:: بعد رفع العقوبات الأمريكية، يبدو فرح البعض وتحليلهم لهذا الحدث كالضيف الذي زار إحدى القرى في ذات رمضان ووجد أهلها يبحثون عن الهلال، فبحث معهم و وجده، فصفقوا له، فأنتشى ثم أشار إلى السماء مرة أخرى : ( داك كمان هلال تاني)، وهذا ما يسميه مثلنا الشعبي ب ( كتًرتا المحلبية)..وعلى سبيل مثال محلبيات رفع العقوبات الأمريكية، نقرأ ما يلي : (سوف يحس المواطن باثار رفع العقوبات وتدفق النقد الأجني من أول أسبوع، وطوال حياته)، عبد الرحمن حسن، المحافظ السابق لبنك السودان ..!! :: ليست من الحكمة السياسية، ولا من المعرفة بابجديات الإقتصاد، تصوير قرار رفع العقوبات الأمريكية وكأنه ( ليلة القدر) التي تحقق كل أحلام أهل السودان بين ليلة وفجرها، أو ( من أول الأسبوع)..ومثل هذا الخيال الخصب يذكرنا بإحدى الطرائف التي حكاها قرنق في نيفاشا، وهي طرفة الجنوبي الذي تساجل مع عامل الطلمبة - عندما طالبه بدفع قيمة الوقود - قائلاً : ( بدفع نص القيمة بس)، أو هكذا فسر الجنوبي قسمة السلطة والثروة..!! :: فالتفسير السليم لآثار رفع العقوبات الأمريكية أنها جزء من الحل، وليس (كل الحل).. نعم تأثرت البلاد واقتصادها بتلك العقوبات الخارجية، ولكن تأثر البلاد وإقتصادها بعوامل داخلية كان - ولايزال - الأكبر..السياسات الداخلية لأي بلد - حين تكون مختلة - تعد أخطر من كل العقوبات الخارجية، وهكذا واقع السودان..وعلى سبيل المثال، تدفق النقد الأجنبي بحيث يكون إستثماراً عريضاً ينعش الإقتصاد الوطني بحاجة إلى ( نظم وقوانين داخلية)، وليس محض قرار خارجي يرفع الحظر ..!! :: لم تحافظ البلاد على رؤوس الأموال الأجنبية التي إنهمرت عليها - رغم الحظر الأمريكي - بعد إتفاقية السلام.. ولم تحافظ على فيالق المستثمرين الذين لم يمنعهم الحظر الأمريكي،.. لماذا؟.. فالمحافظ السابق يعلم .. لا علاقة لهروبهم بجلودهم - إلى أثيوبيا وغيرها - بالحظر الأمريكي، ولكن النظم والقوانين وتقاطع المصالح - والجوكية والسماسرة - هي السبب .. بالمناخ الجاذب للإستتثمار يتدفق النقد الأجنبي أيها المحافظ السابق، وليس بأفراح قرار رفع العقوبات الأمريكية.. وما كان الحظر الأمريكي - رغم تأثيره - إلا شماعة يعلق عليها السادة بالقطاع الإقتصادي فشلهم وعجزهم..!! :: ثم الحرب أيها المحافظ السابق.. وهي أم الكوارث .. فالحرب كانت - ولاتزال - أخطر من العقوبات الامريكية، وهي إحدى ثمار السياسات الداخلية .. ولن يكون في البلاد سخاءً أو رخاءً - لا من أول الأسبوع ولا آخر القرن - مع الحرب .. ورفع العقوبات الامريكية لن يحقق السلام بحيث تنعم ربوع البلاد بمناخ الإنتاج والتنمية، ويحل الزرع والضرع محل الهجرة النزوح، ويصبح التعليم والعلاج مجاناً .. وعلى كل حال، سقطت الشماعة ولم يعد هناك حظراً أمريكيا.. ( يلا )، أي فليرنا السادة عبقريتهم في تحقيق الرفاهية ( من أول الأسبوع)..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة