على هامش قضية شتول النخيل التي أبيدت قبل أيام.. ألا يجدر السؤال عن (جدوى) زراعة النخيل بالسودان.. صحيح أن الولاية الشمالية اشتهرت بالنخيل ومنذ عصور بعيدة، لكن الذي طرأ الآن هو الزحف (النخيلي) على الخرطوم.. في كل مكان تبدو أشجار النخيل تزاحم الأعين.. في الشوارع.. وفي مزارع مشروع (السليت) عشرات الآلاف من أشجار النخيل في زحف مقدس من الشمالية إلى الخرطوم. وعندما أسأل عن (الجدوى) لا أقصد ثمار البلح التي نراها في أعناق النخيل في شارع النيل بمنطقة المقرن.. فهذا إنتاج أقل من مستوى المحلي المعروف في الشمالية.. من حيث النوع والجودة.. وبالتأكيد لن يصلح للمنافسة داخلياً فضلاً عن التصدير. والمعروف أن ثمار النخيل لا تنتج إذا تعرضت إلى الأمطار.. وهو الحال في الخرطوم.. فموسم الإثمار يتوافق مع موسم الأمطار.. بينما في الولاية الشمالية تندر الأمطار. سؤالي عن الجدوى لأني رأيت أشجاراً أخرى تزدهر في كل بيئات السودان، ونتميز بها عن كل أقطار العالم الأخرى.. مثلاً.. ثمار المانجو.. هي شجرة سودانية بامتياز.. ولا تنافسنا فيها إلا دول قليلة نتميز عليها بالنوع والجودة.. وإضافة إلى ثمارها الغنية فهي ظليلة– عكس شجرة النخيل- وجميلة المنظر بأوراقها المدهامة (شديد الخضرة). قدرتنا على المنافسة عالمياً في ثمار المانجو يفترض أن تفرض علينا التمدد في زراعة المانجو في كل مناخ متاح في السودان.. والاهتمام بالمناطق التي تحظى حالياً بوفرة إلى حد التبذير والتلف في بعض مناطق السودان مثل جنوب كردفان (أبو جبيهة خاصة)، والنيل الأزرق، وسنار، وغيرها. في قرية الفكي هاشم (22 كيلومتراً شمالي الخرطوم) استطاع مشروع السيد معلوف تصدير المانجو طازجة ومجففة.. واشتهر بإنتاجه الغزير.. قبل أن تختطفه هستيريا قرارات المصادرة والتأميم في عهد الرئيس الأسبق جعفر نميري. لماذا لا نتوسع في إنتاج المانجو، خاصة إنها شجرة صديقة قليلة التكاليف والرعاية وكثيرة الإنتاج.. ليكون واحداً من المحاصيل النقدية المهمة في قائمة صادرات السودان.. وقد سمعت من بعض المختصين أننا من الممكن أن نصدر المانجو المصنع في شكل مجفف (مثل القمردين)، وأن تقديرات إنتاجنا تفوق في حصيلتها ما كنا نحصل عليه من صادرات النفط. يبقى السؤال.. هل من الأصل لنا إستراتيجية زراعية واضحة.. أم أن المسألة تخضع إلى التجريب، ومحاسن الصدف؟.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة