه القساوة ولمن تلك القلوب القاسية التي خلقها الله في جوف هذه النوعية من البشر؟ ولقد تم رجمها وتنفيذ العقاب عليها وحدها وكانها زنت بشيطان ولس إنسان مجرم يستحق العقاب مثلها أو اكثر ما هذا الدين الغريب الذي يتبعه هولا ويسمونه الاسلام ؟ ولماذا تطبق العقوبة على المراة فقط ولم نراها تطبق على الزاني والقرآن الكريم يقول في سورة النور اية 2 ( والزانية والزاني فأجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة فى دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين )) والملاحظة لا يوجد في القران الكريم عقوبة لرجم الزنية حتى الموت ولم يرد في أي سورة ولكن المشرعين ارادوا ذلك ان يكون حكما يسري على الناس حسب تفسيرهم لكلام الله وبما ورد في المذاهب الاربعة الحنفية – الشافعية - الحنبلية – المالكية. وعلى الرغم من ذلك في السودان أوقعت محكمة عقوبة الحد بالإعدام رجما حتى الموت بحق أمراة محصنة او متزوجة ، وكذلك تقوم الحركات الاسلامية مثل طالبان بتنفيذ الأعمال الوحشية التي ترتكب ضد المراة باسم الدين على يد المتشددين بحجة تطبيق شرع الله وهي تعبر تجاوزات وخروقات للدين نفسه وتجعله في المحك لتصاعد وتيرة الأعتراض على استخدام الاحكام الحدية من قبل مجموعات تفرض نفسها للتحكم في مصير الناس حتى خارج إطار الدولة الحاضنة للمواطنة ويجب أن يتمتع فيها الانسان بكامل حقوقه ، الشباب الصاعد اوعي من سابقه في التحرر الفكري وهو يحتكم على عقله وفهمه ويلعب دورا كبيرا في فهم الدين نفسه ايجابيا وليس سلبيا . فأن التشدد والعصبية العمياء تقود إلى التصادم الحاد بل المدمر بين الحداثة الفكرية وطريقة تحليل وفهم الدين من أيات القران وتفسيراته واحكامه وتداخل الموروثات الثقافية التي اقحمها بعض المشرعين كجزء من العقيدة التي ظلت تعمل تشويشا كثيرا لفهم الدين ، وأن فرضية الاحتكام الشرعي للمذاهب الفقهية الاربعة التي تقوم على استنباط الاحكام الشرعية من الكتاب والسنة أوجدت اختلافات كبيرة بين المشرعين الائمة اربعة ابو حنيفة النعمان ومالك بن أنس ومحمد الشافعي واحمد بن حنبل في الاحكام الشرعية وهذه الاختلافات عبر عنها البعض بانها رحمة ولكن في اعتقادنا هي جذور تفاقم مشكلة الاسلام لأنها تركت الكثير من القضايا والاحكام بدون حسم قطعي ينهي عن التاويل والتحوير وظلت هذه الاختلافات بين الترجيح والترجيع اصبحت سلاحا ذو حدين يستغله المتشددين من جهة وتجار الدين في السياسة لصناعة القوة لهم لتنفيذ رغباتهم عبره وحيث لم يبت الشرعين في الدين الاسلامي كنظام عبادة وصلة بين العبد وربه أو نظام سياسي يستخدم في الأدارة السياسية على مستوى الدولة وهنالك من ينادي بفصل الدين عن الدولة والسياسة وجانب اخر يرفض ذلك واصبح المسلمون في حيرة من أمرهم وفأن التماهي في الكثير من اوجه الخلاف في الدين الاسلامي يجعل من غير الممكن تفصيل الدين الاسلامي بالمفهوم العام على اي دولة عصرية بمكونات الحداثة والتطور فلابد من حسم القضايا الفقهية العالقة حتى يستتب الأمن. ومن جانب اخر يستفيد من هذا الخلل المتمثل في الفوضى والالبتاس والتشريعات الخاطئة التي توضع بين اسطر القواني لحكم الناس وعدم حسم الخلافات الفقهية اطراف اخرى تبني فهمها على الحرية والتخلي عن بعضه او كله حسب مزاجيه الفرد وذلك ايضا يستند إلى احكام واردة في الكتاب والسنة ويقول هولاء الحساب على الله وهم صادقون لأن الله هو الوحيد الذي ينصب الميزان لخلقه والجدير بالذكر أن كثير من المسلمين اصبحوا يرفضون تطبيق بعض الاحكام الشرعية لظنهم بانها غير مؤكدا في الشرع الاسلامي ولا يعتبرون باقوال الشيوخ والأئمة لأن بعضها يتناقض مع فهمهم أو الواقع . ولذلك اصبحت النزاعات منتشرة بكثرة في البلدان العربية ذوي الاكثرية المسلمة نتيجة لتلك التفسيرات الخاطئة والافتاءات الخاطئة التى تبنى في الغالب على الاجتهادات فردية لبعض الشيوخ ، وتعاني شعوب الدول الموسومة بالاسلام الامرين أذا هي رفضت فتاوى الشيوخ توصف بالكفر والالحاد وإذا رضخت تعاني الظلم والاضطهاد على ايدي قضاة يستغلون وضعيتهم فيعاقبون البشر على هواهم دون التقييد بما ورد في كتاب الله . هذا الحالة بالطبع اوجدت فجوة كبيرة بين المتفكرين في الدين كعبادة إلاهية وبين المتستخدمين للدين كممارسة وتطبيق احكامه على الناس مما اوجد ذلك كذلك الصراع الفكري حول العقيدة بنيانها الموضوعي في تحقيق الطاعة للخالق او التبعية لإجتهادات الشيوخ الفردية والافتاءات الخاطئة ولا نغفل في هذا الاحكام الحدية الواردة في الكتاب والسنة بنصوص صريحة مكانتها في بسط العدل وكبح جماح الجريمة وتفشي الفساد وحماية القيم والاخلاق وتحمي الانسان من تفشي الغبن والضغينة والكراهية ولقد لاحظنا تفسيرات بعض الشيوخ في ايات الله واستخدامها وكان اكثر المتضررين الذين يقعون تحت امرة سلطان جائر . نواصل محمود جودات
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة