جاء تأسيس إسرائيل تحقيقاً لتقرير كامبل وسايكس ـــ بيكو، ووعد بلفور، ومؤتمري فرساي وسان ـــ ريمو ونظام الانتداب وقرار التقسيم واستغلال الهولوكوست النازي واستخدام القوة وتواطؤ ودعم الإمارات التي أقامتها بريطانيا وتحميها الإمبريالية الأمريكية.
قبل أن تسمى فلسطين بفلسطين كانت تعرف بأرض كنعان نسبة للقبائل الكنعانية التي كانت أول من سكن في فلسطين؛ ففلسطين أرض عربية منذ بدء التاريخ، سكنتها القبائل الكنعانية منذ العصر الحجري، وتعاقبت عليها بعد ذلك أمم كثيرة إلى أن جاء رجال الصحابة العرب إبان عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وحرّروها من الغزاة الرومان. وأصبحت مقاطعة عربية وعرفت بالجزء الجنوبي من سورية وبسورية الجنوبية. واحتلتها بريطانيا في نهاية عام 1917م من الخلافة العثمانية إلى أن جاء مؤتمر الصلح في فرساي، ومؤتمر الحلفاء في سان ريمو وفصلا فلسطين الجنوبية عن سورية الأم وفرض الانتداب البريطاني عليها لتحقيق وعد بلفور الاستعماري وغير الشرعي واتفاقية سايكس ـــ بيكو وقرار التقسيم للقضاء على عروبة فلسطين. إن حقوق العرب في فلسطين تعتمد على عدة عوامل منها: حق المواطن الأصلي في وطنه وعلى الأسباب التي تؤدي إلى اكتساب ملكية الإقليم في القانون الدولي كحق الفتح والتقادم والتنازل. انتصر العرب على الرومان في منتصف القرن السابع للميلاد. وحرروا فلسطين من الغزاة الرومان. وكانت الحرب في تلك الفترة وسيلة مشروعة لفض المنازعات، والفتح وسيلة من وسائل اكتساب الإقليم، كما أن أهالي القدس عن طريق البطريرك صفرونيوس الدمشقي طلبوا أن يأتي الخليفة عمر بن الخطاب لاستلام مفاتيح المدينة. وجاء الخليفة عمر وأعطاه العهدة العمرية التي تضمنت شرطاً طلبه بطريرك القدس وهو ألاَّ يسكن اليهود فيها. وكانت القدس وفلسطين خالية من اليهود. استعاد رجال الصحابة فلسطين وحرروها من الغزاة الرومان، واكتسبوا السيادة عليها عن طريق استعادتها وحق الفتح المشروع آنذاك وبتنازل أهل البلاد عنها لهم والاعتراف مجدداً بالسيادة العربية الإسلامية عليها. يقول نتنياهو الكذاب في كتابه: «الإيديولوجيا والسياسات» «إن ما حققه الأسبان بعد 800 سنة حققه اليهود بعد 1200 سنة. عاد الإسبان واحتلوا إسبانيا بالنار والدم، في حين قام اليهود بذلك عن طريق الاستيطان المشروع حسب قوانين البلاد. وامتلكوا السلاح للدفاع عن النفس». وتناسى الإبادة الجماعية والمجازر التي ارتكبتها العصابات اليهودية الإرهابية المسلحة في حيفا ويافا والقدس واللد وسلمة ودير ياسين وغيرها من مئات المجازر في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين حتى تأسيس إسرائيل في 15 أيار 1948 وتحوّل زعماء المنظمات اليهودية الإرهابية إلى وزراء وقادة في الحكومات والجيش والموساد والمجتمع الإسرائيلي». ويتابع نتنياهو التضليل والخداع والكذب وجنون الاستعمار الاستيطاني لديه ويقول: «إن القاسم المشترك بين إسرائيل وإسبانيا هو استمرار الشعب الذي احتلت أرضه، والأمل الذي لم ينقطع لدى أبناء هذا الشعب في العودة لإقامة وطنه القومي على أرضه. في الواقع نجح الإسبان في الاحتفاظ بجزء من أرضهم، ومن هذا الجزء بدأوا بتحريرها». ويتابع نتنياهو أكاذيبه وتزويره للوقائع والحقائق التاريخية لدعم الخرافات والأكاذيب والأطماع التوراتية والتلمودية والصهيونية والإسرائيلية ويقول: «حارب الإسبان الأمة التي أقامت أحد المراكز الحضارية الهامة في تاريخ البشرية، في حين لم يجد اليهود الذين عادوا إلى أرض إسرائيل فيها سوى أرض الخراب وعدد قليل من السكان». يعترف نتنياهو أن العرب بنوا وأقاموا حضارة هامة في إسبانيا وعجزوا عن بناء حضارة في الجزء الجنوبي من بلاد الشام أُم الحضارات في تاريخ البشرية، هذا هو المنطق الصهيوني في قلب الحقائق لتبرير الاستعمار اليهودي لفلسطين العربية، وقلب الوطن العربي والأمة العربية. قرأت كتاب نتنياهو أربع مرات في فترات زمنية متباعدة. وكنت أصل في كل مرة إلى القناعة بأن مجموعة من الكتَّاب اليهود الذين عاشوا في غيتوات اليهود في أوروبة هم الذين وضعوا مادة الكتاب، حيث تبيَّن أنهم لا يعرفون فلسطين وثرواتها وتطورها، ونظراً للتناقضات والأكاذيب الموجودة في الكتاب. ولكنهم يؤمنون بالخرافات والأكاذيب والأطماع والاستعمار الاستيطاني والعنصرية التي رسخّها كتبة التوراة والتلمود، والمؤسسون الصهاينة وقادة إسرائيل من أمثال السفاح بيغن ومجرم الحرب شارون والكذاب الفاشي نتنياهو. ووصل الكذب بنتنياهو حداً قال فيه في كتابه بأن فلسطين كان يسكنها عام 1948م ملايين اليهود، بينما تؤكد الأرقام أن عدد اليهود على الرغم من دعم هتلر وألمانيا النازية للهجرة اليهودية إلى فلسطين لم يزد عن نصف مليون إلا قليلاً عندما تأسست إسرائيل. وكان عدد الفلسطينيين حوالي 1,5 مليون. كانت فلسطين الجزء الجنوبي من سورية وجزءاً من الدولة العربية الإسلامية منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب مروراً بخلفاء بني أمية والخلفاء العباسيين حتى الاحتلال البريطاني في نهاية الحرب العالمية الأولى. ويستغل نتنياهو هذه الحقيقة لإنكار وجود دولة باسم فلسطين أو شعب يحمل هذا الاسم. وهذه سمة من سمات اليهود في التضليل والخداع لخدمة أكاذيبهم التوراتية والصهيونية. التقت مصالح بريطانيا وفرنسا بعد انهيار الخلافة العثمانية في إعادة تقسيم مناطق النفوذ وفصل فلسطين عن سورية في مؤتمر فرساي لإقامة إسرائيل فيها، ورفض الفلسطينيون والسوريون في المؤتمرات التي عقدوها والمذكرات التي وجهوها إلى مؤتمر فرساي فصل الجزء الجنوبي عن سورية. وأعلنوا تمسكهم بالوحدة معها. ويوظف نتنياهو بعض المعلومات التاريخية لتبرير وعد بلفور غير القانوني وقرارات مؤتمري فرساي وسان ريمو 1920 حيث اقتسمت فيهما الدول المنتصرة مناطق النفوذ لإقامة الدولة اليهودية في فلسطين العربية والإمارات والممالك العربية لقاء تعهدهم بدعم الهجرة اليهودية وإقامة إسرائيل والاعتراف بها والتعاون والتطبيع معها. سلخت بريطانيا والدول الأوروبية المنتصرة في الحرب العالمية الأولى فلسطين عن سورية تنفيذاً لتقرير كامبل واتفاقية سايكس ـــ بيكو ووعد بلفور المشؤوم لتهويد فلسطين وجعل الدولة اليهودية غدة سرطانية خبيثة في جسد الأمة العربية والإسلامية لتفتيتها بإشعال الفتن الطائفية والمذهبية والعرقية وإعادة تركيبها من خلال رسم سايكس ــــ بيكو 2 وإقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية للهيمنة على الشرق الأوسط كمقدمة لهيمنة اليهودية وإسرائيل على العالم. لذلك نرفض استمرار وجود كيان الاستعمار الاستيطاني اليهودي كأكبر قاعدة للدول الاستعمارية وأكبر غيتو يهودي عنصري في قلب المنطقة العربية الإسلامية والغريب عنها والدخيل عليها والذي جاء من وراء البحار بدعم وتأييد كاملين من الاستعمار والصهيونية ويمارس الهولوكوست والتطهير العرقي على الشعب الفلسطيني وترحيله من وطنه وإقامة الوطن البديل والتحالف مع آل سعود لتصفية قضية فلسطين وإنهاء الصراع العربي الصهيوني ودور العرب في العصر الحديث.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة