ليست العلوم والقوانين واللوائح وحدها التي تحكم في مظاهر كثيرة من مسارات العمل الإعلامي و خصوصاً الصحفي ، فالقناعات الذاتية والواعظ الأخلاقي والضمير الحي لدى الإعلامي و خصوصاً الصحفيين يُعتبر واحداً من الأدوات الأساسية التي تعمل على ( تقويم ) التجارب و تشذيبها و من ثم توجيهها للمصلحة الإجتماعية العامة ، وكان الجِدال قد كثُر قبل فترة حول المعاييرالتي يمكن إعتمادها للدفع بالأخبار و الظوهر الإجتماعية إلى ردهات التناول الإعلامي ، وذلك عندما إنتقد مجموعة من الإعلاميين و المتخصصين في إتجاهات شتى متعلِّقة برعاية الطفل و حقوقه ، حجم الآلة الإعلامية التي يقودها المحامي الجسور عثمان العاقب والتي سلطت الأضواء عبر وسائل شتى على موضوع إغتصاب الأطفال و كذلك مجريات مساعي منظمات العمل المدني من أجل إستصدار قانون من المجلس التشريعي يقضي بإعدام من تثبت إدانته بإغتصاب طفل أو طفلة بالإعدام في ( ميدان عام ) لمزيد من الردع و التحوُّط من حدوث مثل هذه الجرائم في المستقبل فضلاً عن كون إضافة مادة التشهير ستقود بلا شك إلى سرعة إنزواء أو ضعف تفشي الظاهرة أو الجريمة ، كان الإنتقاد السائد حينها أن الأمر حينما يكون في طور ( العادية ) ، بمعنى أن حجمه الكمي و الموضوعي لم يبلغ حد الظاهرة يمكن أن تؤدي كثافة العمل الإعلامي نحوه كثيراً من النتائج السلبيه ، أهمها تنبيه الغافلين إلى جرم ربما قادتهم المعلومات المتواترة عبر الإعلام إلى الوقوع فيه دون إدراك خصوصاً للذين لم يبلغوا سن الرشد و هم خارج إطار كابح الحكمة و التجربة التي تساعدهم على سلوك الطرق الإيجابية ، أما السلبية الثانية التي إضيفت إلى قائمة الإنتقادات فتتعلق بأن إشاعة الحديث عن هذه الجريمة البغيضة بكثافة على المستوى الإعلامي ربما تؤدي إلى زعزعة الأمن الإجتماعي و فقدان الثقة المتبادلة بين الناس و خصوصاً في دائرة الترابط الإجتماعي على مستوى الأسرة الممتدة ، والجيران ، و كذلك المعلمين في المدارس و الشيوخ في خلاوي تحفيظ القرآن ، وأخيراً و حسب آخر أخبار هذه الظاهرة ما تداولته الصحف حول إتهام إمام مسجد بإغتصاب طفل دون السادسة ، كل ذلك والحديث للفئة التي إستنكرت كثافة تسليط الضوء الإعلامي خصوصاً المقروء يؤدي حسب وجهة نظرهم إلى زعزعة أواصر الثقة و موروثات التعاضد الإجتماعي الذي إشتهر به االمجتمع السوداني ، أما الإتجاه الآخر و الذي أميل إليه شخصياً أن لا يُحصر إنفعال الإعلامي فقط في زاوية التأكد من عدم إنتشار المشكلة للحد الذي يجعلها ظاهرة ، فالقناعات الشخصية لدى الإعلامي مهمة خصوصاً في إتجاه تقصي حجم الإفادة الإيجابية من النشر و التحليل النزيه ، كما أن دراسة السلبيات التي قد تضر بالموضوع نفسه أو بمصالح جانبيه أحرى و لكنها ذات علاقة بالمصلحة العامة أو الجماعية ، ربما قادت في مكانٍ ما و زمانٍ ما إلى تأخير مصلحة مؤكدة بغية الحصول على مصلحة أهم و أكبر و أكثر إتساعاً في مواعينها الإيجابية ، الضمير وحده سادتي الإعلاميين هو الذي يجب أن يقود قلمك نحو ما تعتقد أنه إفاده و مكسب للبلاد و العباد ، و الضمير وحده أيضاً هو الذي يجب أن يقودك للإمتناع عن الخوض في موضوع يستحق النشر و التحليل بناءاً على الأضرار التي قد يلحقها بالمصلحة العامة.
@الأمور التى تمس سيادة الأوطان وكرامتها لايجب أن ننظر لها بعين العاطفة بل بعين العقل والمبدا والحق. لهذا جمعينا مطالبون بايقاف هذا العبث. ولاحول ولاقوة الا بالله العلى العظيم عبد الغفار المهدى [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة