في غمرة الازدحام تسللت الوزيرة إلى غرفة جانبية في الباخرة التي كانت تشق عباب النيل ..نبيلة مكرم عبيد كانت واحدة من ضيوف شرف مؤتمر الخبراء السودانيين العاملين بالخارج ..حينما عادت نبيلة كانت كل الأنظار تتجه إليها بفرح وحب..وزيرة الهجرة المصرية ارتدت الثوب السوداني ..كان فرح الوزيرة بالثوب أكثر من فرحنا نحن السودانيون.. المشاعر الدفاقة أن نبيلة سودانية بالميلاد أو كان ينبغي ذلك ..والدها نبيل من مواليد السودان ..بعض من أفراد أسرتها كانوا يسكنون السودان إلى وقت قريب. تعيش بلادنا موجة جديدة من العداء للأجانب ..أمس الأول عقدت وزارة الداخلية مؤتمراً صحافياً تحدث فيه مسؤول دائرة الأجانب.. اللواء يس محمد الحسن أن نحو مليون وخمسمائة ألف نسمة يقيمون في السودان بصورة غير شرعية..الذين يملكون إقامات قانونية أقل من ستين ألف أجنبي ..المسؤول الشرطي أكد أنهم ينوون حجز الأجانب في معسكرات، ومعاملتهم كلاجئين.. قبل أيام كانت الحكومة ترفع قيمة الإقامة بالسودان للحد الذي جعل بعض الأجانب يتظاهرون أمام السفارة الأثيوبية ..كما أقر اللواء يسن الحسن أنهم يبعدون يومياً نحو ثلاثمائة فرد إلى بلادهم. إذا كانت تلك وجهة النظر الرسمية فهنالك موجة كراهية شعبية متسقة مع ذات الإطار الرسمي ..في وسائل التواصل الاجتماعي هنالك من يعظمون مخالفات اللاجئين السوريين..وهنالك بعض الأصوات العنصرية تستنكر القرار الحكيم الذي أصدره الرئيس البشير بفتح حدود بلادنا أمام الجنوبيين الذين أصابتهم المسغبة وشردتهم الحروب الأهلية. في البداية علينا أن نلوم وزارة الداخلية التي اعترفت علناً بفشلها في تسجيل الأجانب الذين بلغوا تلك الأرقام الكبيرة فلم تسجل منهم إلا أقل من ستين ألف نسمة..صحيح أن هنالك اسباباً موضوعية تصعب مهمة إحصاء الأجانب ..لكن ذلك لا يبرر العجز..تسهيل إجراءات التسجيل وتقليل الكلفة المالية يصبح المدخل الأول في زيادة الإقبال على التسجيل الطوعي..تسجيل الأجانب أمر في غاية الأهمية لأنه جزء من الأمن القومي للبلاد. قبل أيام اعترف الدكتور كرار التهامي أن عدد السودانيين المقيمين بالخارج يتراوح مابين الأربعة مليون إلى خمسة مليون..هذا العدد نحو ثلاث أضعاف الأجانب المقيمين بين ظهرانينا..عائدات هؤلاء السودانيين يمكن أن تصل إلى نحو ستة مليار دولار سنوياً وتلك أرقام رسمية ..يبقى السؤال لماذا تعادي الهجرة وكل بيت في السودان يمثل الاغتراب بعض مداخيله المالية..علينا أن نعامل الأجانب بذات الطريقة التي نتوقع أن يعاملنا بها الآخرون. من حسن حظ بلادنا أن السودان يعتبر محطة عبور..معظم الذين يصلون بلدنا ينتظرون جذب نفس عميق قبل أن يتوجهوا إلى وجهة أخرى..أما الذين طاب لهم المقام فهم عمالة ماهرة استطاعت أن تجد موطئ قدم..في أحيان كثيرة افتقد السودان الخدمات التي تقدمها العمالة الجنوبية خاصة في مجال الحصاد ..السوريون الآن ارتقوا بخدمات المطاعم ..الإثيوبيون تخصصوا في سد فراغ كبير في الخدمة المنزلية. بصراحة..علينا ألا نغذي المشاعر السالبة التي تنتج الكراهية..نحن لا ندعوا لتكون بلادنا بلا بوابات ..لكن علينا إمعان النظر في الجوانب الإيجابية للهجرة خاصة أننا بلد جاء من ثمرة هذه الهجرات. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة