في يناير الماضي أودع حزب العدالة حزمة من التعديلات الدستورية تزيد من قبضة الرئيس رجب طيب أورودغان.. التعديلات المقترحة ستحول تركيا إلى دولة رئاسية أشبه بالولايات المتحدة.. في أمريكا كل الوزراء مجرد مستشارين للرئيس.. بل من حق الرئيس أن يمارس حق النقض على أي تشريع مقترح من الكونغرس.. المهم أن نواب البرلمان في تركيا لم تبتلع المعارضة مقترحات حزب العدالة ورأوا فيها تقنيناً للدكتاتورية.. أثناء النقاش اندلع عنف لفظي بين النواب وصل مرحلة الاشتباك غير العنيف.. كان ذاك التصرف مثار استهجان كل الشعب التركي. قبل أيام عقد الحزب الحاكم مؤتمراً تنشيطياً في حاضرة البحر الأحمر.. مثل هذه المؤتمرات التنشيطية من المفترض أن تكون باردة لأنها لا تشهد انتخابات.. رغم ذلك وقعت معركة أدت لفتح بلاغ ضد نائب رئيس الحزب الحاكم بالولاية.. لم يمضِ أسبوع وتكرر ذات الحادث بتفاصيل تحمل الطرافة.. موسى أبو علي أوشيك اتهم نافذاً آخر في محلية سواكن بالاعتداء عليه عبر العض.. تم لاحقاً نقل المجني عليه لمستشفى بورتسودان لمزيد من الفحوصات.. في محلية تهميم وقعت معركة بالأسلحة البيضاء ولم تسجل خسائر. الصراع الدموي على السلطة بين قيادات الحزب الحاكم لم ينحصر على ولاية البحر الأحمر.. ذات التجاذب العنيف حدث من قبل في الدمازين.. الآن ثمة بوادر معركة في الجزيرة.. نواب في الحزب الحاكم أسقطوا خطاب الوالي في البرلمان.. في هذه الأيام دخلت الحركة الإسلامية بالجزيرة في الخط وبدأت تسخِّر قواعدها وتعبئها ضد الوالي محمد طاهر إيلا.. في الخرطوم يكون الحفر بآليات ناعمة لا تحدث ضجيجاً.. في كل قضية إذا تتبعت آثار الدخان تجدها صادرة من بعض المراكز المتصارعة على النفوذ. في تقديري أن الصراع العنيف داخل صفوف الحزب الحاكم يشير إلى مصطلح "الكتمة السياسية".. منذ وقت طويل حدث تكلّس في شرايين هذا الحزب الكبير.. هنالك مجموعات قابضة ظلت تتمرّغ في نعيم السلطة لسنوات طويلة.. أخرى مضت إلى التقاعد وهي كارهة.. ولأن الانضمام لحزب مهيمن يعني الاستحواذ على السلطة والثروة والنفوذ.. لهذا السبب تزيد وتيرة التنافس ويتخذ أحياناً أشكالاً غير أخلاقية.. لا أحد يرضى بالمقسوم السياسي.. النتيجة معارك محتدمة.. الذي يدور وراء الكواليس أكثر بكثير من الذي يتناثر في الهواء الطلق. بصراحة.. مطلوب من الحزب الحاكم أن يُعلن عن استراتيجية شفافة وفاعلة في التداول السلمي للسلطة داخل مؤسسات الحزب.. كل قيادي يدرك آجاله الحزبية حتى يتأهب لإخلاء المقاعد الأمامية.. أرجوكم لا تقولوا إن اللوائح تحدد ذلك.. اللوائح لا تطبق إلا على الضعفاء حينما يتأهب الحزب الحاكم لطردهم من الملعب.. أما أصحاب الأسنان والأنياب فتفرغ لهم الموائد وتخلى لهم المواقع ويسخّر القانون لخدمتهم. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة