امضيت ثلاثة ايام تحت العناية المركزة بالمستشفى ، برعاية الدكتور الانسان ايهاب صبرى حبيب، اخصائى القلب، والطاقم الذى يساعده ، لهم الشكر والامتنان، والحمد لله خرجت معافيا ، مع قائمة طويلة من الممنوعات .. وتعلق ابنتى التى تمارضني معاتبة ،: لم تخبر الدكتور بالاسباب حقيقية لمرضك ... لماذا لم تحدثه عن انفعالك و (طننتنك ) بكلمات غير مفهومة عندما تقرأ مقالا او تشاهد مقابلة تلفزيونية !..الا تلاحظ الإعياء الذى يلاذمك لعدة ايام وانت تتابع بالورقة والقلم برامج معينة خاصة اذا ادارها او كان الضيف من جيلكم ، وتصر على متابعتها كاملة : مثل.........وتضيف لقد ذكرتنى بموقف لخالى الاستاذ حسن تميم ، في حفل خطوبة ابنه احمد ، همس بصوت مسموع في أذن فنان الحفل : " يابني التحق بالاذاعة وسوف اساعدك باصدقائي هناك .. اتعرف لماذا ؟ لسبب واحد ، فعندما تغنى استطيع اغلاق الراديو فورا .. والآن ماذا أفعل وانت في منزلي وفي عرس ابني؟ !" وتسترسل قائلة : لماذا لا تسمع نصيحة خالي وتغلق الراديو او التلفزيون والكمبيوتر وتعفينا من زيارة الطبيب ...!
واشتد المرض هذه المرة ، وقرر الطبيب ان امضى معهم ثلاثة ايام في المستشفى ’واتخذت قرارا مفاجئا ،الا اخبر احدا بدخولى المستشفى وان اكون في خلوة تامة مع نفسى ، واخبرت ابنتى بذلك ووافقت فورا .. وفي اليوم الثالث بدأت وسوسة جديدة .. لماذا لا تتحقق من مشاعر بقية الابناء والاصدقاء نحوك وانت مريض..؟
وتذكرت ذلك اليوم العصيب من سبعينات القرن الماضى ، عندما ذهبت مع الصديق ميرغنى حسن على لتقديم واجب العزاء لاصدقائنا في بانت الاعزاء الزعيم حسن شمت واخويه منصور وميرغنى ، بعد تلقيهم نبأ وفاة ابن عمهم والذى كان في رحلة عمل قصيرة ببورتسودان ...وبعد صلاة المغرب وفي مدخل خيمة العزاء ، تعالت اصوات غاضبة وشتائم ساخنة مع (كربجة ) البسطونات واللكمات ، وصريخ رجل يطلب النجدة ويحاول الدفاع عن نفسه قائلا : والله كان قصدى معرفة مشاعركم نحوى ولذلك ارسلت التلغراف عن موتى..! ولم يتوقف اهله رغم صراخه وتمزيق ثيابه الا بعد تدخلات ومناشدات المعزين ،ونجا الرجل من موت حقيقي هذه المرة !!
تحيةحمدا لله علي سلامة قلمكم السيال الصادح بالحق الماطر بتداعيات ازمتنا االمستعصية وهروب الزمن الجميل ....وكما يقول اهلنا ( شرك مقسم فوق الدقشم) وعليك بالترجمة بعد التنوين ...يذكرني ذلك اشاعة خبر وفاة ابن عمنا وصديقنا الشاعر ( الجيلي محمد صالح ) حين تداعي يومذاك اصدقاؤه واهله ومعارفه لواجب العزاء حيث استطاع يومذاك أن يحصيهم عددا وأن يحصي ايضا من لم يأتي....لائما البعض قائلا....( ما جوني في موتي) له الرحمة..
.ولك الحضور الدائم استاذنا يحي العوض سائلين الله لك دوما العافية والمعافاة...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة